الدرس ( 2 ) من شرح منهج السالكين ( المقدمة )ـ

الدرس ( 2 ) من شرح منهج السالكين ( المقدمة )ـ

مشاهدات: 598

كتاب الطهارة ـ الدرس ( 2 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

قال المصنف رحمة الله عليه

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدى الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، واشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم}

الشرح :

هذه المقدمة تسمى بخطبة الحاجة كما جاء بذلك الحديث في السنن وخطبة الحاجة جاء نصها في السنن (الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدى الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، واشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله) وهذه تقال عند كل خطبة سواء خطبة نكاح , خطبة جمعة فليست محصورة في خطبة الجمعة وسميت بالحاجة لأن المتحدث بحاجة إلى عون من الله عز و جل  حينما يريد أن يوصل شيئاً إلى المتلقي فكأنه يقول لا وسع لي ولا طاقة ولا حولا إلا بك يا الله .

والسنة في هذه الخطبة أن يأتى بالآيات الثلاث :

  • الآية التي في سورة آل عمران: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] {آل عمران:102}
  • والآية التي في سورة النساء: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1}
  • الآية التي في سورة الأحزاب[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71) ]. {الأحزاب}.

والسنة في بعض الأحيان أن تترك هذه الآيات يعني يمكن أن تأتي بهذه الخطبة من غير هذه الآيات ويمكن أن تأتي بها مع الآيات والسنة في هذا والأكمل أن ينوع الإنسان.

ثم قال رحمه الله ( أما بعد )

الشرح :

( أما بعد) كلمة تسمى بفصل الخطاب ولذا قال بعض المفسرين في قوله تعالى عن داود (وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) قال (أما بعد) هي فصل الخطاب. والسنة أن يأتى بها في الخطب أما قول (وبعد)أو قول (ثم أما بعد) هذه لا يعرف لها في السنة أصل إنما الوارد في السنن المستمر عليه عليه الصلاة و السلام أنه إذا خطب يأتي بكلمة أما بعد .

ثم قال المصنف رحمه الله : ( فهذا كتاب مختصر فى الفقه )

الشرح :

لم يقل (هذا كتاب مختصر…..) لأن التعبير الصحيح في اللغة أن الكلمة التي تأتي بعد (أما بعد ) اربط بها الفاء .

أما بعد فإن أصدق الحديث,أما بعد فهذا الفعل , أما بعد فهذا القول فلا تقل أما بعد هذا القول فلتأتِ بالفاء بعد (أما بعد) في الكلمة التي تليها .

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 جمعت فيه بين المسائل والدلائل )

الشرح :

المسائل جمع مسألة

الدلائل جمع دليل

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 لأن العلم معرفة الحق بدليله )

الشرح :

علم من غير دليل ليس بعلم مسألة من غير دليل ليست مسألة علمية

وهذه قاعدة سر عليها لا بد في كل حكم يصدر أن يكون عليه دليل .   لكن ما هو هذا الدليل ؟

اسمع

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 والفقه : معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بأدلتها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح .)

الشرح :

قال معرفة الأحكام الشرعية إذن فيه أحكام غير شرعية مثل اللغة ولذلك لو أتانا عالم  لا يشق له غبار في اللغة فلا يعتد بقوله في الشرع إلا إذا أتى بالدليل .

(الفرعية) هناك أحكام غير فرعية هي أصولية وهي المتعلقة بالعقائد.

(بأدلتها) ما هي أدلتها : الكتاب السنة الإجماع القياس الصحيح هذه تسمى بمصادر التشريع الإسلامي .

(الكتاب): القران

(السنة ): سنة النبي صلى الله عليه وسلم

(الإجماع):هو اجتماع علماء الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم  على حكم شرعي ولذا قال عليه الصلاة و السلام(لا تجتمع أمتي على ضلالة)

والإجماع نوعان :

  • قطعي .
  • ظني.

محلها في أصول الفقه لكن أعطيكم بعض الإشارات الخفيفة

الإجماع القطعي : هو أن يجمع علماء الأمة على هذا الحكم الشرعي إجماعاً قولياَ وذلك أن تتفق أقوالهم على هذا الحكم .

الإجماع الظني : هو الإجماع السكوتي وذلك أن تجتمع طائفة من الأمة على حكم والآخرون من العلماء سمعوه وسكتوا .

(القياس الصحيح) القياس هو الحاق فرع بأصل لعلة جامعة بينهما يتضح هذا بالمثال :أخبر النبي عليه الصلاة و السلام أن البُر يجري فيه الربا فإذا بعت صاعاً من بر يجب أن يكون بصاع من بر مثله بالتساوي .

الذرة هل يمكن أن أبيع صاعين من الذرة بصاع من ذرة أجود ؟ لا لأن القياس هنا منضبط لأن العلة في البر أنه مكيل مطعوم وهذه الذرة مكيل مطعوم .

لو قائل لماذا قال المؤلف رحمه الله (الصحيح ) لماذا لم يقل القياس؟

لأن هناك أقيسه غير معتبره فلو جاء قياس مخالف للنص من القران أو السنة فيسمى بقياس فاسد الاعتبار فينبذ وهذا مثل قياس إبليس لما قال [قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ] {الأعراف:12}

وإذا أتانا قياس لا يخالف نصاً ولكنه لا يتفق مع الأصل في العلة يسمى بقياس مع الفارق فينبذ

إذا الأقيسه المردودة نوعان :

  1. قياس فاسد الاعتبار إذا كان مخالفاً للنص .
  2. قياس مع الفارق إذا كان هذا الفرع غير متفق مع الأصل في العلة .

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 واقتصرت على الأدلة المشهورة خوفاً من التطويل)

الشرح :

لأن هناك أدلة فيها خلاف بين الأصوليين ومحلها في أصول الفقه.

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁  وإذا كانت المسألة خلافية، اقتصرت على القول الذي ترجح عندي، تبعاً للأدلة الشرعية)

الشرح :

ولاشك أن هذا هو العلم الشرعي الحقيقي أن يربط الحكم بدليله ما دليله ؟ : الكتاب السنة الإجماع القياس الصحيح

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 الأحكام الخمسة)

الشرح :

يسميها العلماء بالأحكام التكليفية الخمسة

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 الواجب : وهو ما أثيب فاعله وعوقب تاركه )

الشرح :

مثل الصلاة: فصلاة الظهر أو العصر إذا فعلها أثيب وإذا تركها عوقب وهو ما أثيب فاعله وعوقب تاركه والواجب هذا تعريفه ومثله الفرض فإذا قيل هذا فرض فاعلم أن تعريف الفرض هو كتعريف الواجب خلافاً لأبي حنيفة الذي خالف الجمهور ولكن الصحيح أن الفرض هو الواجب  ولذلك لما ذكر عز و جل الأصناف الثمانية التي تصرف فيها الزكاة ماذا قال [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] {التوبة:60}

زكاة الفطر لو تركها عوقب تاركها لكن بعض العلماء يقول (ويستحق تاركه العقاب لأن الله عز و جل  قد يرحمه )إذاً لو استبدلت بعبارة (ويستحق تاركه العقاب) لكان أحسن.

ثم قال المصنف رحمه الله : ( الحرام : ضده يثاب تاركه ويعاقب فاعله )

الشرح :

الزنا إذا تركه يثاب وإذا فعله يستحق العقاب ولذا الأفضل في العبارة قول (يثاب تاركه ويستحق فاعله العقاب) .

وكلمة لا يجوز هي نفس كلمة حرام أحياناً نُسْأََل فنقول للسائل لا يجوز فيقول حرام أو شيء آخر هو هو لا يجوز نفس كلمة حرام .

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 المسنون : وهو ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه )

الشرح :

وضع الكفين مفرجتي الأصابع على الركبتين سنة إن فعله يثاب وإن   لا يعاقب والمسنون هو نفس المندوب وهو نفس المستحب فإذا قيل هذا مسنون أو مستحب أو مندوب فهذه كلها بمعنى واحد .

ثم قال المصنف رحمه الله ( المكروه : ضده يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله )

الشرح :

مثل ما مثل به الفقهاء أن يجمع الصائم ريقه ثم يبتلعه هذا إن فعله لا يعاقب وإن تركه يثاب .

  • ولكن لتعلم أن المكروه هنا هو في اصطلاح المتأخرين لكن يمكن أن يكون المكروه محرماً وهذا غالب ما يكون عند السلف إذا قالوا هذا شيء مكروه فمرادهم أن هذا الشيء حرام والله عز وجل لما ذكر جملة من المحرمات قال بعدها [كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا] {الإسراء:38} وكقول النبي صلى الله عليه وسلم  في الصحيح (إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) .

 

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 المباح : هو الذي فعله وتركه على حد سواء.)

الشرح :

يقال مباح ويقال جائز ويقال حلال هذه مصطلحات تعود إلى هذه التعريف والمباح لا يترتب عليه شيء لا إثم ولا أجر من حيث هو لكن من حيث النية ربما يتحول هذا المباح إلى مكروه إذا نوى المكروه أو محرم إذا نواه أو إلى مستحب إذا نواه أو إلى واجب إذا نواه .

مثال ذلك: لو أنه نام من أجل أن يتقوى على العبادة في آخر الليل فنومه انتقل من المباح إلى الاستحباب .

مثالٌ آخر: أكل وجبة ليتقوى بها على فعل معصية يكون حكم أكل هذه الأكلة حراماً وعلى هذا فقس.

ولذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم  كما في الصحيحين قال وهو في تبوك (إن بالمدينة لرجالاُ ما سرتم مسيرا ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر) وفي رواية (إلا شركوكم الأجر) .

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 ويجب على المكلف أن يتعلم من الفقه كل ما يحتاج اليه في عباداته ومعاملاته).

الشرح:

ما يحتاج إليه الإنسان يكون حكم التفقه في حقه واجباً, فالمسلم بحاجة إلى الوضوء فهنا يجب عليه أن يتعلم هذه العبادة و أحكامها وقد يجب التعلم للعبادة في حال دون حالة أخرى .

مثال ذلك: الفقير لا يلزمه أن يتعلم أحكام الزكاة لكن لو ملك نصاباًَ في المستقبل فصار غنيا فيجب عليه أن يتعلم أحكام الزكاة و الدليل على ما قاله المؤلف رحمه الله قول النبي صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم) هل جميع العلوم تعلمها فرض؟ الجواب: لا وإنما ما يحتاج اليه لكن لو أن الأمة كلها تركت تعلم العلوم الشرعية كلها,هل يقعون في الإثم ؟ نعم يقعون في الإثم .

إذاً خلاصة القول طلب العلم بجميع أنواعه فر     ض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين.

متى يلزم كل شخصٍ بعينه؟

الجواب:  إذا احتاج إليه .

ثم قال المصنف رحمه الله 🙁 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من يرد الله به خيراً يفقه فى الدين” متفق عليه.)

الشرح :

فيستفاد من هذا الحديث :

  • أن من أراد الخير في دنياه وأخراه فعليه أن يتفقه في علم الشرع .
  • أن التفقه في الدين ليس محصوراً في علم الفقه الذي نحن بصدد الحديث عنه بل هو شامل لفقه العقائد وفقه الفروع ولذلك الإمام أبو حنيفة رحمه الله يسمي علم العقائد علم التوحيد يسميه (بالفقه الأكبر) وبالفعل هو الفقه الأكبر.