بسم الله الرحمن الرحيم
خُطبة/ أربعون فائدة تحت جملة (احفظ الله يحفظك)
لفضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري ــ حفظه الله ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(احفظ الله يحفظك) هذه الجملة وردت في حديث تضمَّنَ وصايا من النبي ﷺ لابن عباس رضي الله عنهما لما قال: (يا غُلام إني أعلمك كلمات) – من تلك الكلمات – قال:
(احفظ الله يحفظك) أخرجه الإمام أحمد والترمذي وإسناده صحيح.
وأفضل مَن شرح هذه الجملة من هذا الحديث هو ابنُ رجب رحمه الله في كتابه:
[ جامع العلوم والحكم ]
(احفظ الله يحفظك) قال –رحمه الله-: معنى (احفظ الله)
يعني: احفظ أوامرَ الله بأن تمتثلَها وأن تعمل بها
واحفظ نواهي الله أن تتركها
واحفظ حدودَ الله فلا تلج فيما حرم الله ولا تُقصر فيما أوجب الله.
فمن حفظ أوامر الله ونواهيه وحقوقه وحدوده صار ممن امتدحهم الله عز وجل في هذه الآية ﴿وَأُزلِفَتِ الجَنَّةُ لِلمُتَّقينَ غَيرَ بَعيدٍ*هذا ما توعَدونَ لِكُلِّ أَوّابٍ حَفيظٍ﴾ [ق: ٣٢]
الحفيظ/ فُسِّر بأنه هو: القائمُ بالواجبات،
الحافظ لأوامر الله، والحافظ لذنوبه لكي يتوبَ منها.
قال –رحمه الله-: ومن أعظم ما أمر الله به أن يُحفظ من الأوامر هو الصلاة
التي وللأسف فرط فيها كثير من الناس، كما أنه قلَّ الحضورُ إلى المساجد فإن جملة كبيرة وللأسف ينامون عن الصلاة حتى يخرج وقتُها، هذا إن صَلَّوا بعد خروجِ وقتِها نسألُ الله السلامة والعافية.
قال: ومن أعظم ما أمر الله به أن يحفظ الصلاة قال الله عز وجل:
﴿حافِظوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الوُسطى﴾ [البقرة: ٢٣٨]
ومدح اللهُ المحافظين عليها فقال: ﴿وَالَّذينَ هُم عَلى صَلَواتِهِم يُحافِظونَ﴾ [المؤمنون: ٩]
﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ [المعارج: 34]
ومن حافظ عليها كما قال ﷺ أدخله الله الجنة، كما جاء في الحديث عند أحمد وفي السنن: (خمسُ صلوات كتبهن الله على العباد من أدى حقوقهن من غير استخفاف بهن ولم يضيعهُن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة)
بل إن النبي ﷺ أمر بالمحافظة على مفتاح هذه الصلاة، ما مفتاح هذه الصلاة؟ الوضوء ولذلك أثنى –عليه الصلاة والسلام– على من يحافظ على الوضوء فقال كما عند أحمد وابن ماجة: (ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومما أمر الله عز وجل به أن يُحفظ: أن تحفظ الأيمان قال عز وجل: ﴿وَاحفَظوا أَيمانَكُم﴾ [المائدة: ٨٩] بعضُ الناس يستهين بيمينهِ وحلفه،ِ فإذا بهِ يحلفُ من غير ما حاجة، الحلفُ على لسانه باستمرار!
وإن حنث فإنه لا يحافظ على هذه اليمين فتراهُ يحنث ويخالف يمينهُ،
وإذا خالف يمينهُ فإنه والحالة هذه بعض الناس يفرطُ في إخراج الكفارة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومما أمِرَ أن يُحفظ: أن يُحفظ الرأس وأن يُحفظ البطن
النبي ﷺ قال كما في المسند قال ﷺ : (استحيوا من الله حق الحياء فقالوا يا رسول الله: كُلنا يستحي من الله حق الحياء؛ فذكر الرسول ﷺ أن الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى)
قال ابن رجب –رحمه الله– كما في جامع العلوم والحكم:
( حفظ الرأس) يشمل اللسان ويشمل البصر ويشمل السمع
(وحفظ البطن) يشمل أن يُحفَظَ من الأموال المحرمة من الربا والرشوة ونحو ذلك، ويدخل في حفظ البطن أن يحفظ القلب فلا يصر على معصيةٍ حرمها الله عز وجل وقد جمع الله عز وجل ذلك في قوله ﴿إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا﴾
قال –رحمه الله-: (إن من أعظم ما مضى هو من أعظم ما أمر الله عز وجل به أن يحفظ قال: ومن أعظم ما أمر الله به عز وجل أن يُحفظ مما نهى الله عنه: الفرج،
قال: فقد أمر الله عز وجل بحفظ الفرج فقال:﴿قُل لِلمُؤمِنينَ يَغُضّوا مِن أَبصارِهِم وَيَحفَظوا فُروجَهُم﴾ [النور: ٣٠] ومدح من حفظ فرجهُ قال: ﴿وَالحافِظينَ فُروجَهُم وَالحافِظاتِ وَالذّاكِرينَ اللَّهَ كَثيرًا وَالذّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظيمًا﴾ [الأحزاب: ٣٥])
(احفظ الله) ما النتيجة؟ ما الثمرة؟ (يحفظك)
الجزاءُ من جنس العمل، من حفظ حدود الله وحقوقهُ وأوامرهُ ونواهيَهُ، الجزاء من جنس العمل يحفظهُ الله عز وجل كما قال تعالى:﴿فَاذكُروني أَذكُركُم﴾ [البقرة: ١٥٢]
﴿أَوفوا بِعَهدي أوفِ بِعَهدِكُم﴾ [البقرة: ٤٠]، ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم﴾ [محمد: ٧]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحِفْظُ الله عز وجل للعبد إذا حفظَك الله فهناك نوعان من الحفظ:
الحفظ الأول من الله للعبد أن: يحفظَ عليه دُنياه، فيحفظ نفسَهُ ومالَهُ وولدَهُ وأهلَهُ،
يحفظُ الله عز وجل له ما يتعلق بمصالح دُنياه
يحفظه بمن؟ يحفظهُ عز وجل فيما يتعلق بهذا الحفظ من أنواعه أن يحفظه الله عز وجل بالملائكة ﴿لَهُ مُعَقِّباتٌ﴾ [الرعد: ١١] الملائكة يحفظونه من أمر الله، الملائكة يحفظون العبد في يقظته، في نومهِ، في ذهابهِ في إيابهِ بأمر الله إلا إن أتى قدرُ الله بأن يصيبهُ أذى تخلوا عنه ﴿لَهُ مُعَقِّباتٌ مِن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ يَحفَظونَهُ مِن أَمرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١].
ولذا مما يدل على أهمية هذا الأمر وأن العبد محتاج لحفظ الله عز وجل فيما يتعلقُ بهذا النوع كان من دُعاءهِ ﷺ في أذكار الصباح والمساء كما جاء في السنن:
(اللهم احفظني من بين يديّ –يعني من أمامي– ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)
أن تُغتال: يعني أن تؤتى على فُجاءة من غير ما تستعد، ومن ذلك كما ذكر بعض الشُراح الخَسْف، “وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي“: شامل، ومن ذلك أن يُخسَفَ بك.
وقال ابنُ رجب –رحمه الله– في جامع العلوم والحكم:
“ويشمل ذلك أن يحفظ الله عز وجل العبد في دُنياه فييسر الله له عز وجل من المخلوقات، وقد تكون تلك المخلوقات ضارة ومؤذيه بطبعها فييسر اللهُ عز وجل له تلك المخلوقات المؤذية بطبعها أن تحفظه”
ولذلك قال ابن رجب –رحمه الله-: “سفينة” –وهو مولى كان مولى للنبي ﷺ كان رقيقاً في أول أمرهِ – كان في سفينة فتحطمت تلك السفينة فآوى إلى جزيرة، فتاه في الطريق فوجد أسداً فإذا بالأسد يدلهُ على الطريق وإذا به يهمهم كأنهُ يودعهُ“ هذه من كرامات الأولياء/ من معتقد أهل السنة والجماعة، هذه أمور خارقة
بعض الناس يقول كيف تحصل مثل هذه الأشياء؟ هذه من كرامة الأولياء، وهذا معتقد أهل السنة والجماعة أن يؤمن العبد بكرامات هؤلاء الأولياء،
لكن انتبه بعضُ الناس قد يأتي بأشياء خارقة للعادة لكنهُ فاجر فاسق إما صوفي وإما أن يكون من الكهنة والسحرة وما شابه، ذلك اختصرها السلف فقالوا:
” لا يغرنك الرجل يطيرُ في الهواء أو يمشي على الماء حتى تراهُ عند الأمر والنهي” يعني: حتى تراه عند أمر الله، كيف هو عند أوامر الله؟ كيف هو عند نواهي الله؟
إن كان من المطيعين إن كان من الأتقياء الأبرار: فهذه كرامة.
إن لم يكن كذلك: فهذه خُزعبلات وخرافات وشعوذة وسحر وكهنة هذا هو الفرق.
فانظر كيف حَفِظَه.
قال ابن رجب –رحمه الله-: ورؤيَ إبراهيم بن أدهم في حديقة كان نائما وإذا بحية تحوطُهُ وتذودُ عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن أنواع هذا الحفظ كما قال ابنُ رجب –رحمه الله-:
“أن يحفظ الله عز وجل مالَ العبد في غَيبته، ليس موجود“
ولذلك قال حُميد ابن بلال قال: “مر بي رجلٌ من الطُفاوة – رجل طُفاوِي – كما عند الإمام أحمد– وأتى إلى هذا الحي ببِياع –يعني بِسلعة ليبيعها– فيقول:
لآتينَّ هذا الرجل – يعني النبي ﷺ – حتى أنظرَ في أمره فأُخبِر من بَعدي – يعني من ورائي من جماعته – فأتى هذا الرجل –والحديث صحيح لأن الرواة ثقات وجهالة هذا الصحابي لا يضر فالحديث صحيح وقد صححه الألباني أيضاً–
الشاهد من هذا: أنه أتى إلى النبي ﷺ فقال ﷺ لما رآه:
” أرأيت هذا البيت؟ إنَّ هذا البيت كانت بهِ امرأة خرجت في سرية من سرايا المسلمين وتركت ثنتي عشرة عنزا، وتركت صيصيَّتها – صيصيَّتها هي أداة تغزل بها وتنسج بها – فلما رجعت فإذا بها تفقد عنزاً وتفقد صيصيَّتها، فقالت:
(يا ربِّ إنك ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه وإني أسالك العنز وصيصيَّتي) فجعل النبيُّ ﷺ يُخبر عن شدة مناشدة تلك المرأة لربها؛ انظُر: لما تسأل الله عز وجل ما هو من أول مرة ولا ثاني مرة! ألِح في السؤال، لأنك تُلِح على كريم
فجعل النبي ﷺ يُخبر عن شدة مناشدتها لربها عز وجل، فإذا بها بعنزها ومثلِها وبصيصيتها وبمثلِها” ؛ يعني: عوَّضَها الله عز وجل، ردَّ عليها عز وجل صيصيَّتها وعنزَها، ومع العنز عنز، ومع الصيصيَّة صيصيَّةٌ أخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بل/ من حَفِظَ الله وحدود الله وأوامره ونواهيه وحقوقه حفظ الله ذريتهُ من بعده
كلٌّ منا بطبع الإنسان – إلا من شذ بعض الناس شواذ نسأل الله العافية والسلامة خارج عن هذا النطاق، بعض الناس لا يبالي بما يكون به أولادهِ بعد وفاته –
لكن طبيعة الإنسان السوي ليس بالمريض –مريض القلب– الرجل السوي الذي يخشى على ذريتهِ من بعدِ أن يضيعوا؛
فيحفظُ الله عز وجل لك ذريتك بعد وفاتك
وتأمل حال اليتيمين المذكورَين في سورة الكهف ماذا قال عز وجل:
﴿وَأَمَّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتيمَينِ فِي المَدينَة﴾ لماذا أقامه الخَضِر؟
﴿وَكانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما﴾ ما العلة؟ ﴿وَكانَ أَبوهُما صالِحًا﴾ فبصلاح أبويهما حُفِظَ لهما مالُهما، والموفق من وفقه الله عز وجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنواعُ حِفظِ الله عز وجل للعبد في دنياه أنواع كثيرة، والأمثلة عليها كثيرة،
ومن لم يحفظ حقوق الله وأوامره ونواهيه وحدوده؟
قال ابنُ رجب –رحمه الله– : “فإن الضّر يأتيه من –من ماذا؟– أناسٍ يرجو منهم الخير” ولذلك قال، قال الفُضيل ابن عِياض: “إذا عصيتُ الله أرى ذلك في خُلقِ دابتي وخادمي” يعني ليست أخلاقُهم بتلك الأخلاق التي عَهِدَها لأنه عصى الله عز وجل.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(احفظ الله يحفظك)/ النوع الثاني: النوع الثاني من حفظ الله عز وجل للعبد وهو أشرفُ النوعين: أن يحفظَ اللهُ عز وجل العبدَ في دينهِ، فلا يُفتن في شهواتٍ محرمة ولا بشبهاتٍ منحرفة وأنَّ الله عز وجل يميتهُ على الإسلام،
لأن من أعظم ما يُحفظ للعبد: أن يُحفظُ له دينُهُ، قال عز وجل:
﴿وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ يَحولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ﴾ يحول بين المؤمن وبين المعصية أن يقعَ فيها.
ولذلك النبيُّ ﷺ كما في الصحيحين في دعاء أذكار النوم، من الأدعية عندَ النوم:
“إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها –يعني: في الدنيا لم تقبضها في تلك الليلة–
وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظُ به عبادَك الصالحين”
ولذلك في هذا الأمر كان ﷺ كما في السنن إذا أراد أن يودع شخصاً وهو يريد أن يسافر قال: (استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك)
وكان ﷺ يقول كما عند ابن حِبَّان قال: (إن الله إذا استُودِعَ شيئاً حَفِظَه)
حفظ الدين أمر عظيم، وكان من دعاء النبي ﷺ كما عند الحاكم:
(اللهم احفظني بالإسلام راقداً، واحفظني بالإسلام قاعداً، ولا تُشمت بي عدواً ولا حاسداً)
والله عز وجل كما قال ابنُ رجب –رحمه الله– يحفظُ العبد بأسبابٍ لا يشعُرُ بها، أو بأسبابٍ مكروهة للعبد ما يُريدُها، يحفظُ الله عز وجل دينَ العبد؛ ولذلك ماذا قال عز وجل عن يوسف؟ حَفِظَهُ: ﴿كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السّوءَ وَالفَحشاءَ﴾ [يوسف: ٢٤]
تأمل معي: { لِنَصرِفَ عَنهُ} لم يقل لنصرفَهُ انظر كيف صرف الله السوء والفحشاء عن يوسف: ﴿كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السّوءَ وَالفَحشاءَ} لم؟
{إِنَّهُ مِن عِبادِنَا المُخلَصينَ﴾ [يوسف: ٢٤] وفي قراءة (المخلِصين) لأنهُ أخلص لله عز وجل فحفظ اللهُ عز وجل يوسف عليه السلام، لم؟ {إِنَّهُ مِن عِبادِنَا المُخلَصينَ﴾
بل يقول ابنُ رجب –رحمه الله– سبحان الله يقول:
يحفظ الله العبد في دينهِ بأسبابٍ مكروهة، يقول يا ليتَها لم تقع، ووقوعها خيرٌ له في دينهِ ﴿وَعَسى أَن تَكرَهوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم﴾ [البقرة: ٢١٦].
وهناك قول ابنِ مسعود –رضي الله عنه – كما أخرجه اللالكائي وصححهُ ابنُ القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية وصححهُ غيرهُ – قال ابن مسعود –رضي الله عنه-:
“إن العبد لَيَهَم بالتجارة أو بالإمارة حتى تتيسر له –يعني: أراد أن يتحصل على ربح تجارة عظيم تيسرت له، لم يبقَ له إلا أن يأخذَ هذا الربح، أو تيسرت له وظيفة ولم يبقَ له إلا شيءٌ حتى يتحصل على هذه الوظيفة أو على هذا المنصب –
قال: ” إن العبد ليهم بالتجارة أو بالإمارة حتى يُيسرها الله عز وجل له حتى إذا نظر الله جل وعلا إليه من فوقِ سبع سمواته قال لملائكتهِ: اصرفوهُ عنها، فإنه إن تحصَّلَ عليها دخل النار –سبحان الله–
فإذا بهِ يتطير ويقول: دَهاني فلان، سبقني إليها فلان، قال: وما هو إلا فضلُ الله عز وجل عليه” – فضلُ الله عز وجل عليه أنه صرف عنهُ هذا المنصب أو صرف عنهُ هذه التجارة لأنه لو وقع فيها وتحصَّل عليها لهلك دينُهُ – ولذلك قال:
لو تحصل عليها لدخل النار وما ذلك إلا فضل الله عز وجل عليه
﴿وَعَسى أَن تَكرَهوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم﴾.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(احفظ الله تجدهُ تُجاهك) وفي رواية: (احفظ الله تجدهُ أمامَك)
يقول ابن رجب –رحمه الله– سُبحان الله:
(من حَفِظَ حدودَ الله وأوامره وحقوقه ونواهيَهُ، وجَدَ الله معهُ في كلِّ حالٍ من أحواله ينصرهُ ويوفقهُ ويسددهُ ويذود عنه) لم؟
لأنه أصبح من المتقين والله جل وعلا مع المتقين، وهذه هي المعية الخاصة التي تقتضي أن الله عز وجل يوفقهُ ويسددهُ وينصرهُ ويعينهُ ويحفظهُ، وقل ما تشاء مما تقتضيه هذه المعية الخاصة، معية الله عز وجل للمؤمنين بهذا التوفيق وبهذه السعادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبحان الله جُملة واحدة من حديث وهو صحيح: (احفظ الله يحفظك)
كم ظللنا فيه هذا الوقت، وهذه الفوائد التي سُرِدَت، وهناك فوائد أخرى لكنَّ المقام لا يتحمل أن نُطيلَ أكثر، لكن انظُر:
أريد أن أوقفك على شيء وهو/
من أراد العلم ،من أراد الخير، من أراد الثقافة، من أراد الإيمان ففي هذا الدين
جملة واحدة، انظر/ لو قيل لشخصٍ سواءً لي أنا، لو قيل لي قبل أن أطَّلِع على كلامِ ابنِ رجب –ونحن ضُعفاء ليس عندنا من ذلك العلم الشيء الكثير –
أو قيل لأحدٍ منكم – سبحان الله هذا الكلام كلهُ الذي طُرح الآن وذكِرَ تحت هذه الجملة؟
نعم، وهناك ما هو أكثر وأكثر من ذلك، ولكن اختُصِرَ على ذلك.
أسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم ممن حفظ حدود الله وأوامرهُ ونواهيهُ وحقوقهُ فحفظه الله عز وجل فيما يتعلقُ بمصالح دينهِ وبمصالح دُنياه.