الدرس ( 66 ) باب الحيض ( 3 )( يوم طهر ويوم نقاء ـ الصفرة والكدرة ـ تقضي الصوم ـ طهرت قبل خروج وقت الصلاة ) ـ

الدرس ( 66 ) باب الحيض ( 3 )( يوم طهر ويوم نقاء ـ الصفرة والكدرة ـ تقضي الصوم ـ طهرت قبل خروج وقت الصلاة ) ـ

مشاهدات: 414

الدرس السادس والستون

من الفقه الموسع

لفضيلة الشيخ زيد البحري

 

مسألة :

إن رأت المرأة الحائض في يوم طهر وفي يوم نقاء فالصحيح انه ليس بطهر

الشرح

صورة هذه المسألة :

امرأة حائض ينزل معها فلفقهاء الحنابلة رأي في هذا فقالوا :ان رأت يوما دما ويوما طهرا فالدم والنقاء طهر يجب عليها ان تغتسل وتصلي ما لم يزد الدم على اكثر الشهر فتكون مستحاضة

القول الثاني :وهو اختيار ابن عثيمين ان جفاف المرأة يوما أو بعض اليوم لا يعد طهرا فقد جاء في صحيح البخاري ان النساء كن يأتينا عائشة ومعهن الكرسف أي القطن ينظرن هل جففن ام لا فكانت تقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ) والقصة البيضاء : سائل ابيض يخرجه الرحم بعد انقطاع الدم فدل على أن الجفاف يوم أو بعض يوم ليس بطهر وقد سبق معنا أن العلماء اتفقوا على أن أول الدم الحيض هو مايدفعه الرحم من الدم أول مرة . وأما نهاية الحيض وانقطاعه فقد اختلفوا : أيحصل بالجفاف أم بالقصة البيضاء فقال بعض العلماء : لايحصل إلا بالقصة البيضاء وذلك لأن احتشاء المرأة بالقطن وعدم رؤيتها لشيء قد يحصل في أيام الحيض فليس الجفاف يقينا بالطهر , وبالنظر إلى حال النساء فإن بعض النساء لا ترى القصة البيضاء ، ومن ثم فإن المرأة إذا رأت القصة البيضاء فيجب عليها أن تجعله أمارة لإنتهاء الحيض وإن لم يكن معها هذه القصة فالجفاف علامة لطهرها ودليل القصة قول عائشة (( لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء )) ودليل الجفاف قول المرأة (( إني استحاض فلا أطهر )) فعلة وأمارة انقطاع الحيض ما ذكرته من انقطاع الدم ولم ينكر عليها الرسول في اعتقادها بأن الجفاف هو الطهر

 

مسألة : الصفرة والكدرة حيض في زمن الحيض أما قبله وبعده فلا على القول الصحيح

الشرح :

الكدرة : ماء ممزوج بحمرة . وقد يعلوا هذا الماء لو متكدر ليس بأحمر قانيء ، أي ليس شديد الحمرة , وأما الصفرة : فماء ممزوج بصفرار ، والكدرة والصفرة اختلف العلماء فيها

فقال البعض أنها حيض مطلقا وذلك لأنها تخرج من الرحم وفيها نتانة وقذاره وقال البعض أنها ليست من الحيض في شيء لا قبله ولا بعده ولا في أثنائه لقول أم عطية كما في صحيح البخاري ((كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا )) قال ابن حجر : صنيع البخاري يدل على أن مثل هذه الصيغة في حكم المرفوع ولو لم تضف هذا الحكم إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عهده وقال البعض : أنها في زمن الحيض حيض أما قبله أو بعده فليست بحيض والدليل ما جاء عند أبي داود بزيادة (( كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا )) ولأن هذه الكدرة والصفرة ليست بدم وإنما لها حكم الحيض باعتبار التبعية للقاعدة الفقهية (( يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا )) وأم قول من يقول بأنها حيض مطلقا فيرد عليه بقول الرسول (( أن دم الحيض دم أسود )) وليس في الكدرة والصفرة شيء من هذا الوصف ، وأما الرد على أصحاب القول الثاني : فيرد عليهم بزيادة أبي داود (( كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا ))

 

مسألة : الحائض تقضي الصوم لا الصلاة ولا يصحان منها بل يحرمان .

الشرح :

دليل هذه المسألة أن عائشة سألتها معاذة العدوية فقالت (( ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة )) فقالت رضي الله عنها (( كان ذلك يصيبنا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فلا نؤمر بقضاء )) وفي رواية مسلم (( فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة )) والعلة في التفريق بين الصوم والصلاة ما ذكرته عائشة وهو أمر الشرع بهذا وقد استنبط العلماء حكمه وهي دفع المشقة لأن الصلاة تتكرر فقضائها يشق عليها وأما الصوم فلا يأتي إلا قليلا وهذا هو إجماع الأمة خلافا للخوراج فإن الحرورية منهم ممن سكن حروراء يرون أن تقضي الحائض الصلاة ولذا قالت عائشة لمعاذة (( أحرورية أنتي )) قالت : (( لا إنما أسئل )) فلو أنها صامت وصلت في زمن حيضها لا يصح منها لقول الرسول كما عند مسلم (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) بل يحرمان منها وتأثم لأنها خالفت أمر الشرع حتى لو قالت سأقضيها بعد الطهر وهل تثاب الحائض إذا تركة الصلاة والصوم ؟

قال النووي : لا تثاب وذلك لأنها عزمة على ترك الصلاة عند وجود هذا المانع فليست كالمسافر والمريض الذي لا يطرأ عليه مثل هذا العزم وهو اختيار ابن عثيمين قال ابن حجر رحمه الله لما ذكر كلام النووي قال : كونها لا تثاب لهذه العلة فيه تردد عندي

 

 

 

 

 

 

 

مسألة :

ان طهرت الحائض قبل خروج وقت الصلاة فإنه لا يلزمها إلا صلاة هذا الوقت دون ما يجمع إليها على الصحيح .

الشرح

صورة هذه المسألة ان تطهر الحائض قبل خروج وقت صلاة العصر ، بوقت تدرك فيه الصلاة وادراك الوقت كما سيأتي بيانه في شروط صحة الصلاة بإذن الله مختلف فيه هل هو بمقدار تكبيرة الاحرام او بركعة ؟ يترك الحديث إلى مجيء ذلك الشرط . وعلى كلا القولين لو انها طهرت قبل خروج وقت صلاة العصر بعد أن ادركت القوت فهل تلزم بصلاة الظهر مع العصر أم انها لا تلزم إلا بصلاة العصر  ؟

هذه المسألة اختلف فيها العلماء على قولين :

القول الأول / انها تلزم بصلاة الظهر مع صلاة العصر

واستدلوا بما يأتي :

  • بأثرين عن الصحابة
  • ان وقت صلاة العصر هو وقت صلاة الظهر عند الجمع والجمع يكون للعذر فيجمع بين الوقتين حتى يكون بمثابة الوقت الواحد .

القول الثاني :

انها لا تلزم إلا بصلاة العصر وأدلتهم ما يأتي : –

  • قول النبي ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) و أل ) هنا العهدية أي صلاة هذا الوقت وليست للعموم .
  • لم يرد عن النبي ما يوجب ذلك .
  • وهو دليل يعكس به عليهم وذلك أنهم قالوا : ان المرأة لو أدركت وقت الصلاة ثم حاضت ثم طهرت يلزمها بعد الطهر ان تصلي تلك الصلاة ، مثالها / لو انها أدركت ركعة من صلاة الظهر ثم حاضت فإذا طهرت قالوا انه يلزمها ان تصلي صلاة الظهر فقط فيقال لهم علام هذا التفريق مع ان هذين الوقتين وقتا واحدا عند الجمع ؟!

فيكون القول الصحيح / انها لا تلزم إلا بصلاة العصر .وأما ما جاء في هذين الأثرين فهما ان صحا فهذا من باب الاحتياط وذلك لأن الحيض أمر يعسر فيه عند المرأة ان تتحقق من الطهر أول أمرها فلربما انقطع قبل خروج وقت صلاة الظهر فإن الصلاة تلزمها فهذا من باب الاحتياط والتورع ، وليس لنا ان نلزم احدا بشيء لم يلزمه به الشرع وكما قلت تعكس عليهم المسألة الأخرى

المسألة الثانية :

وهي مسألة خلاف بين العلماء :

فإذا أدركت ركعة أو قدر التحريم على القول الآخر لو أدركت جزءا من الصلاة هل يلزمها ان تصلي تلك الصلاة بعد ان تطهر ؟

القول الأول : اذا أدركت وقتا قدر تكبيرة الاحرام فتلزمها هذه الصلاة إذا طهرت

القول الثاني :يقول تلزمها الصلاة إذا أدركت من الصلاة مقدار ركعة لقول النبي ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة )

القول الثالث : انه لا يزمها شيء لأنها ليست مفرطة فإذا حصل معها المانع أول الوقت فليس عليها شيء انما يكون عليها القضاء إذا اخرت الصلاة إلى آخر وقتها ثم حصل معها المانع فإنها تقضي وهذا اختيار شيخ الاسلام وأدلته ما يأتي :-

  • ان هذا يكثر في عصر النبي ولم ينقل عن الصحابيات انهن يقضين تلك الصلوات .
  • انها غير مفرطة فالشرع أجاز لها ان تؤخر الصلاة إلى آخر وقتها فإذا أخرتها لم تكن آثمة ولا تلزم بقضاء شأنها كشأن من أخر قضاء رمضان مع سعة وقته ثم توفى فإنه لا يصام عنه ولا يقضى عنه .

وأجابوا عن دليل أصحاب القول الثاني ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) قالوا ان الادراك لا يكون إلا في الأخير وهذا هو دليلنا فإذا أخرت الصلاة فيلزمها القضاء لأن الإدراك لا يكون إلا في آخر الشيء ودليله ان النبي قال كما في الصحيحين ( فما أدركتم فصلوا ) والانسان يدرك أول صلاة أمامه أو آخرها ؟

يدرك أخرها وهذا هو القول القوي ولو احتاطت المرأة فصلت لكان حسنا وليس هناك يقين عندي بأن الادراك لا يكون إلا في آخر الشيء ، ولذا أظفر بدليل إلى الآن أن الادراك يكون في غير آخر الشيء فلو ثبت وجود دليل يدل على ان الادراك قد يكون أول شيء فالقول الثاني قول له معلوم ان المرأة وجبت عليها الصلاة بدخول هذا الوقت فلا يحتاج إلى سؤال ولذا قال تعالى { يا أيها الذين أمنوا  إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } قال تعالى { وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا } فالاذان هو اعلام بدخول الوقت وهو موجب للصلاة وبدخول الوقت وإدراكها جزء منه يجعل الواجب عليها قائما والعلم عند الله .

 

هذه المسألة منقولة من الدرس 62 وهي آخر مسألة في الحيض نقلتها هنا