التفسير المختصر الشامل تفسير سورة الأنعام من الآية (74) إلى (90) الدرس (95)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة الأنعام من الآية (74) إلى (90) الدرس (95)

مشاهدات: 530

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الأنعام من آية 90:74 الدرس (95)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

قال تعالى :” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ”

هنا لما ذكر عز وجل ما ذكره في ما يتعلق بآيات وبتصريف الآيات وبتفصيل الآيات لكفار قريش حتى يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وحتى يوحدوه ذكر لهم هنا حال إبراهيم الذي له قدر عند كفار قريش فذكره عز وجل من باب بيان أن إبراهيم الذي تقدرونه والذي تحبونه فإن حاله عليه السلام حال من عبدالله وفوض أمره إلى الله ووحد الله فيكون محمد صلى الله عليه وسلم كذلك لمَ؟

لأن الله عز وجل قال : ” أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”

فقال هنا : ” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ” آزرَ إبراهيم قال لأبيه آزرَ لأن آزرَ أشرك بالله عز وجل ولذا قال تعالى في سورة مريم “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا فأبوه كان كافرا ومات أبوه على الكفر ولذا ثبت في الحديث من أن والد إبراهيم يلقى آزر ابنه إبراهيم يوم القيامة فيقول “إني لا أعصيك في هذا اليوم فيقول إبراهيم عليه السلام :كنت نهيتك عن ذلك فيقول إبراهيم عليه السلام لله عز وجل قال إنك وعدتني ألا تخزيني يوم يبعثون وأي خزي من خزي أبي أبعد فيقول الله عزوجل : أنظر ياأبراهيم ما وراءك فإذا هو بديخ ملطخ قد مسخه الله عزوجل فدل هذا على ماذا أن إبراهيم نصح أباه ” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ” وآزر هل هو اسم لأبي إبراهيم أو أنه لقب له أو العكس خلاف بين أهل العلم والذي يظهر من سياق الآيات من أن آزر اسم لإبراهيم ما يقال من أن المقصود هنا آزر هو عم إبراهيم هنا هذا القول لا يدل عليه دليل بل سياق الآيات يعارض ذلك ولدا فإن الرافضة يحبون هذا القول وهو أن المقصود من المذكور هنا هو عم إبراهيم وليس والد إبراهيم لأن العم يطلق في اللغة وحتى في الأحاديث يطلق عليه بأنه والد ومر معنا في سورة البقرة “أَم كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وإله آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” ذْكر إسماعيل مع أنه ليس والداً له وإنما هو عم فالرافضة يحبون ذلك يحبون هذا القول لم ؟

لأنهم يقولون ليس هناك والدُ لنبي مات على الكفر من أجل أن يثبتوا أن والد النبي صلى الله عليه وسلم كان مسلما ولم يمت على الكفر لكنً هذْا القول غير صحيح والصحيح أن الآيات واضحة وأن المقصود هو والد إبراهيم وأن إسمه آزر” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ”

حتى لو قيل بأنه لقب فإن المقصود من الآيات هو والد إبراهيم وليس عمه” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا” استفهام إنكاري أتتخذ دل هذا على أنه ليس بإله حق لأن الذي يتخذ إنما هو شيءٌ ليس له قدر وليس له قدر وليس له قيمة” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً” أتتخذ أصناماً آلهة دل هذا على أنه اتخذ الأصنام من أجل أن تعبد” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِين” إني أراك هذه يصدق عليها أنها تكون رؤيا بصرية فرآهم يعبدون هذه الأصنام وهدا ضلال مبين ويصدق عليها أنها رؤيا علمية لأن ما فعلوه مما علمه الله عزوجل من أنه ليس عدلاً وإنما هذا الفعل هو ضلال مبين” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

أي واضح بين الضلالة مع  أنه عليه السلام خاطبه هنا من باب الإنكار لأنه خاطبه في أول الأمر بخطاب ماذا ؟ بخطاب اللين ومع وذلك في سورة مريم “إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً*يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَويا*

فالشاهد من هذا هو أنه بين ضلال هؤلاء.

“وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ “أي وكذلك كما أرينا إبراهيم ضلال أبيه وضلال قومه نُري إبراهيم وقد أراه الله عز وجل وقد أراه الله عز وجل ذلك قبلهم ومازال ينتفع بتلك الرؤيا ويستفيد منها ولذا أتى بالفعل المضارع “وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ” أي ملك لأن الواو والتاء تأتي للزيادة هنا كما يقال علامة ونسابه فالتاء للمبالغة قال هنا ملكوت السموات والأرض من أجل ماذا ؟أنه ينظر ويتأمل في ملكوت السموات والأرض ولذا قال عز وجل في الآيات السابقات : “وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ” وقال هنا “وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وليكون من الموقنين” “فهدا يدل على ماذا؟ يدل على أن النظر في السموات والأرض وما خلق الله عز وجل فيهما طريق إلى اليقين واليقين هو العلم التام المنافي للشك الذي يستلزم العمل والإقبال على الله” وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ”

ودل هذا على ماذا؟ القول الصحيح من أن إبراهيم عليه السلام كمن ذكره عز وجل في الآيات  الآتيات من أن إبراهيم عليه السلام لم يكن شاكاً في التوحيد ولم يكن شاكاً في قدرة الله عز وجل كما قيل في قولاً “وذلكم القول” ترده الأدلة وإنما السياق يدل على ماذا ؟على أن إبراهيم أراد بما سيأتي من أيات من أجل أن يحاجج خصومه فيتنزل معهم من باب النزول مع الخصم لإقناعه بالحجة بدليل ماذا ؟ أنه قال وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فلو كان إبراهيم شاكاً لما قال” وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ “ولذا أتى بكلمة الموقنين قبل هده المناظرة ولذا ماذا قال عز وجل “وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ” فدل هذا على أنه من الصغر كان على رشد وعلى عدلً وعلى توحيد.

“فلمًا جنُ الليلُ عليه الليلٌ رءا كوكبا” وهدا يدل على ماذا؟ يدل على أن قومه مع عبادتهم للأصنام أيضاً عبدوا الكواكب والنجوم ولذا لو قال قائل إبراهيم عليه السلام قال في سورة مريم “يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا” 

سبحان الله هنا قال في سورة مريم لا تعبد الشيطان وذكر الأصنام وذكر عبادتهم لهذه النجوم ولهذه الكواكب والنجوم كل ذلك بسبب ماذا بسبب تسويل الشيطان ومن عبد غير الله فقد عبد الشيطان ولذا قال عز وجل كما في سورة يس قال عز وجل

” أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مبين” 

فقال هنا “فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ  ”  فلمًا جنً أي أتى الليل وستر إبراهيم وغطاه  بظلامه ” فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ ”  من باب التنزل معهم للخصومة  ” فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي “ۖ أي غاب” قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ” أي لا أحب من يغيب فهنا حاججهم من أول الأمر من باب التنبيه على أن الإله هو القيوم الذي قام بنفسه ويقوم على خلقه ولا يكون غائبا إنما الذي يحب  ومحبه بها عباده الذي يُحب هو القيوم” أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ” إذاً لما غاب هذا الكوكب لا يصلح أن يكون إلها فأين عقولكم ولذا لم يجاهرهم بما سيأتي في الآية التي بعدها وإنما أراد أن يهيئ نفوسهم فقال ” قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ” وكذا لم يذكر دليله هنا على طلوعه لم ؟ لأنه مع غيابه دل على أنه انتقل فدل هذا على أن هذا الكوكب يتحول من شيءٍ إلى شيء وهو لا يكون إلها” لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ أي طالعاً “فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّيمن باب التنزل معهم في الخصومة وليس شاكاً كما قررنا  ذلك قال” فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَل”  أي غاب “قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ “قال ” لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ” هنا فيه تنبيه لهم من أن هذا الذي تعبدونه إنما هو ضلال وإني إن عبدتُ هذا فإني لمن الضالين إذاً سألجأ إلى ربي الذي هو يستحق العبادة حتى يهديني إلى الصراط المستقيم ” فَلَمَّا رَأَى الْشمسَ بَازِغًةُ قَالَ هَٰذَا رَبِّي تنزل معهم في الخصومة “هدا أكبر ” أي هذا الطالع أكبر مع أن الشمس مؤنثة لكن قال هنا هذا باسم الإشارة للمذكر أي هذا الطالع هذا أكبر أي أكبر من ماذا؟ أكبر من القمر وأكبر من الكوكب فالشمس أكبر بدلالة هذه الآية أكبر من القمر ومن الكوكب فقا هنا “فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ ” أي غابت   “قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ” أي برئ من تلك الآلهة التي تعبدونها من أصنام ومن كواكب ومن ماذا ؟ ومن قمر ومن شمس قال يا قوم” إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ قال يا قوم إني  فنتبرأ من الشرك لابد أن يوحده وكما مر معنا من أن الإنسان إذا وحد الله عز وجل يلزمه أن يتبرأ من الشرك ولذا قال عز وجل في أوائل هذه السورة” قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون”َ 

لما أثبت له الوحدانية عز وجل هنا تبرأ من ماذا؟ من عبادة غيره عز وجل هنا لما تبرأ إبراهيم  من عبادة هؤلاء ماذا قال بعدها : “إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ” وهدا يدل على الإخلاص ” وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ” خلقهما على غير مثال سابق فطر السموات والأرض فدل هذا على ماذا؟ على أن هؤلاء يقرون بأن الله هو الذي فطر السموات والأرض وهو الذي يُعبد وهو الذي يُتوجه إليه ” أي مائلاً عن الأديان كلها أي مائل عن الأديان ”  إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا “أي وما أنا من المشركين بالله عز زوجل لا بأصنام ولا بكواكب ولا بغيرها” وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ “أي خاصمه قومه مع تلك البراهين سبحان الله من يشأ الله يُضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم كما مر معنا في الآيات السابقات مع تلك الحجج الواضحة والبراهين الساطعة وحاجّه قومه “قال” يعني إبراهيم” أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ” أي في شأن الله ” أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ” أي وقد هدان لأنه” قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ” “أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي” كأنهم خوفوه من أنه إذا تبرأ من هذه الأصنام أن هذه الأصنام تناله بسوء وقد قال قبله من ؟هود عليه السلام لما قال قومه ” إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ۗ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ”

 

فهنا قال “وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا” إلا هنا أداة استثناء منقطعة إلا :أي لكن” إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شي “أي ما شاء الله عز وجل علي مما قدروه فسيقع وهناك من يقول إن الاستثناء متصل إن الاستثناء متصل بمعنى “وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ” أي في أي وقت مشيئة الله عز وجل أن تصيبني هذه الآلهة في شيء كأن تسقط على مما لا قدرة لها على ذلك إنما تسقط بقدرة الله لا بقدرتها ولكن الأقرب والأظهر والذي عليه الكثير من أن الاستثناء منقطع  

” إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ” وَسِعَ رَبِّي ” أي وسع ربي كل شيء علما فهو العالم عز وجل عالم الغيب والشهادة وهو عالم بحالكم وعالم بحالي إن كنت ممن يستحق أن يصيبني بأذى فهو عالم عز وجل بحالي” إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ” ولم يقل أفلا يتفكرون لأن التفكر يحتاج إلى إمعان نظر هنا تذكر لم؟ لأن الآيات السابقات واضحة وبينة لكن ما الذي يلزم من رأى الآيات الواضحات البينات أن يتذكر” أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ” “وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ” استفهام إنكاري وتعجب من حال هؤلاء “وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا “كيف تخوفونني بهذه الأصنام وأنتم لا تخافون من الله عز وجل الذي أشركتم به عز وجل مما لم يكن لديكم سلطان ولا حجه وهذا من باب التقبيح لحال هؤلاء لأنه لا يمكن أن يأتي أحدٌ بحجة لاشرعية ولا عقلية على أنه يجوز أن يشرك مع الله لا يمكن وإنما هذا من باب التقبيح والتغيير لحالهم فقال هنا “وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ” لم يقل فأين قال فأي الفريقين لكي يشمل جميع الأحوال والأزمان “فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ”  أحق بالأمن وأفعل التفضيل هنا ليست على بابها لأن أولئك لا أمن لهم “

” فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ”  يعني الأمن لا يكون إلا لأهل التوحيد فقط ” فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ”  نحن أم انتم  أهل التوحيد  أم أهل الشرك” إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” إن كنتم تعلمون أمراً فأخبروني إن كنتم تعلمون لكن ليس عندهم علم ثم قال عز وجل وقيل إنه قول لإبراهيم وعلى كل حال سواءً كان هذا أو هذا بين عز وجل من هم أهل الأمن لما قال” فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” لأنهم خوفوه ضد الخوف الأمن فقال” فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ”  قال” الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا” أي لم يخلطوا إيمانهم بظلم أي بشرك” أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” لهم الأمن التام والهداية التامة في الدنيا وفي الآخرة، أمن في الدنيا وأمن في القبور وأمن في يوم القيامة  وهداية في الدنيا وفي القبور هداية القبور أنه يجيب عن الأسئلة الثلاثة من ربك ؟ مادينك؟ من نبيك؟ أمن وهداية أيضاً يوم القيامة حيث يهتدون إلى ماذا ؟إلى مساكنهم في الجنة كما جاء بذلك الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ” الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا ” يعني بشرك ولذا الصحابة رضي الله عنهم كما ثبت عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما نزلت هذه الآية قالوا يا رسول الله وأيّنا الذي لا يظلم نفسه؟ قال: ليس الذي تريدون وإنما هو كما قال لقمان :”إن الشرك لظلم عظيم” واذا لم يخلطوا إيمانهم بظلم أي بشرك ومن ثم فإن لهم الأمن التام والهداية التامة متى ما قاموا بجميع شرع الله متى ما نقصوا شيئاً بترك بعض الواجبات أو بفعل بعض المعاصي وهم مازالوا في دائرة الإسلام فينقص الأمن وتنقص الهداية بقدر ما نقصوا من دين الله عز وجل إذاً بظلم أي بشرك ومن ثم أحذر هنا من أن الزمخشري وهو معتزلي قال  “الذين امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم” أي بمعصية من أجل أن يقرر معتقده الفاسد من أن صاحب الكبيرة مخلد في نار جهنم فقال في قوله: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي بمعصية لأنه يرى أن من عمل المعصية فإنه لا نجاة له يوم القيامة وهو من المخلدين في نار جهنم والمعتزلة في شان فاعل الكبيرة معتقدهم كمعتقد الخوارج من أنه خالد مخلد في نار جهنم ومعتقد السنة والجماعة  من أن الموحد مصيره إلى الجنة فإن عذبه الله بذنوبه فبعدله وإن رحمه ابتداء فبرحمته عز وجل: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ}، {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} هل الآية السابقة مع ما ذكر  أم جميع ما ذكر الأظهر جميع ماذكر  وَتِلْكَ حُجَّتُنَا ۚتلك تعظيم لها “حجتنا” لقناها إبراهيم وفهمناها إبراهيم وهذا يدل على ماذا ؟يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بكثرة قوله قل كما أنه ليس هذا الكتاب من تلقاء نفسه وهذا الدين ليس من تلقاء نفسه وإنما هو تلقين من الله أيضا كما لقن محمد صلى الله عليه وسلم لقن إبراهيم هذه الحجه فاين عقولكم يا كفار قريش” وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا” وأضافها إليه تعظيما لها ءاتيناها أعطيناها ” وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ”   يرفع عز وجل درجات من يشاء في الدنيا وفي الأخرة ومما يكون فيه الرفعة هنا الرفعة بالعلم فالحجة هنا العلم  فدل هذا على أن من أعطي العلم الشرعي فإن معه الحجة وبها رفعة له ودليل ذلك “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ “

 قال تعالي في شأن ذلك الذي أعطى العلم فمسخ منه “{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ}، “ {آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ} اذاً كل ذلك بمشيئة الله وإذا كان بمشيئة الله فعلى العباد أن يعلقوا قلوبهم بالله وأن يسالوا الله عز وجل أن يعطيهم من فضله وأن يرفع درجاتهم في الدنيا وفي الآخرة لأنه لا يمكن أن يقع شيءٌ إلا  بأمر الله عز وجل إن ربك حكيم عليم حكيم عز وجل إذ  لقن إبراهيم هذه الحجة وهو حكيم عز وجل إذ جعل إبراهيم بهذه المنزلة وهو عليم بمن يستحق هذه الرفعة  فمن لا يستحقها إن ربك حكيم عليم فهو العالم بكل شيء وهو الحكيم في أقواله وفي أفعاله ويضع كل شيء في موضعه المناسب واللائق به “ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ”  سبحان الله فانه عز وجل لما حاجج قومه ما الذي جرى وحاجج أباه ما الذي جرى ؟اعتزلهم إبراهيم كما بين عز وجل في سورة مريم “فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا  * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا “وذلك لأنه سيفارق أباه وسيفارق قومه ومن ثم أغناه الله عز وجل بهذا الولد وبالحفيد أيضا ويدل هذا على أن القول الصحيح من أن يعقوب وجد في حياة إبراهيم لأن النعمة بذلك أتم  ولذلك قال عز وجل” وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ” حتى يأنس بذلك فأنسه الله عز وجل لما لقنه تلك الحجه ورفع درجته ثم بعد ذلك أعطاه الله عز وجل هذه المنة قال” وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا “

أي كل واحد هديناه ولذلك يدل على هداية إبراهيم وهداية من ؟ابنه وحفيده “كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ” أي أن نوحاً هدي من قبل لأن نوحا أول الرسل إلى الأرض قالوَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ من ؟ نوح أم أنه إبراهيم ؟ قيل أنه نوح لأنه أقرب مذكور وقيل وهم الأكثر من أن السياق في سياق إبراهيم فيكون  السياق لإبراهيم وهذا هو الأظهر قال ” وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ

لما ذكرهم قال كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ  من أحسن  فهؤلاء احسنوا فمن أحسن؟  فكذلك يكون هذا الجزاء جزاءً  له “وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ” ممن صلحت أقوالهم وأعمالهم وقلوبهم وقاموا بحق الله وقاموا بحق المخلوقين “وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ”

هؤلاء الأنبياء فضلهم لله عز وجل على العالمين وهم عالم زمانهم لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس مذكوراً هنا ومعلوم أنه هو أفضل الخلق صلى الله عليه وآلة وسلم ومن ثم فإنه ذُكر هنا من ؟عيسى وعيسى ليس أب ومن ثم فإين البنت هل يعتبر ولداً أم لا؟ سواءً قيل إن قوله ومن ذريته يعود إلى نوح أو يعود الى ابراهيم فإنه يكون ولداً ولذلك نص الفقهاء بل الصحيح من قول الفقهاء من أن الإنسان لو قال أوقفت بيتي هذا على أولاد أولادي فإنه يدخل ولد البنت لأن عيسى يعتبر ولد بنت ولذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت عنه قال عن الحسن ابني هذا سيد ابني هذا سيد مع أنه ولد فاطمة وسواء قيل إنه نوح ومن ذريته أو إبراهيم ورجحنا من أن الظاهر إبراهيم فكل الأنبياء من ذرية إبراهيم ونوح  لم ؟ لأن نوحاً لما نجاه عز وجل لم يبقى الإ ذريته وجعلنا ذريته هم الباقين وقال تعالى :” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ” ومن ثم فإنه عز وجل ذكر هنا من ؟ ذكر هؤلاء الأنبياء لم يذكرهم على سياق الترتيب من حيث الفضل أو من حيث الزمن وإنما ذكرهم هكذا هل هناك حكمةُ في ذكر هؤلاء ومجيء بعضهم مع بعض أو ما شابه ذلك لاشك أن هناك حكم فقد يطلع الله عز وجل من يشاء من عباده حسب ما يفهمه الله عز وجل على ذلك بعض أهل العلم قال أن قوله ومن ذريته (داود) ذكر من أولاً داود وسليمان باعتبار

باعتبار أنه حصل لهم الملك والنبوة (وأيوب) والنعمة تدل على وجوب الشكر فلما ذكر داود وسليمان وذكر أيوب الذي ابتلي ومن ابتلي فيتعين عليه الصبر لأن العبد يكون بين نعمة أو ابتلاء فإن كانت نعمة فواجب عليه الشكر وإن كان ابتلاء فواجب عليه الصبر  “ويوسف” باعتبار أن البلاء نزل أيضاً بيوسف عليه السلام ” وموسى وهارون” باعتبار أن المعجزات لدى موسى وهارون أكثر من غيرهما ” وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ ” قالوا باعتبار الظهور في الزهد ولكن الذي يظهر لي والعلم عند الله من أنه واستبان لي الآن من أن ذكر زكريا ويحيى وعيسى من أن المشهور عند العلماء من أن اليهود قتلوا زكريا ويحيى  وأيضا هموا بقتل عيسى عليه السلام ” ” وإلياس سيأتي معنا من أنه قال عز وجل عنه في سورة الصافات ” وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ” فلعله والعلم عند الله باعتبار أنه وقد قالوا هذا القول قالوا أيضا من باب زهده قال بعضهم قد يكون في هذا نظر أولا يكون المهم لله في ذلك أسرار وحكم ” وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ “قالوا باعتبار قلة من اتبع هؤلاء ” وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ

“وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ من هنا للتبعيض أي بعض آباء وذرية وإخوان هؤلاء أيضاً كانوا على الهدى باعتبار أنه أتى بكلمة من لأن بعض الأبناء كفر كإبن نوح عليه السلام “من ابائهم من آبائهم لأن إبراهيم عليه السلام لم يؤمن أبوه من “أي اصطفيناهم “وهدينا” لأنه لما قال “ووهبنا” ذكر هنا على وجه العموم أنهم كانوا على هؤلاء الذرية والآباء والإخوان على صراط مستقيم ” ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّه”ِ

 أي ما ذكر لهؤلاء من المناقب هدى من الله وإذاً تطلب الهداية من الله لا من هذه الأوثان ولا من المخلوقين” ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِى بِهِۦ مَن يشاء مِنْ عِبَادِه”ِ

 وإذاً تطلب من الله وفيه الرد على القدرية الذين يقولون إن العبد يخلق الهداية بنفسه ” ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِى بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِه وَلَوْ أَشْرَكُوا”

 “ولوا أشركوا على سبيل الافتراض بأن هؤلاء معصومون من الشرك فهم أنبياء ولوا أشركوا فرضاً”  لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ “لأن الشرك محبط للعمل ولذا ما قال عز وجل “ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ” فدل هذا على ماذا ؟ على أن هؤلاء مخلوقين فهم عبدوا الله عز وجل حق العبادة فهداهم الله ولو على سبيل الافتراض ” وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَأولئك الذين”   بصيغة اسم الإشارة للبعد يدل على مكانتهم كما أنه أشار بكلمة “ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ “من باب بيان تعظيم هذا الهدى “ أولئك الذين آتيناهم”أي أعطيناهم “الكتاب” وهي الكتب المنزلة ” ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ” الحكم هو الحكم الفهم الصائب في القول وفي العمل للحكم بين الناس” أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ۚ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰٓؤُلَآءِ  من ؟” فإن يكفر بها هؤلاء ” قيلت أقوال في هذا ” فإن يكفر بها هؤلاء “والذي يظهر أن السياق سياق من ؟ أهل مكة ” فإن يكفر بها هؤلاء “أي كفار قريش “فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين “من يكفر بهذا الدين وبما جاء به صلى الله عليه وآله وسلم “فقد وكلنا “ليسوا به  ليسوا بها نفي بكافرين من هم هؤلاء ؟قيل إن يكفر بها أهل الارض ” فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين “يعني اهل السماء وقيل الأنصار والذي يظهر ” فإن يكفر بها هؤلاء “كفار قريش ” فقد وكلنا بها قوما “وهم المهاجرون والأنصار لأنهم ضد هؤلاء ” فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين ” وقال هنا وكلنا فقد وكلنا  فكما أنه عز وجل الوكيل “حسبنا الله ونعم الوكيل “يتوكل عليه وهو عز وجل يتولى أمور العباد أيضاً هو يوكل عباده لا لحاجة ونقص فيه تعالى الله عن ذلك وإنما “فقد وكلنا” التوكيل من الله للعباد هو القيام بشرعه كما مر معنا في سورة المائدة ” وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَإِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ” ليس بحاجة وإنما “إِن تَنصُرُوا اللَّهَ” أن تنصروا شرع الله ينصركم إن قمتم  فوكلكم الله عز وجل بالقيام بهذا الدين إن قمتم به فإنه عز وجل سيهديكم  “فإن يكفر بها هؤلاء* فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين *+أولئك الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ “ۗ

 “يعني اقتدِ بهدي أولئك وها فيه النكير والتبكيت لكفار قريش لما قالوا لست مرسلا فبين هنا أن حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كحال الأنبياء السابقين وأمر بأن يتبع أولئك السابقين من الأنبياء لكن الاتباع هنا فيما يتعلق بأصول الشرع لكن من حيث الشرائع والأحكام كما قال تعالى كما مر معنا في سورة المائدة: “أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ” “يستفاد من هنا فائدة وهي فائدة الأصولية  وهي أن شرع من قبلنا إذا صح وثبت من أنه شرع لنا مالم يأتِ شرعنا بخلافه فإن أتى شرعنا بخلافه فإنه يطرح وإن أتى شرعنا بما يوافق فنأخذ به لا لأنه  شرع من قبلنا بل إنه من شريعتنا لكن إن كان مسكوتاً عنه لم يرد ولم يقبل فهو شرع لنا مالم يأتِ شرعنا بخلافه “أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ “قل يا محمد  لهؤلاء “لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا” أي لا أسالكم على هذا القرآن وعلى تبليغه أجرا ولذلك في أول السورة “وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ “”قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا “إن هو”

أي القرآن إن هو إلا أي ما هو “إلا ذكرى” تذكره للعالمين لجميع” للعالمين” لمن وفقه الله عز وجل .