الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (69)
حديث(لأعطين الراية غدا رجلا )الجزء الثالث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( فبرَأ كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية ، فقال : (( انفذ على رِسلك )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا وما يأتي بعده موضع الشاهد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن النبي عليه الصلاة والسلام أرسل عليا ، وأمره بأمر :
هذا الأمر هو دعوة هؤلاء إلى الإسلام
فقال : (( انفذ على رسلك )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو أعطاه الراية :
وقد ذكر ابن حجر رحمه الله في الفتح :
أن عليا لما وقع منه ترسه أثناء القتال _ وينسب هذا إلى ابن إسحاق – لما سقط ترسه أخذ بابا فتترس به
قال : ” أبو رافع ” : ” فكنا ثمانية فلم نستطع ان نرفعه ، وأتى أربعون رجلا فما استطاعوا أن يحملوه ( أي يحملوا هذا الباب )
وهذا إن صح يدل على قوة كانت في علي .
ولذا لما خرج : ” مرحب ” وهو احد صناديد اليهود قال :
أنا الذي سمتني أمي مرحبُ
شاكي السلاح بطل مجرَّبُ
يريد أن ينازله أحد :
فخرج علي فقال :
أنا الذي سمتني أمي حيدره
كليث غاب كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
فضربه فأجهز عليه
حتى قيل في بعض الأخبار : إن عليا قال : ” ما خرجت لأقاتل اثنين “
فالتفت ” مرحب ” يظن أن هناك رجلا سيسانده من قومه فقتله علي
وهذا جائز فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( الحرب خدعة ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقال : (( انفذ على رسلك )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمره أن يأتي إلى هؤلاء
وقيَّد هذا ” النفوذ ” ، وهذا الذهاب بالترسل
والترسل : هو التؤدة والأناة :
مأخوذ من ” رسل الناقة ”
والرِسل من الناقة هي حلبها : أن تُحلب شيئا فشيئا
فقال : (( انفذ على رسلك )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويستفاد من هذا :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أهمية التأني في الدعوة إلى الله
وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( التأني من الله والعجلة من الشيطان ))
وقال : (( التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة ))
قال عليه الصلاة والسلام : (( إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه ))
وقال : (( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا يُنزَع من شيء إلا شانه ))
فقال : (( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ))
ساحة القوم : الفناء الذي يحيط بهم أو في مقدمة مدخلهم
(( ثم ادعهم إلى الإسلام )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاء في المسند :
ـــــــــــــــ
بيان عظم استجابة الصحابة لأمر النبي عليه الصلاة والسلام :
إذ إنه انطلق رضي الله عنه : وقف ثم نادى فقال : ” يا رسول الله على ما أقاتلهم ؟
فقال : (( قاتلهم على الإسلام ))
وفي هذا استجابة عظيمة فغنه لم يلتفت رضي الله عنه ، وإنما وقف في مكانه يستفهم ويستخبر ويستعلم من النبي عليه الصلاة والسلام
فقوله عليه الصلاة والسلام هنا : (( ثم ادعهم إلى الإسلام ))
الإسلام :
سبق بيانه في شرحنا لمتن الأصول الثلاثة
الإسلام :
ـــــــــــــــــ
هو الاستسلام لله بالتوحيد ، والخضوع له ، والانقياد له بالطاعة ، والخلوص من الشرك ، والبراءة منه ومن أهله “
ـــــ وإذا ضممنا هذه الرواية بحديث : ” ابن عباس ” وجدنا ان الإسلام هو التوحيد ، وان التوحيد هو الإسلام
وإذا أُطلق الإسلام فإن الإيمان يدخل فيه
فإذا جاءت كلمة الإسلام مفردة فإن الإيمان يدخل فيه
وإذا جاءت كلمة : الإيمان مفردة فإن الإسلام يدخل في مضمون الإيمان
ولذا ” وفد عبد القيس ” كما عند مسلم قال النبي عليه الصلاة والسلام لهم : (( أتدرون ما الإيمان ؟ ))
قال : (( شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن تؤدوا خمس المغنم ))
هذه لو نظرت إليها لوجدتها أنها أركان الإسلام
فعبر عليه الصلاة والسلام عن الإسلام بالإيمان
فإذا أُفرد أدحهما دخل الآخر فيه
وأما الإيمان فيكون في الباطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله : (( ثم ادعهم إلى الإسلام ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في هذا دليل على وجوب دعوة المشركين إلى الإسلام قبل أن يقاتلوا .
وذلك أن يعلم الكفار أن الإسلام ليس دين سفك دماء ، ولا سفك أرواح .
وأن هذا الجهاد ليس للتشفي ، وإنما من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
فليس للمسلمين غرض في سفك الأرواح ولا في سفك الدماء
فإنهم إذا أسلموا كُفَّ عنهم .
قال عليه الصلاة والسلام : (( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ))
ولذا جاء في حديث بريدة الطويل عند مسلم :
قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام …… ))
ولو اعترض معترض فقال :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاء في صحيح مسلم :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أغار على بني المصطلق وهم غارون )) أي غافلون
فكيف يوفق بين هذا الحديث ، وبين ما جاء في صحيح مسلم ؟
فالتوفيق بينهما :
أن دعوة الكفار قبل قتالهم يختلف حكمها ، فإذا كان هؤلاء الكفار لم يبلغهم دين الإسلام فيجب قبل قتالهم أن ندعوهم إلى الإسلام .
وأما إذا كانت الدعوة قد بلغتهم وعملوا بوجود الإسلام فإنه من المستحب ،وليس بواجب فإنه من المستحب ان يدعوه .
ولماذا غار النبي عليه الصلاة والسلام على بني المصطلق مع أنه هو المستحب ؟
غار عليهم حتي يبين جواز ذلك فإنه نهى عن الشرب قائما وفعل هذا
وهذا له نظائر كثيرة
ومما يدل على الاستحباب :
أن اليهود قد بلغتهم دعوة الإسلام
وحديث : ” سهل بن سعد ” في يهود خيبر ، ولا شك ان الإسلام قد\ بلغهم ، ومع ذلك أمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يدعوهم إلى الإسلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله :(( وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى هذه الجملة :
أن الكافر إذا أسلم بدعوتك له للإسلام لا تقتصر على أنه دخل في الإسلام بل يجب عليك أن تضيف إلى هذا بيان ما يجب عليه من وجوب الصلاة ووجوب الزكاة ، وسائر الفرائض .
فلا تدعه يدخل في الإسلام ويكون متحيرا فيه بل يجب عليك أن تتعاهده ، فإذا منَّ الله عليك به .
دعوتك رجل كافر ، فدخل في الإسلام عليك أن تتابعه وأن تبين له أحكام الإسلام ، وذلك باللين والرفق .
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا يبين أن لله عز وجل حقوقا على عباده ، وأن من اعظم الحقوق ما صدر به عليه الصلاة والسلام أمره لعلي
ما هو الذي صدره في كلامه ؟
قال : ” ادعوهم إلى اٌلإسلام “
فدل على ان أعظم الحقوق هو التوحيد
ولذا يبدأ به عز وجل في كتابه في نصوص كثيرة :
((وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ))
((قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ))
والنصوص في هذا المعنى كثيرة
ولذا في حديث ” معاذ ” الذي مرّ معنا كما جاء في الصحيحين :
قال : (( أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله ؟
قال : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، و حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا ))
فحق الله هو التوحيد ، وله حقوق أخرى ، هذه الحقوق هي مكملة للتوحيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله : (( تعالى )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
والعلو كما سبق معنا ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1 ـــ علو الذات له جل وعلا
2 ـــ علو الصفة
3ـــ علو القهر
فهو جل وعلا قريب في علوه ، عليٌ في دنوه
ومع دنوه من عباده هو علي عز وجل
ولذا السلف رحمهم الله يقولون : “هو مستو على عرشه ، بائن من خلقه، ليس في خلقه شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من خلقه “
قوله : (( فوالله )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهل استُخلف حتى يحلف ؟
فلو قال قائل : بماذا توجه الآية : قال عز وجل : ((وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ ))
فالجواب عن هذا :
أن الحلف من غير استحلاف في الأمور المهمة للتأكيد عليها ” مستحب ” ولا شك أن هذا من الأمور المؤكدة المهمة ، فحلف عليه الصلاة والسلام
ولذا أمر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحلف على قيام الساعة في ثلاثة مواضع :
قال تعالى : {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ))
وقال تعالى : ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ))
وقال تعالى : ((وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ))
ومن أمثلة حلفه من غير استحلاف ،:
قال : (( وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( لئن يهدي الله بك رجلا واحدا )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهداية نوعان،ولها باب مستقل عقده المصنف رحمه الله :
قال : باب قوله تعالى : ((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ))
فالهداية نوعان :
ــــ هداية توفيق وإلهام :
وهي من الله لا يملكها غيره : ((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ))
ــــ الثانية : ” هداية البيان والإرشاد والتوجيه ” :
وهذه يملكها المخلوق :
قال تعالى عن نبيه : ((وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ))
والحديث عن الهداية يأتي في موضعه عن شاء الله تعالى
ــــ ونوع الهداية هنا هو نوع :” التوفيق والإلهام ” ، ولذا قال : (( لئن يهدي )) فالفاعل هنا هو ” الله عز وجل ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله : (( لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمْر النَّعم )):
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فما ظنكم أو هدى الله على يديه عشرة أو عشرين أو ثلاثين أو ألفا خير عظيم
فهذا فضل منصب على هداية الله لرجل واحد على يد الداعية إلى الله
ولاسيما أن هذه الدعوة التي تلقاها : ” علي ” رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم هي دعوة لمن ؟
ولذا جاء في صحيح البخاري قوله عليه الصلاة والسلام : (( لو آمن بي عشرة من اليهود لآمنت يهود ))
ومراده كما وُجِّه هذا الحديث مراده عشرة من علمائهم ، وذلك لأن للعلماء تأثيرا على عامة الناس
ولو قال قائل :
أتخرج المرأة عن هذا الفضل ؟
الجواب :
المرأة داخلة في هذا الحكم ، وان هذا الحكم ليس منحصرا في الرجل بل أنه يشمل المرأة
لكن لماذا ذكر الرجل ؟
ذكر الرجل باعتبار وجهين :
الوجه الأول :
ــــــــــــــــــــــــــ
أن عليا بصدد قتال هؤلاء اليهود ، والقتال في الأصل لا يقوم به إلا الرجال
حالة حرب
الوجه الثاني :
ـــــــــــــــــــ
أن هذا يُعد عند علماء الأصول بمفهوم اللقب ، يعتبر ” مفهوم اللقب “
مثال ذلك :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أتدورن ما هو الشرك الخفي ؟ ان يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه ))
إذاً هو يصلي من أجل أن يثني عليه من قبل رجل لو صلى من أجل أن تثني عليه امرأة يدخل في الحكم ؟
قوله عز وجل : ((مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ )) أيفهم منه أنه ليس هناك رسول إلا : ” محمد ” ؟
لا بل لو فُه هذا ، وقُرر هذا لكان كفرا ، لأنه سينكر الرسل ، فيكون هذا مفهوم لقب : ” ومفهوم اللقب غير معتبر ” عند الأصوليين ، وغنما ذكر الرجل من باب التشريف والتكريم لأنه من حيث الجنس:” الرجل أفضل من المرأة ”
لو قال قائل :
ــــــــــــــــــــــــــ
لو أن هذه الهداية ليست هداية إسلام ، وإنما هي ” هداية ” خير يحصل للمسلم :
مثالها :
ـــــــــــ
لو أن مسلما ، بُيِّنت له عبادة يجهلها ، فعمل بها : أيحصل له هذا الفضل ؟
فالجواب عن هذا :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذا الفضل الذي نصّ عليه في الحديث هو قوله : (( خير لك من حُمْر النعم ))
وإن نظرنا إلى هذه الجملة وجدنا أنها تحتمل الأمرين ، يحتمل أنه لا يحصل له هذا الفضل ــــــــــ لماذا ؟
لأن هذا الفضل ذُكر في دعوة الكفار،فيكون هذا الفضل مخصوصا به ، من دعا كافرا إلى الإسلام فأسلم
ويحتمل أنه عام :
وذلك لأن قوله : (( فوالله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا ))
الهداية هنا :
هداية عامة لم تُحصر
لكن لماذا حملنا الحديث بالاحتمال الأول : باعتبار أن هذا الكلام صدر منه عليه الصلاة والسلام في دعوة من ؟
في دعوة الكفار فهو محتمل ومحتمل .
لكن على كل حال هناك فضل عظيم لمن دعا إلى خير :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ))
وقال – كما عند مسلم – : (( من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها …………… )) الحديث
فلا شك : أنه على فضل ، لكن هل يحصل له هذا الفضل المذكور في الحديث ؟
يحتمل وفضل الله واسع
ســ /1 :
لماذا لا يدخل إذ لو كان مقصود النبي الأول لقال : (( فوالله لئن يُسلم على يديك )) ؟
جــ 1 / هو يحتمل ويحتمل لكن لا يحصر باحتمال معين ، وفضل الله واسع
ولذا قال بعض السلف : ” لو أعلم أن الله تقبل مني صلاة لهنأت نفسي ، لقوله تعالى : ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ))
ومرادهم في هذا : أن يتقبله عز وجل تقبل ثناء على عبده في الملأ الأعلى
وقوله : (( خير لك من حمر النعم )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معناه : ” خير لك من ان تتصدق بالإبل الحمراء النفيسة عند العرب ، على وجه قاله بعض العلماء
وقال بعض العلماء ، وهو الأصوب :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” خير لك من أن تمتلك الإبل الحمراء النفيسة المراء عند العرب ”
ولذا قال تعالى : {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ }
أي الإبل النوق التي يحرص عليها العرب تعطل منشدة ما يرون من الأهوال .
والنطق بتسكين الميم في ” حمْر ” لكمن لو ضممت فقلت : ” حمُر ” فهو جمع حمار :
قال تعالى : (( كأنهم حمر مستنفرة ))
وهذا يدل على عظم اللغة العربية وانه بتغير الحركة يتغير المعنى :
لو قلت : صلُح الرجل : بمعنى انه اتسم بصفة الصلاح اتصافا لا يفارقه
لو قلت : فقِه الرجل ــــــــــ يعني أنه بدأ يتفقه
لو قلت : ” فقَه الرجل: ـــــــ معناه انه أفقه من غيره وأسبق من غيره في الفهم
ولو قلت : فقُه الرجل : ـــــــــ عُد الفقه سجية له
وهذا بتغير حركة واحدة يتغير المعنى وبذا :
بعض الناس يقرأ : (( إنما يخشى اللهُ من عباده العلماء ))
فيكون غيَّر المعنى بل لو اعتقده لكفر
فيكون المعنى على هذا اللحن المحيل للمعنى يكون الله عز وجل يخشى العلماء
لكن الآية تقرأ هكذا : (( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ ))
قال النووي :
ــــــــــــــ
إن النبي عليه الصلاة والسلام يُمثل ما يأتي به الدين ، وما يكون في الآخرة يمثل به ما هو في الدنيا وهذا من باب التقريب للأذهان .
وإلا فذرة من خير الآخرة تساوي خير الدنيا كله
وقوله : ((يدوكون )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي يخوضون ــــــــــ هذا تفسير من المصنف لمعنى ” يدوكون ”
وهذه الغزوة لما وقف النبي عليه الصلاة والسلام فيها فاتحا هرب اليهود إلى حصن ، فلما حاصرهم انتقلوا إلى حصن ثان ، فشد عليهم الحصار، فصالحوه على أن يخرجوا وليس لهم إلا ما على ظهورهم .
وقال : ” كمن أخفى شيئا فقد برئت منه الذمة “
فنزلوا من حصنهم وقد كتم أحدهم مسكا ” لحيي بن اخطب ” فلما اطلع عليه عليه الصلاة والسلام عليه سبى نساءهم وذراريهم ، وقتل من أخفى هذا المسك .
فأراد أن يجليهم من خيبر فقالوا :” نصالحك على الأرض ”
فصالحهم عليه الصلاة والسلام على الأرض على ان يقيموا فيها ، وأن يزرعوها وله نصف الثمر .
ومن هذا الفعل استدل العلماء على جواز المزارعة والمساقاة
وقد قتل عليه الصلاة والسلام : ” حيي بن أخطب ” وهو والد صفية التي تزوجها عليه الصلاة والسلام ، وقتل زوجها ، وهو ” ابن الحقيق ”
فجعل عتقها صداقها
وبنى بها وأولم عليها بـ ” دقيق ، وأقط ، وسمن ” ولم يولم بلحم
وقد جاء في بعض الروايات :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى في وجهها أثرا فسألها : ما هذا الأثر ؟
فقالت : ” إني رأيت قبل ان تأتي رأيت في المنام ان القمر قد انزاح من موضعه ، وسقط في حجري ، فقصصتها على زوجي فضربني وقال :” أتريدين ان تتزوجي بملك المدينة ؟
أي النبي صلى الله عليه وسلم
تقول : ” فما ذكرتك ؟ “
يعني : ما ذكرت النبي عليه الصلاة والسلام لزوجها لكن زوجها فسر لها هذه الرؤيا ، وبالفعل وقع ما فسر به هذه الرؤيا
وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم مهاجروا الحبشة:
وأسماء بنت عميس
وغيرهم
فقسم لهم النبي عليه الصلاة والسلام من ضمن ما قسم لأهل خيبر
والقصة طويلة تحدث عنها ابن القيم في ” زاد المعاد “