شرح ثلاثة الأصول موسع
تتمة الأصل الثاني (2 )
ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله : (( معنى شهادة أن محمدا رسول الله )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما ذكر المصنف دليل شهادة أن محمدا رسول الله ذكر معنى هذه الشهادة
إن كنتم تذكرون أن دليل شهادة أن لا إله إلا الله
قوله تعالى :
((شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ ))
أيضا :
هو عز وجل شهد لنبيه عليه الصلاة والسلام وكفى به شهيدا وأيضا شهدت الملائكة بهذا :
قال تعالى :
{لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً } النساء166
((لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ))
يعني :
هو أنزل هذا الكتاب وهو عالم بما اشتمل فيه
وعالم بأنك يا محمد أهل بأن تكون رسولا
وأيضا الملائكة يشهدون
وهنا أيضا فيه تكريم للنبي عليه الصلاة والسلام :
إذ إنه عز وجل شهد له بالرسالة وأيضا شهدت له الملائكة :
لقوله تعالى :
{لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً } النساء166
وقوله عز وجل في سورة الأنعام :
((قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ ))
نأتي إلى معنى هذه الشهادة وهي شهادة أن محمدا رسول الله
هذه الشهادة :
قد لا تذكر في بعض الأحاديث مع أهمية وضرورة اعتقاد المسلم بها اكتفاء بشهادة أن لا إله إلا الله
فشهادة أن لا إله إلا الله علم يدل على شهادة أن محمدا رسول الله
لقوله عليه الصلاة والسلام : (( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ))
لابد أيضا من ماذا ؟
من شهادة أن محمدا رسول الله
لكن اقتصر على شهادة أن لا إله إلا الله لدلالتها على شهادة أن محمدا رسول الله
وقوله : ( ( ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله طاعته فيما أمر ))
معنى شهادة أن محمدا رسول الله معناها كما ذكر المصنف هنا معناها متضمن لأربعة أشياء :
لابد من توفر هذه الأشياء الأربعة وإلا لم يكن هذا الإنسان شاهدا بأن محمدا رسول الله
أولا :
طاعته فيما أمر
لماذا ؟
لأن طاعته طاعة لله عز وجل
قال تعالى في آيات كثيرة تدل على هذا المعنى : ((مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ))
قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( من يطع الأمير فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله ))
لكن النبي عليه الصلاة والسلام من باب الشفقة والرحمة بالأمة أمرهم أن أتمروا بأمره فيما استطاعوا
قال : (( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ))
إذاً : لابد من تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله:
أن يطاع فيما أمر
وقوله : (( وتصديقه فيما أخبر)) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا هو المعنى الثاني لشهادة أن محمدا رسول الله
فكل ما أخبر به عليه الصلاة والسلام من الأخبار الماضية والمستقبلية فيجب أن نصدق به
أخبر عليه الصلاة والسلام عما جرى من قصص للأنبياء أو من قصص جرت في بني إسرائيل فهنا يجب أن نصدقه هو عليه الصلاة والسلام أخبر عن أمور مستقبلية كعلامات الساعة الصغرى والكبرى وما يجري آخر الزمان هنا يجب أن نصدق
ولكن متى نصدق ؟
إذا صح الخبر عنه عليه الصلاة والسلام ، لأن هناك أخبارا مختلقة مكذوبة على النبي عليه الصلاة والسلام
كحديث مثلا :
(( الدنيا سبعة آلاف سنة ))
هذا كذب لأنه مخالف لصريح القرآن ، فعلم الساعة لا يعلمه إلا الله
ولا يمكن أن يخالف خبره عليه الصلاة والسلام خبر ربه لأنها أخبار صدق
والصدق لا يحصل فيه تناقض ولا تعارض
وقد آمن الصحابة بهذا فصدقوا أخباره عليه الصلاة والسلام وسلموا بذلك حتى قال ابن مسعود :
((حدثنا الصادق المصدوق ))
الصادق : في خبره
المصدوق : أي المصدق الذي صُدق
ثم هو رضي الله عنه أتى بهذه الصيغة تمهيدا لما سيذكره
ما هو الشيء المذكور ؟
يتعلق بأمور غيبية قال :
(( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة … )) إلى آخر الحديث
والدليل على وجوب تصديقه فيما أخبر:
قوله تعالى :
((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} ))
بل قال عز وجل:
((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ{44} ))
يعني : اختلق علينا أو كذب
(( بعض )) شيئا يسيرا
((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ{44} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ{45} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ{46} ))
فإذاً :
هذا هو المعنى الثاني الذي به تتحقق شهادة أن محمدا رسول الله
تصديقه عليه الصلاة والسلام بكل ما أخبر به شريطة أن نتحقق من صحة الخبر
وقوله : (( واجتناب ما نهى عنه وزجر ))
فأي شيء حرمه النبي عليه الصلاة والسلام فيجب أن يبتعد عنه المسلم
وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ))
وقال تعالى :
(( ومن يعص الله ورسوله فق ضل ضلالا مبينا ))
وقوله : (( وأن لا يعبد الله إلا بما شرع )) :
فأي عبادة جاءت على خلاف ما سنه عليه الصلاة والسلام فهي باطلة
مردودة على صاحبها
والدليل قوله في الصحيحين :
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
يعني: مردود على صاحبه
وفي رواية مسلم :
(( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ))
إذاً :
الابتداع في الدين مردود ولا يكون صاحب البدعة محققا لشهادة أن محمد رسول الله
والبدعة :
هي ما أحدثت على غير مثال سابق
والبدعة :
ليست طعنا ولا قدحا في شهادة أن محمدا رسول الله فحسب بل هي طعن وقدح في الله
وقدح في كتابه وقدح في صحابة النبي عليه الصلاة والسلام
كيف ؟
لسان حال المبتدع لما اختلق هذه العبادة يناقض ما أنزل الله في كتابه وهو قوله : (( اليوم أكملت لكم دينكم ))
بفعله هذا كأنه يقول : إن الدين لم يكتمل
فهذا قدح في الله الذي كلامه حق
وقدح في كتاب الله
وقدح في الصحابة لأنهم هم الذين نقلوا إلينا هذا الشرع
فإما أن يكونوا قد جهلوا بهذه العبادة وهذا قدح فيهم بل وقدح في كتاب الله الذي أثنى عليهم
وإما أن يكونوا قد علموا بها وكتموها
وهذا قدح فيهم وفي كتاب الله
فالمبتدع وإن لم يتحدث بلسانه بهذه الأشياء إلا ولسان حاله وتصرفه وفعله يشير إلى هذا
وقد ورد حديث فيه ضعف في المرفوع
ولكن صح عن “حسان بن عطية ” أنه قال :
(( ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم نظيرها ))
فكلما حصلت بدعة في مجتمع المسلمين فاعلم أنه ستندثر وتختفي سنة
والواقع يشهد بهذا
واعلم :
بان البدع كلها ضلال
فليس هناك خبر أصدق من خبر النبي عليه الصلاة والسلام وقال : (( كل )) من أعظم صيغ العموم : (( كل بدعة ضلالة ))
وما ذهب إليه بعض العلماء من أن البدع أقسام :
بدعة واجبة
بدعة محرمة
بدع مكروهة
بدعة مستحبة
بدعة مباحة
هذه لا دليل عليها
وتخالف صريح قوله عليه الصلاة والسلام معمما بماذا ؟
بأن كل بدعة ضلالة
وأما قول ” عمر “ ( نعمت البدعة ) ــــ فقد كانت صلاة التراويح موجودة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وصلى عليه الصلاة والسلام ثلاث ليال وصلى خلفه الصحابة فلما جاءت الليلة الرابعة لم يخرج عليه الصلاة والسلام وقال : (( قد علمت بمكانكم ولكن خشيت أن تفرض عليكم ))
إذاً :
صلاة التراويح جماعة:
ألم توجد في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ؟
بلى
لماذا لم تستمر؟
خشي أن تفرض على الأمة فيعجزوا عن أدائها
فظل الأمر على ما هو عليه :
يصلي الناس التراويح أوزاعا
هذا يصلي وحده
اثنان يصليان مع ثلاثة
فتوفي النبي عليه الصلاة والسلام
وجاء عهد أبي بكر:
ولم يفعل شيئا لأنه رضي الله عنه كانت مدة خلافته قصيرة سنتان وأشهر
وكان قد ابتلي بالمرتدين
فتوفي رضي الله عنه والأمر على ما هو عليه
فلما جاء عهد عمر :
جمع الناس في صلاة التراويح على إمامين :
تميم الداري
وأبي بن كعب
فجعل المسلمون يصلون صلاة التراويح جماعة فخرج ذات يوم فلما رآهم مجتمعين على هذين الإمامين
قال : (( نعمت البدعة ))
فبعض العلماء استدل بهذه الجملة على أن البدع أنواع
ولكن ليس لهم دليل
لماذا ؟
لأنها كانت موجودة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام
وأيضا عمر الذي يسبر حاله وحرصه على الشرع ووقوفه عند حدود الله ما يخطر في باله أنه رضي الله عنه يبتدع في الدين
لكن لماذا سماها بدعة ؟
لأنه طال الزمن بين فعله عليه الصلاة والسلام لها جماعة إلى وقته فكادت أن تختفي فأنشأها أو أحياها
إذاً :
تكون كلمة عمر “ :
نعمت البدعة ” بدعة لغوية
وأما قوله عليه الصلاة والسلام : (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ، )) ليس دليلا للمبتدعة :
قالوا : من سن في الإسلام سنة حسنة ؟
فالجواب :
أن البدعة ليست من الإسلام وليست حسنة
فلا دليل لكم على أن البدع منها ما هو حسن ومنها ما هو قبيح
اعذروني لو أطلت في هذه النقطة و لأنها مهمة جدا ،
نحن في زمن قد كثرت فيه الفتن لابد أن يأخذ طالب العلم الحيطة والحذر للتصدي لهؤلاء المبتدعة ولا يمكن ان يتصدى لأقوالهم الا بالعلم الشرعي
ثم أيضا هذا الحديث ورد على سبب :
وهو أن قوما من مضر أتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام مجتابي النمار
يعني : ثيابهم ممزقة
يظهر عليهم الفاقة والفقر فلما صلى عليه الصلاة والسلام صلاة الظهر خطب في الناس يحثهم على الصدقة فأول من أتى بالصدقة رجل أتى بحفنة من طعام تكاد كفه تعجز عنها فوضعها بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام فكان سببا إذ تتابع الناس وتصدقوا
فقال عليه الصلاة والسلام هذا الحديث كما في صحيح مسلم : ( (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ))
فإذاً :
كل عمل وكل قول أحدث في الدين وليس على أمر النبي عليه الصلاة والسلام
أو نقول : كل عبادة ليست على ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام فهي بدعة
حتى ولو كان جنسها مشروعا في الدين
عبادة الصلاة :
مشروعة في الدين
فلو أتى بصلاة مثلا صلاة الظهر أو سنة الظهر أو أي صلاة شرعها الدين مثلا صلاة الظهر أربع ركعات فأداها بكيفية معينة
هنا : ابتداع في الدين
هو قال : لم أزد على الركعات
هي أربع ركعات
لكن اختلفت كيفيتها ماذا نقول ؟
ابتداع في الدين
لو أنه صلى متقربا إلى الله عز وجل لصلاة الظهر أربع ركعات بهيئتها وبعدد ركعاتها لكنه صلاها قبل الوقت هو عنده يقين أن الوقت لم يدخل وصلاها
مقبولة صلاته ؟
مردودة عليه
لو أنه صلى صلاة الظهر خمس ركعات عالما عامدا هنا : مبتدع في الدين لأنه زاد في القدر
على كل حال :
يجب أن تكون هذه العبادة شرعها النبي عليه الصلاة والسلام جنسا وقدرا وكيفية وزمانا ومكانا
إذاً :
أن لا يعبد الله إلا بما شرع