الدرس (7) أقسام المياه وأنواع النجاسات(النجاسة متى ما زالت تطهر ـ حكم إزالة النجاسة بمطعوم )

الدرس (7) أقسام المياه وأنواع النجاسات(النجاسة متى ما زالت تطهر ـ حكم إزالة النجاسة بمطعوم )

مشاهدات: 461

بسم الله الرحمن الرحيم

الفقه الموسع – باب المياه – الدرس السابع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بحث في الطهارة  :

( أقسام المياه والنجاسات )

النجاسة المغلظة

ــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهناك فائدة لطيفة ذكرها المفسرون تدل على عظيم قدرة الله عز وجل وذلك في قوله تعالى :

{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } النحل66

قالوا : [ إن البهيمة إذا أكلت أو شربت الشراب أو شربت الماء المالح أو العذب طبخته في معدتها فيتولد من هذا الطبخ من هذا الطعام والشراب اللبن والدم والفرث ، فينفصل اللبن من هذا الطعام حتى يجري إلى الضروع ، وينفصل الدم حتى يجري في العروق ، ويبقى الفرث في الكرش وهذا يدل على قدرته عز وجل . ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة :

[ الصحيح أن النجاسة متى ما زالت بشمس أو ريح، فإنها تطهُر ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح/ هذه المسألة اختُلف فيها، فبعض العلماء  :

يرى أن الشمس والريح لا يُطَهِّران

ومَرَدُّ هذه المسألة إلى مسألة سابقة وهي  [ إزالة النجاسة بغير الماء ]

فقد سبق الحديث عن تلك المسألة

 ويستدلون على عدم طهارة النجاسة بغير الماء بحديث الأعرابي الذي بال في المسجد كما جاء في الصحيحين ولم يتركه عليه الصلاة والسلام حتى تطهره الشمس أو الريح فدل على عدم إجزاء غير الماء

ومن  أدلتهم/ ما جاء في الصحيحين  :

أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بغلام لم يأكل الطعام فبال على ثوبه فنضحه بالماء

ومن أدلتهم/ قوله عليه الصلاة والسلام :

(( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فعلى ماء فإنه طهور ))

ومن أدلتهم/ قول النبي عليه الصلاة والسلام كما عند الخمسة، والمراد بالخمسة الإمام أحمد وأصحاب السنن؛ قوله عليه الصلاة والسلام عن ماء البحر :

(( هو الطهور ماؤه ))

ويستدلون أيضا، بقوله عز وجل :

((وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً ))

ففُهِم من هذه الأحاديث أو من النصوص أن غيرَ الماء لا يجزئ ولا يطهر

 

[ القول الثاني ] : أن الشمس والريح تطهران النجاسة إذا زال أثرُها

وليس المراد جفافَها ويُبسَها، وإنما المقصود إزالة أثرها

 

وأدلة هذا القول  :

أولا/ أن النجاسة عين مستقذرة متى ما زالت زال حكمها

الثاني/ أن النجاسة من باب التروك لا تفتقر إلى نية فدل على التسامح فيها

الثالث/ أنه جاء في صحيح البخاري :

(( أن الكلاب كانت تقبل وتدبر وتبول في المسجد ))

ولم يتتبع عليه الصلاة والسلام أثر بولها بالماء؛ وهذا القول هو الصحيح.

 

أما ما ذُكِر من نصوص لأصحاب القول الأول فهي نصوص صحيحة، لكنها لا تنفي غير الماء في التطهير

وأما استعماله عليه الصلاة والسلام للماء فلأنه عليه الصلاة والسلام يرى أن الماء أسهلُ في التنظيف وأبلغُ فيه وأيسرُ على المُكَلَّف .

وأيضا ما ذُكِر من أدلة في مسألة تطهير النجاسة بغير الماء تُذكر أيضا هنا فلا معنى لإعادة ما ذُكر سابقا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة/ [ يحرم إزالة النجاسة بمطعوم

وقد كره بعض العلماء أن يغتسل الإنسان بطعام ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح/ هذه المسألة لها شقان

الشق الأول: يحرم إزالة النجاسة بمطعوم

وهذه المسألة أدلتها كثيرة، وهي أدلة النهي عن إفساد الطعام بشتى صور الإفساد، ولاسيما إذا كان الإفسادُ لهذا الطعام بالنجاسة

فأدلةُ تحريم إفساد الأموال والأطعمة كثيرة، منها  :

قوله عليه الصلاة والسلام :

(( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ))

وقال عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي :

(( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ذكر منها : ( عن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه))

ومنها/ قوله تعالى :{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }

فالسؤال يقع عن النعيم فما ظنكم بالسؤال عن الطعام، فضلا عن السؤال عن إفساده  ؟!

ولقوله عليه الصلاة والسلام: (( أكرموا الخبز ))

ولا شك أن إزالة النجاسة بمطعوم امتهان لهذه النعمة

ولذا/ عليه الصلاة والسلام لما رأى تمرة قال :

(( لولا ألا تكون من الصدقة لأكلتُها ))

لأن الصدقة محرمة عليه ، عليه الصلاة والسلام ،

وقد جاء في صحيح مسلم عنه عليه الصلاة والسلام :

(( إذا سقطت لقمة أحدكم فليمسحها ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان )) والأدلة كثيرة .

 

ولو قال قائل: جاء في سنن أبي داود أنه عليه الصلاة والسلام  :

(( أمر المرأة لما حاضت فلوث دمها شيئا من رَحْلِها، أمرها عليه الصلاة والسلام أن تغسله بملح ))

والملح لا شك أنه طعام لقوله عليه الصلاة والسلاْم في ذكر الأصناف الربوية في الصحيحين قال :

 (( الملح بالملح مِثلا بمثل يدا بيد )) فدل على أن الملح طعام

فبم يجاب عن هذه الحديث  ؟

الجواب عن هذا الحديث أن يقال :

[ إن هذا الحديث مختلف في صحته فبعض العلماء يضعفه كالألباني رحمه الله وبعضهم يحسنه .

فإذا كان ضعيفا فلا تقوم به حجة

وإن كان ثابتا فإنه يوجه فيما إذا لم يزُل أثر النجاسة إلا بالطعام

ويدل لهذا التوجيه :

أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله أرأيت إن بقِيَ شيءٌ مِن أثَرِه، أي: مِن أثَر الدم؛

 فقال عليه الصلاة والسلام : (( يكفيك الماء ولا يضرُّكِ أثره ))

فهذا يدل على أن ذهاب الدم عسير على الإنسان،

 فإذا لم يزُل أثر النجاسة إزالة كاملة إلا به فيستعمل،

 ولا يقل أحد أن النبي عليه الصلاة والسلام يسّرَ في سؤال خولة

وذلك لأن الإنسان يحب أن يظهر بثوب حسن ، كيف والصحابي قد سأل النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم : ” الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة فقال عليه الصلاة والسلام إن الله جميل يحب الجمال ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشق الثاني/ كَرِه بعضُ العلماء أن يغتسل الإنسان بطعام :

وهذه الكراهة فيها نظر

والتنظير من حيث الاقتصار عليها فإن لم تكن هناك حاجة فإن الحكم ينتقل في نظري من الكراهة إلى التحريم، لأن في هذا الفعل إفسادا لهذا الطعام من غيرِ مُوجِب، ويكون حكمه كحكم ما سبق .

وأما إن كانت هناك حاجة والحاجة مطلقة فيجوز :

وذلك كأن تحتاج بعض النساء لتجميل وجهها بوضع بعض الأطعمة كما يفعل في هذا العصر

فهذا يجوز لأن هذه النعمةَ مخلوقةٌ للإنسان لينتفع بها وهذا من وجوه الانتفاع بها قال عز وجل :

{ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ}

وقال تعالى  :{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}

 

 

سؤال/ ما الفرق بين الحاجة والضرورة؟

الجواب/ الحاجة تختلف عن الضرورة:

فالضرورة: ألا يجد شيئا سوى هذا الطعام

ولكن الحاجة: أقل من الضرورة، فكل ما يحتاج إليه الإنسان يستعمله

ولذا: سئل الإمام أحمد رحمه الله عن غسل اليدين بالنخالة؟ فأجازه رحمه الله،

 والنخالة هي: بقية طعام سائل، ومثل هذا قد يحتاج إليه الإنسان إذا كان في برية ولا مواد مطهرة ومنظفة معه، فيستعمل بقية القهوة أو يستعمل بقية بعض المشروبات.

 

سؤال/ هل يجوز استعمال الطعام لإيقاف النزيف؟

الجواب/ هذا من باب أولى، لأن بعض هذه المطعومات لها أثر قوي أكثر من هذه الأدوية المستحضرة وذلك كالنزيف، فكانوا في السابق يضعون التمرَ على النزيف فيكونُ أسرعَ في إيقافِ هذا الدم، وهذا مجرب.

ومما يدل على الجواز أيضا: حديث النبي ﷺ: ” كُلُوا الزَّيْتَ، وَادَّهِنُوا بِه  “

فجمع عليه الصلاة والسلام حكمين في هذا الزيت:

الأكل، والاستخدام

وكلمة: ” ادَّهِنُوا بِه ” مطلقة، فله أن يدهن بهذا الزيت في أي موضع من مواضع جسمه

وهذا الزيت نعمة ومطعوم لأنه قال في صدر الحديث: ” كُلُوا الزَّيْتَ “.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ