ما معنى حديث (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة)؟

ما معنى حديث (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة)؟

مشاهدات: 611

الغنيمة الباردة

ومعنى حديث :

(الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة)

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 

أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث عامر بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) .

هذا الحديث تندرج تحته عدة فوائد :

  • إن الشتاء فرصة ذهبية لمن وفقه الله عزوجل فاغتنم نهاره بالصيام ولذا إذا غنم الإنسان شيئا فإن نفسه ترتاح له وتسعد به فكيف إذا كانت هذه الغنائم باردة لم يكلف جهداً أو وقتاً أو إرهاقاً في تحصيلها.
  • إن المتأمل ينظر إلى أن النبي عليه الصلاة و السلام  وصف الغنيمة باردة والبرودة هنا في وصف الغنيمة تناسب الجو الذي يكون في الشتاء وهو جو البرودة فهذان متناسبان والشتاء عموماً فرصة لتوطين هذه النفس على أعظم ما يعانيه الإنسان في العبادات فيثقل على النفس أن تمنعها من الطعام والشراب ويثقل على النفس أن تبخسها حقها ولو بعض من الوقت في النوم لأن النفس ميالة إلى الراحة وإلى الدعة وإلى الأكل والشرب واللذة ولذا قال النبي صلى الله عليه و سلم كما في مسند الإمام أحمد من حديث أبي سعيد رضي الله عنه ويحسنه الهيثمي في المجمع قال (الشتاء ربيع المؤمن) زاد البيهقي في رواية له (قصر نهاره فصام وطال ليله فقام) ولذا النبي عليه الصلاة و السلام  إذا مثل بشيء يريد أن يعلي منزلته وقد قال كما في الصحيحين (الساعي على الأرملة [يعني القائم على شؤونها] كالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر) مما يدل على أن هاتين العبادتين الصيام والقيام من أعظم النوافل ومن أعظم ما يتقرب به إلى الله عزوجل.
  • قال النبي عليه الصلاة و السلام (الشتاء ربيع المؤمن) كيف يكون ربيعاً للمؤمن ؟ هذا يتوافق مع الحديث الآخر (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) الربيع حينما يأتي بفضل من الله عزوجل إذا هطلت الأمطار وأنبتت الأرض وأصبحت الأرض معشبة وأصبح الزمن ربيعا هل هذا كلَّف ابن آدم جهدا ؟ لا إذاً كذلك الصوم والصلاة بالليل , ثم الربيع حينما تراه كيف يكون شعورك اتجاه هذا الربيع سعيداً أم غير سعيد ؟ سعيد كذلك يوم القيامة إذا اغتنمت هذا الفصل تسعد بربيع هذه الطاعات وأنا أقول فرصة ولا سيما في هذه الأوقات , النهار قصير جداً يعني ما يطلع الفجر إلى وأذان المغرب قريبٌ منه والجو بارد يعني ليس الوقت قصيراً فقط (لا) ومع قصره فإن الجو ملائم فقد يكون الوقت قصيراً لكن مع قصره هناك شدة حرارة فلا يتمكن الإنسان أو يصعب على الإنسان لكن اجتمع عنده تسهيلان أو ميسران برودة الجو مع قصر الوقت فهذا خير كذلك لو أتينا إلى الليل نجد أن الليل طويل يعني يمكن للإنسان أن يذهب ويفرغ من أشغاله كلها ويجلس مع أهله ويتعشى و……و……….و ………ويمكن أن تأتي الساعة الحادية عشرة والحادية عشرة في هذا الوقت كأنها الساعة الواحدة في الصيف لو نام في هذا الوقت لتبقى على صلاة الفجر أكثر من ست ساعات ولو أن الإنسان جعل نصف ساعة أو أقل وروض نفسه على أن يكابد الليل [إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ] يعني الصلاة والقيام بعد النوم من أعظم ما يكون [إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا]  يسعد الإنسان بها سعادة طيبة فهذا الفصل ترويضٌ لنا جميعاً أن نعتاد على الصيام وعلى قيام الليل على أقل ولو ربع ساعة أو عشر دقائق وبالنسبة للصوم فيما سيأتي من أيام حارة نعتاد على صيام يوم الاثنين أو صيام يوم الخميس أو أيام البيض ففيه تعويد لنا وفرصة طيبة ولذا يقول بعض السلف (كابدت قيام الليل عشرين سنة ومن ثم تلذذت به عشرين سنة) كان في مكابدة , مرة يقوم ومرة لا يقوم ومرة تثقله نفسه ومرة يتغلب على نفسه فيقوم فهو في مكابدة عشرين سنة ثم تلذذ به والله إني لأعرف بعض الأشخاص يمكن له الآن أكثر من خمسين أو ستين سنة مستمر على قيام الليل عمره يصل إلى الثمانين و إذا رأيته ورأيت مشيته ورأيت حالته قلت ما أصح من هذا الرجل ولذا في الحديث وفيه مقال ولكن الواقع يؤيده يقول النبي عليه الصلاة و السلام  (عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم) الحديث إلى هنا حسن لكن فيه جملة (فإنه مذهبة للداء من البدن) وهل يضر الإنسان لو اقتطع من ست ساعات عشر دقائق إذا قامها ولذا يقول بعض السلف (لا تدع قيام الليل ولو بمقدار حلب ناقة) كم تحلب الناقة ؟ خمس دقائق أو عشر على أقل شيء لا تدع شيئاً من قيام الليل فالشتاء فرصة لنا لكسب الحسنات ووضع أرصدة من الحسنات لنا نحتاج إليها في يوم يفر فيه المرء أخيه و في نفس المقابل نعتاد على عبادة الصيام وقيام الليل .

 

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين