الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ درس(172)
حديث (لعن رسول الله زائرات القبور)(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقول المصنف :
وعن ابن عباس قال :
(( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ))
رواه أهل السنن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأن الملاحظة هنا :
أن ابن عباس تحدث في هذا الموضوع ، وهو موضوع الغلو تحدث ناقلا عن النبي عليه الصلاة والسلام خطر الغلو كما في هذا الحديث
وتحدث هو في تفسير الآية
وهذا مما يقوي صحة هذه الآثار التي سبقت مما يعطيها قوة
ــــــــــــــــــــ
وقوله : (( عن ابن عباس )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ سبقت ترجمته
وقوله :(( قال : لعن رسول الله )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللعن : هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله عز وجل
وقوله : (( زائرات القبور )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زائرات : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم
” زائرات ”
ـــــــــــــــــــــــ
من هذه اللفظة يصدق هذا الحكم وهذا الوعيد ، وهو اللعن على امرأة زائرة القبور ، ولو مرة واحدة
وذلك لأن الأصل في الإطلاق يصدق على الواحد
فقد تكون كلمة : ” زائرات القبور ” أكثر من مرة لكنها تصدق ، ولو على مرة واحدة
فتكون المرأة متعرضة لهذا الوعيد الشديد لو زارت القبور مرة واحدة
في لفظ آخر قال : (( لعن الله زوارات القبور ))
و ” زوارات ” صيغة مبالغة
فيكون اللعن صادقا على من أكثرت من زيارة المقابر ولا يدخل في هذه الجملة من زارت المقبرة مرة واحدة لأن صيغة المبالغة تدل على الكثرة
و (( زوارات )) على صيغة فعّال ” زوار “
ومن ثم :
ـــــــــــــــــ
اختلف العلماء في حكم زيارة المرأة للمقبرة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الأول :
ــــــــــــــــــــــــ
يُسن للمرأة أن تزور المقبرة
وهذا ما ذهب إليه من المعاصرين [ الألباني ]
ويستدل على ذلك بما يأتي :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ أولا :
ــــــــــــــــــــــ
عموم قول النبي عليه الصلاة واسللام عند مسلم وغيره :
(( زوروا القبور فغنها تذكر الآخرة ))
وعند أحمد :
(( فإنها ترقق القلب وتدمع العين ))
وفي رواية :
(( فإنها تذكرة ))
وفي رواية :
(( فإنها تذكر الموت ))
وهذا شامل للرجال والنساء ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ))
2 ـــ ثانيا :
ـــــــــــــــــــ
ما جاء في الصحيحين من حديث : (( أنس )) :
أن النبي عليه الصلاة والسلام أتى على امرأة عند قبر صبي لها فقال : (( اتقي الله واصبري ))
فقالت : إليك عني فإنك لم تُصب بمصيبتي – ولم تعرفه –
فقيل لها : إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذهبت إليه ولم تجد عنده بوابين فاعتذرت :
فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ))
ولم ينكر عليها زيارتها للمقبرة
والإقرار يدل على الجواز أو على السنية
لأن ما يُورد قد يكون دليلا للاستحباب واضحا ، وإن لم يكن دليلا واضحا على الاستحباب فيكون دليلا على الجواز
3 ــ ثالثا :
ـــــــــــــــ
ما جاء عند مسلم :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة واسللام خرج في إحدى الليالي مختفيا عن عائشة إلى البقيع ، فلما رجع وأخبرها قالت : ماذا أقول لهم إذا خرجت ؟
فقال : (( قولي : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ….. الحديث ))
4 ــ رابعا :
ــــــــــــــــــ
ما جاء في مستدرك الحاكم :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن عائشة زارت قبر أخيها ، وقال لها عبد الله بن أبي مُليكة : (( أليس نهي عن هذا يا أم المؤمنين ؟ ))
قالت : (( بلى نهي عن ذلك ثم أُمر بزيارتها ))
وفي لفظ آخر قال : (( لو شهدتك ما زرتك ))
وهذه اللفظة يضعفها الألباني
ولكن ” ابن القيم “ يقول عنها في ” تهذيب السنن ” : يقول : [ هي اللفظة المحفوظة ]
لكن من يقول بهذا القول يقول بالسنية إذا لم يكثر ، فإن كثر حرم ــــــــــــــــــــــــــ لم ؟
للفظة : (( لعن الله زوارات القبور ))
بينما حديث : (( لعن الله زائرات القبور )) فعندهم ضعيف
القول الثاني :
ـــــــــــــــــــــــ
[ يباح ]
وأدلته نفس الأدلة السابقة
القول الثالث :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ مكروه ] :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد :
ويستدلون على ذلك بقول ” أم عطية ” :
(( نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ))
القول الرابع :
ــــــــــــــــــــــــ
أنه يحرم :
ــــــــــــــــــ
بل من كبائر الذنوب
لأن النبي عليه الصلاة والسلام توعد على من فعل ذلك باللعن
وسبق معنا بيان حد الكبيرة
وإذا عرف حد الكبيرة كما سبق معنا عرف حد الصغيرة
هذا على القول الذي يقول بأن الكبيرة محدودة بوصف
أما من يقول إنها محدودة بعدد فقد ذكروا أعدادا لها
واختلفوا في كم تصل أعداد هذه الكبائر ؟
وهذا هو القول الراجح
وهو أن :
[ زيارة المقبرة من قبل النساء محرم ومن كبائر الذنوب ]
ويستدلون على ذلك بهذا الحديث :
(( لعن الله زائرات القبور ))
ـــ أما الجواب على أدلة من سبق :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ أولا :
ـــــــــــــــ
يقول شيخ الإسلام :
” إن القول بالسنية لم يؤثر عن أحد من الأئمة لكنه ذُكر أنه قد قيل به لكن ليس عليه أحد من الأئمة “
2ــ ثانيا :
ــــــــــــــــ
إن حديث :
(( لعن الله زوارات القبور ))
حديث صحيح ولا يتعارض مع حديث :
(( لعن الله زائرات القبور ))
ولذا يقول شيخ الإسلام :
(( ورد هذا الحديث من طريقين وتعددت طرقه وليس فيه من هو متهم بالكذب ، وهو حجة ))
فإذا كان حجة وصحيحا فإنه لا يتعارض مع حديث : (( زوارات القبور )) ـــــــــــــ لم ؟
لأننا لو أخذنا بحديث (( زوارات القبور )) ألغينا حديث :
(( زائرات القبور )) ألغينا دلالته
فيكون أخذنا بحديث وتركنا آخر
لكن لو أخذنا مدلول حديث :(( زائرات القبور )) أخذنا به وأخذنا بحديث : (( زوارات القبور ))
ثم إن التضعيف لا يدل على كثرة الفعل فقط بل قد يدل على كثرة الفاعلين
لأنهم قالوا : عن لفظة : (( زوارات القبور )) تدل على المبالغة
والمبالغة من باب التضعيف
فيصدق على من أكثرت الزيارة
وهذا يخص الفعل
لكن يقال لهم : ” إن اللغة العربية جاءت بالتضعيف في الفعل وفي الفاعلين فتكون زيارة عدد كبير من النساء للمقبرة مرة واحدة يصدق عليه حديث : (( زوارات القبور )) “
ومما يستدل به على أن التضعيف ليس خاصا بالفعل :
قال تعالى :
{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ }
قال :
(( مفتحة )) وهذه صيغة تضعيف
لم يقل : (( مفتوحة ))
ومعلوم أن الباب يفتح مرة واحدة
لكن لما كانت هذه الأبواب كثيرة وكثرة الداخلين فيها اُستعمل فيها صيغة التضعيف
وبالتالي فإن استدلالهم بحديث : (( زوارات القبور ))
ليس مستندا قويا
3 ــ ثالثا :
ـــــــــــــــــ
أما حديث : (( أنس )) في قصة المرأة فلا يدل على إقرار من النبي عليه الصلاة والسلام لوجهين :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ أ ] ــ أن هذا قد يكون قبل النهي إن سُلم به كن كثرة الأوجه تدل على القوة
[ ب] ــ أن هذه المرأة علم النبي عليه الصلاة والسلام من حالها وقوتها أنها خرجت لا من أجل الزيارة ، وإنما توجعها وتفجعها على صبي لها ، ولا أدل على ذلك من قولها
ولذا كان النهي من النبي عليه الصلاة والسلام ، وكذا الأمر بتقوى الله والصبر
ولذا لما أتته واعتذرت له ختم الحديث بقوله : (( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ))
وبالتالي :
فإن هذا الحديث ليس صريحا في جواز زيارة المرأة للمقابر
ولا يؤخذ بغير الصريح الذي يعارض الصريح
4 ــ رابعا :
ــــــــــــــــــ
وهو الاستدلال بحديث عائشة :
فيجاب عنه بجوابين :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[ أ ] ـــ أن هذا قبل النهي
[ ب] ـــ أن استفسارها قد يراد منه زيارة المقبرة ، وقد يراد منه الدعاء إذا مرت بالمقبرة
لأنه ليس نصا صريحا في الزيارة ، ونما هو نص واضح في الخروج
5 ــ خامسا :
ـــــــــــــــــــ
وهو زيارة عائشة لقبر أخيها
فيجاب عنه بثلاثة أجوبة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ أ ] ـــ أن اللفظة المحفوظة عند بعض العلماء :
(( لو شهدتك ما زرتك ))
فدل على أن زيارتها لسبب ، وليس على وجه الزيارة الحقيقية
لكن سُلم بأن هذه اللفظة ليست ثابتة فماذا نقول ؟
وهو الوجه الثاني نقول :
[ ب] ـــ أن ابن أبي مليكة استدل عليها بالنهي ، ولم يستدل عليها باللعن فقال :
(( أليس قد نهي عن ذلك ؟ ))
ولم يقل : (( أليس قد لُعن من فعل ذلك ))
ولذا أجابته بالإذن العام إذ قالت : (( إنه قد نهي عن ذلك ثم أُمر به ))
وتريد من ذلك حديث : (( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ))
الوجه الثالث يتفرع من هذا الوجه ، وهو :
[ ج ] ـــ أن حديث
(( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ))
ليس داخلا فيه النساء ، وإنما هو للرجال فقط
فيكون حديث النهي عن زيارة القبور ثم الأمر به للرجال
أما النساء فلهن دليل آخر أخرجهن من هذا وهو : (( لعن الله زائرات القبور ))
ما أوجه كون هذا الحديث خاصا بالرجال دون النساء ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـــ الوجه الأول :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن الصيغة هنا صيغة تذكير ، وليست صيغة تأنيث
ويمكن يجاب عن هذا فيقال :
(( أن صيغة التذكير لا يخرج منها النساء ))
لأن ما ثبت للرجال من أحكام يدخل فيه النساء ، وكذلك العكس إلا بدليل
ويجاب عن هذا الجواب :
ــــــــــــــــــــــــــ
بأن يقال :
ـــــــــــــ
إن المسألة مسألة خلاف بين الأصوليين :
ــ فمنهم من يقول :
ـــــــــــــــــــــــــــ
إن النساء لسن داخلات في صيغة التذكير
ويجاب عن هذا الجواب بأن يقولوا :
(( أنتم ترجحون بأن النساء داخلات ))
فنقول :
ـــــــــــ
نحن نسلم بالقاعدة ، لكننا لا نسلم بتطبيق هذه القاعدة هنا ، لأن عندنا دليل آخر في النساء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2ــ الوجه الثاني :
ـــــــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر علل في جواز زيارة الرجال للمقابر في حديث :
(( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ))
قال :
(( فإنها تذكر الآخرة ))
وقال :
(( فإنها تذكرة ))
وقال :
(( إنها ترقق القلب ))
وقال :
(( إنها تدمع العين ))
ومعلوم أن هذه العلل الواردة في هذا الحديث تخصص الرجال دون النساء
فلا يدخلن النساء تحت هذا الحديث
وذلك لأن زيارة المرأة للمقبرة لا تأتي بهذه العلل ، وإنما يخرج المرأة إلى الجزع والتسخط والنياحة
فكان هذا الحديث خاصا بالرجال
أما النساء فلهن حديث خاص وهو :
(( لعن الله زائرات القبور ))
وفي رواية :
(( لعن الله زوارات القبور ))
3 ــ الوجه الثالث :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( من صلى على جنازة فله قيراط ، ومن صلى عليها وتبعها فله قيراطان …. الحديث ))
ومعلوم أن اسم الشرط [ مَن] يدل على العموم فيدخل فيه النساء والرجال
لكن النساء خرجن هنا في مسألة اتباع الجنائز لحديث ” أم عطية ” :
(( نهينا عن اتباع الجنائز ))
ومن ثم :
ــــــــــــــ
فإن أداة الشرط هنا [ مَن ] إذا كانت لا تدل على العموم لوجود المخصص فمن باب أولى صيغة التذكير في قوله :
(( فزوروها ))
4 ـــ الوجه الرابع :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنه وردت أحاديث خاصة في قضية اتباع الجنائز
وقوله لفاطمة :
(( لو بلغتِ معهم الكُدا لم تدخلي الجنة ))
وهذه الأحاديث يسندها ويعضدها ما جاء في النهي عن اتباع الجنائز
5 ــ الوجه الخامس :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أنه لم ينقل : أن الصحابيات كن يأتين إلى المقابر وليس هذا معهودا في عصر النبي عليه الصلاة والسلام ولا في عصر صحابته
مما يدل على أن قوله : (( فزوروها )) خاص بالرجال
ولذا قال شيخ الإسلام : ” ولا استحب أحد من الأئمة زيارة النساء للمقابر “
6 ــ الوجه السادس :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الفائدة من زيارة المقابر :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ أ] ــ الدعاء للميت
[ب] ــ والعظة والاعتبار
وهذا حاصل للمرأة وهي باقية في بيتها
فإن هذه المصلحة في هذا الحديث حاصلة للمرأة إذا لم تزر المقابر
لأنه لو قيل : إنها داخلة من أجل تحصيل هذه المصلحة وقعت في مفاسد أكثر :
منها :
ـــــــــــــــ
[ أ] ـــ النياحة والجزع
[ب ] ـــ ذهاب المقصود من زيارة المقابر
ما المقصود منها ؟
العبرة والعظة
7 ــ الوجه السابع :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بين :
(( زيارة النساء للمقابر ))
وبين
(( اتخاذ المساجد والسرج عليها ))
مما يدل على أن زيارة المرأة للمقبرة قد تكون ذريعة ووسيلة إلى الشرك
فكما أن إسراج السرج في المقابر ذريعة ووسيلة إلى الشرك فكذلك قد يحصل في زيارة المرأة الوقوع في الشرك
كيف ؟
المرأة بطبيعتها ضعيفة وعاطفية ، فلو علمت مثلا أن هذه المقبرة فيها أناس صالحون ، وتُعرف قبورهم ، فإنه لضعفها وضعف علمه قد تقع في مثل هذا
ولذا :
ورد حديث صحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام :
(( إن أكثر من يتأثر بالرجال النساء والأعراب ))
ما السبب ؟
الجهل
حتى إن الرجل ليوثق زوجته وأمه من أجل أن لا يتأثر بالرجال
8 ــ الوجه الثامن :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنه على افتراض أن هذا واقع من بعض الصحابيات كما في فعل عائشة :
فيجاب عن هذا بجوابين :
[ أ ]ــ أن أخاها لما قتل ولم تشهد الصلاة عليه
قالت : (( لو شهدتك ما زرتك ))
وهو : عدم شهودها الصلاة على أخيها
هذا إن سلمنا بأن هذه الرواية ثابتة
فالألباني يضعفها
وابن القيم يقول : هي المحفوظة
[ ب] ــ وعلى افتراض أنها ضعيفة ، فإن هذا اجتهاد من عائشة
ومعلوم أن فعل الصحابي لا يعارض به قول النبي عليه الصلاة والسلام
والعاقل حينما ينظر إلى هذه المسألة نظر تأمل واعتبار ورؤية للقواعد الشرعية العامة
يخرج : من ان المرأة لو زارت المقبرة لترتب على ذلك مفاسد ما الله به عليم
والواقع يشهد بهذا
ـــ وأما قول أم عطية : (( نهينا عن اتباع الجنائز ))
في الجملة الأخيرة قالت : (( ولم يعزم علينا ))
فإن هذه الجملة من قولها هي فقد اجتهدت فقالت هذا القول
[[ فائدة ]] :
ـــــــــــــــــــــ
المسائل التي جاءت فيها نصوص واضحة صريحة بالتحريم نجد أن فيها حديثا أو حديثين قد يبطلان مدلول الأحاديث الكثيرة كما هنا
وكما في قضية التصوير : (( إلا رقما في ثوب ))
وكما في الحلف بغير الله في رواية مسلم :
(( أفلح وأبيه إن صدق ))
والناس في هذه على طريقتين :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـــ أناس ينظرون إلى الأدلة الكبرى الكثيرة ، ويعولون عليها ثم يأتون إلى هذه الأحاديث القليلة والتي قد لا تكون صريحة في المسألة
ويفسرونها ويوضحونها حتى تتفق مع الأحاديث الكبرى فيكون الكل واضحا محكما لا ريبة فيه
2 ــ فريق آخر : لا
ولذا نبه شيخ الإسلام على ذلك وقال :
((عند المحدثين علم من أشرف علومهم ، وهو علم علل الحديث فإنه لا ينظر إلى السند من حيث هو فقط ، فقد يكون الحديث في صحيح البخاري لكن يطلعون على علة خفية في متنه ، ولذا نرى أن البعض ، وهم الفريق الآخر يأخذون بهذه الأحاديث القليلة ويدعون تلك الأحاديث التي هي مثل الجبال في القوة وفي العدد وفي الكثرة ))
سؤال / ما حكم زيارة المسلم لقبر الكافر للاعتبار ؟
الجواب / :
ـــــــــــــــــ
النبي عليه الصلاة والسلام زار قبر أمه ، وقال هذا الحديث قال : (( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ))