التفسير الشامل سورة هود من الآية (17) إلى (35) الدرس (133)

التفسير الشامل سورة هود من الآية (17) إلى (35) الدرس (133)

مشاهدات: 844

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة هود من آية 17 إلى آية 35

للشيخ زيد بن مسفر البحري

                                                                                                       

قوله تعالى : {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ} كمن ليس كذلك فهناك فرق {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ} كمن ليس كذلك ما معنى هذه الآية أقوال كثيرة فيها لكن الذي يظهر من أن أرجح الأقوال قولان

{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ} أي {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ} وهو النبي  والمؤمنون {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ} من حيث الفطرة كما قال  كما ثبت عنه (كل مولود يولد على الفطرة) وتلك الفطرة الطيبة الصالحة لما أتى القرآن صار القرآن ماذا؟ دليلا وشاهد عليها كما قال عز وجل في سورة النور كما سيأتي معنا {نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ} {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ} {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ} أي هذا القرآن يتلوه جبريل من الله عز وجل إلى النبي ﷺ والنبي ﷺ يبلغ من؟ يبلغ أمته القول الآخر {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ} أي أفمن كان على بينة واضحة من أنه على الخير من حيث أقواله وأفعاله كالنبي  و الصحابة وأهل الإيمان ثم هذا القرآن ثم هذا القرآن يشهد لأقواله وأفعاله يشهد لأقواله وأفعاله على صدقه فهو معجزة له على ماذا ؟ على صدقه وهذا القول لعله يؤيد بما في هذه السورة ولذلك الأنبياء المذكورون قال عز وجل عن نوح {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي} بينة دلائل {وَآتَانِي رَحْمَةً} أي نبوة {رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ} وقالها أيضا قالها من؟ قالها صالح وقالها شعيب في نفس السورة إذا هذا هو القول الثاني الذي يظهر الأرجح هو القول الأول يعني تلك الفطرة الطيبة يشهد لها هذا القرآن فأين فطركم وأين استجابتكم لهذا القرآن فهذا القرآن مصدق لما في الفطرة ولكنكم قوم أصحاب عناد {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ} أي من قبل القرآن {ِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً} كتاب موسى التوراة يشهد لمن؟ يشهد لهذا القرآن ويشهد للنبي ﷺ {ٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً} التوراة إماما ورحمة يعني إماما بمعنى طبعا إماما حال أي حالة كونه إماما لم؟ لأن ما فيه من الأحكام يؤتم بها ويقتدى بها وتطبق ولذلك قال عز وجل كما مر معنا في سورة الأنعام {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} {ٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً} أيضا هذا الكتاب وهو التوراة رحمة لمن طبقه من بني إسرائيل في عصر من؟ في عصر موسى عليه السلام ولذا قال هنا {وَمِن قَبْلِهِ} يعني التوراة تشهد لما سبق { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ} أهل الإيمان يؤمنون بكل ما أتى عن الله عز وجل {ۚأُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ} ومن يكفر بهذا القرآن وبهذا النبي وبهذا الدين من الأحزاب الذين تحزبوا على الرسول ﷺ  فالنار موعده ولذا ماذا قال ﷺ قال كما في صحيح مسلم (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحدا من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل  النار) وقال عز وجل {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} فقال عز وجل هنا {أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ۚ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} أي في شك منه {إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ} فالنبي ﷺ  لم يكن منه مرية ولا شك في ذلك ولكن في هذا ماذا ؟ التحذير للإنسان إذا أعرض عن هذا القرآن بعد وضوح الأدلة {ۚ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ۚ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} يعني مع وجود الدلائل الواضحة والبينة إلا أن أكثر الناس لا يؤمنون وهذا يدل على أن الأكثر في الناس عدم الإيمان قال تعالى {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} {وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} {إِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} والآيات في مثل هذا المعنى كثيرة.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} لأنه قال{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} فقال عز وجل هنا {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ} أي من افترى على الله الكذب {أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ} فيوبخون ويشهر بهم في يوم القيامة {أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ} أي من شهد يوم القيامة من الملائكة ومن المؤمنين {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} { وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ } لما افتروا على الله الكذب {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} وهذا الكلام هل هو من قول الله ومن قول الأشهاد الدليل الذي في الصحيح في صحيح البخاري من أن هذا الكلام من الأشهاد ولذا قال ﷺ {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} من هم هؤلاء الظالمون ؟ الذين يصدون عن سبيل الله يصدون عن سبيل الله هم ظلوا ويصدون غيرهم {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا}

يبغون صراط الله عز وجل أن تكون معوجة والله أرادها أن تكون مستقيمة {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} قال {هم} للتأكيد {وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} وهذا يدل على ماذا؟ يدل على أن عاقبة من كفر ماذا؟ مصيره النار لكن لو قال قائل في سورة الأعراف ماذا قال عز وجل {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ} لم يقل هم لعله والعلم عند الله لأنهم لما استقروا في النار لم يكن هناك تأكيد لأنهم استقروا في النار وانتهى لدلالة الآية التي قبلها { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ۖ قَالُوا نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} لكن هنا في إنكار من هؤلاء في إنكار من هؤلاء وهم كذبوا فأؤكد ذلك من باب أنهم كفره وأن مصير هؤلاء إلى النار ولذلك ماذا قال بعدها ؟ {أُولَٰئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} لم يكونوا معجزين لله ولا فائتين من عذاب الله في الأرض لا في الدنيا ليسوا بمستطيعين لذلك {أُولَٰئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} ليس لهم أولياء من دون الله ينفعهم أو يدفع عنهم الضر لا في الدنيا ولا في الآخرة {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} قال {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} يعني أُخِّرَ عنهم العذاب في الدنيا من أجل أن يُضَعَّف لهم العذاب في الآخرة{يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ ۚ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} أي في الدنيا ما كانوا يستطيعون السمع ما كانوا يستطيعون لكرههم للدين وللقرآن كأنهم لا يسمعون ولا يستطيعون السماع و تلك الدلائل واضحة فلا يبصرونها لم ؟ لكرههم لسماع القرآن ولذا ماذا قال تعالى {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} وقال تعالى {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} فقال هنا {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} مع أن لهم سمع ومع أن لهم أبصارا لكن لكرههم ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون .

{أُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ} هذا كله من باب التأكيد على أن أولئك لم يربحوا {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ} إذ عرضوها لعذاب الله {وَضَلَّ عَنْهُم} أي غاب عنهم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ من العقائد الفاسدة ومما يقولونه من أن آلهتهم ستشفع لهم أو تنفعهم {وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}.

{لَا جَرَمَ} {لَا جَرَمَ} معناها أي حق وثبت {لَا جَرَمَ} أي حق وثبت {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} أتى بماذا اتى بأفعل التفضيل لم يقل خاسرون كل ذلك من باب التأكيد من أنهم خسروا خسارة عظمى أي حق وثبت أنهم في الآخرة هم أخسر الناس كما قال عز وجل

{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} فقال عز وجل هنا {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ}.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} غير أولئك أنظر أولئك تكبروا وقست قلوبهم ولم يسمعوا فقال هنا عن هؤلاء {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا} خشعوا وخضعوا لله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ} خضعوا لله وخشعوا لله ولذا ماذا قال عز وجل {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} صفاتهم { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} هذا مآلهم في جنات الخلود .

{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ} ما مثل الفريقين المؤمن والكافر مثلهم كمثل ماذا؟ كمثل الأصم والسميع الأصم ما ضده السميع والأعمى ما ضده البصير {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ} مثلهم ماذا {كَالْأَعْمَىٰ وَالْأَصَمِّ} هذا في شأن من؟ الكافر {كَالْأَعْمَىٰ وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ} {الْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ} في شأن المؤمن هل يستوي من لديه سمع مما لا سمع له هل يستوي من لا بصر له مع من له بصر الجواب لا يستويان أيضا لا يستوي المؤمن ولا يستوي الكافر ولذا ماذا قال تعالى {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} الجواب لا ولذا ماذا قال بعدها {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} لم يقل أفلا تتفكرون لأن مثل هذا المثل واضح بين إنما الواجب عليكم تتذكروا وتعملوا.

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ} هنا ذكر الله عز وجل قصة نوح وقصة غيره من الأنبياء في هذه السورة والسورة مكية من باب التسلية للنبي ﷺ فإن قومك إن كذبوك فقد كذبت الأنبياء السابقون من قبل أقوامهم {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا} وقد تحدثت في موطن آخر بتفصيل عن قصة نوح وأتيت بالآيات من معظم السور في موطن آخر من أراد الرجوع إليها لكن هنا ماذا قال تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} ولذا ماذا قال عز وجل في سورة نوح

{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ* أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} انظُر قال هنا {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنِّي} يعني أقول {إِنِّي} {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}

{أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} أمرهم بماذا؟ بالتوحيد وهذا أول ما تدعوا إليه الرسل وهو التوحيد ماذا قال {أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} في أول السورة {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ* أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} كفار قريش ما عبدوا الله مع نزول هذا القرآن قبلك من نوح أمرهم بأن يعبدوا الله فلم يعبدوه {أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۖ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} أي مؤلم وقال في سورة الأعراف كما مر معنا {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} فهو عذاب عظيم ومؤلم وأليم وشديد.

{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا} {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا} ليس لك فضل ولذا ماذا قال تعالى في سورة المؤمنون {مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} فقال عز وجل هنا عن هؤلاء {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا} ولذا في سورة الأعراف ماذا قالوا { قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ* أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فماذا قال عز وجل عن هؤلاء { فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } يعني الفقراء { إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ}

يعني لم يتمعنوا في الأمر ولا في الرأي لو تمعنوا لعلموا أنك ماذا لست بصادق وقال بعض المفسرين {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} قالوا يعني أنهم فقط من حيث البدو يعني الظهور هم معك لكن من حيث الباطن فهم معنا ولذا هنا ماذا قال عز وجل {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} ولذا ماذا قال عز وجل عنهم في سورة الشعراء

{قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ* قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّي ۖ لَوْ تَشْعُرُونَ} فكأنهم من خلال هذا السياق يدل على أنهم طلبوا منه أن يطرد هؤلاء الفقراء كما طلبت قريش من النبي ﷺ ذلك ولذا قال تعالى {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} { وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } ليس لكم علينا فضل لا من حيث مال ولا من حيث سلطة ولا من حيث عقل ولا من حيث رأي {وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} لم يقولوا من باب اليقين لإنهم لو قالوها لكذبوا لأنهم يعرفون نوح من أنه لم يكذب وقد عاصروه فدل هذا على أنهم أرادوا أن يدخلوا الشكوك على الضعفاء .

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ} أي أخبروني {إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي} على دلائل واضحة ومعجزات {وَآتَانِي رَحْمَةً} أي نبوة {مِّنْ عِندِهِ} تؤيد ما أعطيته من هذه المعجزات والدلائل {وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ} ليست من عندي {وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} أي أخفيت عليكم لأن قلوبكم منصرفة {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} هل نلزمكم بها وأنتم لها كارهون ما نستطيع الأمر بيد الله عز وجل ولذا ماذا قال تعالى عن هؤلاء{فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} وهذا يدل على ماذا كما قال بعض العلماء لو كان أحد يستطيع أن يلزم أحدا لألزم الأنبياء أقوامهم ولذا قال تعالى { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}.

{وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا} ولذا في سورة يونس {فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ} قال من أجر هنا قال {مَالًا} {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} لم يقل مالي على الله لأنه ما يريد الدنيا من باب التأكيد على ماذا على أنه ما يريد إلا الأجر من الله لا يريد الدنيا {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُم} حتى لو كانوا من الأراذل { إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ} فهو أعلم بحالهم وسيجازيهم على أعمالهم وعلى بواطنهم { وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} تجهلون لما لم تؤمنوا مع وضوح الدلائل وتجهلون لما قلتم إنما آمن بك الأرذلون {وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}.

{وَيَا قَوْمِ} من باب التلطف لهم {وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}

{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} من باب ماذا من باب أن هذا شيء واضح من آمن فكيف أطرده وكيف أمنعه من الدين.

{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ} {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ} من الأرزاق وما شابه ذلك {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} حتى أعرف ماذا ما في قلوب هؤلاء الضعفاء إلا ما أطلعه الله عز وجل عليه من الغيب {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ} {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} لأنهم قالوا إنما أنت بشر{وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي} أي تحتقر{وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ} دل هذا على أن الازدراء من حيث العين يعني أنهم احتقروهم ولم يتفكروا في أمرهم وإنما لبغضهم كأن هذا الأمر فقط في ماذا في العين مما يدل على أنهم ما أرادوا الإيمان وإنما أرادوا ماذا الاحتقار لهؤلاء الضعفاء { وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ} ولعل قول من يقول من المفسرين في قوله { بَادِيَ الرَّأْيِ} من أنهم كانوا معك يا نوح من حيث الظاهر بخلاف الباطن ولذا ماذا قال هنا ولا تعارض بين القولين فيما سبق قال هنا { إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} يعني إن قلت ذلك مما مضى {إِنِّي إِذًا} إن قلت ذلك { لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} وهنا هذه الآية مرت معنا في سورة الأنعام {قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} قال{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ} قال {لَكُمْ} هنا { وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} فلعله والعلم عند الله الذي يظهر لي أنه أتى بكلمة { لَكُمْ} لأنهم فيما يتعلق بالملك لأنهم قالوا في أول السورة لأن الآية التي في الأنعام أمر من الله للنبي ﷺ {قُل} لأنهم قالوا في أول سورة الأنعام {وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} فكانت كلمة {لَكُمْ} من باب التأكيد لكن قوم نوح ماذا قالوا إنما قالوا أنت بشر{مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا} وأتى هنا {وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ} لأن قوم نوح ازدروا واحتقروا الضعفاء كما في سياق الآيات السابقات.

{قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} لما أفحمهم وعجزوا عن المحاجة بالحق هنا يراوغون وهذه طبيعة من؟ طبيعة أهل الضلال {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} أي من العذاب {إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} {قَالَ} أي نوح { إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شَاءَ} الله الذي يأتيكم به إذا شاء إذا شاء أن ينزل عليكم العذاب أتاكم فلا قدرة لي فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن{وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} لستم بفائتين من عذاب الله إن نزل بكم ولذا ماذا قال عز وجل في شأن كفار قريش في الآيات السابقات في أول السورة {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} وقال بعدها {أُولَٰئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} فشأن الكفار شأن واحد تشابهت قلوبهم اتفقت أقوالهم لم لأن قلوبهم قد تشابهت وقال عز وجل هنا عن نوح {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ}.

{ وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي} يقول نوح { وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ} { إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ} أريد أن أنصح لكم { إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ}{ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ}  الجواب محذوف دل عليه ما سبق {إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ} فلن ينفعكم نصحي لأن الأمر بقضاء الله وتأمل هنا فيه الرد على القدرية الذين يقولون إن الضلال يكون من فعل العبد فماذا قال عز وجل مع أن الشر لا ينسب إلى الله تأدبا لكن هنا نسب لم من باب بيان أن العبد مهما أتى بالأسباب ولو كان له درجة عالية كنوح عليه السلام ما يستطيع أن يهدي أحدا إلا بأمر الله عز وجل ولذا قال { وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ} وهو متولي أموركم {هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيجازي كل إنسان بما عمل .

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} هنا {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} بمعنى من أن نوح افترى ما أتى به {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} أي من هذا الافتراء {وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ} من أعمالكم وقال بعض المفسرين هذه في شأن من؟ كفار قريش قالوا للنبي فكانت هذه الآية كالجملة الاعتراضية من باب التنبيه على ماذا؟ على طغيان كفار قريش كما طغى من ؟قوم نوح {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} {قُلْ} وهذا في كلمة {قُلْ} تؤكد أو ترجح عندي من أن هذا في سياق كفار قريش قل يا محمد {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} ويؤكد ذلك أكثر أنه قال كما في الآيات السابقات وكما قلت تمعن في أول السورة وفي أوساطها وفي ثناياها {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} فقال عز وجل هنا عن النبي {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ}.