تعليقات على سنن أبي داود ــ الدرس الخامس والستون حديث 474 – 484 الجزء الثالث

تعليقات على سنن أبي داود ــ الدرس الخامس والستون حديث 474 – 484 الجزء الثالث

مشاهدات: 418

تعليقات على سنن أبي داود ــ الدرس الخامس والستون

حديث 474 – 484

( 3 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

باب في كراهية ” البُزاق في المسجد )

حديث رقم – 474-

( صحيح ) حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا هشام وشعبة وأبان عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(  التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن تواريه )

حديث رقم – 475-

 

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها )

حديث – رقم – 476-

( صحيح ) حدثنا أبو كامل ثنا يزيد يعني بن زريع عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( النخاعة في المسجد )

فذكر مثله

حديث رقم – 477-

( حسن صحيح ) حدثنا القعنبي ثنا أبو مودود عن عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر فليدفنه فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه ثم ليخرج به )

حديث رقم – 478-

( صحيح ) حدثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن منصور عن ربعي عن طارق بن عبد الله المحاربي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قام الرجل إلى الصلاة أو إذا صلى أحدكم فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغا أو تحت قدمه اليسرى ثم ليقل به )

حديث رقم – 479-

( صحيح ) حدثنا سليمان بن داود ثنا حماد ثنا أيوب عن نافع عن بن عمر قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوما إذ رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على الناس ثم حكها قال وأحسبه قال فدعا بزعفران فلطخه به ، وقال : إن الله قبل وجه أحدكم إذا صلى فلا يبزق بين يديه “

قال أبو داود : رواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب عن نافع ومالك وعبيد الله وموسى بن عقبة عن نافع نحو حماد إلا أنه لم يذكروا الزعفران ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه وذكر يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع الخلوق .

حديث رقم – 480-

( حسن صحيح ) حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ثنا خالد يعني بن الحرث عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين ولا يزال في يده منها فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها ثم أقبل على الناس مغضبا فقال أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه جل وعز والملك عن يمينه فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فإن عجل به أمر فليقل هكذا ووصف لنا بن عجلان ذلك أن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض )

 

 

حديث رقم – 481-

(حسن  ) حدثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو عن بكر بن سوادة الجذامي عن صالح بن خيوان عن أبي سهلة السائب بن خلاد قال أحمد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :

( أن رجلا أم قوما فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ لا يصلي لكم فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم وحسبت أنه قال إنك آذيت الله ورسوله )

حديث رقم – 482-

( صحيح )  رقم حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد أخبرنا سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فبزق تحت قدمه اليسرى )

حديث رقم – 483-

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا يزيد بن زريع عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن أبيه : بمعناه زاد ثم دلكه بنعله

حديث رقم – 484-

( ضعيف ) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا الفرج بن فضالة عن أبي سعيد قال : رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق بصق على البوري ثم مسحه برجله فقيل له لم فعلت هذا قال لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .

 

( ومن الفوائد )

أنه صلى الله عليه وسلم قال :

( إن البزاق في المسجد )

( في المسجد ) ظرف ، أهو ظرف للفعل أم للفاعل ؟

الحكم يختلف ، فهو ظرف للفعل  ، بمعنى أنه لو كان خارج المسجد فبصق وهو خارج المسجد فوقع بصاقه في المسجد فإن الحكم هو هو ، كحال من هو في المسجد فبصق  .

فإذاً / الظرف للفعل وليس للفاعل ، فلا يشترط أن يكون الفاعل الذي هو الباصق لا يشترط أن يكون في المسجد ، فلو أنه كان في المسجد فبصق خارج المسجد فلا إشكال .

( ومن الفوائد )

أنه قال ( فليبصق عن يساره أو تحت رجله )

قال ( أو  ) وجاءت رواية ( فليبصق عن يساره تحت رجله ) بدون الشك .

وأكثر الرواة  ( فليبصق عن يساره أو تحت رجله اليسرى ) وهي المقدمة على غيرها .

فلما قال ( فليبصق عن يساره أو تحت رجله )

فهو مخيَّر ، فلا يلزم أن يكون تحت الرجل اليسرى ، فالبصق يكون عن اليسار ، ولو دلكها برجله اليمنى فلا إشكال لهذه الرواية .

لكن في الروايات الأخرى يكون البصق عن اليسار وبالرجل اليسرى .

 

 

( ومن الفوائد )

” أن الفعل أكِّد مرة وترك التأكيد مرة أخرى “

( فلا يبصق ) ( فلا يبصقنَّ )

( ومن الفوائد )

لو كان المسجد حصيرا ، فهل له أن يبصق ؟

قال بعض العلماء : إذا احتاج فإن له أن يفعل ذلك وليدلكه بقدمه ، بحيث لا يبقى له أثر ، بدليل / ظاهر فعله عليه الصلاة والسلام أنه بصق عن يساره ودلكه بنعله ، ويؤيده الحديث الضعيف وهو حديثواثلة  ( أنه بصق على البوري )

والبوري : يعني الحصير .

لكن الحديث ضعيف .

لكن إن لم تكن هناك حاجة فلا ، ولذا قال :

( إن بدرت به بادرة )

يعني حِدَّة ، فماذا يصنع ؟ فبثوبه .

لكن إن لم يتمكن بثوبه وكان المسجد مفروشا فله ذلك ، ولكن ليدلكه دلكا جيدا .

( ومن الفوائد )

أنه يجوز أن يضاف المسجد إلى مخلوق ، ولذلك في حديث واثلة قال ( في مسجدنا ) وإن كان الحديث ضعيفا ، لكن جاء حديث عبادة بن الصامت الذي معنا في الباب ( أتينا جابرا – يعني ابن عبد الله – وهو في مسجده ، فقال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا )

وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم  ( جعل سباقا بين الخيول إلى مسجد بني زريق )

فيصح أن يكتب ( هذا مسجد فلان ، أو هذا جامع فلان ) ولا بأس في ذلك ،لكن من حيث الأفضلية ” ألا يكتب الإنسان اسمه ” من باب التكتم على العبادة ، لكن إن فعل فلا  إشكال في ذلك .

( ومن الفوائد )

أن حديث واثلة قال :

( في دمشق )

سميت دمشق بهذا الاسم باسم بانيها ( دمشاق بن كنعان ) يرجع نسبه إلى نوح عليه السلام .

( ومن الفوائد )

أن على ولاة الأمر أن يحرصوا على العناية بالمساجد ونظافتها ، فالنبي صلى الله عليه لما رأى تلك النخامة تغير وغضب ، وأزالها ووضع خلوقا في مكانها ، مما يدل على أهمية الاعتناء بالمساجد .

( ومن الفوائد )

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين “

العرجون : هو العود الذي تتفرع منه شمايخ الرطب ، سمي بهذا الاسم لأنه إذا يبس اعوج ، فكان عليه الصلاة والسلام يحب أن تبقى هذه العراجين في يده .

( ومن الفوائد )

أن من كان مليئا بالحسنات لا يحقرن أن يفعل الخير “

فالنبي صلى الله عليه وسلم مليء بالحسنات ، ومع ذلك قام بنفسه عليه الصلاة والسلام وحكَّ النخامة وطهَّر مكانها ووضع محلها الخلوق ، وهو نوع من أنواع الطيب .

( ومن الفوائد )

أن ثمار النخيل كانت تنسب في المدينة إلى الأشخاص ( ابن طاب ) اسم شخص .

( ومن الفوائد )

أن ظاهر فعله عليه الصلاة والسلام أنه حكَّ النخامة بيده مباشرة .

ولكن الروايات الأخرى تدل على أنه وضع الخلوق على العرجون ووضعه على موضع النخامة .

( ومن الفوائد )

أن على المربي أن ينشئ الصغار على المشاركة في فعل الخير  “

فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر ذلك الفتى أن يأتي بخلوق ( فذهب يشتد ) يعني يسرع ، فأتى به في راحته ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يربي الصغار على فعل الخير ، ففي الحج أمر ابن عباس رضي الله عنهما ( أن يلقط له حصى الجمار )

وكان يوكل زوجته عائشة رضي الله عنها أن تفتل له قلائد الهدي الذي سيرسله إلى مكة ، فتعويد الشباب وتعويد النساء على فعل الخير أمر مطلوب من رب الأسرة ، ولذا قال الشاعر :

وينشأ ناشئ الفتيان مِنَّا     على ما كان عوده أبوه

ولا شك أن ذلك المجتمع كان مجتمعا سليما من الصوارف والملهيات والحروب الفكرية ، ففي هذا الزمن يحرص كثير من الآباء على تربية أبنائهم من الصغر ، لكن لما يكبر ويصل إلى سن البلوغ إذا بأحواله تتغير ، لأن البيئة تغيرت ، والإنسان ابن بيئته ، ولذلك يعاني من هو حريص على تربية أبنائه تربية طيبة ، يعاني معاناة شديدة ، نتيجة أن هذه البيئة تغيرت ، فبيئتنا في هذه السنة ليست كبيئتنا قبل عشر سنين ، لم ؟

لأن الغزو الفكري والتقني متلاحق ، والنفوس البشرية من حيث الطبيعة متلهفة إلى الشيء الجديد وإلى الشيء المحبب إلى النفوس ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام  :

( القابض على دينه كالقابض على الجمر ، وإن أجر الواحد منهم كأجر خمسين ، قالوا يا رسول الله منا أم منهم ؟ قال منكم )

تصور تقبض على جمر؟ صعب ، فكذلك في زماننا هذا ( القابض على دينه كالقابض على الجمر )

وأخشى أن من يسمع كلامي المسجل بعد عشرين أو بعد ثلاثين سنة يقول  كيف لو رأى زماننا ؟!

ابن حجر رحمه الله لما ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم  ( يتقارب الزمان ، وتكون السنة كالشهر ، والشهر كالجمعة  ) يعني كالأسبوع ( والجمعة كاليوم ، واليوم كالساعة ، والساعة كالضرمة بالنار )

قال رحمه الله معلقا : وقد أدركنا ذلك ، ورأينا ذلك في زماننا “

هذا في زمانه رحمه الله فكيف بزماننا هذا ؟

ومثل هذه التوجيهات ، لا يعني أنها تسمع فقط – لا – فكل عليه واجب التبيين والبلاغ ، فالمجتمع بحاجة إلى كل من هو حريص على الخير لنفسه ولأمته ، أن ينشر ، بعض الناس يقول لو نشرت هذا العلم لن يصغي إلي أحد ، الناس منصرفون – نقول لا – لو لم يسمع منك أحد ولو لم يطبق  كلامك أحد ، فيكفي أن الحق يبقى حقا ، نأتي بعد سنين وإذا بالحق لما يعرض يقال هذا باطل ! فعلى أقل الأحوال يبقى الحق حقا والباطل باطلا ، فأنا أتكلم وأوضح ، حتى لو وجد معارضون كثر ، وسيجد معارضين كثر ، لكن مع هذا لا تتهاون فيما أوجبه الله عز وجل عليك من البيان والإيضاح ، لو لم يتأثر بكلامك إلا واحد ، ربما يأتي شخص آخر ويتكلم بنفس الكلام الذي تتكلم به ، فيزداد الأمر قوة ، ولا عجب من أن يتغير المجتمع ، الشيخ محمد بن عبد الوهاب لما أتى إلى الجزيرة العربية وقد تفشى فيها شيء عظيم ، أعظم مما وقع فيه الناس الآن ، يعبدون الأشجار والأحجار، ويستغيثون بغير الله ، ويدعون غير الله ، ومع ذلك عانى وجاهد مع أن البيئة بيئة مسودة بالشركيات والخرافات ، ومع ذلك يسَّر الله عز وجل له الأمر فكان ما كان .

( ومن الفوائد)

أنه عليه الصلاة والسلام قال ( لا يصلي لكم )

وذكر العلة ( أنه آذى الله ورسوله )

وعند الطبراني ( إنك آذيت الله والملائكة )

فدل هذا على أن أذية الله أو أذية أي شيء من شرع الله ، أذية لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام .

( ومن الفوائد )

أنه قال ( لا يصلي لكم )

( لا ) ناهية ، لماذا لم يحذف حرف العلة ؟

يقال :  ( لا ) ناهية وعلى لغة :” أنه تشبع الحركة فيتولد منها الياء “

وقال بعض العلماء وهو الذي أراه أفضل وأحسن:

وهو أن ( لا ) نافية ( لا يصلي لكم ) أتى بلا النافية من أجل أن يبين أن ما فعله منافٍ للإمامة ، فبين فعله وبين الإمامة منافاة ، فلا يستحق حينها أن يصلي بهم .

( ومن الفوائد )

أن إمامة المسجد أسوة واقتداء ، فعلى الإمام أن يكون على صورة حسنة مخلصا بها وجه الله عز وجل ، وأن غيره يتبعه .

( ومن الفوائد )

بيان أن من أنواع التعزير ” عزل الشخص عن عمله “

ولذلك قد يعزل ولي الأمر شخصا من باب التعزير ، قد يعزله عن ولاية ، قد يعزله عن وظيفة ، لكن لا يجوز أن يعزل إلا لسبب شرعي .