تعليقات على ( سنن أبي داود ) ــ الدرس الثامن والثلاثون حديث 412

تعليقات على ( سنن أبي داود ) ــ الدرس الثامن والثلاثون حديث 412

مشاهدات: 413

تعليقات على ( سنن أبي داود ) ــ الدرس الثامن والثلاثون

حديث  412

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب في وقت صلاة العصر

حديث رقم -412-

( صحيح ) حدثنا الحسن بن الربيع حدثني بن المبارك عن معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس عن أبي هريرة قال ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”  من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك ومن أدرك من الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك )

ومن الفوائد :

أن فيه مستندا لمن قال من العلماء إن الصلاة تدرك بركعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة )

بينما المشهور عند الحنابلة أن من أدرك جزءا من الصلاة كالجزء الذي تحصل به تكبيرة الإحرام ، فقد أدرك الصلاة، لأن إدراك البعض إدراك للكل ، ولا شك أنه تنظير حسن لو لم يأت دليل من السنة يحصر الإدراك للصلاة بإدراك ركعة

ومن الفوائد :

أنه يفهم من هذا الحديث أن من أدرك ما دون الركعة فإنه لم يدرك الصلاة .

ومن الفوائد :

أن من أدرك من وقت الصلاة يمكن أن يوقع فيه ركعة فقد أدرك الصلاة في وقتها ، وليس معنى هذا أن يؤخر الإنسان الصلاة حتى إذا بقي مقدار ركعة من الوقت صلاها فتكون صلاته منها داخل الوقت ومنها خارج الوقت ، فهذا  لا يجوز، لأن الصلاة يجب أن تؤدى بجميع ركعاتها داخل الوقت ، لكن يمكن أن يكون هذا في حق من نسي الصلاة ، أو – وهو أظهر من الناسي – فيما لو أسلم الكافر في آخر وقت الصلاة ولم يبق إلا مقدار ركعة فيصلي ، وكذا لو طهرت الحائض ، وكذلك لو أفاق المجنون ، وكذلك لو بلغ الصبي .

ولكن لو أدرك هؤلاء المذكورون ” الكافر إذا أسلم ، والمجنون إذا أفاق ، والحائض إذا طهرت والصبي إذا بلغ ” إذا أدرك هؤلاء مقدار ركعة من صلاة تجمع مع ما قبلها ، فهل تصلى وما قبلها بناء على أن الصلاتين تجمعان ، فلو أدرك ركعة من صلاة العصر فهل يلزم بصلاة الظهر مع صلاة العصر ، وإذا أدرك ركعة من صلاة العشاء قبل نصف الليل هل يلزم بصلاة المغرب بناء على أنهما يجمعان في حال العذر ؟

مسألة خلافية ، والصواب أنه لا يلزم ، إن فعل فهذا شيء يعود إليه ، وإلا فلا يلزم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) وهي الصلاة المقصودة ، فتكون كلمة ( فقد أدرك الصلاة ) أل : للعهد ، أي الصلاة المعهودة ، ولأنه مر عليه وقت صلاة الظهر ووقت صلاة المغرب ما كان أهلا ومحلا للوجوب .

ومن الفوائد :

أن وقت صلاة الفجر ينتهي بطلوع الشمس قولا واحدا .

ومن الفوائد :

أن وقت صلاة العصر كما هو ظاهر هذا الحديث ينتهي بغروب الشمس .

والصواب في هذا : أن وقت صلاة العصر ينتهي بغروب الشمس للمضطر ، بينما المختار ينتهي وقته باصفرار الشمس ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ) فلا يجوز لأي إنسان أن يؤخر صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس إلا إذا كان مضطرا ، وليس معنى الاضطرار ألا يجد الماء ،فليس هذا ضرورة ، وليس معنى الضرورة ألا يجد ثوبا يستر به عورته ، فمثال الضرورة كما قال ابن قدامة رحمه الله ” لو أسلم الكافر ، أو طهرت الحائض أو بلغ الصبي ، أو أن الإنسان جرح جرحا بليغا فجعل يضمد جراحه ، فلو صلى قبل أن تصفر الشمس لربما هلك أو تضرر ، فهنا له أن يؤخر صلاة العصر إلى ما بعد الاصفرار ، ويدخل في ذلك إنقاذ الغرقى والهلكى .

لو قال قائل : لو استيقظ من منامه وقد احتلم ، ولم يبق إلا زمن يسير على طلوع الشمس ، هل يغتسل ولو اغتسل صلى خارج الوقت أو أنه يتيمم حتى يدرك الوقت ؟

فهذه مسألة خلافية ، فالمالكية يرون أنه يستغل الوقت ويصلي بالتيمم ، بينما جمهور العلماء يقولون يغتسل ويأتي بالطهارة الأصلية الواجبة عليه وهي طهار ة الماء ، لأن وقته من حين استيقاظه .

ومن الفوائد :

أن الإداك – كما ذهب إلى ذلك شيخ الإسلام رحمه الله لا يكون إلى في آخر الشيء ، ولا يكون في أوله ” أدركت الشيء ” يعني ظفرت به قبل أن يفلت .

ولذا يقول رحمه الله ويخالف كثيرا من العلماء يقول لو أن المرأة دخل عليها وقت الصلاة ، وهذا الوقت أدركت منه وهي طاهرة زمنا بمقدار ركعة ، هل تلزم إذا طهرت أن تصلي تلك الصلاة لأنها أدركت هذه الصلاة في زمن يمكن أن تقع فيه ركعة ؟

شيخ الإسلام رحمه الله لا يرى الإلزام ، يقول لأنها لم تدرك ، لأن الإدراك لا يكون إلا في آخر الشيء ، بينما في مسألة لو طهرت الحائض في آخر الوقت في زمن تصلى فيه ركعة يلزمها بالصلاة ، لكن لما أدركت أول الوقت لا يلزمها ، لأن الإدراك لا يكون إلا في آخر الشيء .

بينما كثير من العلماء يرون أنه يلزمها أن تقضي هذه الصلاة إذا طهرت .

والمسألة تحتاج إلى بحث دقيق في معنى ( أدرك ) فإن كانت كلمة أدرك أتت في الشرع في جميع معانيها بأنه يكون في آخر الشيء ، فبها ونعمت ، وإلا فالحديث واضح أن الصلاة تلزمها .

وقد بحثت هذه المسألة فوجدت أن معظم الأدلة التي اطلعت عليها أنها بمعنى  آخر الشيء ، لكن لا أقول إني اطلعت على كل معنى نص أتى بالإدراك – لا – لكن في كثير منها كما قال الشيخ رحمه الله .

ولكن كإفتاء يفتى بقضاء الصلاة ، لأن هذا المشهور والمفتى به .

ومن الفوائد :

أن من هذه الركعة فإن صلاته تكون أداء ، بينما لو أدرك ما هو أقل تكون قضاءً ، ويرى الطحاوي رحمه الله أنها لا تكون أداء ولا قضاء وإنما هي فاسدة ، لأن جزءا منها في الوقت وجزءا آخر في خارج الوقت ، وقد أتت أحاديث بالنهي عن الصلاة بعد طلوع الشمس ، فتكون صلاته فاسدة .

ولكن هذا القول ضعيف ، لأن الحديث واضح وصريح .

مسألة : من نوى صيام النفل في أثناء النهار هل يكتب له الأجر كاملا ، لأنه هنا أدرك بعض الوقت ، أم أنه من حين ما نوى ؟

مسألة خلافية ، والراجح أنه لا يكتب له الأجر كاملا ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات )

ولكن لا يستدل بهذا الحديث ، لأنه فرق هنا بين الصوم وبين الصلاة ، لأن الصوم يمكن أن تتبعض فيه النية من حيث الزمن ، بينما الصلاة – لا – فلو أن النية اختلت بطلت صلاته ، بينما الصائم لو أنه نوى الصيام من طلوع الفجر ثم لما جاءت الساعة العاشرة صباحا نوى الإفطار لكنه لم يتناول شيئا ، ثم نوى الساعة الحادية عشرة الصيام يكون صومه صحيحا ، فلا يقاس الصوم على الصلاة  في هذه المسألة .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .