التفسير المختصر الشامل تفسير سورة آل عمران من الآية ( 77) إلى (85) الدرس (38)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة آل عمران من الآية ( 77) إلى (85) الدرس (38)

مشاهدات: 477

تفسير سورة آل عمران ــ الدرس ( 38 )

من الآية ( 77) إلى الآية (  85)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } آل عمران: ٧٧ { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } ذكر عز وجل هذه الآية بعد الآية السابقة { بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ٧٦ } من باب بيان أن هناك صنفا من الخلق لم يوفوا بعهد الله عز وجل

{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } ومن أعظم هؤلاء اليهود الذين مر ذكرهم في الآيات السابقة

{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ } وأعظم عهد عهد الله به الخلق هو التوحيد  والإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام

ولذا : ذكر عز وجل في سورة البقرة الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه

وهنا نقضوا العهد بل إنهم اشتروا بهذا العهد اشتروا به ثمنا قليلا

{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ } وهذا يدل على ماذا ؟ يدل على أن من اشترى فإن لديه رغبة فيما اشتراه

{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ } الأيمان جمع اليمين وهو الحلف

{ ثَمَنًا قَلِيلًا } بمعنى أنهم باعوا عهد الله وباعوا أيمانهم بالثمن القليل من هذه الدنيا بل إن الدنيا كلها تعد ثمنا قليلا

ولذا : ثبت عنه قوله عليه الصلاة والسلام ( إن الله لم يخلق هذه الدنيا إلا قليلا ولم يبق منها إلا القليل )

{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } ويذكر العلماء كما دلت النصوص الشرعية يذكرون هاهنا الأحاديث المتعلقة باليمين الكاذبة في  البيع والشراء ، وقد جاءت نصوص كثيرة في مثل هذا الأمر

{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ } أي لا نصيب لهم في الآخرة

{ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ } ومعلوم أن لله عز وجل صفة الكلام كما يليق ذلك بجلاله وبعظمته تثبت من غير تحريف ولا تمثيل ولا تكيف

لكن هنا قال { وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ } أي تكليم تشريف

{ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ } ومعلوم : أن النظرلله عز وجل ثابت بالأحاديث  الصحيحة من غير تحريف ولا تمثيل ولا تكيف ولا تعطيل ولكن نفى النظر هنا عنهم { وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ } أي لا ينظر إليهم نظر رضا { وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } فنفنى أن يكلمهم كلام تشريف ونفى أن ينظر إليهم نظر رحمة في يوم القيامة

{ وَلَا يُزَكِّيهِمْ } أي لا يطهرهم مما تلبسوا به من هذه الذنوب وذلك لأن هؤلاء لم يزكوا أنفسهم بما أرسل به الأنبياء ، فلما لم تحصل لهم تزكية في هذه الدنيا بإعراضهم عن دين الله عز وجل فالله لا يزكيهم يوم القيامة ولا يطهرهم من هذه الذنوب بل تحمل عليهم الذنوب فيعاقبهم الله عز وجل فلا  يتخلصون من النار

كما قال عز وجل { أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ١٧٥ }

ثم قال بعد ذلك { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } والعذاب وصف هنا بأنه أليم بمعنى مؤلم وهذا يدل على ماذا ؟ يدل على أن عذاب الله عز وجل يشعر به المتعذب خلافا لتلك الطوائف كالجهمية ومن شابههم يقولون إن العبد إذا كان في النار فإنه يتكيف بالنار حتى يكون كهيئة النار فلا يضره شيء بل إن بعضهم يطغى في ذلك طغيانا عظيما فلربما قال إنهم يتلذذون في هذه النار ، ولا شك أن هذا ضلال مبين باعتبار ماذا

باعتبار أن الإنسان لما صرف عقله عن دين الله أوقعه عقله الفاسد إلى مثل هذه الأقوال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }  آل عمران: ٧٨

{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ }هذا صنف من أهل الكتاب { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ } أي يحرفون { يَلْوُونَ} وذلك التحريف عن طريق اللسان { يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ } وقال هنا مصرحا { وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ } ولم يقل وما هو منه

{ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } ولم يذكر هنا وما هو من عنده من باب التأكيد على الرد على هؤلاء فأتى بالظاهر دون الضمير من باب التأكيد على أن ما فعله هؤلاء وصنعه هؤلاء إنه ليس من كتاب الله ، وليس من عند الله

{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ } وهذا نوع من ماذا ؟

نوع من لبس الحق بالباطل كما مر في الآيات السابقة

{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٧١ }

وكما قال تعالى ناهيا لهم { وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤٢ }

وصرح هنا { وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ }

{ وَيَقُولُونَ } انظر مع الفعل الشنيع الذي كان على ألسنتهم وصرحوا بذلك هنا أيضا تقولوا على الله عز وجل وقالوا على الله بلا علم { وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } صرح هنا { وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم كذبة ويعلمون مغبة من كذب على الله

وهذا هو حالهم  كحال أنفسهم مع أموال المسلمين { وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

وتأمل هنا ما ذكر في سورة  آل عمران هنا حصل التحريف منهم عن طريق اللسان ، في سورة البقرة حصل التحريف منهم عن طريق الكتابة

مما يدل على أن هؤلاء على أن أهل الكتاب من أن خبثهم متنوع فواجب على المسلم أن يحذر منهم كل الحذر ، ولذا قال تعالى { فَوَيْلٌ } في سورة البقرة { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ٧٩ }

{ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ } آل عمران: ٧٩

هذه لما أتى وفد نصارى نجران قالوا إن عيسى أمرنا بأن نعبده

وهذه الآية عامة في هؤلاء ولكنها عامة تشمل كل نبي

ولذلك قال هنا { مَا كَانَ لِبَشَرٍ }{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ } أكد على أن البشر إنما هم بشر لا يتجاوزون أعلى من ذلك فلا يوصلون إلى مرتبة الله عز وجل ، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام ماذا قال ؟ { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ } ماذا بعدها ؟ { يُوحَى إِلَيَّ }

أنا بشر مثلكم لكن ميزت عنكم بالوحي ، وأيضا ميز عليه الصلاة والسلام بصفات عظيمة

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ } يعني هذا يستحيل يستحيل أن يصدر هذا الكلام  الذي قلتموه مستحيل أن يصدر من بشر أعطاه الله ما أعطاه من هذه الفضائل

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ } الحكم الفهم والإصابة في القول والفعل

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ } أي الكتاب الذي نزل عليه

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا } أي ولكن يقول كونوا { رَبَّانِيِّينَ } يعني يأمرهم بأن يكونوا ربانيين

والرباني : كثير من أهل العلم يقول هو منسوب إلى الرب عز وجل ، لكن شيخ الإسلام يقول ليس هذا بكلام سديد ، وذلك لأن الجميع منسوب إلى الرب ، الخلق كلهم منسوبون إلى الرب إما ربوبية عامة باعتبار أن الله ربهم الربوبية العامة ، أو ربوبية خاصة لأهل الإيمان وإنما يقول الرباني هو مأخوذ من ربان السفينة الذي يقودها ، فدل هذا على أن الرباني

من هو الرباني على كلام شيخ الإسلام ؟ مما يدل على أنه صاحب سيادة وسؤدد وأنه زعيم

من مجموع ما ذكره العلماء ذكر ابن القيم من أن الإنسان يكون عالما ربانيا إذا تعلم العلم الشرعي ، وإذا عمل به ، وإذا دعا الناس إليه وصابر على تحمل الأذى في ذلك قال : ويدل لهذا ما في سورة العصر{ وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا } العلم { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ٣ }

ولذا قال شيخ الإسلام هذه الكلمة عربية ردا على من قال من أنها ليست بعربية قال هي عربية لكن العرب كانوا لا يتداولونها  لأنه ليس لديهم زعيم يقودهم ، وهذا يقرر ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام كما ثبت عنه قال   ( ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) باعتبار أنه لا رئيس ولا زعيم لهم

{ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ } أي تعلمون غيركم

{ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ } هذا أيضا يؤكد ما ذكره ابن القيم الدراسة التعلم التعليم هو تعليم الغير ولا فائدة من التعلم والتعليم إلا إذا عمل الإنسان بهذا العلم ودعا الناس إلى هذا الخير وتحمل الأذى في سبيل ما يدعو إليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } آل عمران: ٨٠

{ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ٧٩ وَلَا يَأْمُرَكُمْ }هنا معطوفة نصب الفعل المضارع على ماذا ؟

على الفعل المنصوب { يَقُولَ }

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ } منصوبة

قوله { وَلَا يَأْمُرَكُمْ } عطف على الفعل المضارع المنصوب

{ وَلَا يَأْمُرَكُمْ } أي هذا النبي هذا البشر { وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا }

بعدما ذكر ما يتعلق بالبشر بين أن هذا الحكم عام من أنه لا يوضع أحد في مرتبة الإله لا الملائكة ولا الأنبياء

{ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا }

ومن ثم : فإنه من هذه الآية دليل على أنه لا يجوز بل  من الشرك الأكبر أن تصرف العبادة لأي ملك أو لأي نبي ولو كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا

{ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا } أي أندادا ونظراء لله عز وجل

{ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا } لم ؟ { أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

{ أَيَأْمُرُكُمْ } يعني باتخاذ الملائكة ولو علت منزلتهم وكذلك الأنبياء اتخاذهم أربابا من دون الله يعد ذلك يعد من الكفر بالله

ولذا قال { أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

قال { بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } بمعنى : أن هؤلاء إما أن يكون هؤلاء ممن أسلم وارتد عن الدين باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا وإما أن يكون باعتبار ما كانوا عليه من الفطرة لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما ثبت عنه (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)

ولم يقل يسلمانه لأنه من حيث الأصل مفطور على الإسلام

ولذا قال تعالى { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }

{ أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } وأي ضلال أن ينصرف الإنسان عن التوحيد إلى الشرك بالله عز وجل والكفر به ، نسأل الله السلامة والعافية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ( 81 ) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( 82 ) } آل عمران: ٨١ – ٨٢

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ } ذكر هذه الآية بعد الآيات السابقة

الآيات السابقة تتعلق بحق الله عز وجل فلا يجوز أن يوضع بشر في مقام الإله فهنا حماية لحق الله عز وجل

في هذه الآية حماية لحق الأنبياء لأنهم هم المبلغون عن الله عز وجل

قال { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ } أي جميع النبيين

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ }

{ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ } أي لما أعطيتكم من الكتاب والحكمة ، والحكمة كما سبق معنا من أنها إذا أفردت من أنها تكون في مقام الأنبياء بمعنى النبوة

{ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ } وقد يكون معنى الحكمة أيضا هنا الإصابة في القول وفي الفعل وفهم الأحكام الشرعية وفهم الكتاب

{ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ } وقد يكون مهما آتيتكم من كتاب وحكمة أيضا

{ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ }

ما الواجب ؟ { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ } وليس فقط الإيمان { وَلَتَنْصُرُنَّهُ }

أخذ  على كل نبي إذا أتى نبي أن يصدقه وأن يؤمن به وأن ينصره

وفي هذا { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ } إذا كان هذا موجها للأنبياء إذن أتباعهم من باب أولى وإلا لم يكونوا أتباعا للأنبياء

{ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ } ومن ثم أنتم يا أهل الكتاب أتاكم محمد عليه الصلاة والسلام وأدركتموه ومن ثم فإنه يجب عليكم مع الإيمان به أن تنصروه

{ قَالَ } أي الله عز وجل { أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي } أي ما مضى

{ إِصْرِي } يعني عهدي

{ قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } أي اشهدوا على ما ذكر لكم

{ وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } قال { وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } وأعظم شهادة أن تكون على التوحيد

ومن ثم : تأمل ،  سبحان الله !

لما قال هنا { قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ }

أشهدهم على ماذا ؟

أشهدهم على أن يؤمنوا وينصروا الرسول عليه الصلاة والسلام

هنا في هذه السورة : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ } وأشهد أهل العلم على إفراده وتوحيده بالألوهية

{ شَهِدَ اللَّهُ } انتبه كما أشهد الله هؤلاء وشهد هو أيضا على تفرده بالتوحيد أيضا أشهد على صحة نبوة النبي عليه الصلاة والسلام

{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } هذا هو حق الله

في حق الأنبياء قال { قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ }

{ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ } أي انصرف عن هذا الأمر

ومعلوم أن الأنبياء لا يتولون عن هذا الميثاق فدل هذا على أن الخطاب موجه لأتباعهم وأنتم يا أهل الكتاب أدركتم النبي محمدا عليه الصلاة والسلام

{ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ } أي بعد هذا الميثاق

{ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٨٢ }

وهذا يدل على ماذا ؟

يدل على أن هذا الفسق فسق أعظم لأن الفسق نوعان :

فسق يخرج عن ملة الإسلام كما هنا وكما مر معنا في سورة البقرة { وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ }

أيضا هناك فسق ليس بمخرج عن الملة وهو ما ليس بكفر ولا بشرك بالله وما ليس ببدعة مكفرة

{ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٨٢ }

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } آل عمران: ٨٣

{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ } يعني مع ما ذكر من ذلكم الدين وهو ما يتعلق بحق الله وما يتعلق بحق النبي عليه الصلاة والسلام هذا هو الدين { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } كما مر

{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ } ما هو دين الله ؟ الإسلام كما مر { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ }

 { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ } يعني يطلبون وهذا فيه استفهام إنكاري

كما قال تعالى { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ }

{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ } عز وجل { أَسْلَمَ } أي انقاد وخضع

{ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا } أسلموا لله عز وجل طوعا باختيارهم وهم أهل الإيمان

{ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ } وهم الملائكة لأن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون

وأسلم من في الأرض { طَوْعًا } وهم أهل الإيمان الذين أطاعوا الله عز وجل

{ وَكَرْهًا } أي  ظلال أهل الكفر كما قال عز وجل { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ١٥ }

وأيضا : كرها كما قال عليه الصلاة والسلام عند البخاري ( عجب الله من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل )

بمعن ىأنهم في أول أمرهم من أنهم أوتوا على أنهم أسرى ومع ذلك فتح الله على قلوبهم وأسلموا

أو بمعنى : أنهم أوتوا على أنهم أسرى كما مر ثم تبين لهم عظمة الإسلام ففتح الله على قلوبهم فأسلموا

وكذلك يدخل فيه الإسلام القدري

بمعنى : أنه ما من أحد في السموات ولا في الأرض إلا وقد خضع لأوامر الله القدرية فلا يمكن لأحد أن يحيد عن قدر الله عز وجل طرفة عين كما قال عز وجل { وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ١١٥ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ١١٦ }

كل من في السموات ومن في الأرض قانت لله وهذا القنوت قنوت عام فلا يستيطع أحد أن يحيد عن أمر الله عز وجل

{ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا } حتى غير البشر من الجمادات { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ }

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ}

{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ٤٨ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ٤٩ }

{ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }

وإذا رجعوا إلى الله فسيحاسب كل إنسان بما عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } آل عمران: ٨٤

{ قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا }

{ قُلْ } في آية البقرة { قُولُوا } يشمل من ؟ النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه

هنا قال { قُلْ } مع أنه إذا أمر عليه الصلاة والسلام فأصحابه داخلون لكن لعل الفرق بين إفراد الفعل هنا { قُلْ }  وجمع الفعل هناك { قُولُوا }  باعتبار أنه لما مر قوله عز وجل { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ } والنبي عليه الصلاة والسلام من بين الأنبياء مع أنه خاتم الأنبياء فأمر { قُلْ }  أي قل يامحمد وهو أمر أيضا للأمة بأن تقول

{ قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا }

{ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا } في سورة البقرة { قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا } بحرف إلى لعله والعلم عند الله الإتيان بصيغة على باعتبار أن ما أنزل على النبي عليه الصلاة والسلام من عند الله من العلوم فأتى بحرف على ولاشك أن القرآن منزل من عند الله وليس بمخلوق

فيكون هناك لما ذكر الفعل أتى بكلمة على مع أن كلمة إلى تفيد أيضا نزول القرآن من عند الله إلى النبي عليه الصلاة والسلام فكأن في هاهنا نزول الوحي على النبي عليه الصلاة والسلام وبعد نزوله بينه إلى أصحابه كما في سورة البقرة { قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا } وذلك لأن الذي أتى بالوحي وأنزله على النبي عليه الصلاة والسلام من ؟

جبريل

من الذي أخبر الأمة ؟ النبي  محمد عليه الصلاة والسلام

{ قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ٨٤ } [آل عمران:84]

وتفسير  هذه الآية مر معنا على وجه التفصيل في سورة البقرة

لكن هنا قال { وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ } لم يأت بكلمة { وَمَا أُوتِيَ } كما جاءت في سورة البقرة والعلم عند الله : من أنه في سورة البقرة لما كان فيها تفصيل وفيها خطاب على وجه الجمع أوتي بكلمة { وَمَا أُوتِيَ }

وهنا من باب ماذا ؟  من باب بيان أن المأمور من ؟ النبي محمد عليه الصلاة والسلام

ويمكن أن يقال هذا من باب التنوع في الأسلوب بحيث يحضر الإنسان عقله حينما يقرأ كتاب الله وفي ذلك ما يدل على عظمة القرآن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } آل عمران: ٨٥

{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا } انظر قال { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ }

وبعدها { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ }

وبعدها { قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ } إلى أن قال { لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }

بين أنه لا يمكن أن يقبل إلا هذا الإسلام الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام وهو الإسلام الخاص لأن النصارى كما مر معنا { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ٥٢ }

الإسلام عندهم ذاك إسلام عام

لما جاء الإسلام الخاص فلا ينفع إلا هذا الإسلام الخاص الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام

ولذا قال كما عند مسلم ( والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار )

{ وَمَنْ يَبْتَغِ } أي ومن يطلب

{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ } من باب التنبيه لهؤلاء ، أفغير دين الله يطلبون

هنا { وَمَنْ يَبْتَغِ } ومن يطلب

{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ }

{ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } مهما ادعى

{ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

فلا يقبل منه هذا الدين لا يقبل منه إلا دين الإسلام ومن لم يأت بهذا الإسلام الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام فإنه يكون في الآخرة من الخاسرين

{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٨٥ }