التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (95) إلى (102) الدرس (67)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (95) إلى (102) الدرس (67)

مشاهدات: 449

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة النساء من آية 95 إلى آية 102

فضيلة الشيخ زيد البحري ـ  حفظه الله ـ

 

﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ لايستوي القاعدون من المؤمنين هنا بيان لماذا ؟ بيان لفضل من جاهد ممن قعد عن الجهاد ولذلك لما نزل قوله تعالى كما ثبت ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ أتى ابن أم مكتوم فقال: يا رسول الله أنا ضعيف فأنزل الله  ﴿ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ﴾ فقال هنا ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ ا         ا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ القاعدون عن الجهاد ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ ﴾ غير صفة للقاعدون – للقاعدون باعتبار الحكاية – ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ﴾  بمعنى أن المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم لايستون مع القاعدين، لكن من قعد لعذروهم ألو الضرر فإنهم لا يُلحقون بالقاعدين وإنما يُلحقون بالمجاهدين في سبيل الله لذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيح – إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيرة ولاقطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر- وفي رواية – إلا شاركوكم الأجر- مما يدل على ماذا ؟ من أن عزيمتهم ورغبتهم في الجهاد لكن وجود هذا العذر منعهم فصاروا في حكم الفاعلين للجهاد في سبيل الله وهذا يدل على خطورة النية وعظمتها ، فمن نوى الخير وكان عازماً عليه ولكن منعه عذر فإن الله عزوجل يثيبه فقال هنا  ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ  وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ﴾ يعني أن من باشر الجهاد بماله وبنفسه يكون أعلى درجة ممن قعد لعذر، لأن من باشر القتال ليس كمن قعد ولو كانت نيته طيبة لكن لكل منهما فضل لكن هؤلاء يزدادون درجة، وماذا قال هنا عزوجل ؟ قال      ﴿ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا ﴾ كل من المجاهدين بالمباشرة أو القاعدين لعذر﴿ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ ﴾ وهي الجنة والخير منه عزوجل والفضل ﴿ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ وفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ ﴾ فضل الله المجاهدين الذين باشروا القتال بأموالهم وبأنفسهم على القاعدين الذين لا عذر لهم فضلهم بدرجات عالية فدل هذا على أن الجهاد ليس فرض عين وإنما هو فرض كفاية لأنه قال هنا ﴿ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًاعظيما ﴾ والجهاد فرض كفاية إلا في أربعة مواطن يجب في ما لو أن العدو حضر إلى بلد المسلمين وأراد أن يستبيح دماءهم وأموالهم فهذا يجب إذا التقى الصفان ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ إذا استنقر الإمام الناس، قال صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت عنه – وإذا استُنفرتم فانفروا – فقال عزوجل هنا ﴿ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًاعظيما ﴾ أجراً عظيما وصفه بالعظمة ثم قال بعدها ﴿ دَرَجَاتٍ مِنْهُ ﴾ درجات ليست درجة وإنما درجات ولذا قال صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيح – إن في الجنة مئة درجة أعدها الله عزوجل للمجاهدين في سبيل الله مابين كل درجة وأخرى كما بين السماء والأرض – ﴿ دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً ﴾ مع أنها درجات وعلو وارتفاع أيضاً هم بحاجة إلى مغفرة مما يحصل منهم من تقصير﴿ دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ وهذا هو السياق الأظهر من الآية خلافاً لمن قال من أنه في أول الآية فضل المجاهدين على القاعدين –وليس الحديث عن أهل الأعذار- وإنما فضل الله المجاهدين على القاعدين من غير عذر على وجه العموم، ثم ذكر التفضيل بدرجة ثم ذكر التفضيل بدرجات لكن الذي يظهرهو  ما قررناه آنفا. ﴿ دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ فمن مغفرته عزوجل أن جعل لهم مغفرة ومن رحمته عزوجل أن جعل لهم درجات. ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ.ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ﴾ إن الذين توفاهم الملائكة الملائكة تتوفى هؤلاء لكن لو قيل – وقد قال عزوجل عن توفي الملائكة للناس قال عزوجل﴿ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِطون﴾ وقال عزوجل ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ﴾ وقال عزوجل ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ إذاً مالجمع بين هذه الأدلة ؟ الجمع بين هذه الأدلة من أن الملائكة يقبضون روح الميت – كما في حديث البراء الطويل كما ثبت – ثم يأخذها ملك الموت وكل هذا الفعل من الملائكة ومن ملك الموت كله بأمر الله عزوجل ومن ثم تكون الآيات مجتمعة ومتوافقة. فقال هنا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ أي ظلموا أنفسهم ﴿ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ﴾ سألوهم قالوا فيم كنتم ﴿ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ﴾ بمعنى أننا بقينا في ديار الكفر لأننا مستضعفون فقالت لهم الملائكة دل هذا على ماذا؟ على أن بقاء الإنسان في ديار الكفر وهو لايقيم ولا يستطيع أن يقيم شعائر الدين من أنها كبيرة من كبائر الذنوب وليس هذا كفرا لأنهم لما سألوهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض يدل على أنهم مازالوا مسلمين لكنهم وقعوا في كبيرة من كبائر الذنوب، فقال عزوجل عن هؤلاء ﴿ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ ﴾ أرض الله واسعة لمَ لم تهاجروا كما هاجر غيركم من الصحابة رضي الله عنهم ﴿ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ مثواهم جهنم وساءت مصيرا أي هي مذمومة لأن من كان المصير له جهنم فبئس المصير، فقوله عزوجل ﴿ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ لايدل على أن هؤلاء كفار كما سبق لكن هذا من باب الوعيد والتهديد مما يدل على خطورة هذا الأمر، فقال عزوجل هنا ﴿ إلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ ﴾ استثنى من هؤلاء الذين تُوعدوا بهذا الوعيد الشديد ﴿ إلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ ﴾ أي الضعفاء من الرجال والنساء والولدان أي الأطفال وسبق معنا لماذا قُدم الرجال والنساء والولدان في قوله تعالى ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ﴾  ﴿ إلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة ﴾ ليست هناك حيلة لهم في الخروج وذلك لضعفهم، ماعندهم قدرة ليسوا كغيرهم ﴿ إلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا ﴾ حتى لو وجدوا الحيلة في الخروج فإنهم لايستطيعون معرفة الطريق والوصول إلى تلك البلدان التي بها يقيمون شعائر الدين ولذا ماذا قال ﴿ وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا ﴾ وقد أخذ أهل العلم من هذه الآية- ولا يهتدون سبيلا- من أن الدليل على الطريق ممن يدل على الطريق كأن تستأجر شخصاً ليدلك على الطريق دل على ذلك هذه الآية ومما يؤكدها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استأجر رجلاً من المشركين ليدله على طريق المدينة ولذا ماذا قال ابن عباس رضي الله عنهما كما عند البخاري وغيره قال: – أنا وأمي ممن عذره الله عزوجل في هذه الآية – ﴿ فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ﴾ سبحان الله قال فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم هل ارتكبوا ذنبا ؟ لم يرتكبوا ذنباً لأنهم مستضعفون، لكن عفو الله عزوجل ذكره هنا من باب أن الإنسان لو حمَل نفسه المشقة والنصب والتعب لاستطاع أن يخرج لكن بمشقة عظيمة فعفى الله عزوجل عن تلك المشقة التي تنالهم لو خرجوا من ديار الكفر﴿ فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ عفو يتجاوز عن الذنب وغفور يستر الذنب فهو يعفو عنه ويستره عزوجل. ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ لما ذكر مايدل على تحريم البقاء في ديار الكفر مع قدرة الإنسان على الخروج بيَن هنا فضل هذه الهجرة فقال ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ مراغماً كثيرأ ما معناها ؟ معناها التحول من شئ إلى شئ بمعنى أنه حينها يتحول من تلك البلاد الكافرة إلى هذه الديار وتكون دياراً عظيمة وكثيرة      ﴿ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا ﴾ يعني بأن الله عزوجل يوسع له و يهيئ له من البلدان ما يستطيع أن يقيم دينه فيها مراغم باعتبار ماذا؟ باعتبار أنه إذا هاجر راغم الكفار فأصبحوا مرغمين يعني أن في ذلك فيه ما يسوءهم وأيضاً فيه مراغمة للشيطان لأن الشيطان حريص على أن لا يقوم العبد بطاعة الله عزوجل و لذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت سمى سجدتي السهو بالمرغمتين ترغيماً للشيطان في سجود السهو ترغيم للشيطان وإذلال للشيطان ولذا قال ابن القيم رحمه الله: إن من أعظم العبادات أن يراغم المؤمن عدوه من شياطين الإنس والجن – بمعنى أنه يخالفهم ولا يتبعهم، ومن ثم هذه فائدة هنا من أن الموسوس في وضوء أوصلاة أو ماشابه ذلك إذا استرسل مع الشيطان فإن هذا شئ يحبه الشيطان، لكن لو خالفه قال لم تغسل يدك اليمنى فهنا يذهب فيغسل يده اليسرى ولا يلتفت إليه،هذا على سبيل المثال، هذه مراغمة للشيطان فإذا فعلها ذهب عنه الشيطان ﴿ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ سعة في ماذا ؟ سعة في الرزق، سعة في طاعة الله عزوجل، سعة من الضلالة إلى الهدى سعة في الصدور بمعنى أن الصدور تكون سعيدة بدل ما كانت في تلك البلدان تكون سعيدة وينشرح صدرها ويشرح الله صدرها وهنا تأمل قال ﴿ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ مراغماً تدل على مراغمة الأعداء في الدين والدنيا بمعنى أن في الدنيا يجد الكفار أن هؤلاء الذين هاجروا فُتحت لهم البلدان وأيضاً مما يتعلق بالدين في المراغم من أنهم أقاموا شعائر الدين السعة تتعلق بالدنيا وبالدين أيضاً بمعنى سعة في الأرزاق، سعة في الهداية، سعة في انشراح الصدور، ومن ثم لما قال هنا ؤ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ دل هذا على أن من هاجر مالذي يحصل له ؟ يحصل له الخير في الدنيا وفي الآخرة فالمراغم أيضاً تتضمن – والعلم عند الله – زوال مايكرهه، والسعة تتضمن حصول مايحبه وتأمل ما قلته لكم الآن في هذه الأنواع – في المراغم والسعة في أنواعها في الدين والدنيا – تأمل إلى حال الصحابة رضي الله عنهم لما هاجروا ماذا حصل لهم ؟ اتسعت أرزاقهم وأقاموا دين الله وفُتحت لهم البلدان فحصل لهم الخير العظيم ثم قال بعدها ﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ ﴾ قال هنا إنسان هاجر لكنه في طريقه مات لكن نيته أنه يفر بدينه قال  ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ ﴾ والتنصيص على البيت يدل على ماذا ؟ يدل على أنه ترك بيته الذي هو أحب شئ إليه من أجل إبتغاء الأجر من الله ﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ وهذا يدل عليه ماذا ؟ قوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيحين – إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله – فتأمل هنا قال هنا ﴿ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ ﴾ ثبت أجره على الله بمعنى أن أجره تام وكامل كأنه هاجر باعتبار نيته وفعله، ولذلك بعض الصحابة لما سمع بهذه الآية عندي سعة فحُمل فخرج فمات في الطريق. ولذلك عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما قال: مكثت سنين حتى أعرف من هذا الرجل وعلى كل حال بالنسبة للبحث عن هذه الأسماء هؤلاء لاشك أنه علم فاضل لكنه ليس من علم الأصول الذي يُحرص عليه ( هو يُحرص عليه ) لكن ليس هو العلم الذي تطلبه النفوس في مثل هذا الأمر وإن كان له أصل ولذلك ابن عباس رضي الله عنهما قال ظللت سنتين أريد أن أعرف من هما المرأتان اللتان ظاهرتا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فما سألت عمر سنتين مخافة من هيبته فعلمت بأنهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما، فإذاً هذا علم فاضل لكن لاتُصرف الهمم كلها إلى هذا الأمر فهو من العلم الفاضل والعلم الحسن.  
﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ ﴾ قال هنا على الله ، والعلم عند الله الإتيان بحرف على يدل على أن هذا الأجر قد أوجبه الله عزوجل على نفسه تفضلاً منه عزوجل كما قال تعالى ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ وكما مر معنا في هذه السورة ﴿ إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ ﴾  ﴿ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ فهو عزوجل يغفر الذنوب وما حصل من العبد من تقصير وهو يرحمه ومن رحمته أنه أثاب ذلك الذي خرج من بيته وأيضاً من رحمته أنه جعل للمهاجر في سبيل الله تلك السعة والمراغم مما يدل على واسع رحمته في الدنيا وفي الآخرة.                                                   ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاة ﴾ ذكر هذه الآية بعد ذكر الهجرة لأن الهجرة يترتب عليها سفر وخروج من البلد، فبيَن عزوجل هنا أن كل من ضرب في الأرض أي سافر في الأرض سواء لتجارة أو لطلب علم أو لزيارة أقارب أوسفر طاعة لحج أو عمرة أوماشابه ذلك فإن له أن يقصر الصلاة حتى اختلف العلماء في شأن من سافر سفر معصية هل يقصرأو لا، خلاف بين أهل العلم لكن هذه الآية تدل على ماذا ؟ تدل على أنه يجوز له القصر وقد مر معنا ذلك في قوله عزوجل ﴿ فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ﴾ ذكر لشئ من ذلك في سورة البقرة.

قال هنا ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ﴾ دل هذا على أن قصر الصلاة لايكون في الحضر وإنما يكون في السفر ودل هذا على ماذا ؟ على أن من أراد السفر وعزم عليه فإنه لايقصر مادام في بلدته حتى يخرج ويدع بنيان بلدته وراءه كما صنع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه ماقصر الصلاة – أعني صلاة الظهر- لما كان في المدينة صلى أربعة فلما خرج إلى ذي الحليفة مسافراً إلى مكة قصر العصر إلى ركعتين فدل هذا على أن القصرلا يكون في الحضر أبداً ولا يكون أيضاً في حال الحضر وهو عازم على السفر عند جماهير أهل العلم خلافاً لمن ذهب إلى جواز ذلك.  ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاة ﴾ والضرب في الأرض وهو السفر يشمل السفر الذي في عرف الناس فما عُد أنه سفر فإنه يكون سفراً ولو لم تكن هناك مشقة ومن ثم مايفعله البعض من الناس من أنه من حين مايخرج فقط ولو شيئاً يسيراً عن بلدته يقصر فإن هذا خلاف ما جاءت به السنة فإن هذا لايُعد سفراً، ولذلك قال ابن العربي رحمه الله – إن من قصر من الصلاة إذا ظهر من بلدته ولو شيئا قريباً فإن هذا غير مستساغ في العقل أو أن من فعله متلاعب في الدين- يقول ولولا أن العلماء ذكروه في كتبهم لما تعرضت إليه بإشارة بعيني ولا لحظت عليه بشئ من عيني فإنه ليس بقول سديد أو شبه ما قاله رحمه الله هنا.

فقال عزوجل هنا ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاة ﴾ وهذا يدل على ماذا ؟ يدل على أن الصحيح من قول العلماء من أن الإنسان مادام مسافراً فإنه يقصر الصلاة ولذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قصر الصلاة في بعض أسفاره عشرين يوماً وفي بعض الأسفار تسعة عشر يوما فدل هنا على أنه ما دام مسافراً فإن له أن يقصر وقد قال أنس رضي الله عنه: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة إلى مكة فما زال يصلي ركعتين حتى رجع صلى الله عليه وآله وسلم. ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاة ﴾ والقصر إنما يكون للصلاة الرباعية بمعنى أن تقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين أما المغرب والفجر فإنه لاقصر فيهما ﴿ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ هنا قيده بالخوف، لو قال قائل هل القصر يجوز فقط حال الخوف؟ فالجواب عن هذا من أن عمر-رضي الله عنه- سُئل –كما في صحيح مسلم- سُئل عن هذه الآية فقال – لقد استربت في هذا الحكم فسألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال – هي صدقة تصدق الله بهاعليكم فاقبلوا صدقته –  فإذاً قوله إن خفتم هذا لبيان الغالب الذي كان في أول الإسلام لأنهم ما كانوا يخرجون في أسفارهم إلا وهم على خوف من الكفار ولذا ماذا قال تعالى ؟ ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ  ﴾ .

﴿ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ بمعنى أن يتعرضوا لكم بقتل أو ما شابه ذلك، ومن ثم قال عزوجل بعد ذلك ﴿ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا﴾  لما بين من أن قوله عزوجل ﴿ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾  بمعنى خفتم من هؤلاء الكفار أن يتعرضوا لكم لكن اعلموا من أن هؤلاء الكفار يعتبرون أعداء لكم فخذوا حذركم ولذا قال: ﴿ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ فهم أصحاب عداوة بينة وواضحة ثم ليعلم أن بعض أهل العلم هذا ماعليه غالب العلماء في تفسير هذه الآية وبعض أهل العلم قال إن القصر هنا ليس قصر العدد وإنما قصر الكيفية ليس قصرالكم الذي هو العدد من أربع إلى ركعتين وإنما هو قصر الكيفية والهيئة بمعنى أن الإنسان إذا كان في حالة خوف فإنه يصلي على حسب حاله يعني يصلي أربع ركعات لكن على حسب حاله فيكون القصر هنا قصرماذا؟ قصر هيئة الصلاة بمعنى يصلي على حسب حاله ولذا قال ابن القيم رحمه الله وكلا القولين صحيحان ويدخلان في الآية قال: فد يجتمع قصر العدد وقصر الهيئة فيما لو كان الإنسان خائفاً وكان الإنسان مسافراً هنا يقصر الرباعية إلى ركعتين ويقصرهيئة الصلاة فيصلي على حسب حاله من حيث الركوع ومن حيث السجود حتى لو كان عن طريق الإيماء إيماءً بالرأس، ولذا ماذا قال بعدها ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ ﴾ هذه الآية في قصر الهيئة وهي صلاة الخوف فانظر سبحان الله إلى التناسب وإلى الترابط . ماذا قال تعالى هنا ﴿  وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ﴾ هنا صلاة الخوف وقد وردت بها أحاديث كثيرة ولها صفات متنوعة، قال الإمام أحمد رحمه الله – كلها ثابتة من أخذ بصفة من هذه الصفات فإنها تكون مجزئة – وأقتصر هنا على صفتين مع أن الصفات كثيرة لكنني أقتصر على صفتين – طبعاً صلاة الخوف لايخلو إما أن يكون العدو في قبلة المسلمين أو لايكون في قبلتهم فإن كان العدو في قبلة المسلمين ماذا يصنعون؟ جاءت السنة من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بالجميع ويصلي بهم صفين الصف المتقدم والمتأخر بمعنى أنه يكبر ويكبر الجميع ويركع الجميع ويرفع الجميع سمع الله لمن حمده ويسجد الصف الأول ويبقى الصف الثاني قائماً أمام العدو فإذا قام من السجود إلى الركعة الثانية الصف الثاني الذي لم يسجد يسجد فإذا قام هنا يتقدم إلى الصف الأول ثم من في الصف الأول في الركعة الأولى يتأخر إلى الصف الثاني فيكبر بهم ويركع ثم يرفع ثم يسجد ويبقى الصف الثاني الذي كان في الركعة الأولى كان في الصف المتقدم يكون أمام العدو ثم إذا رفعوا من السجود سجدوا ثم إذا جلسوا في التشهد يجلس الجميع في التشهد ثم يسلم بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، هذه صفة ماذا ؟ صفة إذا كان العدو جهة قبلة المسلمين هذه لاتُطبق لأن بها حركات وبها تقديم وبها تأخير وبها تغيير لحركة الصلاة وهي بالصلاة لاتُفعل إلا إذا كان العدو في القبلة، لكن إذا كان العدو ليس في جهة القبلة فهناك صفات متعددة أذكر صفة واحدة وهي الصفة التي توافق وتشابه ما ذُكرفي الآية وهي من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بطائفة لأن العدو ليس اتجاه القبلة يصلي بطائفة من المسلمين والطائفة الأخرى عند العدو وكلٌ من الطائفتين تأخذ حذرها وتحمل الأسلحة خوفاً من أن يغار هؤلاء الأعداء عليهم فيصلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالطائفة الأولى يصلي بهم ركعة ويثبت قائماً في الركعة الأولى ثم هم يصلون ركعتهم الثانية ويسلمون ثم ينصرفون إلى العدو، ثم من كان في نحر العدو – وهي الطائفة الأخرى – تأتي والنبي صلى الله عليه وآله وسلم مازال قائما ، هنا انظر قصر هيئة تغيرت صفة الصلاة من حيث الهيئة وهذا الذي حصل لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أسفاره حصل له مثل هذا الأمرمن أخذ الحذر من الكفار فتأتي الطائفة الأخرى فتصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيصلي بها الركعة إذاً هو سيجلس للتشهد فإذا جلس للتشهد قامت تلك الطائفة فأتت بالركعة كاملة ثم تدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التشهد فيسلم بها ولذا ماذا قال تعالى هنا ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ ﴾ إذا كنت فيهم الخطاب لمن؟ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد شذ بعض العلماء فقال إن صلاة الخوف بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاتحصل لأن الخطاب هنا موجه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إذاً ما الحل ؟ قال ليصلي الإمام الراعي بطائفة والطائفة الأخرى تصلي بإمام آخر ولكن يقال لهم الخطاب هنا لو جُعل كما قلتم لما استقر قواعد للدين كقوله تعالى ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾ هل الزكاة ما يأخذها الأئمة ؟ لا ولذلك أبو بكر رضي الله عنه ماذا قال؟ – والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة – لما منع من منع الزكاة.

﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ﴾ هل تأخذ الأسلحة الطائفة التي ستصلي معه أو الطائفة الأخرى؟ قيل بهذا وبهذا والصحيح أن الطائفتين تأخذان السلاح ﴿ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا ﴾ يعني صلوا وفرغوا من الصلاة ولذلك يُذكر الركن عن الكل الصلاة باعتبارفضيلة السجود وباعتبار أن هذا الجزء يدل على أنه ركن وإلا لو لم يكن ركنا لما ذُكر عن الصلاة ﴿ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ ﴾ يعني لتذهب إلى محل العدو ﴿ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ ﴾ وهي التي اتجاه العدو وقوله فإذا سجدوا يدل على ماذا ؟ يدل على أنهم أنهوا الصلاة بأنفسهم ﴿ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ﴾ ويدل هذا على أنهم سيسلمون معه ﴿ فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ  ﴾ هنا أُمروا بأخذ السلاح وأخذ الحذر لم ؟ لأن الأعداء سيتنبهون لهم أثناء التحرك ، التحرك الأول لا يتنبه الأعداء لكن إذا حصل ما حصل من تحرك الطائفة الثانية هنا سيتنبه العدو فأمر الطائفة الثانية بأخذ الحذر قال هنا ﴿ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ  وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ وتأمل سبحان الله من فرَط في صلاة الجماعة فقد خسر فضل هذه الصلاة ولو صلى في بيته سبحان الله صلاة الجماعة ماتركها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سفره، ماتركها كما هنا في الآية في حال الخوف، ماتركها صلى الله عليه وآله وسلم وقد تغيرت هيأة الصلاة الصلاة تغيرت هيأتها فيها حركة فيها قيام ومع ذلك كل ذلك مراعاة لصلاة الجماعة وإلا لقال كل واحد يصلي وحده فدل هذا على أن هذه الآية من أعظم الآيات التي تدل على وجوب صلاة الجماعة ومن قال بأن صلاة الجماعة سنة فإنه وللأسف لم يأخذ بهذه الآية الواضحة الصريحة فماذا قال عزوجل ﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ ﴾ لو تغفلون أدنى غفلة وعدم انتباه ﴿ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ۚ ﴾ يعني يأخذونكم أخذة شخص مرة واحدة يعني مباغتة ﴿ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ۚ ﴾ يعني جماعة مجتمعين مرة واحدة في وقت واحد دون تردد ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ﴾ دل هذا على أن الصحيح من أن حمل السلاح واجب حتى في الصلاة  لكن يحمل سلاحاً لا يشغله عن صلاته ولا يثقله، قال ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ﴾ وكرر﴿  وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ﴾ قال هنا ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ ﴾ ابن عيينة كما في صحيح البخاري قال – لم يذكر الله عزوجل المطرفي كتابه إلا على أنه عذاب وماعرفت العرب المطر إلا بأنه غيث – هذا قوله لقوله تعالى  ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا ﴾ ومن ثم فإن بعضاً من الناس يقول لو قلت – اللهم أنزل علينا المطر – فيقول فإنك في هذا الدعاء لم تصب لأن المطر ماجاء في القرآن إلا عذاب فأنت تسأل الله العذاب وهذا قول غير صحيح ولذلك الشرَاح ردوا على ابن عيينة الآية هنا ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ ﴾ مطر ماذا؟ المطر الذي هو الغيث ومن ثم فإن هذا القول من ابن عيينة ليس على إطلاقه وما يُنقل وما يُنشر وما يُذكرمن أنه لايجوز لك أن تقول اللهم أنزل علينا المطر فهو قول غير صحيح لكن الأفضل اتباع السنة في الدعاء في الإستسقاء – اللهم اسقنا، اللهم أغثنا فمثل هذه الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُحرص عليها. ﴿ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا. ﴾ إذاً مايصنعونه بكم وما يحرصون عليه من مباغتتكم فإن الله قد أعد لهم العذاب المهين الذي يهينهم. وتأمل سبحان الله بيَن في الآية السابقة ﴿ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ فيجب الحذر منهم ومن ثم جاءت الآية فيها التحذير تحذير أهل الإيمان من هؤلاء ثم بين عزوجل عقوبة هؤلاء الكافرين. وللحديث تتمة إن شاء الله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم