بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة
خمس وعشرون فائدة من تعوذ النبي عليه الصلاة والسلام من (الحور بعد الكور)
1/8/1438
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من الحَورِ بعد الكَورِ”
هذا دعاء مِن ضمن دعاء النبي ﷺ كما في حديث عبد الله بن سَرْجِس، وحكى بعضهم فتحها سَرجَس في صحيح مسلم قال عبد الله بن سَرْجِس:
” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ.. “
وذكر دعاء، ومن ضمن هذا الدعاء كان يقول: أعوذ من ” الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ“.
س: ما معنى هذا الدعاء؟
ج: كلمة الحَوْر في اللغة: الرجوع، ولذلك الكافر الذي ينكر البعث كما ذكر عز وجل { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَن يَحورَ} [الانشقاق: 14]
يعني ظن أنه لن يرجع، فحار بمعنى رجع.
الكور هو اللف مأخوذ مِن لف العمامة على الرأس حتى تستقر وتثبت،
ولذلك قال عز وجل عن الشمس في يوم القيامة:
{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]
أي: لُفت ثم أُلقيت في النار.
إذًا معنى هذا الحديث أن العبد يستعيذ بالله عز وجل
مِن أن يرجع من الزيادة إلى النقصان.
إذًا هذا الدعاء يشمل أشياء كثيرة، أذكر أمثلة منها وليست على سبيل الحصر، يعني: [أعوذ بك مِن الشقاء بعد السعادة]، [أعوذ بك مِن المرض بعد الصحة]،
[أعوذ بك مِن الابتلاء بعد العافية]، [أعوذ بك مِن الخلل بعد الصلاح]،
[أعوذ بك من الضيق بعد السعة]، [أعوذ بك مِن الضراء بعد السراء]،
[أعوذ بك مِن الشر بعد الخير]، [أعوذ بك مِن الغفلة بعد التوبة]،
[أعوذ بك مِن البدعة بعد السنة]، [أعوذ بك مِن التحزب والفِرَق بعد الجماعة] –ونصَّ على ذلك بعض الشُّرَّاح– [أعوذ بك مِن التحزب بعد الجماعة]،
[أعوذ بك مِن الكفر بعد الإيمان]، [أعوذ بك مِن القلق بعد الطمأنينة]،
[أعوذ بك مِن الخوف بعد الأمن]، [أعوذ بك مِن الاضطراب بعد السكينة] …..شاملة.
وهذه أمثلة، وليست على سبيل الحصر، يبين ذلك أكثر؛ الرواية الأخرى:
أعوذ بك مِن الحور –هذه الرواية تجمع كل مَا ذكرته لك، وهي رواية بالنون– أعوذ بك من “الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْنِ“
بعد الكون بالنون قال النووي: معظم نسخ صحيح مسلم بالنون.
قال الترمذي –رحمه الله-: “وَيُرْوَى «الكوْرُ» بالراءِ، وَكِلاهما لَهُ وجه“.ا.هـ
وهذا هو الصحيح بُعدًا عن تغليط الرواة
أعوذ بك مِن الحور بعد الكون هذه الجملة تختصر لنا.
س: الكون ما هو؟
ج: مأخوذ مِن كان التامة، ليس مِن كان الناقصة، يعني الثبوت والاستقرار، يعني:
أعوذ بك يا الله بعد الحالة الثابتة المستقرة الحسنة
إلى أن أعود إلى الحالة المضطربة السيئة.
حتى فيما يتعلق بنوافل العبادات،
النبي ﷺ قال كما في الصحيحين لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
“يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ”
لا تكن مثل فلان! ماذا صنع فلان؟
“لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ؛ كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ!”
تركه لا لعذر، وإنما لدعة ورفاهية وتفريط.
انظر كيف رجع من حالة التطوع إلى حالته المعتادة
“يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ؛ كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ!“
وأعظم ما يحصل مِن النقصان للعبد أن تنقص حاله في العلم النافع وفي العمل الصالح،نعم؛ الله –جل وعلا–قال:
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة: 33]
{بِالْهُدَى}أي: بالعلم النافع.
{وَدِينِ الْحَقِّ} يعني العمل الصالح.
يقول شيخ الإسلام –رحمه الله–كما في كتابه [درء تعارض العقل والنقل] يقول:
وبكل حال –لأننا ضعفاء– لا أحد يغتر، لا أحد يغتر والله لا بثراء، ولا بمنصب، ولا بعلم،
ولا بعبادة، ولا بأي شيء.
قال –رحمه الله-: وبكل حال –لما ذكر كلام العقلانيين– قال:
“وبكل حال فالعبد مفتقر إلى الله في أن يهديه ويلهمه رشده“
قال: “وقد يكون الرجل من أذكياء الناس وأحدهم نظرًا ويعميه عن أظهر الأشياء“
قال: “وقد يكون من أبلد الناس وأضعفهم نظرًا ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فلا حول ولا قوة إلا به“.
قال –رحمه الله-: ” فمن اتكل على نظره واستدلاله، أو عقله ومعرفته، خذل.
ولهذا كان النبي ﷺ في الأحاديث الصحيحة كثيرًا ما يقول:«يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» ويقول في يمينه: «لا ومقلب القلوب» . ” ويُكْثِرُ ذلك كما عند الترمذي من حديث أم سلمة وله شواهد، الحديث ثابت له شواهد، كانت تقول: ” كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ : ” يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ “
له شواهد من حديث عائشة رضي الله عنها في المسند: “دَعَوَاتٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ يَدْعُو بِهَا : ” يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ “.
في صحيح مسلم: ” اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ “.
فيقول –رحمه الله-: كان هذا مِن دعاء النبي ﷺ يقول: حتى في العمل، –هذا في العلم-.
قال في العمل: ” فإن العبد مفتقر إلى الله في أن يحبب إليه الإيمان ويبغض إليه الكفر،وإلا فقد يعلم الحق وهو لا يحبه ولا يريده، فيكون من المعاندين الجاحدين.
قال تعالى: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا﴾ .
وقال: ﴿الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم﴾”
فيقول: فإن هناك أناسًا عرفوا الحق تمام المعرفة، لكنهم لم يحبوه، ولم يرغبوا فيه.
قال: فهؤلاء من الجاحدين، ألم يقل الله –عز وجل–عن فرعون وقومه:
{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]
هم يعرفون أن مَا أتى به موسى حق، لكن جحدوا بها،
وأنفسهم استيقنت أن ما أتى به هو الحق
{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]
الله –جل وعلا–قال عن اليهود في حق النبي ﷺ:
{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146]
هل أحد يشك في معرفة ابنه؟
{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}
فالعبرة ما هي بحولك، ولا بقوتك، ولا بذكائك، ولا بعلمك لا.
ولذلك على العبد أن يفتقر إلى الله عز وجل –يقول ابن القيم رحمه الله– في [روضة المحبين]: يقول: يوسف عليه السلام انظر إلى حاله لَما كادته النسوة وهو بشر ماذا قال؟ “تبرأ إلى الله من حوله وقوته وأخبر أن ذلك ليس إلا بمعونة الله له وتوفيقه وتأييده لا من نفسه فقال ﴿وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ فلا يركن العبد إلى نفسه وصبره وحاله وعفته ومتى ركن إلى ذلك تخلت عنه عصمة الله وأحاط به الخذلان وقد قال الله تعالى لأكرم الخلق عليه وأحبهم إليه ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ ولهذا كان من دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك“
لجأ إلى الله {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ} [يوسف: 33]
يقول: عرف أنه فقير، وأن حوله وقوته لن ينجو بهما قال:
{وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33].
قال ابن القيم –رحمه الله-: فمتى ما ركن العبد إلى صبره، أو إلى حالته، أو إلى عبادته، أو إلى عفته، فقد تخلت عنه عصمة الله، وضُرِبَ بالخذلان.
ولذلك يقول –رحمه الله-: ولذلك قال الله –عز وجل–لأكرم خلقه عليه وأحبهم إليه وهو محمد ﷺ: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74].
ولذلك قال –رحمه الله-: كان من دعائه ﷺ “يا مقلّبَ القلوبِ ثبت قلبي على دينِك“.
الخذلان: أن يدعك الله، وأن يُخلِّي الله –عز وجل–بينك وبين نفسك.
يقول ابن القيم –رحمه الله–في [شفاء العليل] يقول عند قوله تعالى:
{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}
[آل عمران: 160].
قال: ” وأصل الخذلان: الترك والتخلية، ويقال للبقرة والشاة إذا تخلّفت مع ولدها في المرعى، وتركت صواحباتها: خَذُول.”
قال: ” فالخذلان أن يخلّي الله تعالى بين العبد وبين نفسه ويكله إليها، والتوفيق ضده: أن لا يدعه ونفسه ولا يكله إليها، بل يصنع له ويلطف به، ويعينه ويدفع عنه، ويكلؤه كلاءة الوالد الشفيق للولد العاجز عن نفسه، فمن خلّى بينه وبين نفسه، فقد هلك كل الهلاك.”
ولذلك سبحان الله كان مِن دعاء النبي ﷺ “ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرَفَةَ عَيْنٍ “.
قال ابن القيم –رحمه الله-:
” فالعبد مطروح بين الله وبين عدوه إبليس، فإن تولاه الله لم يظفر به عدوه، وإن خذله وأعرض عنه افترسه الشيطان كما يفترس الذئبُ الشاةَ ”
قال –رحمه الله-: ولذلك ” قيل: لَعَمْرُ الله، إن الشيطان ذئب الإنسان “.
ويقول ابن القيم –رحمه الله–كما في [مدارج السالكين] قال:
” فَالْعَبِيدُ مُتَقَلِّبُونَ بَيْنَ تَوْفِيقِهِ وَخِذْلَانِهِ“
قال: “بَلِ الْعَبْدُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ يَنَالُ نَصِيبَهُ مِنْ هَذَا وَهَذَا، فَيُطِيعُهُ وَيُرْضِيهِ، وَيَذْكُرُهُ وَيَشْكُرُهُ بِتَوْفِيقِهِ لَهُ ثُمَّ ” بعدها بساعة إذا به “يَعْصِيهِ وَيُخَالِفُهُ وَيُسْخِطُهُ وَيَغْفُلُ عَنْهُ بِخِذْلَانِهِ لَهُ، فَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ تَوْفِيقِهِ وَخِذْلَانِهِ، فَإِنْ وَفَّقَهُ فَبِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَإِنْ خَذَلَهُ فَبِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ”
فالعبد دائرٌ بين توفيق الله وبين خذلان الله عز وجل، فهو دائرٌ بينهما قال:
“وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى هَذَا وَهَذَا، لَهُ أَتَمُّ حَمْدٍ وَأَكْمَلُهُ، وَلَمْ يَمْنَعِ الْعَبْدَ شَيْئًا هُوَ لَهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُ مَا هُوَ مُجَرَّدُ فَضْلِهِ وَعَطَائِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ حَيْثُ يَضَعُهُ وَأَيْنَ يَجْعَلُهُ.“
قال: “فَمَتَى شَهِدَ الْعَبْدُ هَذَا الْمَشْهَدَ وَأَعْطَاهُ حَقَّهُ، عَلِمَ شِدَّةَ ضَرُورَتِهِ وَحَاجَتِهِ إِلَى التَّوْفِيقِ فِي كُلِّ نَفَسٍ وَكُلِّ لَحْظَةٍ وَطَرْفَةِ عَيْنٍ، وَأَنَّ إِيمَانَهُ وَتَوْحِيدَهُ بِيَدِهِ تَعَالَى، لَوْ تَخَلَّى عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَثُلَّ عَرْشُ تَوْحِيدِهِ، وَلَخَرَّتْ سَمَاءُ إِيمَانِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَأَنَّ الْمُمْسِكَ لَهُ هُوَ مَنْ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ” هنا تعلق قلبه بالله “ فَهِجِّيرَى قَلْبِهِ وَدَأْبُ لِسَانِهِ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ“
ولذلك قال –رحمه الله-: قال: ولذلك قال الله –عز وجل-:
{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 7] فيقول:
“يَقُولُ سُبْحَانَهُ لَمْ تَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ لِلْإِيمَانِ وَإِرَادَتُكُمْ لَهُ، وَتَزْيِينُهُ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ فِي قُلُوبِكُمْ كَذَلِكَ، فَآثَرْتُمُوهُ وَرَضِيتُمُوهُ “
وهو العليم الحكيم، عليم بمن يصلح لهذا الإيمان ولهذه الهداية، وبمن لايصلح، وحكيم يضع هذه الأشياء فيمن يستحقها، فهو عليم وحكيم –جل وعلا–ولذلك قال: على العبد أن يسأل الله توفيقه سؤال المضطر،
وأن يستعيذ به –عز وجل–من خذلانه استعاذة الملهوف.
فيقول –رحمه الله-: فلا يركن العبد أبدًا إلى أحد، إلا إلى الله، ويكثر مِن دعاء:
“يا مقلّبَ القلوبِ ثبت قلبي على دينِك“.
خلاصة القول: “أعوذ بالله من الحور بعد الكور“
يعني: –المختصر-: الموفق من وفقه الله، والمخذول من خذله الله،
ولكن على العبد أن يعمل، وأن يفتقر إلى الله، وأن يلجأ إلى الله بالليل وبالنهار،
يوسف عليه السلام لما ركن إلى الله كان قبلها ماذا قال –عز وجل–؟
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} [يوسف: 24 ]
هو لم ينصرف عنها تأمل معي الآيات لم ينصرف عنها،
بل صرف الله عنه السوء والفحشاء
سبحان الله ما أعظم كرم الله!
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} [يوسف: 24 ] لم؟
{إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 25]
أخصلهم الله للقراءة الأخرى السبعية: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ}
لما أخلص لله وعظُم توحيده وإيمانه، وصار من المخلِصين بعدها أخلصه الله،
فصار من المخلَصين.
إذًا الموفق من وفقه الله، والمخذول من خذله الله، فلا تغتر لا والله مثلا بعلم،
ولا بعبادة، ولا بثراء، ولا بمنصب….
في لحظة واحدة يمكن أن يخذلك الله –جل وعلا–فتكون في أسفل سافلين!
إذًا ما الحل؟
الحل: –خلاصة مَا سبق– الجأ إلى الله، افتقر إلى الله، علق قلبك بالله.
خلاصة الخلاصة: لا حول ولا قوة إلا بالله.
لا حول لنا، ولا تحول لنا من سيء إلى حسن، ولا من حسن إلى أحسن،
إلا بقوة مِن الله –عز وجل-.
أسأل الله –عز وجل–أن يجعلني وإياكم من الموفقين، ونعوذ به مِن الخذلان، ونسأله –جل وعلا–أن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا شرور أنفسنا.
اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهَدِي، وفي رواية وخير الهُدَى، هَدِي وهُدَى محمد بن عبد الله.
أي والله.
انظروا تكلمنا في هذا اليوم عن كلمتين [الحور والكور]
وجلسنا فيها هذه المدة!
إذًا الهُدى والخير والصلاح في شرع الله –عز وجل–وخير الهَدْي هَدْي محمد بن عبد الله –احذر ما بعدها– لأنه ﷺ كل جمعة يُحذِّر:
“وشر الأمور محدثاتها“
هذه هي المصائب، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة؛ لأنه ما تقع بدعة بين الناس، بين أهل السنة إلا نُزعت منهم سنة، نعم!
ولذلك النفوس تُحَبب لها البدع، والواقع يشهد بهذا وسائل التواصل ما تفتر من نشر البدع وكلام أهل البدع.
ولذلك يقول ابن القيم –رحمه الله-:
” فاعلم أن ” –سبحان الله– “فاعلم أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضَتْ عن السّنَن” إذا قَبِلت البدع؛ أعرضت عن السنن!
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ا.هـ