الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس الخامس والثلاثون

الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس الخامس والثلاثون

مشاهدات: 440

شرح ثلاثة الأصول موسع

تتمة أدلة مراتب الدين من السنة

الأصل الثالث :

معرفة نبيكم عليه الصلاة والسلام

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الحديث الذي أورده المصنف لم يذكر تصديق جبريل لما أجابه النبي عليه الصلاة والسلام عن الإحسان

ولم يذكر هنا ما  ذكر بعد جواب الإسلام وبعد جواب الإيمان ، ولكنه مذكور في رواية أخرى

فإذاً :

لما أجابه النبي عليه الصلاة والسلام عن الإحسان قال : ((صدقت ))

ثم لما سأله عن الإحسان سأله عن الساعة

قوله :

 (( قال : فأخبرني عن الساعة ؟

 قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في رواية : ((أخبرني متى تقوم الساعة ))

فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( ما المسئول عنها بأعلم من السائل ))

أراد عليه الصلاة والسلام بهذه  العبارة أن يعمم الحكم

فكل سائل وكل مسئول لا علم له بوقتها

وقد جاءت الآيات صريحة في  كتاب الله :

قال عز وجل :

((يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا{42} فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا{43} إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا{44} ))

قال عز وجل :

((يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا – يعني  :كأنك بالغت في السؤال عنها – قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ ))

وكثير من الوضاعين حذف هذه الجملة ووضع مكانها : ” أنا  وأنت نعلمها  “

وهذا من وضع الوضاعين المختلقين

وحتى في  متنها كيف يليق على زعم هذا الوضَّاع كيف يليق بالنبي عليه الصلاة والسلام أن يقول للذي يظنه أعرابي : ” أنا اعلمها وأنت تعلمها “

فهذا يدل  على جهل هذا الوضاع

ولذا :

جاء في المسند :

أنه عليه الصلاة والسلام قال : ((  ما جاءني  في صورة إلا عرفته غير هذه الصورة ))

وقد قال ابن حجر :

” ما جاء عند النسائي ” أنه أتاه في صورة دحية الكلبي فهذا وهم

فإذاً :

الساعة لا يعلمها إلا الله

وهناك أحاديث باطلة :

منها :

أن الدنيا سبعة آلاف  سنة

ومنها :

لا يمكث النبي عليه الصلاة والسلام في قبره أكثر من ألف سنة

كل هذا من  وضع الوضاعين قاتلهم الله

قال : (( فأخبرني عن أماراتها )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعني :

عن علاماتها

أمارات الشيء علامته

وأمارات الساعة أنواع  :

صغرى وكبرى

فالكبرى :

هي القريبة من قيامها وهي التي  كما جاءت في الحديث : (( كنظام الخرز إذا انقطع تتابع ))

يعني :

العلامات الكبرى تأتي متتابعة متلاحقة

أما الصغرى :

فهي التي جاء  منها في  عهد النبي عليه الصلاة والسلام وبعد عهده ولا تزال تأتي

وإن كان أكثرها قد وقع التي  هي العلامات الصغرى

والمذكور هنا :

العلامات الصغرى

قال : (( أن تلد الأمة ربتها )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمة :

هي الرقيقة المملوكة

والربة :

السيدة

ومن أقوال الشراح هنا :

أن السواري يكثرن

يعني :

يكثرن الإماء فيطأ السيد أمته فيحصل من هذا الوطئ حمل  سواء ذكرا أو أنثى

ولذا في رواية : (( أن تلد الأمة ربها  ))

ولاشك أن هذا الحمل من هذا السيد يعتبر هذا الحمل سيدا لأنه من صلب السيد

وقيل  :

إنه في آخر الزمان تختل الموازين والأفهام فيتسلط الأبناء و البنات على أمهاتهم حتى تصبح الأمهات في صور الإماء من الذل

قال :

((  وأن ترى الحفاة الرعاة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ))  :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه هي العلامة الثانية التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( أن ترى الحفاة )) :

الذين لا يلبسون النعال

العراة : قليل الثياب

الرعاة : رعاة الشاة

العالة : يعني الفقراء

يتطاولون في البنيان

فترى :

الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان

ومن نظر إلى حال العرب ومن جاء بعدهم من أهل البوادي يجد هذا واضحا

فالعرب كانوا حفاة و عراة عالة فلما فتحت الفتوحات في البلدان حصل لهم خير كثير

قال : (( فمضى فلبثنا مليا ))  :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مليا :

يعني  : زمنا

لكن جاء في رواية أخرى :

(( أنه لما مضى قالوا : ” التمسوه ” فتفرق  الصحابة للبحث  عنه فلم يجدوه ، فلما رجعوا أخبرهم النبي عليه الصلاة والسلام بأن هذا جبريل ))

وقد جاء في رواية الترمذي قال : ( (فلبثنا ثلاثا ))

فوجه العلماء هذه الرواية على أن  “عمر” ممن التمسه ولم يعد مرة أخرى

فالتقى بالنبي عليه الصلاة والسلام بعد ثلاث فأخبره

قال : ( (يا عمر أتدري من السائل )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا سؤال يراد منه التشويق

فكل ما جاء في هذا الحديث كله تشويق

فحال أسئلة جبريل وأيضا حال أفعاله كلها تدعو النفوس إلى الاشتياق

ثم هو أراد أن يشوق  عمر فقال : ” أتدري من السائل ؟ ”

قال : (( قلت : الله ورسوله أعلم ))

وهذا هو الواجب على المسلم:

إذا جهل شيئا أن يقول : الله أعلم

ولا  يجوز له أن يخوض فيما لا يعلم

ولذا قال بعض العلماء :

” الله أعلم نصف العلم ” :

لأن حال الإنسان بين أمرين :

إما أن يعلم فيجيب

وإما أن يجهل فيقول : الله أعلم

وعمر بإجابته هذه يربي النفوس على التواضع للحق

ولذا قال بعض العلماء :

التواضع للعلم أن تقول فيما لا تعلم : الله أعلم

ويكفيك في ذلك أسوة : الملائكة لما ردوا العلم إلى الله لما أراد الله أن يجعل آدم خليفة في الأرض كما قصَّ الله علينا في سورة البقرة : ((قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا   ))

فعمر مع أنه من المُلهمين الذين يوافق القرآن في الغالب أقواله والذين يجري الحق على لسانه مع ذلك لم يخض

ولذا :

ابن مسعود : جعل الخائضين فيما يجهلونه من المتكلفين قال : ” من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، فإن رسولكم أُمر أن يقول : {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ }

وقول عمر: الله ورسوله أعلم :

هذه في الأمور الشرعية فيجوز أن يقرن النبي عليه الصلاة والسلام مع الله في الأمور الشرعية

أما الأمور الكونية فلا يجوز

ولذا :

كان يخفى على النبي عليه الصلاة والسلام أشياء  كثيرة

مثال ذلك  :

قوله تعالى : ((وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ ))

فإن قول الصحابي : ” الله ورسوله أعلم ” في الأمور الشرعية لا بأس به في الشرع

أما بعد وفاة النبي  عليه الصلاة والسلام

 فيقال : الله أعلم

حتى في الأمور الشرعية يقول : الله أعلم

فقد جاء عند البخاري :

أن عمر سأل الصحابة بعد وفاة النبي عيه الصلاة والسلام عن قوله تعالى : {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } البقرة266

فأجاب الصحابة بقولهم : الله اعلم

ولم يقولوا : الله ورسوله اعلم

قال : (( هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذاً :

هذا هو آخر الحديث وهو موضع الشاهد الحقيقي فقوله : (( هذا جبريل ))

وورد في أحاديث أخرى : (( جبرائيل ))

قال : (( أتاكم يعلمكم أمر  دينكم )) :

يعني :

ما ذكر هنا هو : الدين

فقوله : (( أتاكم يعلمكم أمر  دينكم )) كما نقل المصنف يدل على أن ما  ذكر في هذا الحديث هو:

” الدين “

ما الذي ذكر في هذا الحديث ؟

الإسلام

والإيمان

والإحسان

فهذه هي مراتب الدين

وقد قال ابن حجر : ” في بعض الروايات جعل الإحسان في السؤال الثاني

بعض الرواة قدم وأخر وهذا من تصرف الرواة

إذاً :

هذا الحديث دليل على مراتب الدين

ما هي  مراتب الدين ؟

الإسلام

والإيمان

والإحسان

وذكر في  هذا الحديث أركان كل  مرتبة

فذكر أركان الإسلام الخمسة وذكر أركان الإيمان الستة

وذكر ركن الإحسان وله مرتبتان : إحداهما أعلى من الأخرى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ