شرح ثلاثة الأصول موسع
تتمة أركان الإيمان ( القدر )
أدلة أركان الإيمان
الإحسان
الأدلة على مراتب الدين من السنة
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله :
(( المرتبة الثالثة : الإحسان )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما فرغ رحمه الله من المرتبة الثانية من مراتب الدين :
وهي مرتبة : الإيمان
فالمرتبة الأولى : هي مرتبة ا لإسلام
ثم ثنى بالمرتبة الثانية وهي :مرتبة الإيمان
ثم ثلث : بمرتبة : الإحسان
والإحسان كما سبق :
أعم من جهة نفسه :
فإذا قلنا :
هذا الرجل محسن :
فهو مؤمن مسلم
بينما لو قلنا هذا الرجل مؤمن :
فهو مؤمن مسلم
ولا يلزم أن يكون محسنا
وإذا قلنا :
هذا الرجل مسلم
فلا يوصف بأنه مؤمن محسن
فالإحسان:
أعم من جهة نفسه
وأخص من جهة أهله :
فالمحسنون عددهم إذا قورنوا بالمؤمنين أو بالمسلمين فهم أقل
هذا معنى قولنا :
أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أهله
فأراد رحمه الله : أن يذكر هنا مرتبة الإحسان وهي المرتبة العظمى في الدين
نسأل الله أن يوصلنا إليها
قوله :
(( الإحسان ركن واحد :
وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذاً :
عندنا مراتب الدين ثلاثة :
الإسلام وأركانه :
خمسة
المرتبة الثانية
الإيمان
وأركانه : ستة
المرتبة الثالثة :
الإحسان
وأركانه :
ركن واحد
وهذا الركن درجتان :
إحداهما أعلى من الأخرى
المرتبة العليا :
أن تعبد الله كأنك تراه
وأكرم بها من درجة ومن منزله أن يستحضر المسلم حال عبادته أنه يرى الله عز وجل
ولذا يشير النبي عليه الصلاة والسلام مثلا في الصلاة ويقول : (( إن الله قبل وجه المصلي ))
لم ؟
حتى نستشعر هذه العبادة كأننا نرى الله عز وجل
فيدعو هذا الشعور إلى ماذا ؟
إلى الإحسان
تصور :
لو أن شخصا يؤدي جل عباداته مستحضرا أنه يرى الله لاشك أن أقواله وأفعاله وحركاته وكل شأن من شئونه سوف تكون في أعلى مقامات الإتقان
ولذا :
بعض العلماء يفسر الإحسان بأنه الإخلاص
لم ؟
لأن من هذه حالته لا شك أنه سيكون من المخلصين
فإذا:
نقول : ثمرة الإحسان :
الإخلاص
هذا الإحسان يثمر لك إخلاصا لله
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( أن تعبد الله ))
صدر هذا الكلام بالعبادة حتى لا يدخل المتقولون أو حتى لا يدعي المدعون من أنه كما هو حال غلاة الصوفية أنه يرى الله
يقولون : كشفت عنا الحجب وبلغنا مرتبة اليقين فتسقط عنا التكاليف
يستبيحون المحرمات من الزنى واللواط والسرقة وما أشبه ذلك
ويتركون الواجبات من الصلاة والزكاة ونحو ذلك
وهذا ادعاء باطل
لماذا ؟
لأنه عار من العبادة وخال منها
والنبي عليه الصلاة والسلام الذي بلغ ذروة اليقين ما ترك العبادة حتى في آخر حياته يرى المسواك مع عبد الرحمن بن أبي بكر فتتوق نفسه إليه
فتكون آخر حياته أن يكون أدى هذه النافلة
فهي نافلة فما ظنكم بالواجبات
فإذاً :
(( أن تعبد الله كأنك تراه ))
فالذي يقول : كأني أرى الله وهو معرض عن شرع الله فهذا ادعاء باطل
قال : (( أن تعبد الله كأنك تراه ))
لم توفق إلى هذه المرتبة عجزت نفسك على الأقل : أن تعبد الله مستحضرا ومعتقدا أنه يراك
(( فإن لم تكن تراه فإنه يراك ))
وهذه هي المتربة الثانية من مراتب الإحسان
فإذاً :
عندنا الإحسان ركن واحد ولهذا الركن مرتبتان :
إحداهما أعلى من الأخرى :
أعلى المراتب :
أن تبعد الله كأنك تراه
الثانية وهي أقل :
إن لم تكن تراه فإنه يراك
والدليل قوله تعالى :
{إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } النحل128
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا هو الدليل على الإحسان
فهنا فيه بيان لمعية الله للمحسنين
والإحسان لغة :
هو الإتقان
فالذي أتقن عبادته على غرار ما ذكر في ركن الإحسان فإن الله معه :
وهي معية خاصة تقتضي :
التأييد من الله لهؤلاء المحسنين
تقتضي:
الإعانة
النصرة
التوفيق
التسديد
لأن معية الله عز وجل على نوعين :
معية عامة :
وهي معيته لخلقه على وجه العموم مسلمهم وكافرهم
وهي تقتضي الإحاطة والعلم
فهو قد أحاط علمه بجميع مخلوقاته : (( لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ))
وأمثلتها كثيرة
قوله تعالى : (( وهو معكم أينما كنتم ))
معنا بعلمه
ولا يظن أن الله قد اختلط بالخلق – لا –
فهو في علوه
فعلوه من الصفات الذاتية ، فهو عالٍ
ومع ذلك هو مع خلقه بإحاطته وتدبيره لشئونهم
ولذا :
عبارة السلف يقولون :
[ هو قريب في علوه ، عليٌّ في دنوه ]
إذاً :
هذه هي المعية الأولى وهي المعية العامة
المعية الخاصة :
وهي معيته عز وجل لعباده المؤمنين المحسنين المخلصين
وهي تقتضي :
التأييد والحفظ والنصرة والتوفيق والتسديد
والحديث عن المعية يطول وليس هذا المحل محل تفصيل
لكن نقول : إن الله عز وجل أخبر أنه مع المحسنين
لماذا ؟
لعلو مكانتهم
وقوله :
((وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ{217} الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ{218} وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ{219} إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{220} ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتوكل هذا دليل آخر على : الإحسان
من أفعاله وصفاته : ((الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ{218} وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ{219} ))
فمَن هذه أفعاله وهذه صفاته تدعوك إلى أن تكون من المحسنين المتقين
لماذا ؟
لأنه عز وجل لا يخفى عليه شيء من شأنك
فإذا اعتقدت بهذا الاعتقاد دعاك إلى أن تحسن وأن تتقن في عبادتك
ولذا :
ذيل الآية بقوله : ((إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{220} ))
السميع : للأقوال
العليم : بجميع الأحوال
ولذا قال : {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }يونس61
وقوله : ((وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا أيضا دليل يأتي في سياق الدليل السابق مما يدل على أن الإحسان من المراتب العليا من مراتب الدين