بسم الله الرحمن الرحيم
(سلسلة مسائل المعاملات) الخطبة رقم (4)
لفضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهدِهِ الله فلا مُضِلَّ له ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين..
أما بعد فيا عباد الله نتحدثُ في هذا اليوم عن بعضِ المسائل المتعلقة بالربا:
الربا مُحَرمٌ بالإجماع، وقد توعَّدَ اللهُ عز وجل من يتعاطى الربا، قال تعالى مبينًا أنهم يخرجون من قبورِهم كأنهم مجانين:
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة:275]
والنبي ﷺ في تلك الرؤيا الطويلة رأى رجلًا يسبح في نهرٍ من الدم وإذا بآخَر على شطِّ النهر،
ذلكم الرجل يسبح في نهر الدم حتى يمر بهذا الرجل حتى يُلقمه حجرًا في فيه، فيعود فيسبح ثم يعود إليه مرةً أخرى، فقيل للنبي ﷺ: “هذا هو آكلُ الربا”
وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ – فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة:278-279]
والربا خطير وأبوابه متفرعة، ولذلك فهِمَ ذلك عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه إذ قال كما عند ابن ماجه: ” إن آخر ما نزل آيةُ الربا” ويقصد بذلك أنها لم تُنسَخ، ” إن آخر ما نزل آيةُ الربا
فلم يُبينها النبي ﷺ” هو بينها من حيث الإجمال، قال عمر: ” فاتقوا الربا والريبة”
ليُحذر من الربا والريبة، يعني: الشُبَه التي تؤدي بالإنسان حينما يعقِد معاملات ربوية بها شبهة، فليتقِ الريبة حتى لا يقعَ في الربا.
والنبي ﷺ بيَّن الأشياء التي يجري فيها الربا، ويُقاسُ عليها ما يُماثلُها
في حديث أبي سعيد وعبادة أن النبي ﷺ قال:
“الذهبُ بالذهب مِثلًا بمثل يدًا بيد” -هذا واحد-، “والفضةُ بالفضة مِثلًا بمثل يدًا بيد” -هذا هو الثاني-، “والبُرُّ بالبُّر مِثلًا بمثل يدًا بيد” -هذا هو الثالث-، “والشعيرُ بالشعير مِثلًا بمثل يدًا بيد” -هذا هو الرابع-، “والتمرُ بالتمر مِثلًا بمثل يدًا بيد”
“والملح بالملح مثلًا بمثل يدًا بيد” -هذا هو السادس-
والنبي ﷺ كما في صحيح مسلم: ” نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مِثلًا بمثل”.
وفي البخاري قال: “وفي الميزان مِثلَ ذلك”.
إذن/ هذه الأحاديث تجمع لك ما يجري فيه الربا
ولنأتِ على ذلك بشيءٍ من الأمثلة لتتضح
إذا جمعنا هذه الأدلة ما الذي يتبين لنا؟ أنَّ الربا يجري في هذه الأمور:
الأول: الذهب مُطلقا سواءً كان مُصَنَّعًا أو تِبْرًا، أو على أيِّ حالةٍ كانت: هذا يجري فيه الربا.
الثاني: الفضة على أيِّ حالةٍ كانت تِبْرًا أو مُصَنَّعة: يجري فيها الربا.
العلةُ في الذهب والفضة: لأنها ذهبٌ وفضة، ولأنها “ثمنيّة” يعني: يُشتَرَى بها الأشياء؛ ولذلك فيما مضى: الدينار عملة من الذهب، والدرهم عملة من الفضة.
الثالث: الأوراق النقدية التي يتعاملُ بها الناس: هذه يجري فيها الربا، سواءً كانت العملة التي لدينا أو في الدول الأخرى.
الرابع: كلُّ مَكيلٍ مطعوم، المكيل هو: الذي يُكال بالصاع ويُكال بالمُد
إذا كان يُكال ويُطعَم -لابد من الإطعام- لحديث:
“نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلًا بمثل” هنا هذا يجري فيه الربا، ويدلُّ له الحديث:
” التمر بالتمر مِثلًا بمثل يدًا بيد، والشعير بالشعير مِثلًا بمثل يدًا بيد والبر بالبر مِثلًا بمثل يدًا بيد”
الخامس: كلُّ مَوزون مَطعوم، أي شيء يُوزَن ويُطعَم
ولذلك مَثلًا: الحديد يُوزن لكن لا يؤكل، إذن: الصحيح أنه لا يجري فيه الربا.
إذن/ كل موزون مَطعوم، يعني: يُطعَم.
السادس: التوابل، لأن الحديث ورد فيه الملح
قد يقول قائل: الملح ليس بطعام؟ نقول: هو الذي يجعلُ الطعام حلوا،
فإذًا/ التوابل يجري فيها الربا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نأتي إلى الأمثلة:
إنسان مثلا يريد أن يبيع ذهبًا بذهب
لابد أن يكونَ البيع مَثلًا كيلو بكيلو ويدًا بيد، يعني: يقبِض هذا ويقبض هذا وهما في مجلس العقد في مكان التعاقد قبل أن يتفرقا
فإن اشترى كيلو ذهب بكيلو من الذهب والاستلام فيما بَعد؟ هذا ربا، ربا نسيئة
وإن اشترى كيلوين بكيلو من الذهب؟ هذا ربا لأنه ربا فضل
فلابد كما يقال عندنا (سلّم واستَلِمْ) ذهب بذهب.
ولذلك/ لو أنَّ مثلا -وهذا قد يقع-
قد تذهب الأم مع ابنتِها إلى السوق، هذه مَثلًا قلادة وهذه قلادة، فلما أتيا إلى البيت كلُّ واحدة منهن أُعجِبَت بقلادةِ الأخرى، فتبادلا، خذي هذه وخذي هذه؟
ما يجوز هذا ربا
قد يُقال: تنازُل؟ نقول: البيع مبادلة مال بمال لابد أن تكون القلادة التي مع الأم في الوزن مساوية للقلادة التي مع البنت في الوزن، لابد “مِثلًا بِمِثل”.
ولذلك/ بعضُ النساء قد تذهب إلى بائع الذهب وتقول:
اشترِ مني هذه القلادة وأريد هذه القلادة -وتدفع الفرق-؟ ما يجوز، لابد أن تبيع القِلادة، فإذا استلمت النقود هنا تشتري ما تشاء.
ولذلك يُتَنَبَّه/ قد تكون هناك قِلادة بها ما يُسمى بالفصوص فتُباع بقلادة من الذهب خالية من الفصوص، الوزن واحد؟ هذا لا يجوز، لمَ؟ لأن هذه الفصوص لو فُصِلَت -أزيلت- لن يكونَ هناك تساوي،
فَضالة رضي الله عنه قال: “اشتريتُ قِلادةً باثني عشر دينار”
الدينار عملة من الذهب والقلادة ذهب
فيقول: “فَفَصَّلْتُها” وعند أبي داود قال: “مَيَّزْتُها فإذا هيَ أكثر” فنهى النبيُّ ﷺ وقال:
“لا تُباع حتى تُفَصَّل”
إذن ما الحل؟
تُباع القلادة ويُستلم النقود ثم يشتري الإنسان أو تشتري المرأة ما تشاء، وكذلك الشأن في الفضة.
أيضًا/ الأوراق النقدية
مثلًا: الريالات، عندنا مثلا تريد أن تصرف خمسة ريالات لابد من:
خمسة ريالات من عملة الريال، ويدًا بيد في مجلس العقد
لابد من التساوي، ولابد من القبض قبل التفرق
ولذلك/ لو أتى إنسان وقال: واللهِ هذه العملة ممزقة سأعطيك بدلَها أربعة ريالات؟
ما يجوز، جديدة قديمة، ما دام أنها عملة من جنسٍ واحد فلا يجوز أن يأخذ أكثر من ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسألة يتنبه إليها -انظروا سبحان الله إلى دقائق الربا مثل ما قال عمر رضي الله عنه:
“فاتقوا الربا والريبة” بعضُ الناس قد يقول: هذا الكلام أول مرة أسمع به!
بعضُ الناس يأتي إلى البقالة ويقول: اصرِفَ لي مائة ريال، فيجد مثلا تسعة وتسعين ريالا
فيقول: الريال ليبقَ عندَك؟
ما يجوز هذا ربا صرف لابد القبض قبل التفرق. “هذه مسألة انتبه”
لكن/ لو أتيتُ إلى البقالة مثلا أو محل المبيعات واشتريت شيئًا، اشتريتُ مثلًا خبزًا وأعطيته مائة ريال وقال: ما عندي الباقي؟
ما في إشكال، لأن المائة مقابل شيئا اشتريتُه فبقيَ في ذمةِ صاحب البقالة ما بقي، بقي دينا في ذمته.
لكن/ أقول اصرِف لي، يعني: أحتاج والباقي اجعَلْه عندَك؟ لا، لابد من القبض قبل التفرق.
ولذلك النبي ﷺ يقول: ” إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيفما شئتم إذا كان يدًا بيد”
مثلا/ لو اشتريت مثلًا عملة مليون ليرة بألف ريال؟
يجوز لأن العملة اختلفت، لكن بشرط: القبض قبل التفرق لابد (سلِّم واستَلِم).
ولذلك من يبيع ويشتري في الأوراق النقدية تنبَّه لابد أن يكونَ هناك قبض
الفرق: لا إشكال بين عملة وعملة، الزيادة: لا إشكال، متى الإشكال؟
لو بعت ريالات بريالات أو صرفت ريالات بريالات أو دولارات بدولارات لابد من:
التساوي والقبض قبل التفرق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثال آخر/ التمر؛ والتمر جنس، لا تقول: هذا تمر خلاص وهذا تمر سكري وهذا تمر صقعي أو ما شابه ذلك من هذه الأسماء التي عندنا وقد تختلف مسمياتها عند غيرنا
مثلا/ صاع تمر بصاع تمر والقبض قبل التفرق، سواءً كان هذا التمر سكريا أو الآخر خلاصا
“التمر بالتمر مِثلًا بمثل يدًا بيد”
ولذلك/ لو بيع الرُّطَب، صاع رُطَب بصاع تمر -ونحن الآن فيما يتعلق بأفعالنا يكون هناك وزن لكن أتحدث عما كان يجري في عصر النبي ﷺ وفي عصر أجدادنا وأيضًا يصدق على هذا العصر-
لو بيع مَثلًا صاع رُطَب بصاع تمر؟ ما يجوز.
ولذلك النبي ﷺ كما في السنن:
سئل عن بيع صاع الرطب بصاع التمر؟ قال ﷺ: “أينقُص الرُّطَب إذا يَبِس؟”
– إذا جَف الرُّطَب ألا يَنقُص؟ – طبعا الجواب معروف: سينقُص لكن أراد عليه الصلاة والسلام التأكيد على أنه لابد من المساواة؛ قالوا: “نعم ينقص يا رسول الله” فنهى النبي ﷺ عن ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثال آخر/ الشعير بالشعير
بعضُ الناس ربما أنه يقول: هذه الكومة أو المجموعة مثلا من الشعير خُذْها وآخذ الشعير الذي لديك كومة أخرى أو مجموعة أخرى، وهما لا يعلمان ما الوزن، ما يعلمان هل هما متساويان أو لا!؟
قاعدة: [الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل]
لابد من معرفة الوزن، هذه دقائق يقع فيها بعضُ الناس وهو لا يدري!
لابد أن يُعرَف: هل هذا متساوي لهذا أو لهذا، مع القبض قبل التفرق
لكن/ لو بِيع مَثلًا عشرة كيلوات من البُّر بمائة كيلو من الشعير؟
لا إشكال، لأن الجنس اختلف، لكن بشرط: القبض قبل التفرق مثل ما يقال: (سَلِّم واستَلِم)
القبض قبل أن يتفرقا من المكان الذي هما فيه.
مثال آخر/ التوابل
إذا كانت من جنسٍ واحد؟ فلابد من التساوي والقبض قبل التفرق
إذا كانت مختلفة هذا نوع وهذا نوع؟ فلا إشكالَ في الزيادة لكن لابد من القبض قبل التفرق، الدليل:
” الملح بالملح يدًا بيد مِثلًا بِمثل”
في الحديث الآخر: “فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيفما شئتم إذا كان يدًا بيد”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللحم موزون مطعوم
مَثلًا/ كيلو لحم حاشي بكيلو لحم حاشي
مثلما ذكرت لكم: المبادلة، يقول الإنسان: خذ هذا بهذا بدلًا؟ هذا بيع مثلما مر معنا
البيع: مبادلة مال بمال
كيلو لحم بكيلو لحم “مِثلًا بمثل يدًا بيد” القبض قبل التفرق
لو مثلا: بيع كيلو حاشي بكيلوين من لحم البقر؟
لا إشكال، الزيادة لا إشكال، لمَ؟ لأن هذا لحم إبل وهذا لحم بقر اختلفت الأصناف، لكن لابد من:
القبض قبل التفرق يدًا بيد
“فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيفما شئتم إذا كان يدًا بيد” هذا موزون مطعوم.
مثال آخر/ النبي ﷺ كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد
فدل هذا على أن المائعات مَكيلات، فالمائع الذي يُشرَب: يجري فيه الربا.
عصير بعصير؟ لابد من التساوي إذا كانا من جنسٍ واحد والقبض قبل التفرق
إذا كان هذا عصير برتقال بعصير تفاح؟ اختلفت الأصناف، لو زيد في ذلك لا إشكال لكن بشرط:
القبض قبل التفرق، لأن الأصناف اختلفت، “فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيفما شئتم إذا كان يدًا بيد”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه أمثلة من حيثُ ما جاءت به الأدلة من مجموع ما ذكرتُه في ثنايا هذه الخُطبة ويُقاس عليها
لكن في أشياء مثلًا:
جهاز جوال بجوالين بثلاث بأربعة؟
لا إشكال ما يجري فيه الربا لأنه ليس بمكيل مطعوم ولا موزون مطعوم ولا عملة
سيارة بثلاث سيارات؟ لا إشكال ولو إلى سنتين، لا إشكال.
ليس معنى ذلك أن كلَّ زيادة فيها ربا! لا، الزيادة التي يقع فيها الربا: ما ذكرته في ثنايا الخطبة
لكن أشياء لا تُطعَم لا تؤكَل أو أنها لا تُوزَن ولا توكل “يعني من الميكال” هذه ليست داخلة في بابنا.
ولذلك/ لما مثَلت اللحم باللحم ليُتَنَبَّه:
الصحيح أن الحيوان مادام حيًا: فلا يجري فيه الربا
مثلا: انظروا في الأمثلة السابقة قلنا لحم حاشي مثلا بلحم حاشي: لابد من التساوي
لكن قبل الذبح وهو حي؟ لا إشكال، حاشي بثلاثة حواشي قُبِضَت في مَجلس العقد أو بعد شهر، أو بعد شهرين؟ لا إشكال، لماذا ما الفرق؟
فَرَّقَ الدليل: النبيُّ ﷺ كما جاء عند أبي داود وله طريقٌ آخر يؤيده فيجعله حديثًا حسنا:
النبيُّ ﷺ كان يشتري البعير بالبعيرين وبالثلاثة إلى إبلِ الصدقة
فلا إشكال في بيع الحيوان مُتفاضلًا إذا كان حيًا ولو لم يُقبَض في مجلس العقد.
رضي الله عن عمر قال: “اتقوا الربا والريبة”
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد..
جاء عند أبي داود: “أنَّ ابنَ عمر كان يبيع الإبل بالدراهم فيأخذ عنها دنانير،
ويبيع الإبل بالدنانير ويأخذ عنها الدراهم”
-والدراهم تختلف؛ الدراهم: عملة فضة، والدنانير: عملة ذهب-
“فسأل النبيَّ ﷺ عن ذلك؟ ” ولذلك أي إنسان يشتبه في أيِّ مسألة يسأل أهل العلم
قال عليه الصلاة والسلام: “لا بأسَ بسعرِ يومِها إذا لم تتفرَّقا وبينكما شيء”.
سواءً قيل هذا الحديث صح مرفوعًا فإن لم يصح مرفوعًا فهو صح موقوفًا على ابنِ عمر رضي الله عنهما وهذه مسألة يُتَنَبَّه إليها وهي:
ما يُسمى ببيع الكالئ بالكالئ، بيع الدين بالدين.
مثال/ تطلبُ فلانًا من الناس دَينًا، لا يلزم أن يكون مالًا، قد تُطالبُه بسيارة أو بأيِّ شيءٍ،
فتقول لشخصٍ آخر: اشتر مني الذي في دَين فلان؟ ما يجوز، فبيع الدَّين لا يجوز أن يبيع الإنسان الدين الذي له على فلان لفلان، لأن هناك محذورات من بينها:
أنه قد لا يستطيع أن يأخذَ هذا الشيء من فلان الذي هو في ذمته، هذا محذور والمحاذير كثيرة
لكن أريد أن أقرر قاعدة:
[بيع الدين على الغير: لا يجوز]
بيع الدين على من هو في ذمته: هذا هو أثر ابن عمر
مثال/ أنت تطلبُ فلانًا من الناس مَثلًا مائة ألف ريال، أعطني حقي
يقول: ما عندي، عندي أرض خذها بديلًا لها
إذًا هو الآن سيبيع الدين على من هو في ذمته، إنما المسألة السابقة لا هو سبيع الدين الذي له على فلان لفلان، لا، الآن المعاملة بينهما فقط
قال: عندي أرض خذها؟
فيجوز، بشرط: أن تكون قيمةُ الأرض مائة ألف إن كانت أكثر فلا يجوز،
لكن لابد أن تكون قيمة الأرض مائة ألف وإن كانت أقل فهذا خير منك تنازلت عن حقك،
لو مثلا كانت الأرض تساوي تسعين ألف فوافقت فلا إشكال،
لكن أن تكون قيمة الأرض مثلا أكثر من مائة ألف هنا ظلمته ظلمت هذا المدين فلا يجوز.
مثال آخَر/ لو كان على فلان مثلًا مائة ألف جُنَيه، قال: ما عندي لكن عندي ريالات،
مَثلًا لو قال: عندي مثلا عشرين ألف ريال، فقال: أعطيك هذه؟
فلا إشكال في ذلك بشرط:
أن يكون صرف العشرين ألف ريال مساويًا لمائة ألف جنيه أو أقل ما في إشكال، لكن أكثر لا،
وبشرط: إذا اتفقتم أن يسلمك في مجلس العقد هذه الريالات لم؟ لأنه يجري فيها الربا
ولذلك/ لما كان ابنُ عمر يتعامل الدرهم بالدينار وهما عملتان ذهب وفضة، النبي ﷺ قال: لا بأس لكن اشترط قال: لا بأس لكن بشرطين، لأن الربا يجري فيهما قال: “بسعر يومها ولم تتفرقا وبينكما شيء”
لكن الأرض في المثال السابق بمائة ألف ريال ما يجري فيها الربا أهم شيء أن تكون هذه الأرض أن تكون القيمة مائة ألف أو أقل فلا إشكال فيه، هذا يسمى بيع الدين لمن هو في ذمته،
لكن بيع الدين للغير قلنا: لا يجوز مطلقًا.
ـــــــــــــــــــــــــ
أسأل الله عز وجل أن يجعل ما طرحتُه مفهومًا لدى الجميع وأن ينفع به وأن يرزقني وإياكم العلم النافع والعمل الصالح والإخلاص في القول وفي العمل.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين، اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا، اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين، اللهم اجعل هذا البلد أمنا مطمئنًا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك،
اللهم من أراد بهذه البلاد شرًا وفتنة وبلاء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا قوي يا عزيز.
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا أنت تفعل ما تريد وأنت الملك لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزِل علينا الغيث، أنزِل علينا الغيث، أنزِل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته قوة لنا وبلاغًا إلى حين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا مريعًا سحًّا غدقًا طبقًا مجللًا عامًا نافعًا غير ضار، تسقي به البلاد والعباد،
اللهم اسقِ عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.