الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (125) حديث ( إذا قضى الله الأمر في السماء)(1)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (125) حديث ( إذا قضى الله الأمر في السماء)(1)

مشاهدات: 464

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس ( 125 )

حديث ( إذا قضى الله الأمر في السماء) الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي الصحيح عن أبي هريرة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك حتى إذا فزع  عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ( وصفه سفيانُ بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه ) فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه ، فيكذب معها مائة كذبة ، فيقال :  ” أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا : كذا وكذا ؟ ” فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء )) :)) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــــــ

هذا الحديث الذي ذكره المصنف هو لتفسير الآية التي صدرها في هذا الباب

فقوله : (( وفي الصحيح )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سبق وأن قلنا إن كلمة الصحيح عند الإمام محمد بن عبد الوهاب لا يعني بها صحيح البخاري ، وإنما قد يريد منها الصحيحين أو احدهما

وهذا الحديث مما جاء في الصحيحين

وقوله : (( عن أبي هريرة )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أبو هريرة سبق الحديث عن شيء من ترجمته

وقوله : (( عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : إذا قضى الله الأمر في السماء )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” إذا قضى “ القضاء كما سلف معنا عند قوله : (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ))

يكون على نوعين :

ـــ قضاء كوني قدري

ــــ وقضاء شرعي ديني

ولا معنى لإعادته هنا فمن أراد التوسع في هذا فليراجع كلمة ” قضى “ عند قوله : (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ))

 

وقوله : (( قضى )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه إثبات صفة القضاء لله

وهذا دليلها من السنة كما أن دليلها من الكتاب كما سبق في قوله : (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ))

وهذه الصفة مثبتة عن طريق الفعل ، لأن إثبات الصفة كما سلف معنا تكون من ثلاث طرق :

ـــ إما عن طريق الاسم

ـــ وإما عن طريق التنصيص عليها في الكتاب أو في السنة

ـــ وإما عن طريق الفعل

ــ وهنا جاء إثباتها عن طريق الفعل

وقوله : (( إذا قضى الله الأمر في السماء  )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا الأمر الذي يُقضى في السماء المذكور في هذا الحديث هو : ” أمره جل وعلا لجبريل بوحيه أن ينزله على من يشاء من عباده “

ولعل كلمة ” الأمر ” هنا تدل على أن القرآن ليس مخلوقا

وذلك لأن الله فرق لبين الخلق والأمر ، كما في قوله تعالى  : (( ألا له الخلق والأمر ))

وقد جاء وصف القرآن بأنه أمر ، فكيف يكون كلام الله مخلوقا ، وكيف يكون القرآن مخلوقا ؟

قال تعالى : (( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ))

وقوله : (( في السماء  )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في السماء : يعني في العلو

وكلمة ” السماء ” فيها إثبات لعلو الله

وسيأتي له مزيد حديث في هذا الباب بإذن الله

وقوله : (( ضربت الملائكة  )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقضاء الله لا يرد :

قال النبي عليه الصلاة والسلام عن الله : (( قال : يا محمد إني إذا قضيت قضاء لا يرد ))

كما جاء عند مسلم

وقد قال تعالى : ((إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ))

وجاء في  معجم الطبراني وحسنه ابن حجر – في الذكر الذي يقال بعد الصلاة : (( اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت “

جاءت زيادة : (( ولا راد لما قضيت))

 يحسنها ابن حجر رحمه الله مع أن الألباني  رحمه الله يرى أنها ضعيفة

سـ / ما نوع هذا القضاء المذكور في الحديث ؟

جـ / قضاء كوني : (( إذا  قضى الله الأمر في السماء ))

فوقوع هذا القضاء في  الأرض ثابت ، وذلك بأن جبريل ينتهي بهذا إلى حيث أمره الله

أما ما يتعلق بالمخلوقين : فقد يكون غير واقع ، ومن ثم يكون من القضاء الشرعي

فإذا نظرنا إلى هذا القضاء باعتبار ما قضاه الله لجبريل فإنه قضاء قدري

وباعتبار فعل المخلوق فإنه قضاء شرعي فقد يفعله ، وقد لا يفعله

سـ 2 / هل قول بعض المفسرين في قول الله تعالى : ((إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ )) فيقولون : ” إن الله لا يقول وإنما إذا أراد كان ، هل هذا التفسير يدخل في الآية ؟

جـ 2 / هذا غير صحيح لأنه يلغي صفة القول لله

ثم إذا قضى جل و علا كيف يسمعه جبريل كما هنا في هذا الحديث

ولتعلم :

ـــــــــــــــ

أن قضاء الله قضاء حق ، قال تعالى : {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال : (( ضربت الملائكة بأجنحتها )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الملائكة : ــــــــــــــ عالم غيبي

فالملائكة خلقت من نور كما صح بذلك الخبر عن النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح  مسلم

ثم قال : (( وأما آدم فمما وصف لكم ))

ومن ثم فإن فيه ردا على الصوفية الذين يغالون في النبي عليه الصلاة والسلام ويقولون : إنه خلق من نور

فإن في هذا القول معارضة لهذه النصوص ، وما جاء من أحاديث تذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام خلق من نور فإنها أحاديث لا تصح

ـــ * ـــ فهم ” أي الملائكة “ خلقوا من نور ، وهم عباد مكرمون يفعلون ما أمر الله عز وجل : ((لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ  ))

وقال تعالى : ((وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ{19} يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ{20} ))

وقال تعالى :{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ }

وقال تعالى  : ((سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ{26} لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ{27}))

وقال تعالى مبينا أنه يصطفي رسلا من الملائكة قال : ((اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ))

ــ وأخبر عز وجل أن لهم أجنحة قال تعالى : ((الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ))

ومن ثم : فإن أجنحتهم تتفاوت من حيث العدد

فقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام  جبريل وله ستمائة جناح كما في الصحيحين

وجاء في رواية أحمد : (( أن الجناح يسد الأفق ، وأنه ينتثر من ريشه التهاويل من الدر والياقوت ))

ــ * ــ وأخبر عز وجل أن لهم أيدي قال تعالى : ((وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ ))

ــ * ــ وأخبر عز و جل أن لهم قلوبا كما في هذه الآية : ((حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ ))

ــ * ـــ وأيضا لهم عقول :

خلافا لمن زعم أنه لا عقول لهم ، فإنه يلزم من هذا أننا تلقينا هذا الوحي ممن لا عقل له

ولأن قوله : ((حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ )) يدل على العقل كما قال تعالى : ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ))

أي لمن له عقل

ـــ * ـــ وقد أرسل الله اثنين من الملائكة وهما ” هاروت ” و ” ماروت “ يعلمان الناس السحر ابتلاء وامتحانا ، ولذا قال  تعالى : ((وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ ))

ــــ * ـــ وما ذُكر أنهما ملكان راودا امرأة فوقعا بها فإن هذا لا يليق بالملائكة ، وخلاف قوله تعالى : ((  لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ))

وخلاف ظاهر هذه الآية إذ قال : ((وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ ))

من باب النصح

وسيأتي حديث مستفيض عن هذين الملكين في باب ما جاء في السحر

ـــ * ـــ وقد أخبر عز وجل عن تواضعهم ، قال تعالى :

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

ثم بعد ذلك قالوا لما عرفوا أن آدم قد فاقهم بهذا العلم : {قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }

وهذا من باب تواضعهم بخلاف إبليس فإنه طغى وتكبر

ولذا :

ــــــــــــ

لما جاء الأمر بالسجود لآدم سجد الملائكة كلهم إلا إبليس : {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }

ــ * ـــ وهؤلاء الملائكة نؤمن بما جاءت به النصوص عنهم ، ونمسك عما لم تأت به النصوص

ـــ * ــ ومن ثم :

ــــــــــــــــــــــــــ

فإن النصوص جاءت بذكر أسماء لبعضهم :

وذلك مثل (( جبريل وميكال )) :

قال تعالى : {مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ }

أو يضبطان بهذا الضبط :

ـــ جبرائيل

ــــ وميكائيل

ـــ * ـــ في دعاء استفتاح صلاة الليل عند مسلم : (( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل  فاطر السموات والأرض ……….. الحديث ))

ـــ * ـــ ونؤمن بان هناك ملكا وهو ” إسرافيل ”

ـــ * ــ ونؤمن بأن هناك ملكين وهما ” هاروت وماروت “

ـــ * ـــ وهناك ملك يجري ذكره على ألسنة كثير من العلماء من المتقدمين أو من المتأخرين ، وهو ” رضوان “ خازن الجنة :

وحسب ما اطلعت عليه ، وهو جهد مقل لا يدل على أن خازن الجنة اسمه رضوان لأن ما ذكر من أحاديث في رضوان إنها أحاديث ضعيفة

إلا إن كانت هناك أحاديث صحيحة

ـــ : ومن بين الأحاديث التي قد حكم على بعضها بالوضع أو بالضعف الشديد : (( أنه إذا دخل رمضان هبت ريح فتقول الحور العين : يا رضوان ما هذه الرائحة الطيبة ….. ))

ـــ * ـــ ونؤمن بأن هؤلاء الملائكة يتشكلون :

ـــ كما تشكل جبريل في صورة أعرابي ” كما في حديث عمر الطويل ” :

إذ قال : (( بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد …………. الحديث ))

 

 

 

ومن ثم :

ــــــــــــــــــــــــــ

يأتي سؤال وهو سؤال البعض:

 

وفي مسألة :  هل الملائكة أفضل أم صالحي بني آدم ؟

ما رأيت أحدا – وهذا حسب علمي لأن هناك قاعدة : ” عدم العلم لا يدل على العدم “

يأتيك شخص ويقول : لا أعلم

لا يدل على العدم ، هذا منتهى علمه

فهذه قاعدة :
” عدم العلم لا يدل على العدم “

فقد يكون هناك دليل ، لكن لم أر أحدا ذكر أن الملائكة يرون الله عز وجل ، ولو كان هناك دليل لاستدل به على أن اللائكة أفضل من صالحي البشر

وهي مسألة طويلة قال عنها : ” ابن أبي العز الحنفي ” قال : ” استفاض الناس في ذكر الخلاف فيها ، وأنا أذكرها من باب أنها من العلم الذي ذكر كثيرا ، وإلا فليست هناك فائدة تعود على المكلفين سواء علمنا أن صالحي البشر أفضل أم أن الملائكة أفضل “

ـــ * ــ ونؤمن بأن هناك ملائكة مقربين عند الله عز وجل :

قال تعالى :

((لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ))

ـــ * ــ وهؤلاء الملائكة ينزلون يوم تشقق السماء بالغمام :

قال تعالى :

((وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلاً ))

وقال تعالى :

((وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ))

ـــ * ـــ ونؤمن بأن هناك حملة العرش يحملون عرش الله عز وجل ، فيجب الإيمان بهم كما جاءت بذلك النصوص :

ــــ * : وهؤلاء الملائكة حملة العرش : جاء في مسند الإمام أحمد (( أنهم أربعة )) :

وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام ذُكر عنده بيت من شعر أمية بن أبي الصلت :

وهو قوله :

رَجْلٌ وثورٌ تحت رِجل يمينه

والنسر للأخرى وليث مرصدُ

( ليث : أي أسد )

فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( صدق ))

قال ابن كثير في البداية :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(( إسناده صحيح ورجاله ثقات ))

ثم قال رحمه الله : (( وذكر هذا العدد لا يدل على أنه لا عدد أكثر من هذا ، فإن هذا العدد لا يدل على نفي ما سواه ))

أما البغوي فيقول : (( إن مقتضى هذا الحديث أن حملة العرش الآن أربعة ، وإذا جاء يوم القيامة زيدوا بأربعة ، وهذا هو معنى قوله تعالى :(( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ))

ـــ * ــ ونؤمن بأن هؤلاء الملائكة لا يحصى عددهم إلا الله عز وجل

وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في ذكر البيت المعمور : (( أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودون إليه ))

ــ * ــ وقال تعالى – لما ذكر خزنة النار : {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }

إلى أن قال : ((وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ))

ـــ * ـــ ونؤمن بأنهم عمَّار السموات :

ولذا قال الله في الحديث الذي مر معنا :

(( قال يا  موسى : قل : لا إله إلا الله

قال : كل عبادك يقولون هذا

فقال الله عز وجل : يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري …………………… الحديث ))

وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام فقال : (( أطت المساء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وملك ساجد أو قائم ))

وقال عليه الصلاة والسلام : (( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها

قالوا : كيف يا رسول الله ؟

قال (( يتمون الصف الأول ويتراصون فقي الصف ))

ولذا قال عز وجل عنهم : ((وَالصَّافَّاتِ صَفّاً ))

وقال تعالى : ((وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ))

ـــ * ـــ والذي يظهر أنهم لا يأكلون ولا يشربون :

ـــ وذلك لأن كل أوقاتهم استغرقت في العبادة :

(( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ))

  فدل على أن جميع الليل وجميع النهار قد مضى في العبادة

 ـــ ويؤيده ما جرى لهم مع إبراهيم :

((إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ{25} فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ{26} فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ{27} فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ))

ــ * ـــ نؤمن بأن الملائكة ينزلون :

وهم ملائكة الرحمة ينزلون على المؤمن ليقبضوا روحه

وان منهم ملائكة العذاب ينزلون ليقبضوا روح الكافر :

قال تعالى عن أهل  الإيمان (( ِإِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{30} نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ))

وقال تعالى في حق أهل  الكفر :

((وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ ))

وقال تعالى :{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ }

ـــ * ـــ وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن صفة قبضهم لروح المؤمن ، وقبض ملائكة العذاب لروح الكافر ، في حديث البراء الطويل عند الترمذي وغيره ؟، وهو حديث معروف مشهور

ـــ * ـــ ونؤمن أن هناك ملكا للموت :

وما يقال أنه ” عزرائيل “ فإنه لا يثبت من حديث صحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام وإنما هو متلقى من بني إسرائيل

إنما المذكور إنما هو ” ملك الموت ” :

قال تعالى :

((قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ))

وهذا لا تعارض مع قوله تعالى : ((اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ))

ولا يتعارض هذا مع ما ذكر آنفا :

من أن الملائكة يقبضون روحه : ((وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ ))

((وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ ))

فتكون نسبة الإماتة إلى الله نسبة أمر ، لأنه هو الذي أمر بهذا

ـــ  ويكون هناك ملائكة للموت ويرأسهم ملك الموت

وكما جاء في حديث البراء :

(( أن ملك الموت يقبض روحه ثم لا تدعها الملائكة في يده طرفة عين حتى يأخذوها ))

ـــ * ـــ وهؤلاء الملائكة من رحمة الله بنا أنهم يستغفرون لنا :

قال تعالى :

((وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ ))

من هم أهل هذه الأرض ؟

الجميع ؟

لا

قال تعالى : ((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{7} ))

ــ * ـــ ونؤمن أن هناك ملائكة حول العرش ، وهم غير حملة العرش :

وقيل : إنهم أفضل ويدعون بـ ” الكروبيين “

وهذا مشهور في كتب بعض المفسرين كابن كثير

ولكنني لم أر دليلا على تسميتهم بهذا الاسم :

قال تعالى : ((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ ))

قال : ((وَمَنْ حَوْلَهُ ))

ــــ * ـــ نؤمن بأن من بينهم من يأمر بالشدة ، ومنهم من يأمر باللين :

كما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام: (( إن هناك ملكين أحدهما يأمر بالشدة ، والآخر يأمر باللين : جبريل وميكائيل ))

ولذا اليهود لما قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام : من يأتيك بهذا الوحي ؟

قال : جبريل

قالوا : هذا الذي يأتي بالعذاب ، لو كان يأتي به ميكائيل لآمنا بك

فقال تعالى : {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }

وقال تعالى  :

((قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{97} مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ{98} ))

ـــ ** ـــ ونؤمن بأن إبليس ليس منهم على ما رجحنا

أما على القول الآخر فإنه من الملائكة

لكن على حسب ما نراه ليس من الملائكة ، وذلك لأدلة منها :

ــــ ما جاء عند مسلم :

قول النبي عليه الصلاة والسلام عن إبليس : (( إنه خلق من نار ))

وجاء في ضمن هذا الحديث :

(( أن الملائكة خلقت من نور ))

فدل على الافتراق

ـــ ومنها :

أن الله أخبر عن إبليس أنه من الجن :

((إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ))

ثم قال : ((أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ))

ـــ * ــ والملائكة لا يحصل منها توالد ولا ذرية

ولذا :

ـــــــــ

أنكر عز وجل على من زعم أنهم إناث : {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ }

ـــ فيكون قوله : ((إِلَّا إِبْلِيسَ ))

استثناء منقطع  ، وذلك لأن المستثنى غير جنس المستثنى منه :

كما لو قلت : قدم القوم إلا حمارا

فالحمار ليس من جنس القوم ، فكذلك إبليس

ـــ * ـــ وقد يطلق على الملائكة أنهم ” جنة  ” وهذا على أحد قولي المفسرين في قوله تعالى : ((وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ))

وإلا فهناك قول آخر أنهم هم الجن

ـــ * وإنما سموا جنة باعتبار أنهم مستترون ، مختفون عن الأنظار

ـــ ومما يدل على أن هناك فرقا بين الملائكة والجن قوله تعالى :

((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ{40} قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ))

ـــ * ـــ ونؤمن بأن هؤلاء الملائكة يستقبلون المؤمنين حينما يدخلون الجنة :

((وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ{23} سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ{24} ))

وقال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين

(( من أنفق زوجين في سبيل الله يقال : هذا خير :

فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، وإن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، وإن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، وإن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ))

فقال أبو بكر : ” ما على أحد دعي من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يدعى احد من جميع هذه الأبواب ؟ “

فقال :

(( نعم ، وأرجو أن تكون منهم ))

ولذا صح عن النبي عليه الصلاة والسلام :

(( أنه أخبر أن هناك رجلا من أهل الجنة ما من ملائكة إلا ويقولون : هلم هلم

فقال أبو بكر : يا رسول الله إن هذا الرجل لثوابه عظيم

فقال : (( أنت هو يا أبا بكر ))

ـــ * ــ ونؤمن بأن هناك ملكا يدعى بــ” مالك ” وهو خازن النار :

قال تعالى :

((وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ))

ـــ * ونؤمن بأن لهذا الملك أعوانا :

قال تعالى :

{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }

وقال تعالى :

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ))

عليها من ؟

((عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ))

فطبيعتهم الغلظة والشدة حتى لا تصل الرحمة سبيلا إلى قلوبهم

ـــ ولذا النبي عليه الصلاة والسلام – كما في صحيح مسلم – قال لجبريل : (( ما مررت على ملك من الملائكة إلا سلموا عليّ وضحكوا إلا واحدا ))

فقال جبريل : ((هذا مالك خازن النار ، ما ضحك منذ أن خلقه الله ، ولو ضحك لأحد لضحك لك ))

ـــ * ــ ونؤمن بأن هناك ملكين اسمهما : (( منكر ، ونكير ))

على ما صح به الخبر عند الترمذي :

وهما يأتيان الميت ويسألانه ، وهما الفتّان فيسألانه :

من ربك ؟

ما دينك ؟

من نبيك ؟

كما هو معلوم

ـــ * ــ والملائكة يجب أن يحبوا في قلوب المؤمنين ، وذلك لأنهم عباد مكرمون ، وأثنى عز وجل عليهم

ـــ * ـــ وهؤلاء الملائكة منهم من هو موكل بالحياة

والحياة أنواع :

حياة القلب

حياة الأرض

حياة بعد الموت

فجبريل : موكل بحياة الروح ، وذلك بإنزال الوحي

وميكائيل : موكل بإنزال المطر الذي به تحيا الأرض

وإسرافيل : موكل بالنفخ في الصور

ولذا :

ــــــــــــ

المسلم بحاجة إلى الحياة

ولذا من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام – كما عند مسلم في قيام الليل دعاء الاستفتاح : (( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ……….. الحديث ))

لماذا هؤلاء الثلاثة ؟

لأن الإنسان بحاجة إلى حياة من الله

ــــ * * * ـ وأعظم هؤلاء الملائكة هو جبريل فهو أفضلهم :

قال تعالى عنه : ((إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ{19} ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ{20} مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ{21} ))

فمن صفاته الأمانة

ومن صفاته أنه مطاع عند الملائكة

ولم يقل : (( مطيع ))

وإنما قال : (( مطاع ))

وذلك لأن الملائكة تطيعه ، وله قدر وشأن

ولذا كما سيأتي في هذا الحديث : الملائكة تسأل جبريل فيقول : (( قال الحق وهو العلي الكبير ))

وهذا يدل على أمانته كما سيأتي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ