الشرح الموسع لدليل الطالب ـ الدرس ( 10 )

الشرح الموسع لدليل الطالب ـ الدرس ( 10 )

مشاهدات: 538

 شرح ( دليل الطالب لنيل المطالب )

الدرس العاشر

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المؤلف رحمه الله :

فصل

( يسن حلق العانة ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، والنظر في المرآة ، والتطيب بالطيب ، والاكتحال كل ليلة في كل عين ثلاثا ، وحف الشارب ، وإعفاء اللحية ، وحرم حلقها ، ولا بأس بأخذ ما زاد على القبضة منها ، والختان واجب على الذكر والأنثى عند البلوغ ، وقبله أفضل )

الشرح :

لما ذكر المؤلف رحمه الله السواك ذكر سنن الفطرة ، فمن سنن الفطرة

( حلق العانة ) والسنة هي الطريقة ، وليس المقصود أن هذا الفعل مستحب إن شاء أن يفعله الإنسان فعله وإن شاء أن يتركه تركه – كلا- فإن حلق العانة واجب إذا طالت وكان ذلك بعد أربعين يوما من الحلق الأول .

وحلق العانة هو : حلق الشعر الخشن النابت حول القبل سواء للمرأة أو للذكر ، وقد ورد في الصحيحين أن ذلك من خصال الفطرة .

وهل يلحق بذلك حلق شعر الدبر كما ذهب إليه بعض العلماء ؟

يحلق به ، لا لأن الشرع دل عليه ، وإنما للمصلحة ، فالشعر النابت عند الدبر لو حلقه كان أبعد له بإذن الله تعالى من بعض الأمراض المتعلقة بالشرح ، مثل البواسير والناصور ، فإن من بين أسباب حصولها هو هذا الشعر ، كما أثبت بذلك الطب .

( ونتف الإبط ) لأن الأحاديث ذكره من سنن الفطرة ، وإنما نص على نتف الإبط لأن الحديث جاء بالنتف ، لأن النتف يضعف أصول الشعر فيتباطأ خروجه ، بينما الحلق يجعله سريعا في الخروج ، فمن قوي على النتف فبها ونعمت ، ومن لم يقوَ فعليه بالحلق ، لأن المقصود هو إزالة هذا الشعر لأن وجوده تحصل منه رائحة كريهة ، ولو أزاله أيضا ببعض المستحضرات الطبية الحديثة فإن الفائدة تحصل .

( وتقليم الأظفار ) كما جاءت بذلك السنة من أنه من سنن الفطرة ، وهذا شامل لأي حال من الأحوال ، وقد ذهب بعض العلماء أن له أن يطيل أظفاره إذا كان مسافرا ليحل حبال السفر، ولكن الصواب هو العموم ، لأن حبال السفر يمكن أن تحل بغير الأظافر .

( والنظر في المرآة ) من السنن التي ذكرها رحمه الله ، ولكنها ليست من سنن الفطرة ، وما جاء من حديث فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم ( كان ينظر في المرآة ويقول اللهم كما حسنت خَلْقي فحسن خُلُقي ) فالدعاء وارد لكنه غير مربوط بالنظر إلى المرآة ، وقد جاءت زيادة ( وحرم وجهي على النار ) ولكنها أيضا ضعيفة ، إذاً الثابت أن يقول الإنسان من ضمن دعائه دون أن يربط ذلك بالنظر إلى المرآة ، أن يقول ( اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي ) وأما الحديث الوارد في المرآة فهو حديث ضعيف .

( والتطيب بالطيب ) لورود حديث ( أربع من سنن المرسلين ) وذكر منها ( التعطر ) ولكنه حديث ضعيف ، ولا شك أن الطيب حرص عليه الصلاة والسلام عليه ، والأحاديث كثيرة في مثل هذا الباب ، فإن الاعتناء بالمظهر وكذلك في الرائحة أمر ندب إليه الإسلام دون أن يبالغ فيه ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم ( أطيب الطيب المسك ) وكان له عليه الصلاة والسلام قارورة فيها طيب يتطيب منها ، وكان كما ثبت في الصحيحين ( يكره أن تشم منه رائحة كريهة ) وكان كما ثبت عليه الصلاة والسلام ( يعرف بريح العود إذا أقبلت ) يعني كان يعرف أنه عليه الصلاة والسلام مر في هذا المكان ، والأحاديث في هذا كثيرة .

( والاكتحال في كل ليلة في كل عين ثلاثا ) ورد حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ( كان يكتحل قبل نومه بالإثمد ثلاثا ، ثلاثا في اليمنى وثلاثا في اليسرى ) ولكن الحديث في هذا ضعيف ، والصواب أنه كان يكتحل ، ولكن دون التقيد بهذا الزمن ، فكان ( يكتحل عليه الصلاة والسلام وترا ) كما جاء في المسند ( كان يكتحل في اليمنى ثلاثا وفي اليسرى اثنتين ) فالمجموع خمس مرات ، والخمسة من الأعداد الوترية .

( وحلق الشارب ) يقول ابن حجر رحمه الله ” أكثر الأحاديث جاءت بقص الشارب ” فقص الشارب أمر حتمي ، ولذا صح عليه الصلاة والسلام أنه قال ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) لكن المبالغة فيه وهي الإحفاء جاءت بذلك السنة ، ولكن رواية القص كما قال ابن حجر رحمه الله أكثر من رواية الإحفاء ، والإحفاء هو المبالغة في القص ، ولا يصل إلى الحلق ، وحلق الشارب وردت فيه رواية كما قال ابن حجر رحمه الله لكنه شاذة ، إنما يحف شاربه وهو الأفضل ، ولو قصه حصل المقصود ، ولكن الأفضل أن يحف شاربه .

ما هو حف الشارب ، أهو أن يأخذ ما نزل من الشعر على الشفة العليا مما يلي الفم ؟ أم أنه يأخذ من جميع شاربه ؟

قولان : بعض العلماء يرى أن الإحفاء يكون على ما نزل من الشفة العليا مما يلي الفم .

وآخرون يرون أنه يؤخذ من جميعه ، وهو الأقرب لفعل ابن عمر رضي الله عنهما ، وهو راوي الحديث ، بل يدل على ذلك عبارة الإعفاء .

( وإعفاء اللحية وحرم حلقها ) إعفاء اللحية من سنن الفطرة ، وكونها من سنن الفطرة لا يدل على أنها ليست مستحبة ، بل يحرم حلقها كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خالفوا المشركين ) وقال ( وفَّوا اللحى ) وقال ( وفروا اللحى ) وقال ( أرجئوا اللحى )

( ولا بأس بأخذ ما زاد على القبضة منها ) هذا ما ذهب إليه ابن عمر رضي الله عنهما ( كان إذا حج أو اعتمر جمع لحيته وما زاد على القبضة قصه ) ولكن هذا اجتهاد منه رضي الله عنه ، ولذا حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ومعه جمع غفير من أصحابه وما كان واردا عنهم أنهم أخذوا شيئا من ذلك ، وهذه الحجة في آخر حياته صلى الله عليه وسلم فلو كان مشرعا أو جائزا لنقل .

 

( والختان واجب على الذكر والأنثى عند البلوغ ، وقبله أفضل )

الختان من سنن الفطرة ، وقد فعله إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين ، ولكن الصحيح أنه واجب على الرجل ومستحب في حق المرأة .

والختان : أن تؤخذ الجلدة التي فوق الذكر ، هذا بالنسبة إلى الرجل ، بينما المرأة : يؤخذ قطعة من اللحمة التي تكون أعلى الفرج ، التي تشبه عرف الديك ، ففائدتها بالنسبة للرجل أنها تخلصه من اجتماع الأوساخ التي تورث الأمراض وتحتبس فيها الأنجاس ، وفائدتها بالنسبة للمرأة أنها تخفف من شهوتها ، ولكنه فعله قبل البلوغ أفضل ، لم ؟ لأنه أقرب للبرء والشفاء ، ولأن فيه مسارعة للخيرات ، ولكن إذا لم يفعل قبل البلوغ يجب عنده ، لأن بالبلوغ تجب الصلاة التي يشترط فيها الطهارة .

أسئلة :

س1 : لماذا روايات قص الشارب أكثر من الإحفاء ؟

ج1 : هذا من باب التسهيل على الأمة أن الروايات جاءت بالقص ، أما من أراد الأفضل والأكمل فعليه أن يُحفيَ  ، ولذا جاءت رواية الإحفاء أقل.

س2 : ما ضابط الإحفاء ؟

ج2  : المبالغة في قصه حتى يظهر لون الجلد ، لكن لا يصل إلى الحلق .

س3 : هل هناك اختلاف بين العلماء في حكم الختان ؟

ج3 : العلماء اختلفوا في الختان ، فبعض العلماء يرى أنه سنة في حق الجميع بالنسبة إلى الرجل وبالنسبة للمرأة ، لأنه ذُكر أنه من سنن الفطرة ، ولأنه لم يرد دليل صحيح ملزم لكلا الجنسين .

وآخرون من العلماء يرون الوجوب في حق الجميع ، لم ؟ لأن إبراهيم عليه السلام اختتن وقد أمرنا باتباعه { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل123 ومن ملته الختان ، ونحن مأمورون باتباعه سواء كان رجلا أو امرأة .

وبعض العلماء يرى أنه واجب في حق الرجل دون المرأة ، لماذا هذا التفريق ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في حق الرجال لما أسلموا ( ألق عنك شعر الكفر واختتن ) مع أن من يرى أنه ليس بواجب يقول هذا الحديث ضعيف ، دع عنك هذا الحديث .

قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ) دل على أن المعتاد أن تختتن المرأة وأن يختتن الرجل .

إذاً / هو في حق الرجال واجب ، ما الدليل ؟ إن صححنا الحديث فبها ونعمت ، وإن أخذنا بالآية ، مع أن الآية لا تسعف في هذه المسألة ، لم ؟ لأنه ليس كل ما ورد عن إبراهيم نأخذ به ، لأنه فعل ، وفعل نبينا صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب فكيف بفعل إبراهيم عليه السلام ، وإن لم نأخذ بالآية ولا بالحديث بالنسبة للوجوب في حق الرجل ، فإن فيه قطعا لجلدة في ابن آدم يتأذى منها ، ومعلوم أنه لا يباح للإنسان أن يقطع شيئاً من بدنه ، فلا يستباح المحرم إلا بواجب ، وكذلك ترك هذه القلفة بالنسبة للرجل تورث أمراضاً ، وغير ذلك تحتبس فيها النجاسة ، والتي من شروط صحة بعض العبادات أن يكون متطهرا ، ولذا كان ابن عباس رضي الله عنهما يشدد في هذا ، ويقول ( لا يقبل منه حج ولا صلاة) إذاً هذا في حق الرجل .

وبالنسبة للمرأة لماذا أخرجت ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على العلة قال ( اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج ) فدل على أن المقصود من ختان المرأة هو التقليل من الشهوة وليس بلازم ، والعلم عند الله .