خطبة ( من مناقب أبي بكر رضي الله عنه )

خطبة ( من مناقب أبي بكر رضي الله عنه )

مشاهدات: 521

خطبة

( من مناقب أبي بكر رضي الله عنه )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، هذا هو نسب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أبو بكر رضي الله عنه  لقبه كما هو معروف: الصديق. 

من مناقبه:

أن هذا اللقب كما جاء عند الطبرني، ووثق رجاله الهيثمي، وتلميذه ابن حجر من أن عليا رضي الله عنه يحلف أن لقب الصديق ما نزل إلا من السماء، أبو بكر رضي الله عنه  نسبه هذا يلتقي كما قال ابن حجر بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في مرة، قال ابن حجر كما في الفتح إن عدد آبائهما يعني عدد آباء النبي صلى الله عليه وسلم وعدد آباء أبي بكر من أن عدد آبائهما سواء من حيث النسب.

أمه رضي الله عنها أسلمت وهاجرت تكنى بأم الخير، أبوه أسلم، جميع أولاده الذكور والإناث أسلموا، وهذه منقبة، قال ابن حجر في الفتح: لم يجتمع لأحد من الصحابة رضي الله عنهم من أسلم أبواه يعني الأم والأب مع جميع أولاده الذكور والإناث سوى أبي بكر رضي الله عنه.

 ولذا من مناقبه رضي الله عنه: كما جاء في المسند كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم  لما أتى أبو بكر بأبيه  فقال صلى الله عليه وسلم: (لو تركت الشيخ  لأتيناه إلى بيته) إكراما لأبي بكر، وعند أحمد كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (هلا تركت الشيخ في بيته حتى أتيناه، فقال أبو بكر: هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه يا رسول الله، فأجلس والد أبي بكر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح على صدره، فقال: أسلم فأسلم)

من مناقبه رضي الله عنه :

ما جاء في وصفه كما عند الترمذي، ولعل ما جاء عند ابن حبان يشهد له  قال صلى الله عليه وسلم، ولذا حسنه الألباني لهذا الشاهد قال: (يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار)

من مناقب هذا الصحابي رضي الله عنه :

أنه هو من صحب النبي صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة، وكان معه في الغار، ولذا في الصحيحين: قال أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لرآنا، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثها، لا تحزن، ولذا ذكر الله أبا بكر في القرآن {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَافسبا وقبحا لأولئك الروافض الذين يسبون أبا بكر رضي الله عنه.

أبو بكر رضي الله عنه من مناقبه:

كما جاء في الصحيحين: قوله صلى الله عليه وسلم: (إن أمنَّ الناس عليَّ في ماله وصحبته أبو بكر)، ليس هذا هو المن المفقد للثواب، لا، وإنما المن هنا معناه إن أكثر من انتفعت بماله وبصحبته هو أبو بكر رضي الله عنه، ولذا تقول عائشة رضي الله عنها كما ثبت عند ابن حبان: ” أنفق أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين ألف درهم”، ولذا جاء عند أحمد والترمذي كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قال: (ما نفعني  مال أحد ما نفعني مال أبي بكر)، في المسند بكى أبو بكر، وقال هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله، وبكى كما في الحديث الآخر فقال رضي الله عنه: ” وهل نفعني الله إلا بك” وهل نفعني الله عز وجل إلا بك، وهل نفعني الله عز وجل إلا بك، فهذا يدل على عظيم فضله رضي الله عنه.

أبو بكر من مناقبه رضي الله عنه:

أنه بلغ المرتبة العظمى في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، في صحيح البخاري يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: ” كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عند البخاري فإذا بأبي بكر قد أتى وقد رفع ثوبه فقال صلى الله عليه وسلم لمن عنده: (إن صاحبكم قد غامر)

“غامر” لها معاني لكن من أشهرها من أنه خاصم، ودخل في أمر عظيم، وهو يريد المسابقة إلى الخير، هذا معنى غامر يشمل كل ما قيل في ذلك، (إن صاحبكم قد غامر) فلما أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لقد كان بيني وبين ابن الخطاب شيء” يعني من الخصومة، ” فأردت منه أن يغفر لي”، في الرواية الأخرى عند البخاري: ” أن يستغفر الله لي، فقال صلى الله عليه وسلم: (يغفر الله لك يا أبا بكر، يغفر الله يا أبا بكر، يغفر الله لك يا أبا بكر)، ثم إن عمر أتى إلى أبي بكر، فلم يجده، فندم رضي الله عنه، ثم أتى، فلما أتى عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم تمعَّر وجهه صلى الله عليه وسلم، يعني تغيرت نضارة وجهه من شدة الغضب، فجثا أبو بكر على ركبتيه خيفة من أن ينزل سخط بعمر، فقال أبو بكر لما جثا على ركبتيه قال: “يا رسول الله كنت أظلم” ” كنت أظلم” يعني كنت أظلم من عمر، يعني أنا الذي ابتدأت ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد جئتكم، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدقت، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي)

قال أبو الدراء: ” فما رئي أبو بكر أنه أوذي بعد ذلك من أجل قول النبي صلى الله عليه وسلم “

(فهل أنتم تاركوا لي صاحبي)، وفي رواية أخرى عند البخاري بإثبات النون: (فهل تاركون لي صاحبي)، وهذا ينقض ما قيل من أن النون حذفت من أحد الرواة، وإنما حذفت من أجل ماذا؟ من أجل أمور منها على وجه الاختصار لأن هذا المقام ليس مقاما لتبيينها، من بينها: من أن وجود الجار والمجرور لا يؤثر، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يضيف أبا بكر إليه مرتين تعظيما لمنزلة أبي بكر رضي الله عنه.

(فهل أنتم تاركوا لي صاحبي)، ولذا هذا يدل كما قال ابن حجر في الفتح يدل على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه على جميع الصحابة على وجه الإطلاق، وأنه كما قال ابن حجر من أن الفاضل من أنه لا ينبغي له أن يغاضب من هو أفضل منه، كحال عمر مع أبي بكر رضي الله عنهما، وهذا لا يدل على انحطاط منزلة عمر، وإنما هو بيان لمنزلة أبي بكر رضي الله عنه، ولذا عند البخاري كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: “كنا نخير زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنختار أبا بكر ثم عمر ثم عثمان”

أبو بكر من مناقبه:

من  أنه من السابقين إلى وجوه مختلفة من أنواع البر، في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم ذات يوم: (من أطعم منكم اليوم مسكينا؟ فقال أبو بكر أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: من تبع منكم اليوم جنازة؟ فقال أبو بكر أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: من عاد منكم اليوم مريضا، فقال أبو بكر أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائما؟ فقال أبو بكر أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة)

من مناقب أبي بكر:

من أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى خلافته، ففي الصحيحين من أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم لتسأله شيئا، فقال: لتأت إلي فقالت إن لم أجدك؟ تعني بذلك الموت، قال صلى الله عليه وسلم: (إن لم تجديني فائتي أبا بكر)، وهذا يدل على فضله رضي الله عنه، ولذا جاء في الصحيحين  قوله صلى الله عليه وسلم: (رأيتني في المنام)، وفي رواية للبخاري: (أريت في المنام) (رأيتني في المنام على قليب) يعني على بئر (على قليب، فنزعت منه ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة، فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له)، وهذا لا يدل على انحطاط مرتبة أبي بكر، وإنما فيه بيان ماذا؟ من أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالمغفرة، هذا أولا، كما يقول الإنسان لشخص آخر: يغفر الله لك، مع أنه لم يقع في ذنب، الأمر الثاني فيه بيان أن عمر أبي بكر لن يكون طويلا، ولذا قال: والله يغفر له، كما نعيت نفس النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النصر {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَما الذي بعدها؟ {وَاسْتَغْفِرْهُ} يعني أمر بالاستغفار لقرب وفاته، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا لأبي بكر بالمغفرة؛ لقرب وفاته، وأن عمره لن يطول، ثم فيه بيان ماذا؟ من أن خلافته قصيرة لقصر عمره بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فما حصل فيها مما لم يحصل من فتوحات فلا تكون هناك ملامة على أبي بكر، قال: (وفي نزعه ضعف والله يغفر له) قال: (ثم أخذها ابن الخطاب، فلم أر عبقريا) والعبقري هو القوي الفذ المتميز في أشياء كما يقول أحدنا: هذا شخص عبقري، فهي لها أصل من حيث اللغة، فقال صلى الله عليه وسلم: (فلم أر عبقريا يفري فريا)، يعني من أنه ينزع نزعا شديدا حتى قال صلى الله عليه وسلم: (حتى استحالت غربا)، يعني تحولت من الصغر إلى الكبر، ومن القلة إلى الكثرة، الغرب هو الدلو، بمعنى أن الماء انتشر، قال: (فاستحالت غربا  حتى ضرب الناس بعطن) يعني أن الناس إذا أتوا بإبلهم إلى المياه فشربوا منها فإنهم يذهبون بها إلى معاطنها لتستريح، (حتى ضرب الناس بعطن)، وهذا يدل على ماذا؟ يدل على أن الفتوحات اتسعت في عهد عمر رضي الله عنه لطول خلافته، بخلاف أبي بكر رضي الله عنه.

من مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

هو أول من أسلم من الرجال على وجه الإطلاق، ولذا قال عمار كما في صحيح البخاري: ” أدركت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه خمسة أعبد، وامرأتان، وأبو بكر”

من مناقبه:

من أنه يدخل يوم القيامة من جميع أبواب الجنة، كما في الصحيحين، قال صلى الله عليه وسلم لما ذكر الأبواب قال أبو بكر قال: “وهل يدخل أحد من جميع الأبواب؟، فقال صلى الله عليه وسلم: (نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر)، والرجاء كما قال ابن حجر إذا ذكر في القرآن، أو ذكر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من الله ومن الرسول صلى الله عليه وسلم فإنها متحققة الوقوع.

أبو بكر رضي الله عنه:

كما قال بعض المؤرخين من أنه مات بسبب سم وضعه اليهود له ، وهناك قول آخر لكن على هذا القول يكون سبب موت أبي بكر كسبب موت النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا في صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم: (يا عائشة مازلت أجد الألم الذي أكلته من الطعام يوم خيبر) قال: ( فهذا أوان) ويصح فهذا أوانَ مبني على الفتح للظرفية (فهذا أوانُ فهذا أوانَ وجدت انقطاع أبهري) يعني يقول قد قرب أن ينقطع أبهري، والأبهر: هو عرق مستبطن في الظهر متصل بالقلب تنطلق منه الشرايين إلى البدن، فإذا انقطع مات الإنسان، فقال صلى الله عليه وسلم: (فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري)

فكونه رضي الله عنه على هذا القول يموت بسبب هذا السم، فكذلك ما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذا رضي الله عنه لم تكن مدة خلافته إلا سنتين وستة أشهر وأياما، وكما مضى في الخطبة الماضية عمره لما توفي كما في صحيح مسلم عمره ثلاث وستون سنة، كعمر النبي صلى الله عليه وسلم، فرضي الله عنه وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبح الله وأخزى من سب أبا بكر وسب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.