البلاغة
النهي
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النوع الثاني من أنواع الطلب :
النهي :
هو طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء
فإذاً النهي هو في أصل معناه :
طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء
وليس له إلا صيغة واحدة وهي :
الفعل المضارع مع لا الناهية
فيفترق النهي عن الأمر:
في الأمر :
هو طلب حصول الفعل من المخاطب على وجه الاستعلاء
أما النهي :
فهو طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء
الفرق الثاني :
أن الأمر:
له أربع صيغ
أما النهي :
فله صيغة واحدة وهي الفعل المضارع مع لا الناهية
والأمثلة كثيرة منها :
قوله تعالى :
((وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا))
((وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ ))
والأمثلة كثيرة لا حصر لها
لكنهما يتفقان :
الأمر والنهي في كونهما قد يخرجان عن معناهما الأصلي وسبق إيضاح ذلك في الأمر
وهنا تنبيه للصيغ والأساليب التي خرجت عن معنى النهي الأصلي :
وهو :
طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء
ومن بين هذه الأساليب الدعاء :
قلنا في الأمر :
(( رب أوزعني )) الآية
هنا في النهي :
قوله تعالى :
((لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)) الآية
ورد فيها الفعل المضارع مع لا الناهية بصيغة الدعاء
والأمثلة كثيرة
أيضا من الأساليب التي خرجت عن المعنى الأصلي للنهي :
أسلوب الالتماس
سبق في الأمر قولنا :
أعطني القلم لمن يساويك في المنزلة
كذلك تقول لزميل لك :
لا تتكاسل
أيضا سبق معنا في الأمر:
الإرشاد :
مثاله :
(( فاكتبوه ))
آية الدين
هذا في الأمر
أما بالنسبة إلى النهي :
مثاله قوله تعالى :
((لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ))
أيضا من الأساليب التي مرت معنا :
الأمر المراد منه :
الدوام والاستمرار
ومثاله في الأمر :
((اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ))
هنا في النهي :
قوله تعالى :
((وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ))
من الصيغ التي ذكرت في الأمر :
التمني
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
وهنا في النهي قولك في ليلة سعيدة كليلة العروس :
يا صبح قف لا تطلعِ
فقوله :
لا تطلع :
هنا صيغة نهي خرجت عن معناها الأصلي إلى :
التمني
ومن الأساليب التي مرت معنا :
التهديد :
في الأمر :
((اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ))
وهنا في النهي :
كقول السيد لعبده : لا تطع أمري .
ومن الأساليب أيضا التي استقرئت :
بيان العاقبة :
وهذه لم تمر معنا في الأمر :
وهي قوله تعالى :
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران169
ومن الأساليب أيضا :
أسلوب التيئيس :
كقوله تعالى :
(( لا تعتذروا ))
وهذا الأسلوب أيضا لم يرد علينا في الأمر
ومن الأساليب أيضا التي ذكرت في النهي ولم تذكر في الأمر :
الكراهة :
كقولك :
لا تلتفت وأنت في الصلاة
ومن الأساليب التي جاءت هنا ولم تأت في الأمر :
أسلوب التوبيخ :
كقوله تعالى :
((وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ))
كذلك :
قول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتيَ مثله
عار عليك إذا فعلت عظيمُ
كذلك البيت الذي يناسب هذا المقام :
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَّبٍرا
أيضا من الأساليب التي وردت ويراد منها الأنس والائتناس ولم ترد في الأمر :
قوله تعالى على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام لأبي بكر :
(( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ))
الأخير :
وهو أسلوب التحقير
ولم يرد هذا في الأمر :
قال ابن القيم :
((إن الكسل والعجز سبب كل بلاء وشر))
قال الشاعر :
لا تطلب المجد إن المجد سُلَمه صعب
وعش مستريحا ناعم البال
تحقير له لست أهلا لأن تخوض هذا المضمار فعش مستريحا ناعم البال .
ولعل في هذه الأبيات عظة وذكرى لأولي الألباب
هذا فيما يتعلق بالنهي