الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس الثامن والثلاثون

الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس الثامن والثلاثون

مشاهدات: 456

شرح ثلاثة الأصول موسع

الأصل الثالث :

معرفة نبيكم عليه الصلاة والسلام

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله :

(( الأصل الثالث :

معرفة نبيكم محمد عليه الصلاة والسلام )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : (( نُبئ بـ ” اقرأ :  وأرسل بالمدثر ))

أول ما نبئ “بـ ” اقرأ ” :

أتاه الملك جبرائيل كما جاء في الصحاح في غار حراء وقال له : اقرأ

قال  : ما أنا بقارئ

أي : لا أحسن القراءة ما أعرف القراءة

ثلاث  مرات

حتى قال :

((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5} ))

فرجع  عليه الصلاة والسلام وفؤاده يرتجف بها

رجع إلى خديجة رضي الله عنها وسلْته بتلك العبارات لما قال : خشيت على نفسي

ودثر بالثياب من الخوف والوجل

فقالت : كلا والله لا يخزيك الله أبدا  إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتكسب  المعدوم

إلى آخر  ما  ذكرت من صفاته عليه الصلاة و السلام

خشي  على نفسه الموت

أما ما قيل أنه خشي على عقله فهذا ليس بصحيح

ثم بعد ذلك :

فتر الوحي ما أتاه مرة أخرى

ثم أرسله الله بسورة ” المدثر ”

ثم بعدها تتابع الوحي

فإذاً :

النبوة حصلت بماذا ؟

اقرأ

الرسالة والأمر بالدعوة إلى الله حصلت :

بالمدثر

ولذا في بعض الأحاديث :

أول ما نزل سورة المدثر

ولا تعارض

إما أن يقال :

إنها أول سورة نزلت بعد فتور  الوحي

فتكون الأولية هنا نسبية

يعني : أول ما نزل سورة المدثر بعد فتور الوحي

وقيل : هي أول سورة كاملة نزلت

أما العلق فلم ينزل منها إلا خمس آيات

((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5} ))

وهذا يدل على فضيلة العلم لأن أول كلمة في  طريق الوحي : (( اقرأ ))

ويكفي في هذا بيان لفضل العلم

(( وبلاده مكة )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منشؤه ومولده ” مكة ”

وظل فيها الى ان أخرج إلى ديار بني سعد للرضاع ثم عاد إلى والدته

وقد خرج في بعض الرحلات للتجارة

لكن بلده وموطنه ومنشؤه ” مكة “

ولذا لما أُخرج وقف عند حدودها

قال : (( والله  إنك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت ))

فكانت محببة إلى نفسه

وحبيبة أيضا إلى نفوس أصحابه

ولذا :

لما هاجر جعل بلال يتغزل بأودية مكة وأشجارها

فدخلت عليه عائشة وأخبرت النبي عليه الصلاة والسلام بذلك

فدعا تلك الدعوة فقال : (( اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة ))

ولا عجب أن تحب مكة فقد دعا إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال :

((فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ))

سبحان الله!

كلما ازداد تردد الإنسان على مكة كلما ازداد اشتياقا

((وهاجر إلى المدينة ))

قوله : (( هاجر إلى المدينة ))

لأنه كانت هناك هجرة إلى الحبشة

فقد أمر عليه الصلاة والسلام بعض الصحابة أن يهاجروا إلى الحبشة لما ازداد إيذاء المشركين لهم أمرهم أن يهاجروا إلى الحبشة لأن بها رجلا عادلا يدعى بالنجاشي لا يظلم عنده احد

فأراد أن ينص على أن هجرة النبي عليه الصلاة والسلام إنما كانت إلى المدينة

والمدينة سميت :

طابة

وطيبة

وقد ورد حديث في النهي عن تسميتها بيثرب

لكن فيه ضعف

((بعثه الله بالنذارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد ))

لماذا قدم النذارة وأخر الدعوة إلى التوحيد ؟

لأنه لا يمكن أن يتم توحيد إلا  بالخلوص  من  الشرك

ولذا :

عبارة بعض العلماء : [ التخلية قبل التحلية ]

لابد أن يتخلى هذا الإنسان من الشرك فإذا تخلى من الشرك بعدها  يتحلى بالتوحيد

ولذا قال تعالى : ((يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ))

الروح  : يعين الوحي

سمي الوحي روحا لأنه حياة الأرواح

((يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا ))

بدأ أولا بالنذارة :

((أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ ))

فبدأ بالنذارة :

مما يدل على أن الخلوص والتخلي من الشرك هو الأصل

والدليل قوله تعالى : (( يا أيها المدثر ))

هذا هو الدليل على النذارة من  الشرك والدعوة إلى التوحيد

فهو أرسل بالمدثر

 

 

والدليل قوله تعالى

: (( يا أيها المدثر ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــ

هذا هو الدليل على النذارة من الشرك والدعوة إلى التوحيد فهو أرسل بالمدثر

لما  ذكر المصنف :

أن الله بعث النبي عليه الصلاة والسلام بالنذارة عن الشرك وأنه يدعو إلى التوحيد ذكر الدليل على أنه بعث محذرا من الشرك قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} ))

فالنبي عليه الصلاة والسلام لما  رجع يرتجف فؤاده بعد ما أتاه جبريل في الغار تدثر بثيابه والتحف بها فقال تعالى :

((  يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} قُمْ فَأَنذِرْ{2} ))

وهذا هو موضع الشاهد : ((قُمْ فَأَنذِرْ{2} ))

يعني :

أنذر الناس وحذر الناس من الشرك

وهذه الآيات التي ذكرها المؤلف علق عليها ووضح معانيها ولنقتصر على ما ذكره  وإلا فهناك أقوال أخرى للمفسرين في تفسير هذه الآيات وهي لا تتناقض فيما بينها لكنه  رحمه الله اقتصر على بعض المعاني

والدليل قوله تعالى :

((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} قُمْ فَأَنذِرْ{2} وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ{3} وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ{4} وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ{5} وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ{6} وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ{7} ))

ومعنى (( قم فأنذر )) :

ينذر عن الشرك  ويدعو إلى التوحيد

هذا معنى قوله تعالى : ((قم فأنذر )) :

ينذر عن الشرك أي يحذر منه ويدعو إلى التوحيد

قد سبق معنا قولنا : إن التخلية قبل التحلية

لابد أن يبتعد هذا الإنسان ويتنحى عن الشرك

فإذا تخلص  من الشرك أتى هذا التوحيد النير فتحلى به

قوله :

((وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ{3} ))

 أي عظمه بالتوحيد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعظم ما  يعظم به الله هو التوحيد

وقد سبق معنا أن أعظم ما أمر الله به هو التوحيد

فتعظيم الله هو القيام بتوحيده

ولاشك أن هذا التوحيد له مكملات ومتممات

وهي  ما فرضه الله على عباده

من عبادات ، وما ندب إليه

ولذا قال بعض العلماء :

إن كل معصية شرك

ليس المراد : أنها شرك مخرجة عن الملة

وإنما المراد : أنه لما عصى الله أشرك مع الله هواه

 

وقوله :

((  وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ{4} )) :

أي طهر أعمالك عن الشرك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعض المفسرين يقول : طهر  نفسك عن الشرك

ولا تناقض بين المعنيين :

فإن الإنسان إذا طهر نفسه عن الشرك فقد تطهرت أعماله أيضا من الشرك

وقوله :

((وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ{5} ))  :

الرجز الأصنام

وهجرها : تركها والبراءة منها وأهلها

ــــــــــــــــــــ

الرجز :

أي الأصنام

فيجب هجرها وهجر أهلها ، والمباينة عنها

وقال تعالى : ((فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ  ))