فوائد تحت حديث :
( كان للنبي عليه الصلاة والسلام ثوبان …. )
لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
أخرج الإمام الترمذي رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان عليه ثوبان غليظان فكان إذا عرق عليه الصلاة و السلام ثقل عليه هذان الثوبان فقيل له يا رسول الله إن فلاناً اليهودي قد أتى ببزٍ (يعني ثياب) ببزٍ من الشام فهلا أخذت منه إلى ميسرة فأرسل النبي عليه الصلاة و السلام أحد الصحابة إلى هذا اليهودي وقال له إن النبي عليه الصلاة و السلام يطلب منك ثوباً إلى ميسرة فقال هذا اليهودي إنما يريد أن يأخذ مالي فرجع هذا الصحابي إلى النبي عليه الصلاة و السلام وأخبره بقول هذا اليهودي فقال عليه الصلاة و السلام (كذب والله لقد علم أني أتقاهم لله وأداهم أمانة).
هذا الحديث تندرج تحته عدة فوائد :
- بيان حرص الصحابة على رفع المشقة عن النبي عليه الصلاة و السلام فلطفوا به ورأفوا بحاله فقالوا لو اشتريت من هذا اليهودي ثياباً غير هذين الثوبين.
- بيان حال النبي عليه الصلاة و السلام وأنه لا يملك إلا مثل هذه الثياب ولذا عند مسلم في حديث المغيرة قال (كان عليه جبة من صوف ضيقة الكمين) وكما تعلمون أنه عليه الصلاة و السلام كما عند مسلم لما دخل على إحدى زوجاته نهاراً فقال: أعندكم طعام قالوا : لا قال: إني إذاً صائم , فبيان حال النبي عليه الصلاة و السلام وإذا قورن بحالنا عليه الصلاة و السلام وجدنا فرقاً كبير ومع هذا الفرق الكبير من حيث النعم التي بين أيدينا نرى الواحد منا نسأل الله العافية من أفقر الناس وهذا يدل على فقر القلب لأن النبي عليه الصلاة و السلام يقول (ليس الغنى غنى المال ولكن الغنى غنى النفس).
- متابعة النبي عليه الصلاة و السلام لما قاله أصحابه وهذا يدل على أن الإنسان ينبغي له أن يكون على أحسن حال وأن يلبس من أحسن الثياب وأن يتجمل ففي صحيح مسلم قوله عليه الصلاة و السلام (إن الله جميل يحب الجمال) أحد الصحابة أتى إلى النبي عليه الصلاة و السلام كما عند أبي داود قال يا رسول الله إني لا أحب أني يسبقني أحد لا بحسن ثوبٍ ولا بحسن نعل , الكبر هذا ؟ قال عليه الصلاة و السلام (لا الكبر بطر الحق وغمط الناس) والله عزوجل يحب أن يرى أثرى نعمته على عبده لكن نجد أن البعض طرفا نقيض فالبعض من الناس قد يكون عنده مال ومع ذلك لا ترى عليه إلا أقل الثياب وتشم منه الرائحة المنتنة مع أن الله عزوجل قد أعطاه وأكرمه وأنعم عليه فمن باب الإحسان
- مِنْ بَابِ شُكْرِ النِّعْمَة :
إظْهارُهَا في القَوْلِ وَلكِن لَيْسَ على سَبِيلِ التَّبَاهِي والتَّفَاخُر
قال تعالى : [وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ] ليس في القول فقط لا حتى في الفعل (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) من باب الشكر أن يظهر هذه النعمة على نفسه
- والطرف الآخر وهو الطرف النقيض نجد أن البعض قليل ذات اليد ومع ذلك يسرف على نفسه بالملابس والمشتريات ويثقل نفسه ولذا يقول ابن القيم رحمه الله ([إن الله جميل يحب الجمال] شريطة أن لا يتكلف الإنسان ضد حاله) لأن البعض إذا أراد أن يخرج أو إذا ركب السيارة نظر في المرآة وأصلح شماغه وسرح لحيته تجد أن جل وقته في نفسه نسأل الله العافية , (لا) جل وقتك يكون في الذكر في التسبيح لكن لا مانع أن تظهر بصورة حسنة لكن لا يبالغ فيها وكذلك لا يبالغ الإنسان بحيث يودي به هذا الأمر إلا أن يثقل نفسه بالأعباء المالية .
- يجوز أن تلبس ثياب الكفار التي صنعوها أوالتي يبيعونها ولو لم تكن من صنيعهم كيف ؟ قال (قدم بز من الشام) الشام في عصره عليه الصلاة و السلام لم تفتح فهي ديار كفر ومع ذلك مَنْ صنعها ؟ هم أهل الشام فأراد عليه الصلاة و السلام أن يلبسها أراد أن يشتري منه ومن ثم فإن المبايعة والمتاجرة في الحلال بين المسلمين والكفار جائز ولا حرج في ذلك .
- أن الإنسان له أن يستقرض إذا علم أن هناك سداداً سيسدده لأن البعض وهذا موجود في هذا العصر وتفاقم الأمر نجد أن الكثير من الناس أسرف في الكماليات فبعض الناس يقول لا أملك شيئاً والله لو رأينا أنفسنا لوجدنا الضروريات موجودة أكل شرب لباس مسكن كلها موجوده لكن لماذا يقول أن قليل ذات اليد ؟ لأنه ينظر للكماليات وأصبحت كأنها من الضروريات التي لا يمكن أن يتخلص منها فلذا تجد أن البعض يسرف على نفسه في القرض لا يا أخي النبي عليه الصلاة و السلام يقول (لا تخيفوا أنفسكم بالدين) ولذا أنا أعجب البعض من الناس تجده يستقرض مثلاً أو يدخل في قرض بسيارة بمئة ألف ومئة وخمسين ألف بالتقسيط لمَ يا أخي حاجة مستهلكة كلما مرت عليها سنة كلما قلة قيمتها يمكن أن تأخذ بأقل من هذا لأنها وسيلة وإن كان عندك خير , عندك مال فأظهر نعمة الله عزوجل عليك.
- بيان تسلط الأعداء باللسان على عرض النبي عليه الصلاة و السلام قال (أراد أن يأخذ مالي) إذاً لا يستغرب في مثل هذا العصر من الدنمارك أو غيرهم حينما يأتون بصور عن النبي عليه الصلاة و السلام تقشعر منها الجلود لا يستغرب مثل هذا فهي سنة الله عزوجل أن يكون هناك صراع فالنبي عليه الصلاة و السلام في عصره لم يسلم من اليهود كذلك ما يفعله هؤلاء الكفار أمر طبيعي بالنسبة إلى سنة الله عزوجل لكن بالنسبة إلينا يجب أن ننافح عن النبي عليه الصلاة و السلام بكل ما أُتينا من وسائل وأقل ما يصنعه المسلم تجاه هؤلاء الدنمارك أو غيرهم أقل ما يعمل أن يقاطع منتجاتهم حتى ولو اعتذروا فالبعض من الناس يقول لو اعتذروا حتى لو اعتذروا , لو اعتذروا هل نعلم أن النبي عليه الصلاة و السلام سيغفر لهم أو سيتجاوز عنهم النبي عليه الصلاة و السلام اُعتدي على عرضه بالقول من أناس فعفا عن البعض والبعض الآخر لم يعفُ عنهم عليه الصلاة و السلام هذا حق من حقوقه لا ندري فقضية الاعتذار من عدمها أمر لا يلتفت إليه لكن نقول بالنسبة إلينا يقدم الإنسان أقل القليل بحيث يمنع شهوته عن هذه المنتجات وهناك منتجات أخرى بديله وأحسن منها وأقل سعر ولله الحمد.
- أن الإنسان إذا كان عند قوم أو عند أناس لا يعرفون قدره يجوز أن يمدح نفسه ولا بأس بذلك فالنبي عليه الصلاة و السلام قال (والله لقد علم أني أتقاهم لله وأداهم أمانة) وهذه طبيعة وسنة أن ينال من عرض العظماء يعني ما فيه أحد يسلم فإذا كان النبي عليه الصلاة و السلام ذلك الشخص العظيم في الأمة لم يسلم من هؤلاء فمن باب أولى أن يقدح في عرض عالم أو طالب علم هذه سنة الله عزوجل لكن ماذا قال عزوجل ؟ [إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا] وقال تعالى [وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ] .
وصلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين