الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (199) حديث ( وإنما أخاف على أمتي الأئمة ….. ) الجزء (6)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (199) حديث ( وإنما أخاف على أمتي الأئمة ….. ) الجزء (6)

مشاهدات: 540

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس( 199)

حديث ( وإنما أخاف على أمتي ) الجزء (6)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : (( ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراد من الساعة هنا هي الساعة الكبرى

لأن الساعة تطلق على معان ثلاثة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعنى الأول :

وهي  موت الإنسان

المعنى الثاني :

ساعة وسطى : وهو موت أهل القرن

المعنى الثالث :

ساعة كبرى : هي ساعة البعث  والنشور

والمراد بهذه الساعة هنا هي الساعة الكبرى

وهذا  علم من أعلام النبي عليه الصلاة والسلام وخبر من أخباره

فلا تقوم الساعة حتى يلحق هذا الحي بالمشركين

والحي هنا : هل المراد منه حي  واحد أم أن المراد جنس الحي فيكون شاملا لأكثر من حي  واحد ؟

قال ابن عثيمين : يحتمل هذا ، ويحتمل هذا

مع أنه رجح الأول وهو أنه جنس الأحياء

وقال : إن المراد حي واحد ، فإن هذا الحي  الواحد له أثر كبير في الأمة

فبلحوقه بالمشركين يكون هناك ضرر على الأمة

وهذا الاحتمال مقبول لو لم ترد رواية عند أبي داود تؤكد أن المقصود هو الأمر الأول ، وهو أنه جنس الأحياء

جاء عند أبي داود قوله عليه الصلاة والسلام :

(( ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين ))

وقبائل هنا فسرت الحي ، وأن المقصود من هذا الحي هو الجنس

وقوله : (( يلحق )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

[ اللحوق ] : هنا يحتمل أن يكون لحوقا حسيا بمعنى : أن بعض الأحياء تذهب وتساكن وتعاشر المشركين

ويحتمل أن يكون هذا اللحوق لحوقا معنويا :

بمعنى : أنها لا تلحق بالمشركين حسيا  ، وإنما تلتحق بهم معنى في أفعالهم وعباداتهم وتصرفاتهم

ويحتمل أن يكون المقصود المعنيين كليهما

وهذا هو الأظهر

لأن اللحوق هنا لم يقيد ، وإنما أطلق فدل على أن المقصود هو احتمال الأمرين

وقوله : (( من أمتي  )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمة : هنا المقصود منها هي أمة الإجابة

لأن أمة الدعوة فيها مشركون

والمشرك لو لحق بالمشركين فقد لحق بإخوانه

فدل على أن المراد من الأمة هنا هي أمة الإجابة

وقوله : (( وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هنا عطفت هذه الجملة على الجملة السابقة من باب عطف الخاص على العام

لأن اللحوق يحتمل أن لا يكون في عبادة الأوثان ، وإنما في غير ذلك

لكن جاءت الجملة الثانية تخصص أحياء آخرين يكون مآلهم إلى أن يعبدوا الأوثان

ومن عبد الأوثان ألم يلتحق بالمشركين ؟

بلى التحق بهم

فيكون هذا من باب عطف الخاص على العام

ويكون المعنى :

ولا تقوم الساعة حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان لأن ما قبل الجملة الأولى ، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين

وهنا عطفت ويأخذ المعطوف حكم المعطوف عليه في  الحكم

كما لو قلت : جاء زيد وعمرو

فإنهما يشتركان في الحكم

ما هو الحكم ؟

المجيء

وقوله : (( وحتى تعبد )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعبد : فعل مضارع منصوب بـ ” حتى ”  وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره

هذا على رأي الكوفيين

أما على رأي البصريين فإن الناصب للفعل المضارع ” أن ” المضمرة وجوبا بعد حتى

: (( وحتى تعبد فئام )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفئام : هي  الجماعة

فتكون عبادة الأوثان جاء الحديث مصرحا بأن هناك جماعات من الأمة ستعبد الأوثان

ومما يؤكد هذا ما جاء في رواية أبي داود :

(( حتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ))

والوثن : مر معنا تعريفه ، وأنه يختلف عن الصنم

فالوثن :

ما عُبد من دون الله سواء كان منحوتا على صورة أو لم يكن

بينما الصنم :

هو ما عبد من دون الله وكان على صورة

وهذه الجملة هي موضع الشاهد من ذكر الحديث

فلماذا ذكر هذا الحديث تحت هذا الباب ؟

ما هو الباب ؟

باب : [ ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان ]

وهذه الجملة هي المقصودة من ذكر المصنف لهذا الحديث تحت هذا الباب

وهل وقع هذا ؟

نعم وقع

ولذا جاء عند مسلم قوله عليه الصلاة والسلام  :

(( لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى ))

وقال – كما في  الصحيحين – :

(( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء  دوس حول ذي الخلصة ))

و [ ذو الخلصة ] :

صنمان :

أحدهما:  لخثعم

وأحدهما : لدوس

والمقصود من ذي الخصلة هو طاغوت دوس

أما ذو الخلصة الذي لخثعم فقد أرسل النبي عليه الصلاة والسلام : (( جرير بن عبد الله )) ومعه مائة وخمسون فارسا فهدموه وأزالوه

والخلصة : مرجعه إلى نبت ينبت له ثمر أحمر

وقد قام الإمامان :

ـــ محمد بن عبد الوهاب صاحب هذا المصنف

ــ والإمام محمد بن سعود

(( فاجتمعت قوة العلم وقوة السيف )) فهدما هذا الصنم إذ  كان يعبد من دون الله في وقتهما

ثم لما زال حكم آل سعود عن الحجاز رجع الناس  وعبدوا هذا الصنم مرة أخرى

فلما أعاد الملك عبد العزيز الحجاز إلى ملك آل سعود قام بهدمه تطهيرا لتلك البقعة من الشرك

فيكون ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام في حق ذي الخلصة قد وقع

وإذا وقع فإنه داخل تحت هذه الجملة :

(( حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان ))

وسبق أن قلنا : أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب

ولكن بالتحريش بينهم

بمعنى : أنه يئس أن يعبد في جزيرة العرب وليس  المقصود ان يعبد هو هو

بل إذا عُبد شيء من دون الله فإنها عبادة للشيطان

ولذا قال تعالى :

((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ))

ولذا أبو إبراهيم وهو ” آزر ” كان يعبد الأصنام :

((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً ))

إذاً كانت عبادة أبيه للأصنام ، ومع ذلك زجره إبراهيم بأٍسلوب رقيق أن لا يعبد الشيطان :

((يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ))

فدل على أن عبادة الأصنام هي في  حقيقتها هي عبادة للشيطان

ولكن بعد هذا اليأس منه رضي بالتحريش بين المسلمين

وقد نجح في  هذا

وجاء في رواية أخرى :

قال النبي عليه الصلاة والسلام :

(( ولكن رضي بما تحتقرون من أعمالكم ))

فهو يرضى بالمحقرات

هذه الصغائر يرضى بها لأنها تجر إلى الكبائر

ولذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام إذ قال :

(( إياكم ومحقرات الذنوب فإنها إذا اجتمعت على العبد أهلكته ، وإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بواد فأتى هذا بعود وهذا بعود حتى أشعلوا نارا فأنضجوا بها طعامهم ))

فتكون هذا الصغائر إذا اجتمعت قد تشعل النار على صاحبها وتحرقه وتهلكه

ــ وقد أجبنا عن هذا الحديث مع أنه وقع في جزيرة العرب ؟

فهذا إخبار من النبي عليه الصلاة والسلام بما وقع في  نفس الشيطان لما دخل الناس في دين الله أفواجا ، ولا يلزم أن يكون ما يئسه الشيطان لا يلزم أن يكون واقعا

وقال آخرون من العلماء : إن يأسه في محله

لكن المقصود من يأسه هو أن يطبق من الجميع على عبادة الأصنام

فهو لا ييأس أن يعبد من دون الله في  جزيرة العرب

فهذا ليس يأسه ، ولكنه يئس من أن تطبق الناس على عبادته من دون الله

وإذا عبدت الأوثان من دون الله ألا يختل ركن شهادة :  “أن لا إله الله ” ؟

بلى يختل

فأين اختلال شهادة أن محمدا رسول الله ؟

الجملة التي تليها :

قوله :

(( وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذاً وجود مدعي النبوة فيه إخلال بشهادة أن محمدا رسول الله

وإذا اختل هذا الركن المبني على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله

فإن الخلل سيسري  على بقية أركان الإسلام

فلو صلى وصام وزكى وحج واختل هذا الركن فإنه لا فائدة من هذه العبادات

ولذا قال تعالى :

((وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ ))

كفروا بالله :ـــــــــ هذا يخص شهادة أن لا إله إلا الله

وبرسوله : يعني : شهادة أن محمدا رسول الله