الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (108)
حديث (من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قال المصنف :
وعن ” خولة بنت حكيم ” قالت :
” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من نزل منزلا فقال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك )) رواه مسلم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ثنى المصنف بذكر الحديث ” خولة بنت حكيم ” ، ولو أنه ذكر سورة الفلق ، وسورة الناس لكان حسنا
قال تعالى :
((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3} وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{4} وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{5} ))
وقوله تعالى :
((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{1} مَلِكِ النَّاسِ{2} إِلَهِ النَّاسِ{3} مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ{4} الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ{5} مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ{6} ))
فهاتان السورتان تدلان على ان الاستعاذة عبادة يُتقرب بها إلى الله
ســـ 1/ ما الشاهد من السورتين على ان الاستعاذة عبادة ؟
جــــ1 / الشاهد ان الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به :
((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ))
((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ))
ســ 2 / هاتان السورتان فيهما أمر بالاستعاذة بالله ، وليس فيهما نهي عن الاستعاذة بغيره ؟
جـــ2 / بلى فيهما :
((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} ))
هل يستطيع أحد ان يعيذ أحدا من شر جميع الخلائق ؟
هل يستطيع احد أن يمنع وساوس الشيطان ؟
لا
فدل على أنها استعاذة لا يقدر عليها إلا الله
ــــــ قوله : ” عن خولة بنت حكيم ” :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ هي إحدى الصحابيات الفضليات
ـــ حتى قيل إنها هي التي وهبت نفسها للنبي عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى : ((وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ))
ـــ تذكر هذه الصحابية أنها سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول هذا الدعاء :
(( من نزل منزلا ………. ))
نجد أن هذا الحديث بينه وبين الآية ترابط :
فإن أولئك مَن في الجاهلية إذا نزلوا منزلا قالوا : ” نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ”
وهذا الحديث بيان للطريقة السليمة في القول الذي يقال عند نزول المنزل .
وهذا يدل على ان النبي عليه الصلاة والسلام قد أوضح كل شيء لما نهى عن شيء وضع له البديل
وهذا موجود في كتاب الله عز وجل : إذا نهى عن شيء أتى بالبديل :
كقوله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا ))
ما البديل ؟
((وَقُولُواْ انظُرْنَا ))
ـــ والنبي عليه الصلاة والسلام في قضية التمر لما رأى ” جنيبا ” وهو من أجود أنواع التمر قال : (( أكل تمر خيبر مثل هذا ؟ ))
نأخذ الصاع بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة
فقال عليه الصلاة والسلام : (( بع الجمع بالدراهم ))
الجمع هو التمر الرديء المجموع :
(( بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا ))
فأرشده عليه الصلاة والسلام إلى الطريقة السليمة لما نهاه عن شيء فأغلق عليه الباب ، فتح له بابا آخر
فقوله : (( من نزل )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” مَن “ اسم شرط تفيد العموم
فهي شاملة لكل من قال هذا القول
ــــ وقوله : (( من نزل منزلا …. )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنزل : هنا نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم ، يشمل المنزل الطارئ ، والمنزل المستمر :
فمن نزل منزلا ليستقر فيه كبيت ونحوه فليقل هذا الدعاء
وإذا نزل إنسان بمكان مر به في سفر فليقل هذا الدعاء
ـــ فإن هذا الدعاء عام وشامل لكل منزل ، وذلك بدلالة كلمة (( منزل )) فإنها نكرة في سياق الشرط فتعم
جـــ / لا ، يكفيه مرة إذا دخل في بيت واستقر فيه .
فقوله عليه الصلاة والسلام : (( من نزل منزلا فقال : ” أعوذ بكلمات الله التامات ” )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله عليه الصلاة والسلام : (( فقال : )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فما ينبغي على المسلم إذا نزل منزلا أن يبادر بذكر هذا الدعاء ، وألا يكون بينه وبين نزوله فترة .
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( أعوذ بكلمات الله التامات )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والاستعاذة بكلمات الله عز وجل تفيد شيئا :
وهو أن كلمات الله عز وجل ليست مخلوقة ، وذلك لأن المخلوق كما سبق لا يجوز أن يستعاذ به
فدل على أن كلمات الله عز وجل ليست مخلوقة ، وأنها تدل على ان القرآن نزل غير مخلوق
وذلك لأن كلمات الله عز وجل من صفاته ، وصفاته منه جل وعلا ليست منفصلة عنه ، وصفاته تابعة لذاته ، وذاته ليست مخلوقة ، وصفاته ليست مخلوقة
ومن ثم فإننا نستفيد فائدة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهي أن القرآن منزل غير مخلوق وهذا هو معتقد آهل السنة والجماعة خلافا للجهمية والمعتزلة الذين قالوا بـ ” خلق القرآن “
وكلمات الله عز وجل الظاهر انه يراد منها الكلمات الشرعية ” وهي القرآن ” ثم وصفت هذه الكلمات بأنها تامات :
والتامات التي لا يصحبها نقص ولا عيب
فهذا دليل آخر على كمال كلمات الله عز وجل وأنها ليست مخلوقة ,وذلك لأن المخلوق يلحقه النقص والعيب
فيعد هذا الدليل دليلا على معتقد أهل السنة والجماعة :
من أن كلام الله عز وجل وهو القرآن منزل غير مخلوق
ويستدل له بقوله تعالى : ((أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ))
ففرق بين الخلق والأمر :
ومعلوم أن القرآن من أمره عز وجل :
قال تعالى : ((وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا ))
إذ لو كان القرآن مخلوقا لما ناسب ان يكون هناك عطف :
والعطف في أصله يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه
ولو دخل داخل فقال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماذا تقولون في قوله تعالى : ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ))
الجواب عن هذا :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أن الروح مخلوقة وعليها أدلة كثيرة تزيد على مائة دليل من ان الروح مخلوقة ، وأنها جسم لطيف
وقد تحدث عن هذا ابن القيم رحمه الله في كتابه ” الروح ”
فيكون معنى هذه الآية كما قال شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” أن الروح من مأمور ربي يعني : مما أمر الله عز وجل بأن يكون ، وأن يخلق :
مثال ذلك حتى تقرب هذه المعلومة من الذهن :
صفة الخلق ثابتة لله عز وجل ، مع ذلك قد يطلق على المخلوق خلق ، قال تعالى : ((هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ))
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( أعوذ بكلمات الله ))
فيه إضافة الكلمات إلى الله عز وجل
والإضافة إلى الله عز وجل : إما ان تكون إضافة ذات أو لإضافة معنى ، فإذا كانت إضافة ذات فهي إضافة مخلوق إلى خالقه كما قال تعالى : ((نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ))
الناقة : ذات
كما قال تعالى : {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ }
كما قال عليه الصلاة والسلام : (( فقولوا : ورب الكعبة ))
كما يقال :
ـــ كعبة الله
ـــــ بيت الله
أما إذا كانت إضافة معنى فإنها صفة من صفاته جل وعلا
فهنا ” كلمات ” أضيفت إلى الله عز وجل فتكون من باب إضافة الصفة إلى الموصوف ، وهو الله عز وجل
وقد سبق الحديث عن هذا عند حديث ” عبادة بن الصامت ” رضي الله عنه ، في قوله عليه الصلاة والسلام : (( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ))
فأضيفت الروح إلى الله عز وجل .
فأثبتنا أن الروح ليست ذات الله عز وجل ، لأنها جرم – جسم –
وإذا قلنا : إنها معنى لا يلزم أن يكون كلمات الله عز وجل مما يتكلم به أن كلامه معنى فقط ” لا ”
فهو يتكلم جل وعلا بكلام مسموع له صوت ، له لفظ ، له معنى
ولذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية قال : “ هو الحروف والمعاني لا الحروف فقط ، ولا المعاني فقط خلافا لمن زعم أن كلام الله …………. ”
والحديث في هذا يطول
وقد استوفى الحديث عن ذلك ابن أبي العز الحنفي في الطحاوية إذ ذكر تسعة أقوال اختلف فيها في كلام الله عز وجل
ذاكرا في جملتها معتقد أهل السنة والجماعة من انه كلام الله عز وجل الحروف والمعاني يتكلم بصوت مسموع
فقوله عليه الصلاة والسلام :(( من شر ما خلق )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” ما “ هنا موصولة تفيد العموم ، لكنه عموم مقيد
ليس عموما مطلقا
فيكون المعنى :
ـــــــــــــــــــــــــ
وليس المراد : أعوذ بكلمات الله التامات من شر كل مخلوق :
وذلك لأن المخلوقات ثلاثة أصناف :
ــــ إما مخلوق هو شر محض كـ ” إبليس “
ــــ وإما مخلوق هو خير محض كـ ” الملائكة والجنة “
ــــ وإما مخلوق فيه خير وشر ، ” وهم سائر المخلوقات ” مما لم يدخل في الصنف الأول والثاني .
والصنف الأول والثاني ذكرت أمثلة له ، وليست على سبيل الحصر ، وإنما هو على سبيل التمثيل :
فيكون المعنى : أعذ بكلمات الله التامات من شر كل مخلوق فيه شر
ولو قال قائل :
إذا قلنا : ” إن إبليس شر محض ، وإن النار شر محض أيخلق الله عز وجل الشر ؟
أو إذا قلنا : ” إن هناك خلقا فيه خير وشر أيخلق الله الشر ؟
مع أن النبي صلى اله عليه وسلم قال كما في حديث علي عند مسلم في دعاء الاستفتاح الطويل قال : (( والشر ليس إليك ))
وهذا يتعارض في ظاهره مع قوله تعالى : (( الله خالق كل شيء ))
فكل شيء خلقه الله عز وجل من خير وشر ،
فيكون الجواب كالتالي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ الله جل وعلا خلق كل شيء من خير وشر ، ولكنه عز وجل لم يخلق الشر لذاته إنما خلق الشر باعتبار غيره لما فيه من المصالح
فالشر ليس في فعل الله ، وإنما الشر في مفعولات الله ، يعني في مخلوقاته ، لكن فعله عز وجل كله خير
فهو خلقَ إبليس باعتبار كونه خيرا من وجه آخر ، وذلك أن خلقه عز وجل لإبليس يقتضي أن يكون هناك خير وشر
يكون هناك أمر بالمعروف ، ونهي عن منكر
ويكون هناك جهاد في سبيل الله
يكون هناك بيان للمطيع من غير المطيع
وهلم جرا من المصالح الكبرى التي خلق الله عز وجل من أجلها إبليس
لكن لو قال قائل :
ماذا تقولون في قوله عليه الصلاة والسلام : (( والشر ليس إليك )) ؟
نقول :
معنى هذا الحديث أن الشر لا يُنسب إلى الله عز وجل تأدبا
ولذا قال تعالى عن الجن : {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً }
لم يقل : ” أشر أراد الله بأهل الأرض ” فأضمر في الشر وأظهر في الخير
وكما قال تعالى : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }
نسب الشر إلى الشيطان تأدبا مع الله عز وجل
والنصوص في هذا المعنى كثيرة
ولو قال قائل :
إن الله أظهر الشر ونسبه إليه في بعض المواضع :
كقوله تعالى : ((قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ ))
قال : ((إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ )) أظهر لفظ الجلالة
((إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ))
وفي قوله تعالى : ((قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ))
فلماذا نسب إليه الضر مع أنه عز وجل لا ينسبه إليه في مواضع كثيرة
الجواب عن هذا :
ـــــــــــــــــــــــــ
أنه إذا جاء النص في مقام التحدي ، وفي مقام بيان قدرة الله عز وجل ، وضعف المدعويين أظهر ذلك لما تقتضيه المصلحة من بيان عظمة الله جل وعلا ، وضعف هؤلاء المدعويين
فإن كنت تعتقد أن لك ربا غير الله عز وجل فمن ذا الذي يعصمك من الله ؟
((إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ ))
فقوله عليه الصلاة والسلام :(( من شر ما خلق )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من شر كل مخلوق فيه شر
ثم قال عليه الصلاة والسلام :
(( لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال : (( لم يضره شيء )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و ” شيء “ نكرة في سياق النفي ، لأن لم نافية وجازمة ، والنكرة في سياق النفي تعم
فإذا قال هذه الدعوات المباركات فإنه لا يصاب بضر أبدا من أي مخلوق كان
ثم قيد وغيَّا عدم الضر بقوله : (( حتى يرحل من منزله ذلك ))
فإذا ارتحل من هذا المنزل فقد يصيبه الضر
وفي هذا فائدة :
ـــــــــــــــــــــــ
أن النص إذا كان عاما فيخصص بالغاية
فإن مقتضى هذا الحديث ألا يصيبه أبدا إذا قال هذا القول ، لكن لما أتت الغاية : (( حتى يرحل من منزله ذلك )) خصص هذا الأمر
يأتي آت فيقول :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
” إن البعض قد يقول هذا الدعاء حينما ينزل منزلا ثم يصاب بأذى ، فما الجواب عن هذا ؟
الجواب عن هذا :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن إصابته بالضر ليس نقصا في الدعاء ، وإنما هو نقص في الداعي
وذلك لأن أمثال هذه الأدعية بمثابة السلاح ، والسلاح بضاربه
فقوله عليه الصلاة والسلام كما جاء في الصحيح قال : (( إذا أتى أحدكم أهله فقال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإن قدر بينها ولد لم يضره الشيطان أبدا ))
للعلماء فيه أقوال : كيف لا يضره أبدا ؟
والأقرب والأصوب أن يقال : ” أن من قال هذا الدعاء بقلب صادق مخلص ، وأتى به على وجهه الصحيح فإن ولده لا يضره الشيطان أبدا
شأنه شأن قراءة ” آية الكرسي والمعوذتين ” وما شابه ذلك من السور والأدعية التي جاء فيها حفظ إذا قراها صاحبها
فإذا وُجد ضرر ، فالضرر ليس من نقص وعيب في الدعوة ولا في السورة ، غنما النقص في القارئ أو في الداعي
ولذا يقول ابن القيم رحمه الله في الدعاء يقول : ” إذا توفرت الأسباب ، وانتفت الموانع استجيب الدعاء ، فقد تتوفر الأسباب وتنتفي الموانع :
ومثل توفر الأسباب :
ـــ أن يرفع يديه بالدعاء
مثل : ـــ أن يتحين أوقات يستجاب فيها الدعاء
مثل : ـــ أن يثني في مقدمة دعائه على الله عز وجل ، ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام
كل هذه أسباب لإجابة الدعاء لكن يشترط مع توفر هذه الأسباب أن تزول الموانع
فلو أتى بهذه السباب ووجد مانع لم يحصل له إجابة دعاء
من أمثلة موانع الدعاء :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــ أن يأكل المال الحرام :
كما جاء في صحيح مسلم :
ذكر عليه الصلاة والسلام (( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ، ويثني على الله : يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ، وملبسه رام ، وغُذي بالحرام فأنَّى يستجاب لذلك ))
ثم إن قوله عليه الصلاة والسلام : (( من منزله هذا )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله : ” ذلك “ من باب التأكيد
فدل على أنه لو نزل منزلا آخر يقتضي أن يقول هذا الدعاء مرة أخرى لأن نفع هذا الدعاء إنما هو مقيد ببقائه في ذلك المنزل
فإذا انتقل منه إلى منزل آخر اقتضى أن يكون منه ذكر لهذا الدعاء مرة أخرى .