التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (167) إلى نهاية السورة الدرس (74)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (167) إلى نهاية السورة الدرس (74)

مشاهدات: 574

تفسير سورة النساء

من آية 167 إلى نهاية السورة

فضيلة الشيخ زيد البحري ــ حفظه الله ــ

 

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ،   أما بعد

فكنا قد توقفنا عند قول الله عزوجل ﴿  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ هذه الآية ذكرها الله عزوجل بعد ما أقام الحجج على عباده بإرسال الرسل وبإنزال الكتب فمن كفر وصد غيره عن هذا الدين فإنه يكون في ضلال بعيد فقال تعالى ﴿  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ أي صدوا غيرهم عن سبيل الله وعن دين الله ﴿ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ بمعنى أنهم تاهوا عن الطريق المستقيم وضلال أي ضلال ؟ ضلال بعيد يدل على أنهم صاروا وأصبحوا في هلكة. ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا هنا ذكر الكفرمع الظلم مع أن الكفر ظلم كما قال تعالى  ﴿ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ.

إما من باب التأكيد وإما من باب بيان من أهم ظلموا أنفسهم بالوقوع في الكفر وظلموا غيرهم بصدهم عن هذا الدين المستقيم . ﴿  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ أي إذا لم يتوبوا فإن تابوا فكما مر معنا في الآيات السابقات فإن الله عزوجل يغفر لهم كما قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا قال هنا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا.أي ماكان ليهديهم إلى طريق الحق وذلك لأنهم أعرضوا فأمثال هؤلاء وأحوال هؤلاء يوشك أن يطبع الله على قلوبهم فلا يهديهم إلى الصراط المستقيم، فقال هنا  ﴿ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا.أي إلى طريق الحق ﴿ إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ أي الطريق الذي به يوصلهم إلى نار جهنم وذلكم الطريق هو طريق الضلالة ﴿ إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وهذا هو حكمهم في الآخرة من أنهم إذا ماتوا على هذا الكفر فإنهم يكونون خالدين مخلدين في نار جهنم فقال هنا ﴿ إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وأكد ذلك بالأبدية فدل هذا على أن معتقد أهل السنة والجماعة كما ذكروا من أن النار لا تفنى ولا تبيد تدل على ذلك هذه الآية وآيات أخر سيأتي بيانها معنا إن شاء الله تعالى
﴿ إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًاأي ماصنع بهم في هذه الدنيا ومايصنع بهم في الآخرة فهو يسير عليه عزوجل ومن ثم فإنهم لايستعظمون هذا الأمر من أنه لايتحقق فإنه يتحقق لأنه يسير على الله عزوجل ولا يُعجزه شئ في السماوات ولا في الأرض ولا في الدنيا ولا في الآخرة. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ هنا نداء لجميع الناس فإنه لما ذكرماذكرعزوجل عن أحوال الكافرين بيَن هنا أن من اهتدى من الناس فإن الله عزوجل سهَل له طرق الهداية وذلك بأن بعث نبيا وأنزل كتابا فقال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ أي بدين الحق وهو دين الإسلام وما أتى به هذا القرآن فهو شامل ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ أي من الله عزوجل وقال هنا من ربكم لبيان أنهم يعتقدون بأن الله هو الرب فيلزمهم كما مر معنا في القاعدة المقررة عند أهل السنة والجماعة قالوا – توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية – فإنهم يُقرون بالربوبية إذاً مالواجب عليهم ؟ قال بعدها ﴿ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ۚ خيراً لكم يدل على ماذا؟ على أنهم أُمروا بالخير أي وأتوا خيراً لكم فإن هؤلاء أُمروا بالإيمان وأيضاً دل هذا على أن الإيمان هوطريق الخير ﴿ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ۚ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أي إن تكفروا بعدما جاءكم هذا الرسول بالحق فالله له مافي السموات والأرض وهو الغني ولذا قال موسى عليه السلام لقومه ﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ.فقال هنا ﴿ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حكيما . فهو العليم بكل شئ وهو الحكيم ومن علمه عزوجل من أنه يعلم المهتدي ممن ليس كذلك وهو عليم بمن يستحق الهداية ممن لا يستحقها وهو حكيم عزوجل إذ هدى من شاء وأضل من شاء. ﴿. يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ذكر هنا ما يتعلق باليهود والنصارى فإن اليهود والنصارى كفروا بالله عزوجل وظلموا وصدوا الناس عن سبيل الله كما ذكر عزوجل في الآيات السابقات فقال هنا ناهياً أهل الكتاب عن الغلو ﴿. يَا أَهْلَ الْكِتَابِ و هذا يشمل اليهود والنصارى ﴿ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ والغلو هو مجاوزة الحد إما مدحاً وإما قدحاً أي ذماً ولذا فإن النصارى غالوا في عيسى عليه السلام فجعلوه إلهاً وبعضهم جعله إبناً لله واليهود غالوا في عيسى ذماً وقدحا فقالوا إنه ابن زانية فالغلو يشمل المغالاة في المدح والمغالاة في الذم. ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ أي لا تقولوا على الله عزوجل إلا الحق الذي جاء في الكتب التي أنزلها وما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام ﴿ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ومن ثم فإن من قال على الله قولاً باطلاً فإنه يكون قد وقع في إثم عظيم ﴿ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ الخطاب هنا موجه إلى النصارى الذين غالوا في عيسى مدحاً حتى أوصلوه إلى مرتبة الإله أو أنه ابن الله أو أنه ثالث ثلاثة كما هو اختلافهم وتنازعهم في هذا الأمر ﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى  إنما المسيح وكلمة المسيح مر معنا الحديث عنها في أول سورة آل عمران ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وأيضاً مر معنا ما يتعلق بعيسى ابن مريم ولماذا نُسب إلى أمه وصُرح باسمها دون غيرها. ﴿  إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِإذاً هو رسول الله فهو بشر لكنه يختلف عن غيره من البشر من أن الله عزوجل أرسله فيجب أن يطاع هذا النبي الذي أرسله الله عزوجل ولا يوصل إلى منزلة الله عزوجل ﴿  إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴿ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ بمعنى أنه خُلق بكلمة كن ومر معنا هذا مفصلاً في أول سورة آل عمران ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ﴿ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وذلك بأمر الله عزوجل أرسل جبريل فنفخ جبريل بأمر الله في مريم فنشأ ما نشأ منها وهو عيسى عليه السلام كل ذلك بأمر الله عزوجل، ﴿ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وذلك جاء مفصلاً وموضحاً كما في سورة مريم كما سيأتي معنا إن شاء الله تعالى وهذا هو الأظهر خلافاً لإبن جرير رحمه الله الذي قال : – أعلمها الله عزوجل هذه الكلمة – وإنما ظاهر السياق يدل على ما ذكرنا فقال هنا ﴿ وَرُوحٌ مِنْهُ  أي من الله فهذه الكلمة بها لسوء خبثهم ولسوء معتقدهم وهم النصارى بهذه الكلمة فالوا في عيسى ما قالوا قالوا إنه روح من الله إذاً هو جزء من الله كما قالوا تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا ولذلك قال عزوجل عن عيسى ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وعيسى عليه السلام أمرهم أن يعبدوا الله ربهم وربه فدل هذا على أنه إنما هو بشر وأما هذه الكلمة ﴿ وَرُوحٌ مِنْهُ مالجواب عنها هناك أثر من الآثار وذلكم الأثر لا أعلم حديثاً صحيحاً عن النبي ﷺ وذلك الأثر هو أن الله عزوجل لما أخرج وأظهر أرواح البشر من ظهر ومن صُلب آدم جعلها في صلبه وأبقى روح عيسى عنده فلما خلق الله عزوجل مريم وجرى ماجرى أرسل روح عيسى إلى رحم مريم لكن هذا إنما هو وارد عن بعض الصحابة ولعله تلقاه من بني إسرائيل لكني لا أعلم حديثاً صحيحاً حول هذا، فالشاهد من هذا من أن قوله وروح منه أي روح مخلوقة من الله أُضيفت هذه الروح إلى الله عزوجل من باب إضافة المخلوق إلى خالقه كما قال تعالى ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا .والله جل وعلا قال ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ هل على قولكم هذا السماوات والأرض من الله تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا ولذلك هو روح ذات جسد ولذلك ماذا قال عزوجل ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗفدل على أنه روح ذات جسد ﴿  فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ  إذاً الواجب عليكم أن تؤمنوا بالله وبرسله يشير إلى ما مضى في قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وكذا يتضمن النهي عن التفرقة بين الرسل كما مر معنا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا قال بعدها عن أصحاب النبي ﷺ ومن جاء بعدهم ممن اتبعهم بإحسان ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ

﴿ فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة لا تقولوا أن عيسى مع أمه مع الله من أنهم هؤلاء ثلاثة آلهة ولذا قال عزوجل كما في سورة المائدة ﴿  لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثةوهم تفرقوا واختلفوا فبعضهم جعله ثالث ثلاثة وبعضهم جعله إلهاً ﴿  لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖوبعضهم جعله ابناً لله عزوجل ﴿  وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖفدل هذا على أنهم اختلفوا ولذا قال ﴿ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتهوا خيرا لكم ﴾  انتهوا عن هذا الأمر وعن هذا القول وهذا الفعل الكفري ﴿ خيرا لكم يعني يكن خيراً لكم فخيراً على أنه خبر ليكن ﴿ انتهوا خيرا لكم ثم قرر من أنه هو الإله الواحد ﴿ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وأكده بقوله واحد ثم نزه عزوجل نفسه ﴿ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ولذا قال عزوجل ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ۖأي زوجة ﴿ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ  لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ﴾ فله الملك المطلق التام الكامل وله الغنى المطلق عزوجل من جميع الوجوه فعيسى عليه السلام ممن هو في الأرض والله عزوجل له مافي السماوات ومافي الأرض ومافي السماوات ومافي الأرض إنما هي مخلوقة وعيسى عليه السلام مخلوق فكيف يكون عيسى إلهاً أو إبناً لله عزوجل فلذا قال ﴿ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ  لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗوَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا.﴾ فهو الوكيل الذي يتولى أمور عباده عزوجل وهو الوكيل الذي ينصر رسله حينما يُعادَون من هؤلاء وهو الوكيل عزوجل الذي يحفظ دينه وشرعه وهو الوكيل الذي يتولى أمور الخلق كلهم ﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ هنا ذُكرت هذه الآية من باب إقرارماذا وتوضيح ماذا؟ من أن عيسى عليه السلام عبدٌ لله ولن يستنكف يعني لن يتكبرعن عبادة الله عزوجل ﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ أيضاً ولا يستكبرالملائكة المقربون عن عبادة الله عزوجل ومن ثم أخذ بعض العلماء من أن الملائكة أفضل من صالحي البشر أفضل من صالحي بني آدم لهذه الآية لقوله ﴿ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ وليُعلم أن هذه المسألة مسألة طال الحديث فيها وإنما أذكرها من باب توضيح هذه المسألة وإلا فهي لاتفيد المسلم مزيد فائدة لأن العبد مأمور بطاعة الله عزوجل وليس مأموراً بمعرفة من هو الأفضل الملائكة أم أنهم صالحوا البشر ومع ذلك فإن العلماء اختلفوا منهم من فضل الملائكة ومنهم من فضل صالحي البشر ومن ثم فإن القول الوسط هو الذي ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله من الملائكة أفضل باعتبار البداية وأن صالحي البشر أفضل باعتبار النهاية بمعنى أن الملائكة في البداية بحيث يكون صالحي البشر في الدنيا تكون الملائكة أفضل لأنهم لايعصون الله عزوجل لكن من حيث النهاية إذا دخل أهل الجنة الجنة فإن صالحي البشر يكونون أفضل لقوله تعالى ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴾ وعلى كل حال هناك أدلة لأولئك وهناك أدلة لهؤلاء وكل دليل أتى به طرف من هؤلاء عورض بدليل آخر وعورض في نفس الدليل ومن ثم فإن قوله ﴿ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ إنما ذكرت الملائكة ووصفوا بأنهم مقربون باعتبار ماذا؟ باعتبار أن الملائكة أيضاً عُبدت كما عُبد المسيح عيسى عليه السلام ولا يعني تفضيل الملائكة على صالحي البشر ولذا ماذا قال عزوجل ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ﴾ فهنا هذه المسألة لا يقف عندها طالب العلم كثيرا  ﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ﴾ قال يستنكف ويستكبر مالفرق بينهما؟ الفرق أن الإستنكاف هو التكبر مع الأنفة والعلو أما التكبر فهو التكبر المعروف ولذا قال هنا ﴿ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ على سبيل الأنفة ﴿ وَيَسْتَكْبِرْ﴾ تكبراً عن طاعته ولو لم يكن هناك أنفة فما هو العقاب؟ قال ﴿ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ﴾ فسيحشر الله عزوجل الجميع إليه ومن ثم يكون الحساب منه عزوجل ولذا ماذا قال بعدها؟ ﴿ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم ﴾ هؤلاء لم يستنكفوا ولم يستكبروا ﴿ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ﴾ يوفيهم أجورهم أتم مايكون ومع ذلك من فضله عزوجل من أنه يزيدهم على توفية أجورهم ﴿ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ أي هو عذاب مؤلم وموجع ﴿ وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا ﴾ يأتي إليهم بالخير﴿ وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا .﴾ أي لاينصرهم ولا يخلصهم من عذاب الله عزوجل ﴿  يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ سبحان الله من حبه عزوجل ومن فرحه عزوجل بتوبة العبد أنه كررهذا الأمر قال ﴿  يَا أَيُّهَا  النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ﴾ وهنا قال ﴿  يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ وقال في ثنايا ذكره عزوجل عن المسيح ﴿  فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾ وهذا يدل على ماذا؟ يدل غلى فرحه عزوجل وحبه لتوبته لعباده مع غناه عزوجل عنهم قال عزوجل ﴿  وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. ﴾  ﴿  يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ هذا البرهان هو الحجة الواضحة ويدخل في ذلك قول من يقول هو النبي محمد ﷺ باعتبار أنه ذكر بعد ذلك تنزيل القرآن ولا شك أن النبي ﷺ برهان ودليل واضح على صدقه ﷺ فواجب اتباعه ومن ثم قال عزوجل ﴿  يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ أي أرسله الله عزوجل وبيَن لكم الحجج ﴿   بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ فهو نور مبين الذي هوالقرآن فهو نور ومع ذلك فهو مبين واضح لكن أؤلئك طمس الله على بصائرهم بسبب ما أتوا به من الفظائع والكبائر فقال عزوجل هنا ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ ولذا قال عزوجل ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ﴾ والله جل وعلا وصف نبيه ﷺ بأنه نور والمقصود في ذلك هونور معنوي وليس حسيا قال عزوجل في سورة المائدة ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ وسيأتي توضيح بيان هذا الأمر وهو أن النبي ﷺ نور بمعنى أن ماأتى به نور وما قاله نور ﷺ وليس معنى ذلك أنه خُلق من نور كما تزعمه الصوفية ولذلك يقولون نوره نور حسي بمعنى أنه إذا كان في ظلام أشرقت تلك الدار أوأشرق ذلك المكان بنوره وهذا ضلال مبين فالنبي ﷺ خُلق كغيره من البشر وإنما الذي خُلق من نور هم الملائكة كما جاء في صحيح مسلم وماجاء من أحاديث من أن النبي ﷺ خُلق من نور فهي أحاديث ضعيفة فهو خُلق عليه الصلاة والسلام كسائر بني آدم  ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ ﴾ واعتصموا بمن؟ اعتصموا بالله أو اعتصموا بالقرآن قيل بهذا وقيل بهذا ولا تنافي بينهما لأن من اعتصم بالقرآن  اعتصم بالله قال تعالى كما مر معنا في سورة آل عمران  ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ﴾ ومن قال من أن الإعتصام هنا هوبالله فقد قال عزوجل  ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.﴾ فلا تعارض بين القولين فالقولان داخلان ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ ﴾ هنا بيَن ماذا؟ بيَن أنهما بين مقامين مقام الإيمان بالله ومقام التوكل والإستعانة والإعتصام بالله عزوجل كما قال تعالى ﴿ ِإيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ وكما قال تعالى عن شعيب ﴿ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.﴾ إلى غير ذلك من هذه الآيات فقال عزوجل ﴿  فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ ﴾ ومن رحمته عزوجل الجنة ولذا قال عزوجل كما مر معنا مفصلاً وموضحاً من باب بيان أنواع الرحمة من أنها تنقسم إلى قسمين ذكرنا ذلك عند قول الله عزوجل في سورة آل عمران ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ 

﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ ﴾ وهذا يشمل كل فضل منه عزوجل مما يتفضل به على عباده كما مرفي الآية السابقة قال                                 ﴿ فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ﴾ فقال تعالى هنا ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ ﴾ انظر إلى فوائد الإعتصام بالله والإيمان بالله   ﴿ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا.﴾ ولا تناقض ولا تعارض بين قول من يقول ويهديهم إليه أي إلى الله أو إلى ثوابه أو إلى فضله كل ذلك هو من الله عزوجل ﴿ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا.﴾ وهو الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ.﴾ يستفتونك أين هذا المستفتى عنه؟ المستفتى عنه هنا هو الكلالة فإن هذا الشئ المذكور وضَح المتروك لما قال ﴿ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ.﴾ بيَن هنا من أن المتروك عما استفتي به ماذا؟ الكلالة يستفتونك أي عن الكلالة ﴿ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ.﴾ وهو الذي توفي وليس له ولد ولا والد وقد مر معنا توضيح ذلك عند قول الله عزوجل في أول السورة ﴿  وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ﴾ هذا في حق من في أول السورة؟ في حق ميراث الأخوة والأخوات لأم أما هنا فهي تتعلق بميراث الأخوة والأخوات الأشقاء والإخوة والأخوات لأب دون أم إذأً الإخوة الأشقاء والإخوة لأب والأخوات لأب هنا في هذه الآية بيَن عزوجل ميراثهم ومن ثم فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في الصحيح قال – ماسألت النبي ﷺ عن شئ ماسألته عن الكلالة فقال كما في صحيح مسلم قال فطعن بأصبعه في صدره وقال يكفيك آية الصيف يعني الآية التي نزلت في الصيف – فعمر رضي الله عنه كان يسأل النبي ﷺ وما ورد من حديث من أنه رضي الله عنه قال: وددت أني سألت النبي ﷺ أنه عرَف لي الكلالة لو عرفها خير لي من حمر النعم ( وهي الإبل النفيسة ) فهذا الحديث فيه انقطاع ولو ثبت فإن عمر رضي الله عنه استفتى النبي ﷺ في الكلالة لكن أراد من خلال هذا الحديث إن ثبت أراد أن يعرف معناها ولذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى أن الكلالة المقصود منها التي لا ولد لها ولا يدخل في ذلك لا والد له ومن ثم فإن عمر رضي الله عنه في آخر أمره رجع إلى ما ذهب إليه أبو بكر رضي الله عنه من أن الكلالة الذي لا ولد له ولا والد ومن ثم فإن هذه الآية قال من قال بأنه الذي لا ولد له باعتبار ماذا؟ باعتبار صريح الآية ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ ﴾ وسبحان الله انظر تأمل يعني هنا تكررت كلمة الإستفتاء ﴿  وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ﴾ وهنا قال ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ.﴾ باعتبار ماذا؟ باعتبار أن من هُضم حقه إنما هُضم حق النساء واليتامى وكذلك هُضم حق هؤلاء فيما يتعلق بالإرث مع الولدان الصغار فقال هنا ﴿  قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ قال ليس له ولد فقالوا إذاً الكلالة هي التي لا ولد لها لكن الوالد غير مذكور لكن يُقال الآية هنا تدل عند التدبر من أن المقصود بالكلالة أيضاً كما أنه لا ولد أيضاً لا والد له كيف؟ لأنه لو كان هناك والد وهو الأب مع الإخوة لحجبهم وهذا بإجماع العلماء لأنه بإجماع العلماء أن الأب يحجب الإخوة فدل هذا على ماذا؟ دل على أنه لو كان المقصود لا ولد له فقط دون الوالد لو كان هذا هو المقصود لورث الأخ مع الوالد ولا يقول بهذا أحد فإذاً دلت الآية عند التأمل على أن الكلالة هي التي لاولد لها ولا والد وهؤلاء حتى تتضح الصورة أكثر هذا ما يتعلق بإرث الإخوة الأشقاء والأخوات ومن ثم فإن الإخوة والأخوات الأشقاء يرثون بشروط ألا يكون هناك ذكر وارث بمعنى إبن أو إبن إبن وإن نزل وكذلك لايكون ذكر من الأصول وهوالأب بالإجماع والجد على رأي الجمهور وهو الراجح فالجد يحجب الإخوة حجب حرمان يعني أنهم لايرثون ومن ثم لو هلك هالك وهنا قبل أن أذكر الأمثلة هلك هالك قال هنا ﴿ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ﴾ يعني مات وفي هذا رد على بعض المعاصرين ممن ينتسب إلى طلب العلم من أنه رد على الفرضيين وقال إن قولهم هلك هالك هذا غير مناسب باعتبار ماذا؟ باعتبار أن الهالك في اللغة هو المتغلغل في الشر وهذا ولا شك أنه كلام باطل باعتبار ماذا؟ باعتبار أن الهلاك ذُكر في القرآن على أنه موت ولذلك ماذا قال تعالى ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ ﴾ وقال هنا ﴿ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ﴾ والآيات السابقات وجاء في السنة من أن النبي ﷺ كما ثبت عنه قال: – لا تذكروا هلكاكم إلا بخير – إلى غير ذلك من الأحاديث فالذي عليه الأكثر من أهل اللغة وكما ورد في القرآن الذي عليه الأكثر في اللغة أن الهلاك هو الموت ويدل هذا على ماذا؟ يدل على أن البعض قد يجازف ببعض العبارات وإذا به لا يدرك معناها ولا يدرك مداها فهنا مايتعلق بإرث الإخوة هنا على سبيل الأمثلة حتى تتضح الصورة في ميراث الأخوة الأشقاء والأخوة لأب لو هلك هالك عن ابن وأخ شقيق وأخت شقيقة هنا الإخوة الأشقاء لا يرثون لوجود الإبن وإن نزل لو وُجد لو هلك هالك عن ابن ابن ابن ابن ابن وعن إخوة أشقاء هم لايرثون إذاً فرع وارث أيضاً مثال آخر لو هلك هالك عن أب وعن إخوة أشقاء هنا الإخوة الأشقاء لايرثون ومن باب أولى الإخوة لأب وهذا بالإجماع من أنهم لا يرثون مع الأب لو هلك هالك عن جد وعن إخوة أشقاء هنا لا يرث الإخوة الأشقاء على رأي الجمهور وهو الصحيح لأن الجد أب كما قررنا ذلك في أول السورة لو هلك هالك عن بنت وأخت شقيقة وأخ شقيق البنت كم تأخذ كما مر معنا؟ مع أنها فرع وارث ولكنها ليست ذكر وإنما هي أنثى تأخذ ماذا؟ تأخذ النصف والأخ الشقيق مع الأخت الشقيقة ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ﴾ لو هلك هالك عن أم وعن أخت شقيفة وأخ شقيق فالأم تأخذ السدس لوجود الجمع من الإخوة والباقي﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ﴾ إذاً الإخوة الأشقاء ورثوا مع من؟ مع أصل لكنه أصل ليس بذكر ليس بأب ولا جد وإنما أنثى مثال آخر هلك هالك عن بنت وعن أخت شقيقة البنت كم لها؟ النصف الأخت الشقيقة ترث الباقي تعصيباً مع الغير كما دلت الأحاديث الصحية منه ﷺ من أن الأخوات يرثن مع البنات ماذا؟ يرثن تعصيباً يعني الباقي تعصيباً مع الغير هلك هالك عن بنت ابن ابن ابن وأخت شقيقة نفس القسمة السابقة هلك هالك عن أخ شقيق وعن أخت شقيقة المال لهما كليهما ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ﴾  هلك هالك عن أخت شقيقة وعن زوج الزوج له النصف الأخت الشقيقة لها النصف فإذاً ترث النصف كما أنها ترث تعصيباً مع الغير مع البنات وترث ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ﴾ مع أخيها أيضاً ترث ماذا؟ ترث النصف إذا لم يكن فرع وارث من الذكور ولا من الإناث المهم الشروط السابقة لو هلك هالك عن أختين شقيقتين مع زوجة الزوجة لها الربع والأختان الشقيقتان لهما الثلثان إذاً اتضح هذا الأمر الإخوة والأخوات لأب نفس الإخوة والأخوات الشقيقات في نفس الحكم نفس الإرث بشرط ألا يوجد أخ شقيق بمعنى لو هلك هالك عن أخ شقيق وأخ لأب الأخ الشقيق هو الأقوى يأخذ جميع المال فلا يرث الإخوة لأب والأخوات لأب مع الأخ الشقيق لكن يرثون مع الأخت الشقيقة هلك هالك عن أخت شقيقة وأخت لأب وأخ لأب الأخت الشقيقة النصف والباقي ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ﴾ هلك هالك عن أخت شقيقة وأخت لأب الأخت الشقيقة النصف الأخت لأب لها السدس تكملة الباقي كما مر معنا لو هلك هالك عن بنت وبنت ابن البنت كم تأخذ؟ النصف وبنت الإبن تأخذ السدس تكملة الثلثين هلك هالك عن بنتين وعن بنت إبن البنتان الثلثان بنت الإبن تسقط لأنه ليس هناك سدس من أجل الثلثين لكن لو هلك هالك عن بنتين و بنت إبن وإبن إبن فالبنتان الثلثان والباقي ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ﴾ هنا هلك هالك عن بنتين وعن بنت إبن وعن إبن إبن إبن أنزل منها هنا البنتان الثلثان والباقي ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ﴾ مع إبن إبن الإبن مع أنه أنزل منها في الدرجة ولذا يسميه العلماء بالإبن المبارك هنا أخت شقيقة مع أخت لأب الأخت الشقيقة النصف الأخت لأب السدس تكملة الثلثين هلك هالك عن أختين شقيقتين وأخت لأب الشقيقتان الثلثان الأخت لأب تسقط لكن لو كان معها أخوها الباقي ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ﴾ لو هلك هالك عن أختين شقيقتين وعن أخت لأب وعن إبن أخ لأب ماهو أخ لأب لا إبن أخ لأب هل تأخذ حكم إبن إبن إبن النازل الذي هو المبارك؟ الجواب لا إذاً مالقسمة؟ القسمة للشقيقتين الثلثان وتسقط الأخت لأب وإبن الأخ لأب يأخذ الباقي تعصيباً لقول النبي ﷺ – ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر – كما ثبت عنه ﷺ إذاً نأتي إلى الآية وسيتضح إن شاء الله كل ذلك قال عزوجل هنا ﴿ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ﴾ هلكت عن أخ شقيق المال كله للأخ الشقيق هلكت إمرأة عن أخ لأب المال كله لأخ لأب ﴿ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ﴾ بشرط ألا يكون لها ولد ﴿ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ ﴾ يعني أختين شقيقتين أوأختين لأب على الشروط السابقة فلهما الثلثان مما ترك وهذه الآية كما بينا تدل على أن البنتين تأخذان الثلثين باعتبار أن الأختين هنا تأخذان الثلثين لأنه قال في أول السورة لما أتى يكلمة فوق قال عزوجل ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُن  ثلثا ما ترك ﴾ من ظاهر الآية من أنهن لايأخذن الثلثين إلا إذا كانت أكثر من إثنتين لكن قررنا ذلك من أنهن يرثن الثلثين ﴿ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۗ﴾ مثل نصيب الأنثيين وهنا طريقة وهي من أن لو هلك هالك عن ثلاث أخوات شقيقات وهذا المثال ينطبق حتى على الأبناء والبنات لو هلك هالك عن ثلاث أخوات شقيقات وعن أخ شقيق الأخ الشقيق يعتبر عن اثنين والثلاث ثلاث اثنين مع ثلاثة خمسة إذاً التركة تقسم على خمسة الناتج نصيب كل أخت وللذكر له نصيبان كذلك الشأن لو هلك هالك عن عشرة من الأبناء وعن بنت العشرة عن عشرين والبنت عن واحد إذاً كم الأجزاء والأسهم؟ واحد وعشرون التركة تقسم على او مابقي منها يقسم على واحد وعشرين الناتج نصيب من؟ البنت وللذكر له نصيبان ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ﴾ يوضح الله عزوجل لكم أن تضلوا وفي هذا التبيين وجوب وإفراض عليكم أن تأخذوا وفرض عليكم أن تأخذوا بهذه الأحكام ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ﴾ يعني لئلا تضلوا فبيَن عزوجل أحكامه للناس حتى لا يضلوا وهذا من فضله عزوجل ومن ذلك ماذُ كر هنا فيما يتعلق بأحكام الإرث وبأحكام النساء ولذا قال عزوجل ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ ﴾ ولذا ختم الآية بقوله ﴿ والله بكل شيء عليم ﴾ بكل شئ عليم ومن ذلك من يقوم بهذه الأحكام ممن لم يقم بها عالم بمن يقوم بها عن نية وعن إخلاص ومن ليس كذلك عالم بمن يظلم بمن لايظلم فهو عزوجل عالم وعليم بأحول خلقه عزوجل. وبهذا ولله الحمد ينتهي تفسير سورة النساء