الشرح الموسع على (متن الآجرومية)
[44]
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( كان وأخواتها)
باب العوامل الداخلة على المبتدأ والخبر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ما شرع رحمه الله في بيان جملة من أحكام الجملة الاسمية شرع رحمه الله في بيان العوامل التي تؤثر على الجملة الاسمية وتخرجها عن أصلهما الذي بُيِّن في الباب السابق
فمعلوم أن الأصل في الجملة الاسمية :
” الرفع دائما فالمبتدأ مرفوع والخبر مرفوع
لكن هناك عوامل تغير هذه الحالة إلى غيرها فيما لو دخلت على الجملة الاسيمة
وهذه العوامل هي :
أولا :
ما ينصب المبتدأ والخبر
وهذا عمل [ إنَّ وأخواتها ]
ثانيا :
ما يرفع المبتدأ وينصب الخبر
وهذا عمل [ كان وأخواتها ]
ثالثا :
ما ينصب كلا من المبتدأ والخبر :
وهذا عمل [ ظن وأخواتها ]
وهذه العوامل تسمى بـ [ النواسخ ] لأنها تنسخ حالة الجملة الاسمية من الرفع إلى حالة أخرى
ــــــــــــــــــــــــــــ
أولا :
[ كان وأخواتها ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
عملها :
ــــــــــــــــ
ترفع المبتدأ ويسمى اسمها وتنصب الخبر ويسمى خبرها
وهي كلها : أفعال ناقصة
ــ هل تؤثر في المبتدأ والخبر أم أن تأثيرها مقصور على الخبر فقط ؟
تأثيرها على الخبر ظاهر
فهي حولته من مرفوع إلى منصوب ومن كونه مرفوعا بالمبتدأ إلى مرفوع بها
أما المبتدأ :
فقيل :
إنها لا تؤثر فيه لأنه مرفوع أصلا
وقيل :
هي أثرت فيه فبدلا من انه كان مرفوعا بالابتداء أصبح يرفع بها وبدلا من أنه كان مبتدأ أصبح اسمها
ولذلك قال المؤلف :
ترفع الاسم للدلالة على تأثيرها فيه
[ 1 ] وأول هذه الأفعال [ كان ]
وهي أم الباب وهي تفيد الاستمرار
مثال :
كان زيدٌ قائماً
كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح
زيد : اسم كان مرفوع بها وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره
قائما : خبر كان منصوب بها وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره
[ 2 ] أمسى :
تفيد اتصاف المُخْبَر عنه بالخبر وقت المساء
أمسى الجو باردا
[ 3 ] أصبح :
وتفيد اتصاف المخبر عنه بالخبر وقت الصباح :
مثل :
أصبح زيد مجتهداً
[ 4 ] أضحى :
وتفيد اتصاف المخبر عنه بالخبر وقت الضحى
مثل :
أضحى الجسم بارداً
[ 5 ] ظلَّ
وتفيد اتصاف المخبر عنه بالخبر وقت النهار
مثل :
ظل الولدُ كسلاناً
وهو لفظ مشتق من الظلال
ويشترط لعملها أن تكون بمعنى [ صار ]
[ 6 ] بات :
وتفيد اتصاف المخبر عنه بالخبر في الليل
مثل :
بات الرجل سعيدا
[ 7 ] صار :
وتفيد التحول من شيء إلى شيء آخر
مثل :
صار البرتقال عصيرا
[ 8 ] ليس
وتفيد النفي في الحال الا إذا قيدت بوقت مثل :
ليس زيدٌ قائما
هذه نفي في الحال
ليس زيدٌ قائما غداً
نفي القيام غدا
ليس زيدا حاضرا بالأمس
نفي الحضور في الأمس
[ 9 ] مازال
مثل :
ما يزال الله غفورا رحيما
[ 10 ] ما انفكَّ
مثل :
ما انفك الحق واضحا
[ 11 ] ما فتئ
مثل :
ما فتئ زيد ضاحكا
[ 12 ] ما برح :
مثل :
ما برح زيدٌ قائماً
هذه الأفعال الأربعة الأخيرة :
[ مازال ـــ ما انفك ــ ما فتئ ــ مابرح ]
تسمى هذه الأفعال بأفعال الملازمة
لأنها تدل على ملازمة الشيء وعدم مفارقته
ولكي تعمل عمل كان لابد أن يقترن بها [ نفي أو شبهه ]
وهي تفيد ملازمة المخبر عنه بالمخبر بحسب ما يقتضيه الحال من الاستمرار عليه من عدمه
قال ابن مالك :
فتئ انفك وهذي الأربعة
لشبه نفي أو لنفي متبعه
شبه النفي نوعان :
1 ـ النهي :
لا تزل مجتهدا
لا : حرف نهي جازم
تزل : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه السكون وحذف الألف لالتقاء الساكنين واسمها ضمير مستتر تقديره أنت
مجتهدا :
خبر لا تزل منصوب بها وعلامة النصب الفتحة الظاهرة على آخره
2 ـــ الدعاء :
مثل :
لا يزال الله محسنا إليك
[ 13 ] من أخوات كان[ مادام ] :
مثل :
لن أخرج مادام المطر نازلا
ويشترط لعملها : أن تتقدمها [ ما ] المصدرية الظرفية
وقلنا : المصدرية الظرفية لأنها تحول الفعل إلى مصدر مسبوق بمدة
فيكون تأويل المثال السابق :
لن أخرج مدة نزول المطر
” مدة ” ظرف
نزول : مصدر
ولابد أن يسبقها فعل يتضح معناها ـ
ــــــــــــ
إذاً :
هذه الأفعال منها ما يعمل بشرط ومنها ما لا يحتاج إلى شرط :
1 ] ( ظل ) يشترط ان تكون بمعنى ” صار “
2 ] ( فتئ ــ برح ــ انفك ــ زال ) يشترط أن يسبقها نفي أو شبهه
3 ] ( دام ) يشترط أن يسبقها ” ما المصدرية الظرفية “
4 ] باقي الأدوات لا تحتاج إلى شروط
ــــــــــــــــــــ
ما تصرف من هذه الأفعال :
جميع هذه الأفعال متصرفة ما عدا [ ليس ، دام ]
فهي باقية على حالها
مثال :
يكون الولد نائما
(( لن نبرح عليه عاكفين ))
لن : حرف نفي ونصب واستقبال
نبرح : فعل مضارع ناقص منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره واسم نبرح ضمير مستتر تقديره نحن
عليه :
على : حرف جر مبني على السكون
الهاء : ضمير بمني على الكسر في محل جر اسم مجرور
عاكفين :
خبر ” لن نبر ح ” منصوب بها وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد
ــــــــــــــــــ
خبر هذه الأفعال يمكن أن يكون :
جملة
أو شبه جملة
أو مفردا
وسبق بيان هذه الأنواع :
مثال المفرد :
كان محمدٌ مجتهداً
مثال شبه الجملة :
الجار والمجرور : كان زيد في المسجد
الظرف والمظروف : كان زيد عندي
مثال الجملة :
الاسمية : كان زيد أبوه مسافر
الفعلية : كان زيد يحب الأكل
[ كان ] :
الأصل فيها أنها تفيد الاستمرار
قال تعالى : (( وكان الله غفورا رحيما ))
الله غفر ورحيم أزلا وأبدا
وتقول عائشة رضي الله عنها : (( كنت أطيب النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت ))
وموضع الشاهد :
قبل أن يطوف بالبيت
ووجه الاستشهاد :
أنه عليه الصلاة والسلام لم يحج إلا مرة واحدة
فهنا خرجت عن الأصل
إذاً :
فالأصل :
في [ كان ] أنها تفيد الاستمرار ما لم تخرج عن ذلك بدليل
ــــــــــــــ
هذه الأفعال قد تكون تامة :
وهي أن تكتفي بمرفوع ولكن يخرج من هذا :
[ زال ــ فتئ ــ ليس ] فهي لا تكون إلا ناقصة
ويعرف تمام الأفعال بعدم خبرها
أمثلة على التمام :
قال تعالى : (( وإن كان ذو عسرة فنظرة ))
وقال تعالى : (( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ))
ففي كل من المثالين الأفعال تامة لعدم ذكر خبرها
فأتت ” كان ” بمعنى ( وجد ) و (( ذو عسرة )) نائب فاعل ولا خبر مذكور
و (( تمسون )) :
فعل مضارع تام مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة
والواو : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان :
قد تكون زائدة لا محل لها من الإعراب
وذلك إذا وقعت بين شيئين متلازمين مثل ” المبتدأ والخبر ” إذ لو حذفت لما اختل المعنى وهذه هي علامتها
مثال :
زيد كان واقفٌ
زيد : مبتدأ
واقف : خبر له
وكان : هنا زائدة لأنها لو حذفت لما تغير المعنى فيقال : زيدٌ واقفٌ
وهذا خاص بـ [ كان ] دون أخواتها
[ كان ]
لو كان مضارعها مجزوما جاز فيها حذف النون اختصارا
فيقال :
لم يكن
لم يكُ
ـــــــــــــــ
[ كان ]
تحذف كثيرا مع اسمها بعد:
[ إن و لو الشرطيتين ]
مثال :
ائتنِ بدابة ولو حمارا
أصلها :
ائتن بدابة ولو كان المأتي به حمارا
وقول الشاعر :
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا
فما اعتذارك من قول إذا قيلا
أصلها :
أن كان المقول صدقا
وعند تقدير اسمها لابد من أن يكون مناسبا للسياق
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ فتئ ]
لو سبقت بقسم يحذف النفي ويصبح مقدرا وتبقى على عملها
فتكون عاملة بنفي مقدر
مثال :
((قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ ))
تفتأ : فعل مضارع ناقص مرفوع واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت
تذكر :
فعل مضارع مرفوع
والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت
يوسف : مفعول به منصوب
والجملة الفعلية في محل نصب خبر تفتأ
مثال :
((لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ ))
ليس : فعلا ماضي ناقص ناسخ مبني على الفتح
البر : خبر ليس مقدم منصوب بها وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره
ان : حرف مصدري ونصب
تولوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة
والواو : ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل
وجه : مفعول به منصب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف
والكاف : ضمير مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
والميم : علامة للجمع
وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر [ تولية ] في محل رفع اسم ليس
فأصل الكلام لو كان في غير القرآن :
ليس تولية وجوهكم برا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ