الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس الرابع

الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس الرابع

مشاهدات: 477

شرح ثلاثة الأصول موسع

شرح المسألة الرابعة : الصبر على الأذى

والدليل على المسائل الأربع : سورة العصر

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسألة الرابعة : الصبر على الأذى

الذي يعتري الداعية إلى الله

فالواجب عليه أن يصبر وأن يحتسب

فالدعوة إلى الله

وإلى الخير وأعظم هذا الخير هو التوحيد

فهذا الخير الدعوة إليه تحتاج إلى صبر وإلى تحمل الأذى مما يحصل من المدعوين لأن المدعوين إذا صرفتهم وعزلتهم عما تهواه نفوسهم ناصبوا لك العداء

لأن النفس البشرية  بطبيعتها تميل إلى الدعة وإلى الراحة وإلى الكسل

فإذا جاء داع يدعو إلى مخالفة ما تهواه النفس ناصب صاحب هذه النفس العداء لهذا الداعي

والمسلم الذي ذاق طعم الإيمان ولا إيمان إلا بالتوحيد تلزمه الدعوة إليه

ولذا من يقول :

إن التوحيد قد علمناه ولا ضرورة تدعو إلى معرفته ولا إلى توضيحه فهو في  الحقيقة من اجهل الناس

لأن الإنسان المسلم كل عبادته توحيد

ولذا:

لا تخلو سورة بل آية من  ذكر التوحيد

فما من آية إلا وهي تدعو إلى التوحيد

كيف ذلك ؟

إما ان يأتي أمر من الله بالتمسك بالتوحيد

وإما ان يأتي من الله نهي لاجتناب  الشرك

وإما ان يأمر الله بأمور تكمل هذا التوحيد ، وهي الطاعات

وإما أن يأتي نهي عن أمور تخل بالتوحيد أو تضعفه أو تنقصه

وإما أن يأتي خبر من الله بما أعده للموحدين المتقين في الدنيا والآخرة

وإما أن يأتي خبر من الله بما أوقعه من العذاب الشديد للمكذبين بالتوحيد في الدنيا

أو خبر منه عن عقوبة المشركين في الآخرة

لو أخذنا مثالا من الأمثلة :

مثلا قوله في سورة البقرة – هذا على سبيل المثال فرض  مثال :

((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ))

يعني : المطلقة ذات الأقراء

يعني : التي تحيض تعتد إذا طلقها زوجها ثلاث حيض

هل في هذا توحيد ؟

نعم فيه توحيد

فهو أمر من الله بأن تمكث هذه المرأة المطلقة أن تمكث ثلاث  حيض

وإذا مكثت هذه الثلاث  حيض ألم تاتمر بأمره عز وجل ؟

بلى

ومن ثم :

يرتفع إيمانها وارتفاع الإيمان من مكملات التوحيد

وعلى هذا فقس

فالذي ذاق  هذا الطعم ذاق  هذه الحلاوة

ولذا قال النبي عيه الصلاة والسلام كما عند مسلم : (( ذاق  طعم الإيمان من رضي بالله ربا 00000000 ))

وقال كما في  الصحيحين :

(( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ،وأن يكره ان يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في  النار))

إذاً :

لهذا التوحيد ، لهذه العبادات حلاوة

لذة ، أنس ، متعة

ولذا لا يشعر بهذه اللذة إلا من ارتقى إلى مقامات العبودية لله

فالنبي عليه الصلاة والسلام لما بلغ في العبودية غايتها وكمالها ماذا كان يقول ؟

ولنقس  حالنا على حاله كان يقول :

(( أرحنا بها يا بلال ))

ما هي ؟

الصلاة

قال :

(( جعلت قرة عيني في الصلاة ))

قس إيمانك

قس  رغبتك

حينما تدخل في  هذه الصلاة

وبقدر ما  يضعف الإيمان بقدر ما ينصرف الإنسان عن هذه اللذة

قال تعالى :

{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }

إذا كانت مثلا الصلاة عليك ثقيلة فاعلم أنك لست من الخاشعين

إذا وجدت إقبالا ورغبة في الصلاة فاعلم بأنك فيك صفات الخاشعين

إذا كنت من الخاشعين فقد وعد الله لك بالفلاح المحقق :

((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2} ))

فلهذا التوحيد لذة

ولذا كان شيخ الإسلام يقول :

(( إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل  جنة الآخرة )))

ما هي  الجنة التي يعنيها شيخ الإسلام ؟

جنة العبادة جنة الطاعة

وتالله :

 لو أن الإنسان مثلا دخل في أي عبادة من العبادات وأتى بها إتيانا حقيقيا مستشعرا ثواب الله  مستشعرا عظمة الله لخرج بإيمان من هذه العبادة غير الإيمان الذي دخل به في هذه العبادة

وربما مرت علينا ساعات وإن كانت قليلة

قد تمر بالإنسان لحظات في صلاته يشعر بأنه في عالم آخر

يشعر بلذة عجيبة

أين هذه اللذة ؟

انظر إلى الأسباب التي صرفتك عن هذه اللذة

لاشك أن الذنوب سبب من الأسباب في  هذا الأمر

وهذا يدل على أن الذنوب مؤثرة في التوحيد

فالمسلم الذي ذاق هذه الحلاوة الواجب عليه بمقتضى حديث النبي عليه الصلاة والسلام :

(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))

من منطلق هذا الحديث ومن منطلق هذا التوجيه الواجب عليه أن يقدم هذه اللذة إلى أخوانه الآخرين

فإذاً :

الواجب على الداعية إلى الله أن يصبر على ما يلاقيه في طريق الدعوة من الأذى :

قد تسمع كلاما لا ترتضيه

قد تنال بسوء في بدنك في مالك

قد يتكلم في عرضك

وهذا هو سبيل الرسل

تكلم في أعراضهم

أوذوا في أبدانهم

وصفوا بأوصاف هم منها براء

فهذا هو طريق  الدعوة

لا تظن أن طريق الدعوة طريق ممهد ، لا

لكن اعلم أن العاقبة للمتقين في الدنيا وفي الآخرة

اعلم :

أن النصر مع الصبر لابد من الصبر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام

النصر مع الصبر

النصر حتى على نفسك إذا صابرت  هذه النفس وأقمتها على طاعة الله

يصبح هذا العمل الصالح تأتي به كأنك تأتي بشيء من العادات لسهولته ويسره

ولذا قال  النبي عليه الصلاة والسلام كما عند ابن ماجه وحسنه الألباني قال :

(( الخير عادة ))

كيف يكون الخير عادة ؟

يعني :

حينما يقدم الإنسان على عمل من الأعمال الصالحة يجد فيها  صعوبة ومشقة لكن سرعان ما يكون هذا العمل إذا أرغم نفسه سرعان ما يكون هذا العمل سهلا ميسرا

يأتي به بالسهولة واليسر كأنه يأتي بعادة