كتاب الطهارة ـ الدرس ( 6 )
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آلة وصحابته وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد
ثم قال المصنف رحمه الله (ويكفى غسل النجاسات – على البدن، أو الثوب، أو البقعة، أو غيرها – أن تزول عينها عن المحل، لأن الشارع لم يشترط في غسل النجاسة عدداً إلا في نجاسة الكلب، فأشترط فيها سبع غسلات إحداها بالتراب).
الشرح :
مفاد هذا الكلام منه رحمه الله أن تطهير النجاسة بإزالة عينها و أثرها ومن ثم لو أن النجاسة لم تزل بماء إنما أزيلت بمطهر مثال: وقعت نجاسة على هذه الفرشة فجيء بمطهر دون أن يخلط بماء فأزالها اتطهر أم لا ؟ قولان لأهل العلم والصواب أنها تطهر لأن النجاسة عين مستقذرة متى مازالت زال حكمها ولذا النبي صلى الله عليه وسلم بين أن النجاسة تزال بدلكها على الأرض كما لو علق على النعال نجاسة فطهارتهما أن يدلكهما بالتراب كما جاء في سنن أبي داود.
لو أنقيت النجاسة بغسله واحدة هل تلزمنا غسله ثانية؟ لا.
إذاً غسل الدبر بالماء بعد النجاسة كم عدد الغسلات ؟
الجواب : حتى تطهر بواحدة أو بثلاث أو بأكثر,وأما الاستجمار فلابد من ثلاث فأكثر حتى يحصل الإنقاء.
لو قائل ما علامة الإنقاء في الاستجمار؟ الجواب: هناك ضابطان أحسنهما أن يعود إليك الحجر غير مبلول تتنظف بالأولى ثم الثانية ثم تنظر إلى الثالثة إن عاد إليك الحجر من غير أن يكون فيه أثر فهذه علامة الإنقاء.
أما علامة الإنقاء في الاستنجاء أن تعود خشونة المحل فإذا بقيت اللزوجة في المحل فليس هذا إنقاء.
ثم قال المصنف رحمه الله:( لأن الشارع لم يشترط في غسل النجاسة عدداً إلا في نجاسة الكلب، فأشترط فيها سبع غسلات إحداها بالتراب).
الشرح :
مراد المؤلف من هذا الكلام أن يبين أن الضابط والمعول عليه أن تزول النجاسة بقطع النظر عن عدد الغسلات فلو وقعت نجاسة على ثوبك أو محل صلاتك فإن طهارتها تكون بإزالتها سواء كانت مرة أو مرتين أم سبعاً أم أكثر أم أقل وأما ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال (أُمِرْنا بغسل الأنجاس سبعاً) فهو حديث ضعيف لا يصح ومما يدل على عدم اشتراط العدد ما جاء في قصة ذلك الأعرابي أنه لما بال في ناحية من نواحي المسجد أمر النبي عليه الصلاة و السلام أن يراق على بوله ذنوباً من ماء ولم يشترط عددا عليه الصلاة و السلام وهذا بالنسبة للنجاسة المتوسطة لأن النجاسة نوعان:
فالنجاسة العينية مثل روثة الحمار- عذرة إنسان- روثة كلب فإن هذه الروثة أو هذه العذرة لابن آدم نجاستها نجاسة عينية بمعنى لو صببت عليها ماء كثيراً ما طهرت فهذه ليست مراده معنا في باب النجاسات في الفقه , والفقهاء لا يريدون في الحديث عن النجاسة الحديث عن النجاسة العينية إنما مقصودهم النجاسة الحكمية.
ما هي النجاسة الحكمية ؟
إذا غسلت هذه النجاسة فزالت طهر هذا الثوب فالنجاسة هنا نجاسة حكمية , وقعت نجاسة على سجادة نفس الحكم نجاسة حكمية هذه النجاسة الحكمية تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
كيف نصنع بالنجاسة المتوسطة سبق بيان ذلك متى ما أزيلت زال حكمها بقطع النظر عن عدد الغسلات.
النجاسة المغلظة هي ما ذكرها رحمه الله إذ قال (لا في نجاسة الكلب فاشترط فيها سبع غسلات إحداها بالتراب)هذه هي النجاسة المغلطة ما الدليل :
الدليل قول النبي عليه الصلاة و السلام كما في الصحيحين(طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) هذه النجاسة المغلظة يحتاج فيها إلى سبع غسلات من بين هذه الغسلات واحده بالتراب ومن ثم فإن الحديث نص على نجاسة الكلب فهل يقاس عليه الخنزير مع أنه أخبث منه فإذا وقعت نجاسة الخنزير مثلا في إناء أو ولغ في إناء هل يغسل سبع مرات كالكلب لأنه أخبث أم لا قولان لأهل العلم والصواب أنه لا يقاس عليه لمَ؟ لأن الخنزير كان موجوداً في عهد النبي عليه الصلاة و السلام ولم يبين له حكماً فدل على افتراق بين الكلب والخنزير , وكذلك نص الحديث على الولوغ و الولوغ يحصل معه خروج اللعاب فهل تكون عذرة الكلب أو بوله داخل في نفس الحكم؟ الصحيح أنها داخله و ذلك لأن بوله أخبث و أقذر من ريقه , ونص الحديث على التراب فهل يقاس غيره عليه بمعنى لو أتي بصابون أو مادة مطهرة في هذا العصر فاكتفي بها عن التراب أتغني هذه المادة عن التراب؟ الجواب : قولان والصواب أنه لا غنى عن التراب وذلك لأن التراب فيه خاصية قد لا توجد في غيره بل ثبت عن طريق الطب أن لعاب الكلب تنبعث منه دودة شريطية لا يقتلها إلا التراب , ونص الحديث على سبع وجاء في صحيح مسلم (وعفروه الثامنة بالتراب) فتكون هذه الرواية كما قال النووي رحمه الله إن النبي عليه الصلاة و السلام أوقع التراب موقع غسله و إلا فالأصل فإنها سبع غسلات من بينها التراب , وهذا التراب إما أن يوضع معه ماء حتى يتكدر ويلطخ به الإناء أو يذر ذراً على الإناء فالحديث لم يبين شيئاً من هذا ولتعلم أن الكلب المعلم الذي يصاد به هو يصيد بفمه فيكون هذا الصيد طاهراً لا يلزم الصائد غسله وذلك لأن الشرع تسامح فيه, والحديث لم يذكر كلباً معينا فيشمل أي كلب ولو قال قائل أيعذر الإنسان في كلب الصيد أو في كلب الزراعة أو في كلب الحراسة التي رخص فيها الشرع فيخفف على هؤلاء الذين اقتنوها بجواز الشرع أم لا ؟ قولان والصواب أن الحديث عمم ولم يذكر صنفاً معينا فسواء كان هذا الولوغ من كلب صيد أو كلب ماشية أو كلب زرع أو لم يكن فإن هذا الحكم هو حكمه.
ثم قال المصنف رحمه الله:(والأشياء النجسة بول الآدمي وعذرته والدم إلا أنه يعفى عن الدم اليسير و مثله الدم المسفوح من الحيوان المأكول دون الذي يبقى في اللحم والعروق فإنه طاهر).
الشرح :
قوله رحمه الله: (والأشياء النجسة). هذه من أي نوع من أنواع النجاسات الحكمية ؟ الجواب: المتوسطة.
قال رحمه الله(بول الآدمي وعذرته) الدليل على نجاسة بول الآدمي ما جاء في الصحيحين في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال عليه الصلاة و السلام في الذين يعذبان في قبريهما قال (أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله )
وأما الدليل على نجاسة الدم قول النبي عليه الصلاة و السلام في المرآة التي يأتيها الدم في عادتها قال (ثم أغسلي عنك الدم وصلي)
والدم هنا أطلقه المصنف رحمه الله والدماء أقسام :
ثم قال المصنف رحمه الله:(ومن النجاسات بول وروث كل حيوان محرم أكله)
الشرح :
كل ما حرم أكله فإن بوله وروثه نجس فالحمار بوله وروثه نجس لمَ؟ لأنه يحرم أكله , الخنزير- القرد وعلى هذا فقس والتقييد بعلة (محرم أكله) حتى لا يأتي آتي ويقول الحمار بوله وروثه نجس لأنه نجس , لا الحمار ليس بنجس ولذا ركبه النبي عليه الصلاة و السلام وكانت الأمطار تهطل وركبه الصحابة وتنبعث منه إفرازات كالعرق ونحوه ومع ذلك لم يتوقوا هذه الأشياء وهنا قاعدة (كل ما طاف علينا فهو طاهر البدن) ففي السنن أن النبي عليه الصلاة و السلام قال عن الهرة (إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم و الطوافات) فريقها وعرقها طاهر – بدنها طاهر, الحمار من الطوافين فريقه ولعابه وعرقه طاهر أما فضلات الحمار كروثه وبوله ودمه , الهرة روثها وبولها ودمها نجس.
ثم قال المصنف رحمه الله:( والسباع كلها نجسة)
الشرح :
السباع مثل الأسد والفهد والنمر فهذه نجسة أما سؤرها بمعنى أنها لو شربت من ماء أو أكلت من طعام فإنها على الصحيح من قولي العلماء وهو رأي الجمهور أنه طاهر عند ابن ماجة سئل النبي عليه الصلاة و السلام عن آسار السباع وهي البقية من طعامها فقال عليه الصلاة و السلام (لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر طهور) فلو شرب أسد أو فهد من ماء فإن هذا الماء المتبقي منه طاهر لكن فضلاته نجسة.
ثم قال المصنف رحمه الله:( وكذلك الميتات إلا ميتة الآدمي، وما لا نفس له سائلة، والسمك والجراد فإنها طاهرة، قال تعالى: “حرمت عليكم الميتة والدم” {المائدة 3}،)
الشرح :
هذا دليل على نجاسة الميتة فكل ميتة نجسة والميت من البهائم ما مات حتف أنفه بمعنى أنه لم يذك فالمبيتات كلها نجسة واستثنى ميتة الآدمي فهو طاهر في الحياة وبعد الممات لقول النبي عليه الصلاة و السلام.
وكذلك استثنى (مالا نفس له سائله) يعني ما له دمٌ لكنه لا يسيل مثل الذباب -العقرب- الخنفساء ما الدليل؟ قول النبي عليه الصلاة و السلام (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء).
والسمك والجراد طاهرة ما الدليل ذكره المصنف رحمه الله (وقال : “أحل لنا ميتان ودمان، أما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال، رواه أحمد وابن ماجه”.)
ثم قال المصنف رحمه الله:( وأما أرواث الحيوانات المأكولة وابوالها فإنها طاهرة.)
الشرح :
خذها قاعدة معك وهذا هو رأي الجمهور وهو الصواب (كل ما يؤكل لحمه فبوله ورثه ومنيه وقيئه طاهر والدليل جاء في الصحيحين أن النبي عليه الصلاة و السلام أمر العرنيين لما اشتكوا بطونهم من المرض أمرهم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها ومن ألبانها والذي يشرب طاهر أم نجس؟ إذاً لو ذهب إنسان إلى سوق الغنم وبالت عليه شاة وحضرت الصلاة وثوبه قد تلوث بهذا الثوب فله أن يصلي ولو كان كثيراً ولكن الأولى به أن يغسله من باب التنظف والتجمل.
روثة الضب طاهر إذاً كل ما يؤكل لحمه فبوله ورثه ومنيه وقيئه طاهر.
ثم قال المصنف رحمه الله:( ومنى الآدمى طاهر: كان النبى صلى الله عليه وسلم يغسل رطبه ويفرك يابسه)
الشرح :
لما في حديث عائشة رضي الله عنه ( فكانت تغسل الرطب وتفرك اليابس من ثوب النبي عليه الصلاة و السلام) ومعلوم أن الفرك لا يطهر فلو أتيت إلى نجاسة وفركتها فلا تطهر فدل على المني طاهر وهذا الصواب من أقوال العلماء ومما يزيده قوه أن المني أصل عباد الله المطهرين من الأنبياء والصالحين والأولياء وتأبى حكمة الله أن يكون أصل هؤلاء نجساً ولذا لو أن الإنسان احتلم فتبعثر هذا المني على سراويله وثيابه فاغتسل للجنابة ولبس هذه الثياب فصلى ما حكم هذه الصلاة ؟ الصلاة صحيحة لكن لا يعني إذا قلنا إنها طاهرة أن يقدم على غير هيئة حسنة فعليه أن يأتي إلى الصلاة بأحسن ما لديه من الثياب.
ثم قال المصنف رحمه الله:( وبول الغلام الصغير الذى لم يأكل الطعام لشهوة: يكفى فيه النضح كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: “يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام” رواه ابو داود والنسائى)
الشرح :
هذه المسماة النجاسة المخففة وهي بول الغلام الرضيع الذي لم يأكل الطعام بشهوة لو أن صغيرا يرضع من ثدي أمه وكان ذكراً ليس بأنثى فبال على ثوبك فماذا تصنع به؟ تنضحه ولو غسلته فهذا خيرٌ على خير ولو نضحته أي رششت عليه الماء لكفى لما جاء في الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام لما بال ذلك الصبي الذي لم يأكل الطعام على حجره دعا بماء فنضحه عليه الصلاة و السلام ولو سألت سؤالاً بول الغلام الذكر الذي لم يأكل الطعام بوله نجس أم طاهر ؟
نجس لكن نجاسته مخففه
ومن هنا فقد أخرج الحديث الجارية فالجارية الصغيرة التي ترتضع من ثدي أمها لو بالت فبولها من النجاسات المتوسطة ويدل الحديث على أن غائط الصبي من النجاسات المتوسطة يكتفى فيها بالغسل لو أن هذا الطفل أكل الطعام فبوله من النجاسات المتوسطة يجب فيها الغسل لكن لو أن الصبي يُدخل في فمه الطعام ولم يشتهه كتمرة من غير ما تشرئب نفسه إلى هذا الطعام فبوله من النجاسات المخففة ولذلك قال رحمه الله الذي لم يأكل الطعام بشهوة فحكمه باقي على ما هو عليه ومما يدل على هذا أن النبي عليه الصلاة و السلام كما في الأحاديث الصحاح كان يحنك صبيان أهل المدينة عند ولادتهم بالتمر لكن متى يخرج من النجاسة المخففة إلى المتوسطة ؟ عندما يأكل الطعام بشهوة كأن يرى الطعام ويصيح عنده أو يتحرك أو تظهر عنده أمارة حب لهذا الطعام فإنه إن وضع هذا الطعام في فمه فإن بوله من النجاسات المتوسطة.
ولو سأل سائل فقال هو لا يأكل الطعام وإنما يرتضع هذا الحليب المجفف فقد يولد وهو ابن يوم أو يومين ويشرب من هذا الحليب المجفف فبال فما حكم بوله؟ من النجاسات المتوسطة لمَ ؟ لأن هذا الحليب طعام ليس من الآدميات إنما هو من البقر أو من البهائم ويشتاق إليه ويصيح عنده ويرغب فيه, وأفاد هذا الحديث بأن الحكم منوط بالبول فأما الغائط فهو من النجاسات المتوسطة , قيئ الغلام هل يدخل ضمن النجاسة المخففة أم ضمن النجاسة المتوسطة؟
قولان لأهل العلم والصواب أن قيئه من النجاسات المتوسطة وذلك لأن القيء لا يقاس على البول لأن البول باستمرار وانتشاره ليس كانتشار القيء فنبقى على ما نص عليه الحديث لكن لتعلم أن الصبي لو قاء فإن ما يأتي بعد ذلك من لعاب فإنه طاهر بمعنى أن لعابه الذي يأتي بعد قيئه طاهر لأنه عليه الصلاة و السلام لم يأمر النساء في ذلك العصر أن يتوقين ما بعد ذلك من قيئ ولو قال قائل ما الحكمة في التفريق بين الذكر والأنثى؟ أعلى الحكم هو اتباع الشرع , الشرع أمر بهذا سمعنا و أطعنا وهذه حكمة خذها معك دائماً ولذا في الصحيحين لما سألت تلك المرأة عائشة رضي الله عنها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فردتها عائشة رضي الله عنها لأمر الشرع قالت(كان ذلك يصيبنا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نأمر بقضاء الصلاة) لكن العلماء استنبطوا حكماً وقد تستنبط أنت حكماً أخرى لأن الحكمة ليست منصوصة فقال بعض العلماء: لأن الذكر يحمل كثيراً فلو أمر بغسل بوله لأن البول مستمر ليس كغائطه لو أمر الناس بغسله لحصلت مشقة بينما الأنثى الرغبة فيها أقل وهذه طبيعة ابن آدم يرغب الذكر أكثر من الأنثى فيكون حملها قليلاً بالنسبة لحمل الذكر وقال بعض العلماء: لأن الذكر عنده قوة هضم الطعام ليست عند الأنثى وقال بعضهم: لأن بول الغلام لا ينتشر بينما بول الجارية ينتشر ويتفرق ويتبعثر في أماكن متعددة وعلى كلٍ هذه حكم كلها تدخل ضمن هذا الأمر.
ثم قال المصنف رحمه الله:( وإذا زالت عين النجاسة طهرت)
الشرح :
النجاسة يسميها الفقهاء أو يجعلونها من باب التروك ما معنى من باب التروك أي أنها لا تفتقر إلى نية فلو أن ثوبك قد تلوث بنجاسة فوضعته فوق السطح فجاءت إليه مياه الأمطار فغسلته أنت لم تنوِ فزالت النجاسة طهرت أم لا ؟ طهرت لأنها من باب التروك ليست من باب العبادات , وكأنه يشير رحمه الله إلى أنه يرجح أحد القولين في مسألة ما هي هذه المسألة؟ أتزال النجاسة بالماء فقط أم أنه ممكن أن تزول النجاسة بالماء وبغير الماء؟ قولان لأهل العلم فبعض أهل العلم يقول: لابد من الماء فأي نجاسة تزال لابد من الماء والقول الآخر أن النجاسة عين مستقذرة مستخبثة متى ما زالت زال حكمها وهذا هو الصواب فلو وقعت نجاسة على هذه السجادة وأتينا بمطهر من المطهرات المستحدثة فوضعنا هذا المطهر على هذه النجاسة فزالت هذه النجاسة فالصواب أن هذا المكان يطهر لأن النجاسة زالت ومما يدل على هذا أن الشرع تسامح في الاستجمار فلو استجمرت بحجارة أتزيل هذه الحجارة كل هذه النجاسة الجواب : لا والنبي عليه الصلاة و السلام كما في سنن أبي داود أرشد إلى أن من أصابت خفيه نجاسة أن يدلكها بالتراب هل هذا الدلك يزيل كل النجاسة ؟ لا فدل على تسامح الشرع في هذا فنقول النجاسة عين خبيثة مستقذرة متى مازالت زال حكمها اللهم إلا في حالة واحدة وهي حالة نجاسة الكلب فلابد من التراب لكن لو انعدم التراب فعليه أن يضع شيئاً غير التراب وهناك قاعدة وهي (أن مع الضرورة يزول الضرر) إنسان في حالة اضطرار سيهلك إن لم يأكل من الميتة الخبيثة لو أكل منها هي مليئة با الأضرار والجراثيم لو أكل منها لن تضره بإذن الله ففي حالة الضرورة-سبحان الله- ينتفي الضرر فإذا انعدم التراب فاستخدم غيره كفى.
ثم قال المصنف رحمه الله:( ولم يضر بقاء اللون او الريح، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لخوله بنت يسار فى دم الحيض: “يكفيك الماء ولا يضرك أثره”)
الشرح :
يضر بقاء طعم النجاسة لا لونها وريحها عجزاً أين الدليل ؟ قول النبي عليه الصلاة و السلام “يكفيك الماء ولا يضرك أثره. إذاً طعم النجاسة يضر لمَ ؟ لأن طعم النجاسة في الغالب لا يبقى فإذا بقي دل على أن هناك تقصيراً من الغاسل في هذه الغسلة.