الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس(153)
(هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ) الجزء الرابع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال ابن القيم رحمه الله :
” قال غير واحد من السلف : لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن القيم :
ـــــــــــــــــــــــ
” ابن القيم رحمه الله : هو :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ محمد بن القيم الجوزية الزرعي الدمشقي
ـــ تلقى العلم من شيخ الإسلام رحمه الله
ـــ وكان صوفيا فتاب الله عليه والتحق بدروس شيخ الإسلام ستة عشر عاما فنفعه الله عز وجل بصحبة شيخه شيخ الإسلام
ـــ وهو حسنة من حسنات ابن تيمية رحمهما الله
ـــ كما قال ابن حجر : لو لم يكن من حسنات ابن تيمية إلا ابن القيم لكفته حسنة
ــ مع أن حسنات شيخ الإسلام كثيرة جدا
ــ وهو آية- كما قال السخاوي ـــ وهو أحد طلاب ابن حجر- وهو آية في الحفظ ، وسعة الجنان ومعرفة الخلاف
ـــ قد أعطي عبادة لا نظير لها
ــ مع علمه الواسع وهذا مما يعجب له :
إذا رأيت إلى هذا العلم : وكيف قام بنشره وتأليفه وكتابته تر العجب
فتقول : ماذا بقي لهذا الإنسان من وقت حتى يتعبد الله عز وجل
ـــ يقول ابن كثير تلميذه رحمه الله : (( كان إذا صلى أشفقنا عليه من طول صلاته ))
نسأل الله أن يرحمنا : لا علم ولا عبادة
ـــ وقد حبس مع شيخه شيخ الإسلام رحمه الله لما جرى ما جرى من فتنة
ـــ وكان يستحضر مسند الإمام أحمد عن ظهر قلب
ــ ولا عجب فقد ألف كتابه زاد المعاد في رحلته إلى الحج وهو خمسة أجزاء والطبعة القديمة التي عندنا
ويصل المجلد الواحد إلى خمسمائة وأكثر من الصفحات
ـــ وكان يذكر الأسانيد
ــ وكان يذكر أقوال المخالفين ويرد عليها
ولم يعثر على كتابه هذا من الأخطاء إلا الشيء اليسير لأن الوهن لا يسلم منه ابن آدم
كما قال تعالى : ((وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ))
ــ وهو مرجع كبير لطلاب العلم بل للعلماء الكبار
فلا تخلو مكتبة عالم أو طالب علم من هذا الكتاب
ــ وهذا الرجل إذا نظر إلى ما يكتبه من إيمانيات أو روحانيات تجد العجب العجاب
ـــ وإذا فسر بعض الآيات رأيت العجب
ــ ومثل هؤلاء الأعلام ينبغي لنا أن نقتفي آثارهم وغن لم نصل إلى ما وصلوا إليه :
كما قال الشاعر :
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
ـــ ولذا جدير بطلاب العلم المبتدئ وحتى المنتهي فلا يستغني أحد عن هذا الأمر الذي هو ” مطالعة سير هؤلاء الأعلام بين الفينة والأخرى “
حتى نشحذ من همته
والله المستعان
قال : (( غير واحد من السلف )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبهم هنا من القائل لهذا القول
وهذا القول ذكره بمعناه البخاري رحمه الله وابن جرير الطبري
ولاشك أنهما من السلف
لأن البخاري صنف صحيحه الجامع الصحيح وهو أصح كتاب بعد كتاب الله
وابن جرير الطبري كل المفسرين عيال عليه
ولذا أثنى شيخ الإسلام على تفسير ابن جرير هذا
ومن نظر بين تفسير ابن كثير وتفسير ابن جرير تكاد أن تقول : إن تفسير ابن كثير في الغالب مختصر من تفسير ابن جرير
وتفسيره بالأثر :
كان رحمه الله يذكر السند في تفسير الآية إلى من فسرها إما من الصحابة وإما من التابعين
قال : (( لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في هذا اختلاف فإن ما سبق في الأثر :
ماذا قيل في الأثر ؟
أن أنصبوا في مجالسهم
وهنا قال :
عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم
فكان هذه الصور كانت على القبور
وليست في المجالس التي كانوا يجلسون فيها ؟
فيقال :
ــــــــ
ــ إما أنهم فعلوا هذا وهذا
ـــ أو أنهم قبروا هؤلاء الصالحين في مجالسهم ثم عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم
قوله : (( ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طال عليهم الأمد الذي هو الزمن :
كما قال تعالى مبينا فضل العلم وفضل الوحي والرسالة :
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }
ما الذي بعدها ؟
((اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{17}))
فذكر الماء الذي به حياة الأرض دليل على أن الوحي به حياة القلوب
ولا سبيل لمعرفة الوحي إلا بالتعلم وحضور دروس العلماء والبحث في كتبهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ