بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة / التحذير من خطورة الشبو وأضراره.
فضيلة الشيخ / زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿۞﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } أما بعد :
فيا عباد الله من البلايا التي حلت في مثل هذا الزمن والتي تستهدف المجتمعات الإسلامية ولاسيما هذا المجتمع،
من البلايا: ما انتشر بما يسمى بمادة الشبو
تلك المادة المخدرة المسكرة.
و سبحان الله الإسلام لا ينهى عن شيء إلا وبتركه المصالح العظمى
وذلك لأن الخمر وما يستجد مما تشكل وتنوع في هذا الزمن من مخدرات تكون أعظم من الخمر
هذا يدل على عظَم الإسلام
وذلك لأن هذا العقل إذا زال من الإنسان؛
صار بمثابة الحيوان الذي لا يعقل تصرفاته.
فسبحان الله العليم الحكيم ﴿أَلا يَعلَمُ مَن خَلَقَ ﴾ [الملك: ١٤]
هو خلقنا وعلم ما ينفعنا فأمرنا به
وما يضرنا فنهانا عنه
وهذه المادة مادة الشبو
هذه قد تُملّح بأسماء كما يُطلق عليها من يُطلق عليها من أنها ( الثلج)
تسمى باسم (الثلج) أو (الكرستال) !
وصدق النبي ﷺ القائل كما عند ابن ماجه وغيره:
{ لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا}
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ ﴾ [المائدة-90]
والرجس يُقترب منه ويُدنى منه؟
العقل لا يأمر بهذا
﴿لعلكم تفلحون﴾ [المائدة-90] أويرغب عاقلٌ عن الفلاح؟
أو يتبع عاقلٌ الشيطان في تجميل وتحسين هذا الشيء؟
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ لأن العقل إذا ذهب حصلت الاعتداءات، وقع الإجرام
﴿ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة﴾ التي تنهى عن الفحشاء والمنكر
﴿فهل أنتم منتهون﴾ [المائدة-91]
ولذلك في سنن أبي داود وغيره،
قال عمر رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية: ( انْتَهَيْنَا ).
إضافة إلى ما يكون من هذه المادة مما ذكر الأطباء من أنها سبب لتليف الكبد والسكتات الدماغية والتوتر والاكتئاب والأمراض النفسية!
سبحان الله يسعون ليجلبوا السعادة لهم من هذه المواد الضارة المحرمة
وهي في حقيقتها السم القتَّال لهم.
ولذلك جاء التفصيل من النبي ﷺ -كما جاء في المسند وسنن أبي داود- التفصيل على من تستحق عليه لعنة الله في مادة الخمر وما تنوع منه؛
قال ﷺ:
” لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ “.
وذلك لعظم خطرها.
العقل إذا زال ما الذي يحصل؟
وانتبهوا ياشباب ولتنتبه البنات
لينتبه المجتمع من هذه الكلمة الآثمة التي هي:
جَرِّب!
يقول بعضهم لبعض: جرب!!
يجرب ماذا؟ يجرب الموت!
احذر!
لأن من طبيعة ابن آدم أنه يحب أن يساويه غيره بفعله الآثم،
أو أنه يقول جرب لكي يدمنها حتى يستغله من جميع الوجوه،
الاستغلال في المال أو في العرض -نسأل الله السلامة والعافية- أو في غير ذلك من هذه الأمور.
يجرب ماذا؟
فالحذر!
ثم الحذر أيضًا من أن يُترك هذه الجيل لينظر في تلك الأفلام والمسلسلات التي كثير منها يُجمِّل شرب الخمر والمسكرات بشتى أنواعها؛
إذا رأى ذاك الممثل أو تلك الممثلة.
إذا ذهب العقل حل الدمار!
نعم، ما الذي يحصل إذا غاب العقل؟
هذا فيه أولاً: تحطيم لمقدّرات الأمة ومصالحها.
سبحان الله والله إن في نصوص الوحيين الخير الكبير للأمة لو قرأت هذه النصوص؛ نصوص القرآن والسنة وتأملت وتدبرت ما فيها.
في الصحيحين لما خُيِّر النبي ﷺ في ليلة الإسراء والمعراج بين اللبن والخمر، قال ﷺ: ” فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الْآخَرِ خَمْرٌ. فَقِيلَ لِي : خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَشَرِبْتُهُ. فَقَالَ : هُدِيتَ الْفِطْرَةَ، أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ” -الشك من الراوي- ” أَمَّا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ “.
لكنه هداه الله ﷻ للبن لأنه فطرة
ولأنه طعام ونافع ومفيد
ولأنه ﷺ لم يشرب الخمر حتى في حلِّها
” لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ ” !!
تنتهي المجتمعات إذا انتهى أفرادها بذهاب عقولها
أيضًا ما الذي يحصل؟
يحصل القتل والزنا وغير ذلك من الفواحش؛
في سنن النسائي كما ثبت عن عثمان رضي الله عنه قال:
” اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ ؛ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ ” -يعني أحبته- “فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَهُ : إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ ، عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ، فَقَالَتْ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ، وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ، أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا، أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ،” فهو رأى أن الخمر أيسر ” قَالَ : فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا، فَسَقَتْهُ كَأْسًا، قَالَ : زِيدُونِي، فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا، وَقَتَلَ النَّفْسَ، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ ؛ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ”.
لا يقدم على مثل هذه المخدرات إلا من هو ناقص الإيمان ضعيف الايمان ولذلك لما ضعف الوازع الديني ما الذي جرى؟
إذا بالنفوس تستهوي كل معصية
ترغب في كل معصية إلا من رحم ربي.
ولذلك النبي ﷺ قال كما في الصحيحين:
“وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ”
هو ناقص الايمان!
بل ما قال أبو موسى الأشعري مقولته تلك عبثاً في سنن النسائي قال:
“مَا أُبَالِي شَرِبْتُ الْخَمْرَ، أَوْ عَبَدْتُ هَذِهِ السَّارِيَةَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ”. السارية: العمود، يقول: يستوي عندي هذا وهذا.
ليس معنى ذلك أن الشرك بمنزلة شرب الخمر لا،
الشرك: موجب للنار.
صاحب المعصية -ولو عظمت-: تحت رحمة الله،
إن شاء الله عذبه بقدر ذنبه ثم إلى الجنة وإن شاء غفر له ورحمه ابتداءً
لكن معنى ذلك: التنفير منه، لِمَ؟
لأن الخمر إذا شُربت زال العقل فإذا زال العقل؛
فهو بريدٌ إلى أن يقع الإنسان في الشرك.
فليكن المسلم المؤمن حذرًا من كل نوعٍ من أنواع هذه المخدرات والخمور ولذلك ما أتت نصيحة النبي ﷺ لأبي الدرداء عبثًا عند ابن ماجه بإسنادٍ حسن قال أبو الدرداء: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ : ” لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَلَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ” لِمَ؟ قال: “فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ “. مفتاح كل شر!
كل الشرور من هذه المخدرات وهذه المواد.
ولذلك ليحذر الشباب والشابات بل جميع أفراد المجتمع مما يروج له
ويسوق له، والله إنا لنحن مستهدفون في عقيدتنا وفي مدخراتنا
وفي عقولنا وفي شبابنا وفي بناتنا.
تنوعت وتشكلت؛ وكم من نوعٍ خرج فيما مضى وإذا بالنوع الآخر يتلوه فنسأل الله ﷻ أن يحفظنا وأن يحفظ أولادنا وأولادكم،
وأن يحبب إلينا وإليهم الإيمان وأن يزينه في قلوبنا وقلوبهم وأن يكره إلينا وإليهم الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلنا وإياهم من الراشدين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه
إنه هو الغفور الرحيم.
الحمدلله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، أما بعد ….
فيا عباد الله عقوبة من شرب الخمر والمخدرات قال النبي ﷺ
كما في صحيح مسلم: “إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا” – ما أتى هذا الأسلوب إلا لخطورة شرب الخمر وتعاطي المخدرات – “إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ “. قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ : ” عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ “. أَوْ : ” عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ “.
وذلك لأن في نار جهنم نهرًا -اسأل الله السلامة والعافية- ،
عند الترمذي “نهر يجري من صديد أهل النار” يجري من ماذا؟ من عرقهم ومن صديدهم، نعم.
وأيضًا في النار عين ﴿تسقى من عين آنية﴾ [الغاشية -5]
سبحان الله هو أراد في هذه الدنيا أن يتسلى
وأن يخرج من عالمه إلى عالم الاُنس والراحة -في ظنه-
وأنه يستسيغ ويفرح ويسعد قلبهُ بشربه الخمر!
يسقى من ماذا؟
من الفضلات التي تخرج من أهل النار عقوبة له
وكذلك الشأن في من روج
أو غرر ولو لم يكن مروجًا غرر بالشباب
يصدق عليه هذا الحديث!
ولذلك في سنن أبي داود قال ﷺ عن المسكر:
{وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيرًا لَا يَعْرِفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ}.
فنسأل الله أن يحفظ الجميع وأن يجنبنا الفواحش والمنكرات والشرور وأن يسلمنا وأن يسلم مجتمعاتنا الإسلامية من هؤلاء الأشرار.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين. اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود
اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم
وانصرهم على الرافضة الحاقدين.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا
اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك.
اللهم من أراد بهذه البلاد شرًا وفتنة فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا قوي يا عزيز
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.