شرح حديث ( الإيمان الصبر والسماحة )

شرح حديث ( الإيمان الصبر والسماحة )

مشاهدات: 1691

شرح حديث (الإيمان: الصبر والسماحة)

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

أخرج الطبراني بإسناد حسن من حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (الإيمان: الصبر والسماحة).

هذا الحديث تندرج تحته عدة فوائد :

كيف يكون الإيمان محصوراً بالصبر والسماحة فهذا الحديث له متعلقان المتعلق الأول يخص حق الله عز وجل والثاني يخص حق المخلوق نأتي إلى حق الله عز وجل كيف يكون الصبر والسماحة في حق الله عز وجل إذا نظر العبد إلى أحكام الله عز وجل وجد أنها سهلة ميسرة فإذا كانت هذه الأحكام ميسرة ومسهلة فالواجب على الإنسان أن يقدم عليها و إذا أقدم عليها يحتاج إلى صبر فليست القضية قضية عبادة فقط إن لم يعنك الله عزوجل فأنت المخذول ولذا لو قرأتم كلام الله عزوجل وجدتم أن هناك إرتباطاً بين العبادة والصبر قال تعال [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] يوسف عليه الصلاة و السلام  ماذا قال ؟ [إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ] وقال تعالى [فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ] وقال تعالى [فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ] هذا ما يتعلق بحق الله عزوجل , أما ما يتعلق بحق المخلوق فلا شك أن الإنسان إذا عاشر إخوانه يناله من الأذى منهم ما قد يناله إما قصداً وإما خطأ فالاختلاط ينجم منه الأذى ولذا النبي عليه الصلاة و السلام  كما عند الترمذي يقول (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) فحينما تنالك أذيه من أخيك المسلم أنت بين أمرين في أول هذه الأذية وآخرها في أولها الصبر وفي آخرها السماحة نالك أذى من أخيك المسلم في ابتداء الأمر عليك بالصبر لأن هذا قدر الله عزوجل وهو يؤلمك لا يناسبك  فعليك أن تصبر هذا في أول الأمر تذهب الأيام وإذا بهذا المؤذي يندم وقد نالك ما نالك من أذيته ربما يتضرر الإنسان بأذيته أتاك نادماً ماذا نقول ؟ (الإيمان: الصبر والسماحة) تأتي السماحة ولذا النبي عليه الصلاة و السلام  صح عنه كما عند الطبراني قال (اسمحوا يسمح لكم) يَعنِي إذا سَمحْتَ عنْ أخِيكَ المُسْلم تَعَرَّضتَ لِعَفْو اللهِ وسَمَاحَةِ اللهِ عزّ وجلّ ولذا ماذا قال عزوجل؟ انظر كرر التنويع في العفو والتسامح [وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ]  يعني إن عفوت وصفحت وتجاوزت فهناك مغفرة أعظم من مغفرتك وهناك رحمه أعظم من رحمتك وهي رحمة ومغفرة الرحيم الغفور عزوجل ولذا المسلم يكون بين الصبر والسماحة فيما يتعلق بأذية الناس نالك أذى فاصبر , ندم هذا المؤذي سامحه وإن كانت ثقيلة على النفوس ولكن جعل الله هناك قاعدة وأقول هذا الكلام وأسهب فيه لأن هذا العصر كثر اختلاط الناس وتضيق النفوس وهموم الدنيا قد يحصل منها ما يحصل ولذا تحصل الفرقة بين الأقرباء نتيجة كلمة ربما لا يقصدها هذا القريب ويفسرها بتفسيرات وتؤيلات فتصبح هذه القلوب مضغنة حاقدة فالنبي عليه الصلاة و السلام  ماذا يقول ؟ قال عليه الصلاة و السلام (أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح) (الرحم): القريب , (الكاشح):المبغض يعني تعلم أن قريبك يضمر لك البغضاء والحقد ويحب أن تنزل بك بلية ومصيبة أعظم الصدقات أن تعطيها هذا الشخص , لكن ليست بالسهولة كما قال عزوجل [وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ] يعني قريب [وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ] لكن العدو اللدود أيكون في معزل وهو الشيطان ؟ لا إذاً: ما الذي بعدها [وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ]  الله عزوجل جعل لنا قاعدة في التعامل مع الناس ونحن بحاجة إلى آية جمعت الخير الكبير في التعامل مع الناس في سورة الأعراف في آخرها قال [خُذِ العَفْوَ] يعني خذ ما تيسر من الناس لا تدقق لا تمعن النظر لا تبحث لا تتقصى [خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ] يعني الشيء المعروف أامر به , إذا أخذت بهذا الأمر بالعفو وأمرت بالعرف لأن الناس ليسوا على درجة واحدة من العقل سيأتيك جاهل فماذا قال عزوجل (وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ) لكن العدو اللدود ماذا قال ؟ [وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] يمكن للإنسان أن لا يطبق هذه الآية لكن التقوى والإيمان الذي في قلبه يذكره [إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ] فنحن بحاجة ماسة لمثل هذه التوجيهات الربانية النبوية.

وصلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين