خطبة(25)أصول يحتاجهاالعامي وطالب العلم ليعصم من الزلل(أحكام لايعرفهاالكثيرعن الرياح)

خطبة(25)أصول يحتاجهاالعامي وطالب العلم ليعصم من الزلل(أحكام لايعرفهاالكثيرعن الرياح)

مشاهدات: 637

خطبة (25)

أصول يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل

(أحكام لا يعرفها الكثيرعن الرياح)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذَكَرنا في خُطَبٍ سالِفة ثَمانِينَ بَعْدَ المِئة مِن الأُصُول المهمّة التي يَحتاجُها العامّيّ وطالِبُ العِلم في هذا الزَّمَن حتّى يُعصَم – بإذنِ اللهِ عزّ وجلّ – مِن الزَّلل

     الأصل الحادي والثَّمانون بعد المئة :

لايَجوزُ  سَبُّ الرِّيح ، فَالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عند أحمدَ والتِّرمِذِيّ قال :

(( لا تَسُبُّوا الرِّيحَ ، فإذا رَأَيتُم ما تَكرَهون – وعند أحمد : فإذا رَأَيتُم مِنْهَا ما تَكرَهون- فقولوا : اللَّهُمَّ إنَّا نَسأَلُكَ مِن خَيرِ هَذِهِ الرِّيح وخَيرِ ما فيها وخَيرِ ما أُمِرَت به ، ونَعوذُ بِكَ مِن شَرِّ هَذِهِ الرِّيح وشَرِّ ما فيها وشَرِّ ما أُمِرَت به ))

 

هذا أصلٌ عظيمٌ يَندَرِجُ تَحْتَهُ عِدَّةُ فوائد :

▪مِن الفوائد : سَبُّ الرِّيح لا يُقصَرُ بِلَعْنِها ، بَل إنَّ لَعنَها وعَيبَها وتَنَقُّصَها يَدخُلُ في سَبِّها الذي عنه النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم

▪وَمِن الفوائد :  سَبُّ الرِّيح نَقصٌ في العَقل كما أنّه مُخالِفٌ لِلشَّرع . لِمَ ؟

لِأَنّ هذه الرِّيح خَلقٌ مُدَبَّر ، فَسَبُّها سَبٌّ لِمُدَبِّرِها الذي خَلَقَها وأَمَرَها ، وهو الله عزّ وجلّ

فَلْيُتَنَبَّه لِمِثْلِ هذا الأَمْر .

▪وَمِن الفوائد : الرِّيحُ تَختَلِف عن الرِّياح .

 – الرِّياح تأتي بِالخَير فَهِي تُلَقِّح الأشجارَ وما شابَهَ ذلك . قال الله تعالى { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) } سورة الحِجر

 – وَأَمَّا الرِّيح فَهِي تأتي بِالخَير وتأتي بِالشَّرّ ، ولِذا ثَبَتَ قَولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عند أحمدَ : (( الرِّيح من رَوحِ الله ، تأتي بِالرَّحمَة وتأتي بِالعذاب ))

ولِذلك ذَكَرَها الله عزّ وجلّ فَوَصَفَها في مَوطِنٍ  بِأنّها عَاصِف ، ووَصَفَها في نَفْس المَوطِن بِأنّها رِيحٌ طَيِّبة

قال تعالى { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا .. } ما الذي بَعدَها { .. جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ }

فَدَلَّ هذا على أنّ الرِّيح تأتي بِالخَير وتأتي بِالشَّرّ

▪وَمِن الفوائد :

الرِّيح إذا وَجَدَ الإنسانُ منها ما يَكرَهُ فَلْيَتَّخِذ الأسبابَ الشَّرعِيَّة والأسبابَ الحِسِّيَّة في دَفعِها

 

 – أمَّا الأسبابُ الحِسِّيَّة : كَإغلاق الأبواب والنوافذ وما شابَهَ ذلك

 – وأمَّا الأسباب الشَّرعِيَّة : ذلك بِأنّ الإنسانَ يَهرَع إلى مَــنْ ؟ إلى خالِقِها وإلى مُدَبِّرِها

ولِذلك ماذا قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟

(( فإذا رَأَيتُم مِنْهَا ما تَكرَهون… )) ماذا نَفعل ؟ (( فقولوا : اللَّهُمَّ إنَّا نَسأَلُكَ مِن خَيرِ هَذِهِ الرِّيح وخَيرِ ما فيها وخَيرِ ما أُمِرَت به ، ونَعوذُ بِكَ مِن شَرِّ هَذِهِ الرِّيح وشَرِّ ما فيها وشَرِّ ما أُمِرَت به ))

▪وَمِن الفوائد : أنّ ما يَقَع مِن الرِّيح مِمّا نَكرَهُهُ عامٌّ ، لا يُحصَرُ فقط بِما يَتَعَلَّق منها مِمّا تَحمِلُهُ مِن غُبار فتُسَبِّبُ بإذن الله ما تُسَبِّبُه مِن الأوساخ أو الأمراض ، بَل هو شامل

قال (( فإذا رَأَيتُم مِنْهَا ما تَكرَهون )) 

( ما ) : مَوصُولِيَّة تُفِيدُ العُموم

كَأَن تأتِيَ مَثَلًا رِيحٌ تُدَمِّرُ الأشجارَ والزُّروع أو تَقْلِب السُّفُن ، أو أنّها رِيحٌ بارِدة شديدةٌ يَتَأَذَّى الناسُ منها فإنّه حينَها يَقُول هذا الدُّعاء

▪وَمِن الفوائد : الرِّيح كما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصَّحيحَين ، قال : (( نُصِرتُ بِالصَّبا ، وأُهلِكَتْ عادٌ بِالدَّبُور ))

( الصَّبا ) : هِي الرِّياح الشَّرقِيَّة

و ( الدَّبور ) : هي الرِّياح الغَربِيَّة التي أَهلَكَ اللهُ عزّ وجلّ عادًا بِهَا

▪وَمِن الفوائد : الرِّيح جُنْدٌ مِن جُنُودِ اللهِ عزّ وجلّ ، جُنْدٌ عَظيمٌ

 

قال الله عزّ وجلّ لَمَّا أَهلَكَ عادًا { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) } سورة الذَّارِيات

جاء في سُنَن الترمِذِيّ بِإسنادٍ لا بأسَ به ، قال : { ما أُرسِلَ عَلَى عادٍ مِن الرِّيح إلَّا مِثل حَلْقَة الخاتَم }

وَمَعَ ذلك ، كما قال تعالى { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَىٰ إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) } سورة الأحقاف

▪وَمِن الفوائد : أن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لَمّا قال : ❗(( فقولوا : اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ مِن خَيرِ هَذِهِ الرِّيح وخَيرِ ما فيها وخَيرِ ما أُمِرَت به )) ، عند مسلم : (( وخَيْرِ ما أُرسِلَت بِه ))

إِذَن هِيَ مَأْمُورَةٌ بِأَمْرِ اللهِ عزّ وجلّ ( بِأَمْرِه الكَونِيّ )

لَأنّ أمْرَه عزّ وجلّ نَوعان :

 – أَمْرٌ شَرعِيّ دِينِيّ :

أَمَرَنا بِالصَّلاة ، أَمَرَنا بِالتَّوحيد ، أَمَرَنا بِالزّكاة .. ( هذه أُمور شَرعِيّة ) .

 – أَمْرٌ كَونِيّ :

{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82) } سورة يسٓ

فَاللهُ عزّ وجلّ هو الذي يأمُرُها بِأَمرِه الكَونِيّ ، بِأن تَصنَعَ ما تَصنَعُ بِأمْرِ اللهِ عزّ وجلّ

▪وَمِن الفوائد : الإنسانُ يَأْخُذ عِبرَة مِن هذه الرِّياح . رِياح تأتي مَرَّةً حارَّة ومَرَّةً بارِدة ومَرَّةً عاصِفَة ومَرَّةً طَيِّبة .

هذه عِبرَة ودَلائل على عَظَمَةِ اللهِ عزّ وجلّ وعلى تَفَرُّدِه وعلى وُجُوبِ إخلاصِ العِبادَةِ له عزّ وجلّ وَحدَه . لِمَن عِندَه عَقل

 

قال تعالى { وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) } سورة الجاثِيَة

▪وَمِن الفوائد : اللهُ عزّ وجلّ أَقسَمَ بِهذه الرِّياح { وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا } وهي التي تَذرُو الشَّيءَ مِن غُبارٍ ، تَذرُوهُ ذَروًا شديدًا

وما أَقسَمَ بِهَا إلَّا لِعَظَمَتِها

ولِذا لَو اجتَمَع الخَلقُ كُلُّهُم وما لَدَيْهِم مِن تَقنِياتٍ وآلاتٍ حديثةٍ …

لَو اجتَمَعُوا كُلُّهُم على أن يَمنَعوا هذه الرِّيح وأن يَصرِفوها عنهم ما استطاعوا وَلَو أَتَوا بِكُلّ ما أَتَوا مِن قُوّةٍ وعَدَدٍ وعَتادٍ وتَقنِياتٍ وآلاتٍ

سبحان الله الخَلّاق العظيم

هذه أصولٌ مهمّة ولها تَتِمّة – بإذن الله – لأنّها مهمّة