التفسير المختصر الشامل تفسير سورة آل عمران من الآية (118) إلى (127) الدرس (42)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة آل عمران من الآية (118) إلى (127) الدرس (42)

مشاهدات: 582

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة آل عمران من الآية (١١٨) إلى (١٢٧) الدرس (٤٢)

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

 الحمد الله رب العالمين واصلي وأسلم على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين

أما بعد:

فكنا قد توقفنا عند قول الله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ) 

هذه الآية قيل انها نزلت في اليهود وقيل في المنافقين ولا تعارض بين القولين فإنها تصدق على المنافقين من غير اليهود وتصدق على اليهود فإن في اليهود منافقين كما مر معنا في سورة البقرة ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ )

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صدرت الآية بمنادات أهل الإيمان لأن الإيمان يقتضي ان لا يتخذ المؤمن هؤلاء أولياء واصفياء يفشي لهم الأسرار ولعل هذي الآية تذكر بما مر في اول السورة (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ) (يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا) هذا نهي، لا تتخذوا بطانتاً البطانة هم الأولياء والاصفياء الذي يفشي اليهم الانسان سره ولذا قال عز وجل:( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ ) الوليجة هي المذكرة هنا هي البطانة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً ) وهي البطانة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ) ولذا النبي صلى الله عليه واله وسلم كما عند البخاري قال صلى الله عليه واله سلم ما من خليفة الاوله بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضة عليه وبطانة تأمره بالسوء وتحضه عليه (بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ) أي من غيركم فإن المتعين على اهل الإسلام أن يتخذوا أولياء منهم هم لما لأن لأهل الإيمان يحرص بعضهم على بعض ولذا قال عز وجل 🙁 وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ) ولذا قال عز وجل 🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ) فإذا كانت موالات هؤلاء لا تجوز شرعا فكيف اذا افشيت اليهم الاسرار ( لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ ) أي لا يقصرون فيكم إلا خَبَالًا أي فسادا بمعنى انهم لا يتركوا جهدا من جهدهم حتى انهم ليوصلوا اليكم الفساد والخبال هو الفساد ولذا قال عز وجل في سورة التوبة :(لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا) في شأن المنافقين (وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ) الخبال هو طلب الفساد لأهل الاسلام (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ) مع هذا كله مع حرص هؤلاء على أن يوصلوا اليكم الفساد مع ذلك (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ) وَدُّوا أي أحبوا مَا عَنِتُّمْ أي ما حصل لكم من مشقة فأنهم مع انهم حريصون على أن يوقعوا بكم الفساد أيضا حريصون على انهم يوقعون بكم المشقة من أعماق قلوبهم ولذا ذكر المودة هنا وهي من أعظم درجات المحبة (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ) أي ظهرت ( الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) فالبعضاء ظهرت من افواههم ومعلون ان القول إنما يصدر من اللسان لكنه ذكر الأفواه بعتبار ان هؤلاء امتلأت أفواههم ببغض أهل الإسلام قال تعالى: ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) أي أكبر من ما ظهر على ألسنتهم ومن ما ابتلأت به افواههم ولذا قال من قال من السلف رحمهم الله قال انه ما من انسان يخفي سريره الا اظهرها الله عز وجل على فلتات لسانه وعلى تقاسيم وجهه هنا الدليل على ان ما في الباطن يظهره اللسان كما قال عز وجل هنا : ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) كما قال عز وجل ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) وأيضا يظهر على تقاسيم الوجه من ما يدل على ذلك قوله عز وجل عن الكفار🙁 وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ) ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) كل ذلك من باب التحذير من هؤلاء حتى لا يقع اهل الإسلام فريسة لهؤلاء (وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ) أي السابقات وبين عز وجل ايات اخر ( قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ )(118) فمن كان يعقل فإنه لا يفشي سره إلى عدوه والعاقل هو الذي لا يتخذ عدوه حبيبا له ولذا قال بعدها (هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ) فالمحبة واقعة منكم لهم بعتبار الدار او المكان الذي يجمعكم او بعتبار النسب او باي اعتبار اخر(هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ)

لما لأن قول وبهم قد امتلأت بالبغضاء كما مر (وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ) أي بالكتب كلها تؤمنون بالقران وما قبل القران من ما نزل على الأنبياء ومن ذلك التوراة والإنجيل وهذا السياق في الاية يدل على قول من يقول من انهم اهل الكتاب وكما سلف لا مانع من دخول الصنفين (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ) أيضا انتم تؤمنون بجميع الكتب لكنهم لا يؤمنون كما تؤمنون انتم بجميع الكتب (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا ) كما مر في سورة البقرة (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا) أي تستروا عنكم في خلوتهم واذا خلوا عضوا عليكم الانامل وهي مقدمة الأصابع عضوا عليكم الانامل من الغيض أي من الغيض الذي يكون في قلوبهم وهذا كما قال جملة في المفسرين من انهم لا يعضون حقيقاً وانما من كان في كربه ومن كان في مصيبة فانهم اما ان يضرب كفه على كفه او انه يضرب على بدنه أيضا من ذلك من ان من كان في قلبه غيض فانه يغض على أصابعه بمعنى ان هؤلاء وقد يكون هذا العض ظاهرا ولا مانع من ذلك ولذا قال عز وجل 🙁 وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ) بسبب الغيض الذي في قلوبهم لكم (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ ) أي غيضكم مستمر حتى الممات بما ان هذه العقيدة هي عقيدتكم لما لان الله عز وجل ناصر اوليائه ولذا هذه الآية نضير قوله عز وجل كما سبق سيأتي معنا في سورة الحج (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (مَن كَانَ يَظُنُّ) ان من المشركين (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ )(15) بمعنى ان امر محمد صلى الله عليه واله سلم سيستمر وسيظهر وكذلك هنا (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ) لما (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) فهو عليم بما تكنه الصدور ومن ذلك ما تكنه قلوبكم من البغضاء ومن الغيض (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ) لأنهم لا يحبون ان يعلوا اهل الإسلام ولذلك النبي صلى الله عليه واله سلم كما ثبت عنه قال : “ الاسلام يعلو ولا يعلى ” فدل على ان الإسلام سيظهر (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) ان تمسسكم حسنة أي حسنة من ما هو ملائم من الشيء الحسن الذي تسر به القلوب (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) أي بمعنى أن السوء يصيبهم بالغم يصيبهم اذا حصل لكم خير وهذا شامل حسنة في صحة في مال في نصر في أي نوع من أنواع الحسنات

(وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا) أي سيئة من مرض من هزيمة من نقص أموال فان ذلك يفرحهم وهذه هي علامة العدو في هذه الاية دليل للفقهاء الذين قالوا ان العدو لا تقبل شهادته على عدوه وفسروا العدو قالوا ان العدو هو الذي اذا أصاب عدوه خيرٌ اسائه ذلك وان أصاب عدوه شر فرح بذلك فهذه هي العداوه وما اعظم هذه العداوه اذا كانت من اهل الكفر ولذا قال عز وجل 🙁 إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ) وكلمة إِن تَمْسَسْكُمْ في مقابل الحسنة وكلمة وَإِن تُصِبْكُمْ في مقابلة السيئة هذا من باب التنويع في الأسلوب والا فقد تأتي غير ما ذكر هنا قال عز وجل 🙁 إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ۖ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ) (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) بمعنى أن الانسان حال حصول هؤلاء الأعداء فانهم مأمورون بأمرين الصبر وبالتقى ومن صبر واتقى حصل له كل خير ولذلك في اخر الصورة ماذا قال عز وجل 🙁 وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) من الآمور التي تأمرون بها من العزائم المعزوم عليكم بالاخذ بها ولذلك قال هنا (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) ومن صبر واتقى فان الله عز وجل لا يضيع اجره وينصره ولذلك ماذا قال يوسف 🙁 إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) وجمع بين الصبر والتقوى وهذه قاعدة خذها معك من ان اهل البدع و أصحاب الطوائف في قدر الله عز وجل قالوا لا يمكن ان يجتمع الشرع مع القدر وهذا ظلال مبين ولذلك ظل من ظل كأمثال القدرية وامثال الجبرية التي نذكرها فلا تعارض بين الشرع و بين القدر فالله عز وجل امركم بي الصبر وامركم بالتقوى (وَإِن تَصْبِرُوا) الصبر يشمل انواعة الثلاثة الصبر عن معصية الله الصبر على طاعة الله الصبر على اقدار الله المؤلمة وذكر التقوى هاهنا من باب التأكيد او اذا اجتمع الصبر مع التقوى فان الصبر يكون على اقدار الله المؤلمة كحال هؤلاء معكم والتقوى بفعل الأوامر وبجتناب النواهي ومن ثم من رام واراد ان يصل الى مقصوده فعليه بالصبر وعليه بالتقوى ولذا ماذا قال عز وجل في سورة البقرة: ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) والصلاة من التقوى وجمع بين الصبر و الصلاة ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)

(وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) اذن ما الفائدة (لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) فمن صبر واتقى فانه وان اتاه ما اتاه من الأذى من الكلام وما شابه ذلك فان هذا لا يضره ومن ثم فرق بين الاذيه وبين الضرر ولذا قال هنا (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) لما قال عز وجل 🙁 إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا) فالله عز وجل مع اهل الصبر واهل التقى (لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) أي شيء (إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)

فما يعملونه محيط به عز وجل ومن ثم فان الله عز وجل اذا أحاط بهم وقد أحاط بهم علما وقدرة وتصرفا فانهم في قبضه الله عز وجل ولا يمكن أي يحصل منهم شيء الا بامر الله عز وجل وتامل هنا (إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)

) والسياق في سياق اهل نفاق اما من اهل كتاب وانما من غيرهم في سورة البقرة لما ذكر عز وجل حال المنافقين في المثل الناري والمثل المائي ماذا قال (وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) وهنا قال ( وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) فهو محيط بهم ومحيط باعمالهم وهناك في سورة البقرة (وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) دل هذا على ماذا ان فيه وعيدا لاهل الكفر وان اهل النفاق هم اهل كفر لان الكفر أنواع منه كفر النفاق كذلك هنا (إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120))

(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ) وَإِذْ غَدَوْتَ أي انطلقت والغدو يكون في اول النهار وقد يكون مراد به مطلق الذهاب لا ينحصر بأول النهار ولا باخره وَإِذْ غَدَوْتَ أي انطلقت في الصباح ، مِنْ أَهْلِكَ أي من زوجتك وهي عائشة رضي الله عنها خرج منها النبي صلى الله عليه واله سلم لغزوة احد وهذا هو الصحيح خلاف من قال ان الايه هنا المراد منها غزوة بدر او غزوه الأحزاب وكونها في غزوة الأحزاب هذا بعيد قال هنا (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ ) و مر معنا من انه يطلق على الزوجه اهل وهنا دليل اخر ومر معنا أنواع اطلاق كلمة الاهل عند قولة عز وجل في سورة البقرة ما يتعلق في متعه الحج ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ) وبينا أنواعا من ذلك وسياتي ان شاء الله بيان انضح لكن هنا المقصود من الاهل الزوجة .

(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ) وهنا فيه تشريف للنبي صلى الله عليه واله سلم اذ انه خرج من زوجته مريدا مع انه يحبها اعظم الحب لكنه أراد في هذا الذهاب هو الخروج الى الغزوا من ما يدل على ان النبي صلى الله عليه واله سلم كان حريصا على ما يحبه الله عز وجل (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ ) أي تنزل كما قال تعالى : (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ) التبوأ هنا هو انزال المؤمنين توبوا المؤمنين ووصفهم بالايمان لانهم اهل الايمان ومن كان من اهل الايمان فلا خوف عليه ( تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ) من اجل انهم يوضعون في الأماكن المناسبة قال هنا (تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ) ومعلون ان القتال ليس فيه قعود لكن لما قال مقاعد وربطها بالقتال دل علي ان من كان من اهل الإسلام في الحروب فانه يكون ملازما للقتال وان لا يفر ولذا قال هنا (مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) انظر علق بذكر هاذين الاسمين السميع و العليم ما حصل منه صلى الله عليه واله وسلم بمعنى انما فعله وما فعله اهل الايمان فالله عز وجل سميع لكل قول عليم بكل شيء ومن ذلك فهو سميع لما يجري بينهم وبين النبي منه صلى الله عليه واله وسلم وعليم بحالهم وعليه بحاله منه صلى الله عليه واله وسلم لما انزلهم تلك المنازل ومن ثم لما قال 🙁وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)) ما الذي يترتب عليه من هذا الفعل الطيب منه صلى الله عليه واله وسلم ومن الصحابة من انه سميع وعليم سميع لاقوالهم وعليم باحوالهم فيثيبهم عز وجل ومن ثم تطمئن نفوسهم وان الله عز و جل ناصرهم وانه معهم وتأمل هنا قال هنا 🙁 تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ) دل هذا على ان القتال لا يكون الجهاد في سبيل الله الا تحت راية ولي الامر اما ما يفعل من ان الانسان يخرج بسلاحة ثم يذهب الى ساحات القتال فليس هذا جهادا شرعيا انما الجهاد لا يكون الا تحت راية ولي الامر الذي اعطيته البيعة وفي عنقك له بيعه ما يذهب انسان الى أماكن القتال ويقول بايعت فلانا او فلانا ومن ثم يكون من الخوارج بهذه الطريقة ومن ثم فان هذا الدليل من القران يضاف مع الدليل الاخر على ان الجهاد لا يكون الا تحت راية ولي الامر ما الدليل الاخر مر معنا في سورة البقرة قال عز وجل عن بني إسرائيل 🙁 أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّه) ومر هذا مفصلا في سورة البقرة .( وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121))

(إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا ) إِذْ هَمَّت أي حصل الهم وما في النفس على ان تذهب طائفتنان من هذه الغزوة وهم بنو سلمة وبنو حارثه إِذْ هَمَّت كما جاءت به الاحاديث الصحيحة ولذلك قال والد جابر عبدالله ابن حرام قال : ما احب ان هذه الاية لم تنزل فينا بل أحببت ذلك لما لان الله عز وجل قال 🙁 وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ) دل هذا على انها ولاية توفيق وتسديد وعصمة ولذلك ماذا قال الله تعالى: ( إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا) ان تجبن وان تفر وان تخرج من الغزوة .

(وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) من الولاية والولاية هنا ولاية خاصة ومر معنا في قولة تعالى ان مولانا الفرق في الولاية العامة والولاية الخاصة هنا ولاية خاصة بهاتين الطائفتين قال : (وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) والولاية الخاصة كما مر معنى تقتضي النصرة والتأييد والتوفيق أيضا تقتضي هنا العصمة عصمهم الله عز وجل ومن ثم فان في هذه الاية 🙁 إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) من ان الله عز وجل قد يتولى عبده وكلمة قد يراد منها التحقيق ومن ثم فان هذه الاية قد يتولى الله عز وجل بعض عبادة اذ أراد ان يفعل معصية ونفسه ستقع فيها ومع ذلك يمنعه الله عز وجل منها بولايته برحمته بلطفه عز وجل وهذا فضل من الله عز وجل 🙁 إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122) أهل الايمان هم اهل التوكل والتوكل يزداد به الايمان والايمان يزداد بالتوكل ويتوكل العبد المؤمن على ربه لا ينظر الى قوه ولا الى قبيلة ولا الى مال لا ولو عظمت هذه الأسباب فهي أسباب لكن قد تزول هذه الأسباب وينصر الله عز وجل عبادة (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ) (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) واذا مرت بك هذه الجملة لها متعلق بنفس الاية وأيضا خذها (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) توكل أيها المؤمن على الله في رزقك في عافيتك في صلاح اولادك في صلاح دينك في صلاح دنيا في زوال همومك في زوال مشاكلك شاملة توكل على الله عز وجل ولذا قال الله تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) الله حسبه وكافيه ولذا قال تعالى 🙁 أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ) (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) والانسان قد يهم كما سلف فيعصمه الله عز وجل بفضل منه عز وجل (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ ) سبحان الله أراد ان يذكرهم بما حصل من نصر لهم في غزوة بدر (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ) موطن وموضع وقيل هو بئر وقيل غير ذلك بين مكة والمدينة وقعت في غزوة بدر (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ ) يعني انكم قليل العدد والعتاد والسلاح وليس معنى الاذلة هنا الذل والذلة لا وانما تطلق كلمة الذلة على أنواع ولذلك قال عز وجل في هذه السورة عن اهل الكتاب (وضربت عليهم الذلة) هذه في سياق الذم هنا في سياق المدح (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ ) انتم قليل العدد والعتاد مع ذلك في غزوه بدر لما توكلتم على الله عز وجل حقا التوكل نصركم الله ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ) لا بقوة ولا بعتاد ولا بقومية ولا بحزبية ولا بعصبية لا (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) سبحان الله تقوى الله سبيل الى شكر الله وليعلم ان شكر الله من عبادة الله عز وجل ولذا قال تعالى 🙁 وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فتأمل تجد ان العبادات يزيد بعضها من بعض ويولد بعضها بعضا. (وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ ) في جميع احوالكم من ذلك في حاله الحرب فتقوا الله ولا سيما في هذه الغزوة غزوة أحد وتذكروا نعمة الله عليكم فيما سلف ومن ذلك في غزوة بدر (فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ ) أي في غزوة بدر (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ ) أي يزيدكم (أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ) من الله عز وجل ولا تعارض بينه وبين ما ذكره عز وجل في سورة الأنفال 🙁 إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)) الارداف ان يتبعوا بعضهم بعضا ومن ذلك ما زيد هنا ثلاثة الاف لان قولة 🙁 إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ ) في غزوة بدر .

(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم ) ( ولقد نصركم الله ببدر) ومن كان مستشعر هذه الربوبية انه يتوكل على الله عز وجل لأن الربوبية نوعان: ربوبية عامة لجميع الخلق بمعنى أنه يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم المؤمن والكافر والحمدلله رب العالمين هنا ربوبية خاصة لاوليائه ولأهل الايمان يغذي ويزيد قلوبهم بالايمان وبالتقى وينصرهم قال هنا 🙁 إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ) يا محمد ووصف هنا من في المعركة بأنهم اهل الايمان فدل هذا على ان وصف الايمان يحرص عليه المسلم ، ولذلك في الايه التي قبلها ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فمن كان مؤمنا فاليبشر بالخير ولذا قال:

(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) انظر الصبر والتقوى في الأية السابقة ( وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ ) اذن (لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ ) من ما يكيدون به لكم ان يوقعوا بكم الهزيمة ومع ذلك في غزوة بدر ماذا قال عز وجل 🙁 بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) فصبروا وتقوا . (بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ ) أي من وجههم ومن زمانهم هذا ومن وجهتهم ومن مكانهم .(بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) بمعنى انهم أصحاب علامة وعلامة هؤلاء الملائكة في غزوة بدر أختلف فيها في علامتها وفي كل حال. الملائكة قاتلت مع أهل الايمان في غزوة بدر. (بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ ) ليس معنى ذلك ان الخمسة مع الثلاثة مع الألف و انما المجموع خمسة الاف من الملائكة في غزوة بدر و لذا ماذا قال في اول الايات عن ثلاثة الاف لان عدد الكفار حينها عددهم ثلاثة الاف ومع ذلك لما صبر اهل الايمان واتقوا الله عز وجل زادهم الفين فاصبحوا خمسة الاف من الملائكة (مُسَوِّمِينَ) يعني ان لهم علامات كما جاء في الصحيح الصحابي رضي الله عنه يأتي الى الرجل من الكفار ليقتله فاذا به يرى انه وقع امامة قتيلا قتلته الملائكة. ومن ثم هذا الامداد والنصر من الملائكة هب يكون إلى قيام الساعة؟ قيل بهذا وقال اهل العلم بهذا من ان هذه الخمسة تكون مستمرة إلى قيام الساعة لكن ليس هناك دليل على كل حال فنصر الله عز وجل عظم. وحتى ان بعد اهل العلم قال انه لم تقاتل الملائكة ابدا مع المسلمين الا في غزوة بدراما ما عداها فانهم كانوا يحضرون ولكنهم لا يقاتلون ومع هذا كلة جاء في الصحيحين من ان النبي صلى الله عليه واله وسلم في غزوة احد رأي رجلان يقاتلان عنه عن يمينه وعن شماله جاء في صحيح مسلم في الرواية انهما جبريل وميكائيل

بعض أهل العلم قالوا ان هذا خاص بالنبي صلى الله عليه واله وسلم في غزوة احد وبعضهم قال هذا عام بل ان الملائكة قاتلت أيضا في غزوة احد وعلى كل حاله قوله عز وجل : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ)  إلى أن قال (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ) السياق سياق غزوة بدر بعض المفسرين يقول ان الله عز وجل لم يمدد المؤمنين في بدر الا بالف اما هؤلاء الثلاثة ثم الخمسة فانه لم يحصل لما قالوا لانه مشروط من ان رجلا من الكفار قال لقريش سامددكم فالله عز وجل وعد اهل الايمان لو ان ذلك الكافر امد قريش لامدهم الله عز وجل بالملائكة فلما لم يمدهم ذلك الرجل الكافر لم يحصل الامداد قول اخر قال ان السياق في غزوة احد ولم يمدوا يعني الملائكة لم تنزل في غزوة احد لانه قال 🙁 إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ) أي من غضبهم غضب من غضب كفار قريش لما انهزموا في غزوة بدر قال : (بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) والصحابة وهم الذين كانوا على الجبل لم يوفوا بهذين الشرطين (بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) من ثم لم يمدوا بالملائكة لكن الذي يظهر ان السياق سياق يتعلق بغزوة بدر وهو القول الأول الذي ذكرناه لانه قال 🙁 وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ) وأيضا في أوائل السورة (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ) فدل هذا على ان الاظهر من ان السياق سياق في غزوة بدر يذكرهم بما من الله عز وجل عليهم في بدر في انه امدهم بخمسة الاف من الملائكة مسومين بعتبار انهم اتقوا الله وصبروا . ثم قال بعدها 🙁 وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ ) أي هذا الامداد من الملائكة ، بشرى من الله لتسعد قلوبكم فقط هي أسباب. ولذلك ماذا قال بعدها (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ) النصر من عند الله لا بيد الملائكة ولا باي سبب اخر ، لكنه امدكم بهؤلاء الملائكة من اجل البشرى ومن اجل ان تطمئن قلوبكم ولذلك قال تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) العزيز الغالب القوي الذي لا ينال بسوء الحكيم الذي يضع الأمور في مواضعها اللائقة بها ومن ذلك قوته عز وجل اذ نصركم وحكمته عز وجل لما انزل هؤلاء الملائكة وأيضا هو الاله الواحد الاحد الذي لا يعبد الا هو ولذا مر معنا هذين الاسمين فيما يتعلق بنفي ما يعبد من دون الله ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) (إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ ) فيما يتعلق بعيسى الذي زعم فيه انه إله 🙁 إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ۚ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62)) (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) ومن ثم من ما يأيد من ان السياق سياق امداد هؤلاء الملائكة في غزوة بدر هو جل وعلا ماذا قال في سورة الانفال لان سورة الانفال تحدثت عن غزوة بدر سورة ال عمران تحدثت عن غزوة أحد لكن ذكر هذه الايات من باب تذكيرهم بفضل الله عز وجل عليهم في غزوة بدر حتى يستحضروا فضلة ونصره عليهم في بدر فيتقوون بالله عز وجل على مقاتله هؤلاء الكفار في غزوة احد. ماذا قال عز وجل 🙁 إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ) أي في بدر. (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) وفي اول الايات (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)) ( وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) تجد ان السياق واحد ومتقارب.

(لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ (127))

ليقطع أي نصركم من اجل ليقطع اما بقتلهم و اما باسرهم ، الكبت الخيبة والهزيمة ، فهم بين أحوال هؤلاء الكفار اما ان يقتلوا او يأسروا او ان ينهزمون ولذلك ماذا قال عز وجل كما سياتي معنا في سورة الأحزاب فيما يتعلق بما جرى (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25)).