تعليقات على سنن أبي داود الدرس الثالث والستون حديث 474-484

تعليقات على سنن أبي داود الدرس الثالث والستون حديث 474-484

مشاهدات: 475

تعليقات على سنن أبي داود الدرس الثالث والستون

حديث 474-484

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

باب في كراهية ” البُزاق في المسجد )

حديث رقم – 474-

( صحيح ) حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا هشام وشعبة وأبان عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(  التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن تواريه )

حديث رقم – 475-

 

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها )

حديث – رقم – 476-

( صحيح ) حدثنا أبو كامل ثنا يزيد يعني بن زريع عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( النخاعة في المسجد )

فذكر مثله

حديث رقم – 477-

( حسن صحيح ) حدثنا القعنبي ثنا أبو مودود عن عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر فليدفنه فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه ثم ليخرج به )

حديث رقم – 478-

( صحيح ) حدثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن منصور عن ربعي عن طارق بن عبد الله المحاربي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قام الرجل إلى الصلاة أو إذا صلى أحدكم فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغا أو تحت قدمه اليسرى ثم ليقل به )

حديث رقم – 479-

( صحيح ) حدثنا سليمان بن داود ثنا حماد ثنا أيوب عن نافع عن بن عمر قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوما إذ رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على الناس ثم حكها قال وأحسبه قال فدعا بزعفران فلطخه به ، وقال : إن الله قبل وجه أحدكم إذا صلى فلا يبزق بين يديه “

قال أبو داود : رواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب عن نافع ومالك وعبيد الله وموسى بن عقبة عن نافع نحو حماد إلا أنه لم يذكروا الزعفران ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه وذكر يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع الخلوق .

حديث رقم – 480-

( حسن صحيح ) حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ثنا خالد يعني بن الحرث عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين ولا يزال في يده منها فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها ثم أقبل على الناس مغضبا فقال أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه جل وعز والملك عن يمينه فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فإن عجل به أمر فليقل هكذا ووصف لنا بن عجلان ذلك أن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض )

 

 

حديث رقم – 481-

(حسن  ) حدثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو عن بكر بن سوادة الجذامي عن صالح بن خيوان عن أبي سهلة السائب بن خلاد قال أحمد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :

( أن رجلا أم قوما فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ لا يصلي لكم فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم وحسبت أنه قال إنك آذيت الله ورسوله )

حديث رقم – 482-

( صحيح )  رقم حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد أخبرنا سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فبزق تحت قدمه اليسرى )

حديث رقم – 483-

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا يزيد بن زريع عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن أبيه : بمعناه زاد ثم دلكه بنعله

حديث رقم – 484-

( ضعيف ) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا الفرج بن فضالة عن أبي سعيد قال : رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق بصق على البوري ثم مسحه برجله فقيل له لم فعلت هذا قال لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .

 

( ومن الفوائد )

” أن هناك ما يسمى بالتفل ، وهناك ما يسمى بالبزاق ، وهناك ما يسمى بالنخامة ، وما يسمى بالنخاعة “

فأيهما أكثر البزاق أم التفل ؟

البزاق هو أول التفل ” بزق ثم تفل ” .

( ومن الفوائد )

” أن ما يخرج من فم الإنسان طاهر “

سواء كان تفلا أو بزاقا ، وكذا ما يخرج من صدره ، وكذا ما يخرج من نخاعه .

أما ما يخرج من معدته وهو القيء ؟

فقولان لأهل العلم ، والأكثر يرون أنه نجس .

 

 

( ومن الفوائد )

أن على المسلمين أن يحترموا المساجد وأن يعظموها “

يعظمونها بماذا ؟

بتطهيرها وتنظيفها ، لا أن يلوثوها ، ولذلك في صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( رأيت في مساوئ أعمال أمتي ” النخامة تكون في المسجد لا تُدفن )

( ومن الفوائد )

أن رواية أبي داود هنا ( التفل في المسجد خطيئة )

وعند أحمد ( سيئة ) والسيئة هي الخطيئة ، فهو أخطأ وأساء إلى نفسه بهذا الفعل .

( ومن الفوائد )

أن هذا الحديث يدل في ظاهره على أن الخطيئة لا تكتب عليه إلا إذا تفل وتركه ، فإذا واراه فإن الخطيئة لا تكتب عليه .

 ( ومن الفوائد  )

أنه قال ( كفارته )

على وزن ” فعَّال ” فدل هذا على المبالغة من أن دفنها يُذهب الخطيئة إذهابا مبالغا فيه .

( ومن الفوائد )

أن الكفارة هي الستر ، فهي تستر الذنب الذي وقع فيه الإنسان ، فواجب عليه أن يستر ما تفله ، ولذلك يسمى المزارع بأنه ” كافر ” لم ؟

لأنه يستر الحب ، قال تعالى :

{ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ }الحديد20

يعني أعجب الزرَّاع نباته ، ولذا الإنسان الذي خالف شرع الله ولم يوحد الله ” كافر ” لأنه ستر الفطرة التي فطره الله عز وجل عليها وهي فطرة الإسلام .

( ومن الفوائد )

أن تفسير المواراة هنا ” الدفن ” لأنه لو واراها بشيء فلا يُؤمن من أن يصل أذاها إلى أحد من المسلمين ، لكنه إذا دفنها وواراها بالتراب كان أذهب لأذاها .

( ومن الفوائد )

أن النخامة والنخاعة ” قيل هما بمعنى واحد .

والصواب / أن النخامة ما يخرج من الصدر .

وأما النخاعة : فما يخرج من النخاع .

( ومن الفوائد )

أن البزاق أثناء الصلاة لابد أن يخرج منه صوت ، وهو صوت حلقي ، لأن التفل لابد فيه من نفخ ، فدل هذا على أن الأصوات الحلقية لا تعد كلاما ، إلا ما كان منها على وجه العبث مثل ” القهقهة ” وإلا فالأصوات الحلقية مثل ” النفخ – السعال – الكحة – العطاس ” فإنها لا تؤثر على صلاة المسلم ، لأنه ليس بكلام، اللهم إلا إذا كثر عن طريق العمد ، فإنه في مثل هذه الحال يكون بمثابة الحركة ، والحركة إذا كثرت وتوالت فإنها تبطل الصلاة .

 

 

 

 

( ومن الفوائد )

اختلف العلماء : أيجوز أن يبصق في المسجد ثم يدفن  ؟

قال بعض العلماء – وهو النووي رحمه الله – لا يجوز أن يبصق في المسجد ، بل يجب عليه أن يبصق في ثوبه ، كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك لأن الحديث عام :

( التفل في المسجد خطيئة )

وقال بعض العلماء – وهو القاضي عياض ، وتبعه آخرون كالقرطبي – قالوا يجوز ، ولكن لابد أن يدفنها حتى لا تكتب عليه خطيئة ، ما دليلهم ؟

قالوا : قول النبي صلى الله عليه وسلم :

( فليبصق عن يساره )

وهذا عام داخل المسجد وخارج المسجد، هنا تعارض عمومان من حيث الظاهر ، وإلا فالنصوص الشرعية ليس فيها تعارض ، وإنما التعارض في أفهامنا ،و إلا فكل النصوص كلها من لدن حكيم عليم ، وما كان من الحق فإن الحق لا يتعارض .

هنا قاعدة أصولية :

[ إذا تعارض النصان العامَّان فيقدم ما لم يخصص شيء من أفراده ]

قال ( التفل في المسجد خطيئة )

هل هو خطيئة في جميع الأحوال ؟ لا

خصص من ذلك أنه يبصق في ثوبه .

بينما النص الآخر لم يدخله تخصيص ، فهنا يجوز أن يبصق في المسجد ، إذا كان ترابا ، أما ما كان مفروشا أو مبلطا فسيأتي له حديث إن شاء الله تعالى ، فله أن يتفل ولكن يجب عليه أن يدفنها .

ومن الأدلة : ما جاء عند مسلم ، قول النبي صلى الله عليه وسلم :

( رأيت في مساوئ أعمال أمتي ” النخامة تكون في المسجد لا تُدفن )

وما جاء في مسند الإمام أحمد : قال صلى الله عليه وسلم  : ( من تنخَّم في المسجد فليغيب نخامته أن تصيب مسلما أو ثوبه فتؤذيه ) حديث حسن .

وما جاء في المسند أيضا : قوله صلى الله عليه وسلم : ( من تنخَّع في المسجد فلم يدفنها كتبت عليه سيئة ، وإن دفنها لم تكتب عليه سيئة ) حديث حسن .

وما جاء  ( أن أبا عبيدة – رضي الله عنه – تنخَّم في المسجد بالليل ثم خرج فتذكر ، فأتى إلى المسجد ومعه المصباح ودفنها وقال الحمد لله لم يكتب علي في هذه الليلة خطيئة )

وبعض العلماء توسَّط – وهو قول حسن – قال إذا لم يتمكن من الخروج فليفعل ، وإذا تمكن فلا يتنخَّم في المسجد وإنما يخرج .

وللحديث تتمة إن شاء الله تعالى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .