الشرح المختصر لثلاثة الأصول ( الدرس التاسع )

الشرح المختصر لثلاثة الأصول ( الدرس التاسع )

مشاهدات: 1034

شرح الأصول الثلاثة

الدرس التاسع والأخير

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

 

ثم قال رحمه الله :

( والناس إذا ماتوا يُبعثون )

وهذا الإيمان به من الإيمان باليوم الآخر ، بل هو أعظم أجزاء الإيمان باليوم الآخر ، لم أعظم ؟ لأن كفار قريش أنكروه .

( والدليل : قوله تعالى :{ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } طه55 ) .

أي الدليل على أن الناس يبعثون إذا ماتوا قوله تعالى { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } أي الأرض { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } بعد الموت { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } يعني مرة أخرى للبعث والنشور والجزاء والحساب .

( وقوله تعالى : { وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً{17} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً{18} [ نوح : 17، 18] ) .

دليل آخر على أن الناس إذا ماتوا يبعثون { وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً{17} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا } إذا مُتُّم { وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } .

ثم قال رحمه الله :

( وبعد البعث مُحاسَبُون ومجزيون بأعمالهم ، ) .

بمعنى أنهم إذا ماتوا فبعثوا لا يُتركون هملا ، بل يحاسبون كلٌ على حسب ما عمل وفعل .

( والدليل : قوله تعالى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } النجم31 ) .

الدليل على أنهم يحاسبون { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } يعني بالجنة ،  فـ { ِالْحُسْنَى } هنا ( الجنة )  والأدلة على هذا كثيرة { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ{7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } .

( ومن كذَّب بالبعث كفر )

لم يكفر ؟ لأنه كذَّب بأصل من أصول الإيمان الستة .

( والدليل ) على أن من كذَِّب بالبعث كفر ( قوله تعالى : { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } التغابن7 ) .

أي إعادتكم وبعثكم يسير، هينٌ على الله – سبحانه وتعالى – وفي هذه الآية أمر – سبحانه وتعالى – النبي صلى الله عليه وسلم أن يُقسم به في تقرير وتحقيق البعث ، وقد أُمر عليه الصلاة والسلام بذلك في ثلاث آيات.

الآية الثانية : قوله تعالى { وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } يونس53 ،

الآية الثالثة : قوله تعالى في سورة سبأ { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ } سبأ3 .

لو سألت سؤالا : لماذا أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُقسم به ثلاث مرات على تحقيق البعث ؟

الجواب / لعظم وأهمية الأمر .

ثم قال رحمه الله :

( وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين )

يعني لم يرسل الرسل هكذا عبثا ( كلا ) ولذلك من أنكر أن الله أرسل رسولا فهو لم يعظم الله عز وجل ، ما الدليل ؟ { وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}لم ؟ { إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } الأنعام91، فمن لم يقر بالرسل وبوجودهم فهو لم يعظم الله، لم ؟ لأن الله -سبحانه وتعالى – أراد أن يقيم الحُجج على البشر بهؤلاء الرسل .

( والدليل :قوله تعالى : { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } النساء165 ) .

الدليل على أن الله أرسلهم مبشرين ومنذرين قوله تعالى { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } لم ؟ { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } والإيمان بهم ركن من أركان الإيمان الستة ، فيجب أن نؤمن بهم على وجه التفصيل والإجمال .

قال رحمه الله :

( وأولهم نوح عليه السلام ، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم النبيين ) .

لِمَ لَمْ  يذكر آدم عليه السلام ؟ لأنه نبي مكلَّم ليس رسولا .

فالرسول / هو الذي أُوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه .

أما النبي / فهو الذي أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه ، فأول مَنْ أرسل – سبحانه وتعالى – إلى أهل الأرض أرسل نوحا ، وكان بينه وبين آدم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ( وكان بينهما عشرة قرون ) وكانوا على التوحيد من آدم عليه السلام إلى أن غالى الناس في الصالحين فعبدوهم من دون الله – سبحانه وتعالى – فأرسل إليهم نوحا.

( وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم النبيين )

ما الدليل على أنه آخرهم ؟ قال تعالى { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ }الأحزاب40 ، فدل على أن مَنْ أتى بعده وقال إنه نبي ، فهو كاذب بل كافر .

( والدليل على أن أولهم نوح : قوله تعالى : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } النساء163 ) .

لما ذكر – سبحانه وتعالى – إنكار الكفار لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم { يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ }النساء153 ، فأراد – سبحانه وتعالى – أن يطمئنه وأن يسليه فقال { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } يا محمد ، صلى الله عليه وسلم { كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } ماذا قال بعد نوح ؟{ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } فدل على أن نوحا أول رسل الله إلى أهل الأرض.

ثم قال رحمه الله :

( وكل أمة بعث الله إليها رسولا – من نوح إلى محمد – يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت .                                                                                                                                                                                    

والدليل : قوله تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ }النحل36 ) .

والدليل على ما ذكره من أن كل أمة بعث الله إليها رسولا – من نوح إلى محمد – يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت ، قوله تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً } ما الحكمة من إرسال الرسل في الأمم ؟ { أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ } ولذا الرسل في كتاب الله عز وجل كلٌ منهم يقول : أن { اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ } الأعراف65 ، { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } الأنبياء25.

( وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت ، والإيمان بالله ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : [ معنى الطاغوت : ما تجاوز به العبد حدَّه من معبود ، أو متبوع ، أو مطاع ] ) .

ابن القيم /  هو شمس الدين محمد بن القيم الجوزية ، وهو تلميذ لشيخ الإسلام رحمه الله ، ومن الأعلام .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : [ معنى الطاغوت ] هو يفسر الطاغوت ، قال : [ ما تجاوز به العبد حدَّه من معبود ، أو متبوع ، أو مطاع ]  .

[ من معبود ] مثل : الأصنام .

[ أو  متبوع ] مثل : السحرة والدجالين .

[ أو مطاع  ] مثل : علماء السوء الذين يطاعون في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرَّم الله .

ثم قال رحمه الله :

( والطواغيت كثيرون ، ورؤوسهم خمسة : إبليس لعنه الله )

يعني طرده الله عز وجل من رحمته ، ويجوز لنا أن نلعن إبليس ، وهذا يدل عليه كلام المصنف ، لكن مما يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لما أتى إبليس بشهاب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أتاه ليحرق وجهه ، قال عليه الصلاة والسلام : ألعنك بلعنة الله ، ثلاثا ) فيجوز لعنه ، ولكن الأفضل أن يصرف اللعن إلى الاستعاذة بالله عز وجل من شره ، ولذلك صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تسبوا الشيطان وتعوذوا بالله من شره ) .

الرأس الثاني من الطواغيت :

( ومن عُبد وهو راضٍ )

انتبهوا ، قيَّد المصنف رحمه الله بجملة حالية ( وهو راضٍ ) والجملة الحالية تُقيد الحكم ، قال ( وهو راض ) فما يُذكر في بعض الكتب أن الطاغوت   [ هو ما عُبِد من دون الله ]  خطأ ، بل لابد أن تقيد وتقول ( وهو راض ) لم  لأن المسيح والملائكة والأولياء عُبدوا من دون الله ولكن لم يرضوا بهذه العبادة ، فلابد من هذا التقييد ( وهو راض ) .

الرأس الثالث من الطواغيت :

( ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه )

مثل فرعون

الرأس الرابع :

( ومن ادعى شيئا من علم الغيب )

مثل / الكهنة والسحرة والمشعوذين

الرأس الخامس :

( ومن حكم بغير ما أنزل الله )

فاستبدل بالقوانين الوضعية ، استبدل بهذه القوانين عن كتاب الله وعن أحكام الله .

( والدليل ) يعني الدليل على أن الله عز جل افترض على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله .

( والدليل : قوله تعالى : { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } البقرة256 ) .

من أراد أن يستمسك { بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ } وهي عروة التوحيد التي لا انقطاع لها والتي بها ينجو العبد ، لأنه متمسك بشيء قوي متين ، فعليه أن{ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ  } .

ثم إن في قوله تعالى { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } فيه دلالة على أن هذا الدين واضح جلي ، لا يحتاج إلى أن يُجبر أحد في الدخول فيه ، لا تكرهوا أحدا في الدخول في الدين ، بَيِّنوا لهم أحكام هذا الدين وعظمته { قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }

ولكن لا يُترك الكافر على حاله ، كما في حديث بريدة في صحيح مسلم  ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خِلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم : ادعهم إلى الإسلام ، فإن لم يقبلوا : فاضرب عليهم الجزية ) فالكافر تُؤخذ منه الجزية ، ولكنه لا يُجبر على الدخول في الدين ، فإن أَبَى الدخول في الدين وأبى الجزية مع بقائه على دينه فإنه يُقاتل كما ذكر عليه الصلاة والسلام في حديث بريدة .

ثم قال المصنف رحمه الله :

( وهذا هو معنى : لا إله إلا الله )

ما معنى لا إله إلا الله ؟ الإيمان بالله والكفر بالطاغوت .

ما معنى العروة الوثقى ؟ لا إله إلا الله .

ولم يقل ( عروة ) فقط ، وإنما وصفها بأنها ( وثقى ) هذا يدل على متانتها وقوتها ، وهذا يدل على أن التوحيد أصل أصيل وقاعدة ينبني عليها أشياء أخرى .

والعروة أين تكون ؟ في العلو أو في السفل ؟ في العلو ، يدل على أن الإنسان يعلو ويرتقي كلما كان أكمل في توحيد الله  سبحانه وتعالى .

( وفي الحديث : ( رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) .

الرأس إذا نُزع من البدن أيهلك ؟ نعم يهلك ، فكذلك رأس هذا الدين هو الإسلام ، فإذا لم يوجد الإسلام لم يوجد للعبد دين ، ثم ماذا قال ؟

( وعموده الصلاة ) مع أن الصلاة عمود جعلها في المرتبة الثانية بعد التوحيد ، مما يدل على أنه ليس هناك شيء أرفع من التوحيد ، وقد استدل بهذا الجملة ( وعموده الصلاة ) بعض الأئمة كالإمام أحمد ، استدل بها على أن تارك الصلاة كسلا : كافر كفرا يخرجه عن ملة الإسلام ، لأن من جحد الصلاة فقد كفر بإجماع الأمة ، لكن من تركها تهاونا وكسلا فإن فيه خلافا بين أهل العلم ، والصواب أنه يكفر ، والأدلة كثيرة ، ولكن من بين الأدلة المذكورة هنا ( وعموده الصلاة ) لأن الخيمة لا يمكن أن تبقى بدون عمود ، فإذا أزيح العمود منها سقطت .

هذا الإسلام وهذه الصلاة تحتاج إلى أن تُنشر ، وأن يُلزم الناس بها ، إما إلزاما بالدخول في الدين عن اختيار ورغبة وإلا يبقوا على دينهم بشرط أن ينزلوا على حُكم الإسلام وأن يكونوا أذلاء ، وذلك بضرب الجزية عليهم ، هذا يحتاج إلى الجهاد في سبيل الله ، ولذلك ختم الحديث بقوله :

ن ي

 

 

( وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله )

السنام أين مقامه ؟ في العلو ، يدل على أن الأمة لا يمكن أن تعلو إلا بالجهاد ، ثم إن الجهاد نوع من أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإذا أردت أن تتحدث في يوم من الأيام عن فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاذكر هذا الحديث ( وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) لأن الجهاد في سبيل الله نوع من أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

 

ثم قال المصنف رحمه الله :

( والله أعلم )

رد العلم إلى عالمه ، لأن الإنسان مهما بلغ من العلم في رؤى الناس وفي أنظار الناس فإنه لا يمكن أن يكون قد حوى العلم كله وسيبقى جاهلا في أشياء كثيرة ، قال تعالى { وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } الإسراء85 ، ولذلك قال ( والله أعلم )

وفي بعض المتون ختم هذه الرسالة بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ،قال:( وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) والصلاة من الله عز وجل على عبده : الثناء عليه في الملأ الأعلى ، ولعل الذي دعاه إلى أن يذكر الصلاة والسلام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من قوم يجلسون مجلسا لا يذكرون الله تعالى فيه ولا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان عليهم ذلك المجلس تِرَة ) يعني حسرة وندامة يوم القيامة .

وبهذا تمَّ شرح هذا الرسالة المختصرة ، وتمَّ شرحها باختصار ، وهي حقيقة تحتاج إلى وقت طويل ولكن من باب أن يلم طالب العلم المبتدئ بهذه الرسالة وبما فيها اختصرنا فيها ، وإلا وقد سبق وأن شرحناها شرحا مطولا ، فهي بجد وحقيقة رسالة ومفيدة لمن تأملها ، ولذا أنصح الجميع ممن حضر أن يراجع ما شُرِح وأن يتأمل فيها ، وكلما قرأ وقرأ شرحها استفاد منها فائدة كثيرة أكثر من قراءته للمرة الأولى ، ولو قرأ ثالثة استفاد أكثر مما قرأه في القراءة الثانية

نسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يجعله حجة لنا لا حجة علينا وأن يوفقنا لكل خير وأن يجنبنا كل شر ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .