تعليقات على سنن أبي داود ـ الجزء السابع من حديث 178- 203

تعليقات على سنن أبي داود ـ الجزء السابع من حديث 178- 203

مشاهدات: 504

تعليقات على سنن أبي داود  ـ الجزء السابع

من حديث 178- 203

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

69– باب الوضوء من القبلة

حديث رقم -178-

( صحيح )  حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى وعبد الرحمن قالا ثنا سفيان عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة : ” أن النبي صلى الله عليه وسلم قبَّلها ولم يتوضأ)

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

على افتراض صحته ، لأن بعضا من العلماء يرون أنه غير صحيح :

أن لمس المرأة بشهوة لا ينقض الوضوء ، ما دام أنه لم يخرج منه شيء ، لأن القبلة لا تخلو من شهوة .

بينما علماء آخرون يرون أن هذا الحديث ضعيف ، ومن ثمَّ فإن لمس المرأة بشهوة ناقض للوضوء .

والصواب / ما ذهب إليه من قال بعدم النقض ، لأن الأصل براءة الذمة ، حتى مع ضعف هذا الحديث ، وأما استدلال من قال بالنقض ، بقوله تعالى { أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء }المائدة6 ، فإن ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو ترجمان القرآن فسَّر هذه الآية بالجماع ، وليس مس المرأة بشهوة .

حديث رقم -179-

( صحيح ) حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ قال عروة فقلت لها من هي إلا أنت فضحكت ” )

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

أن السائل هنا هو عروة بن الزبير ، لأن عروة المزني لا يمكن أن يسأل عائشة رضي الله عنها هذا السؤال ، لأنه مما يستحيى منه ، لأن عروة بن الزبير قريب من عائشة رضي الله عنها .

ومن الفوائد :

أنها ضحكت ، فهذا الضحك منها رضي الله عنها يدل على أنها هي المقصودة من هذا الحديث .

ومن الفوائد :

أن ( مَنْ ) تأتي في محل ( ما ) لأنه قال ( مَنْ هي إلا أنت ) .

حديث رقم -180-

( ضعيف الإسناد ) حدثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني ثنا عبد الرحمن يعني بن مغراء ثنا الأعمش أخبرنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة : بهذا الحديث )

         70– باب الوضوء من مس الذكر

حديث رقم -181-

( صحيح ) حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع عروة يقول : دخلت على مروان بن الحكم ، فذكرنا ما يكون منه الوضوء ، فقال مروان ومن مس الذكر ، فقال عروة ما علمت ذلك فقال مروان أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” من مس ذكره فليتوضأ ” )

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

ما ذهب إليه بعض العلماء من أن مس الذكر ناقض للوضوء ، سواء كان بشهوة أو لم يكن ، فيقولون بأنه ناقض للوضوء لأن حديث بسرة أصح من حديث طلق الآتي بعد قليل إن شاء الله .

ومن الفوائد :

أن مس الذكر يدخل ضمنه مس الدبر ، وكذلك مس المرأة لفرجها ، لما جاء في مسند الإمام أحمد وغيره ( من مس فرجه فليتوضأ )

ومن الفوائد :

الرد على من قال بأن حديث بسرة مخصوص به الرجال فقط ، لأنه قال ( ذكره ) لكن في الرواية الأخرى ( فرجه ) بل جاء في رواية أخرى ( أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ )

71– باب الرخصة في ذلك

حديث رقم -182-

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا ملازم بن عمرو الحنفي ثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه قال : قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي ، فقال يا نبي الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ ؟ فقال ” هل هو إلا مضغة منه ” أو قال ” بَضعة منه ” )

الشرح:

يستفاد من هذا الحديث :

استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن مس الذكر ليس بناقض للوضوء ، لأن مس الإنسان لذكره ، كمسه لعينه أو لأنفه أو ليده ، أو ما شابه ذلك ، ويرون أنه أصح من حديث بسرة .

لكن الصواب / أن مس الذكر ناقض للوضوء ، لأسباب ، من بينها :

أن طلقا رضي الله عنه روى في حديث آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من مس ذكره فليتوضأ ) إذ إنه رضي الله عنه لما قدم هذا القدوم وسأل النبي صلى الله عليه وسلم كان حينها يبنى المسجد النبوي ، إذاً هو في أول الأمر ، فروى بعد ذلك رضي الله عنه ( من مس ذكره فليتوضأ )

ولأن رواة حديث بسرة أثبت من رواة حديث طلق .

ولأنه من المعلوم أن مس الذكر ليس كمس الأنف أو اليد في درجة واحدة ، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يمسنَّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ) ومعلوم من خلال هذا الحديث أن مس الذكر ليس كمس اليد أو الرجل أو ما شابه ذلك .

وبعض العلماء يرى الجمع بين الدليلين ، ومن وجوه الجمع :  أن الأمر بالوضوء في حديث بسرة ، أنه على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب .

ومن بين وجوه الجمع :  أن الأمر بالوضوء من مس الذكر ، إذا كان بشهوة ، أما إذا لم يكن بشهوة فلا وضوء ، لم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث طلق ( إنما هو بضعة منك ) فدل على أن مسه إنما هو من غير شهوة  ومما يؤكد أن حديث بسرة أرجح من حديث طلق ، على اعتبار أن حديث بسرة مرجح على حديث طلق : أن أبا هريرة رضي الله عنه من بين من روى حديث بسرة ، ومعلوم أن أبا هريرة رضي الله عنه ما أسلم إلا عام خيبر ، فيكون حديث بسرة متأخرا عن حديث طلق .

وبعض العلماء أتى بقول يقرر فيه حديث بسرة ، من أن حديث بسرة محمول على مسه من غير حائل ، وأن حديث طلق محمول على مسه بحائل ، فإذا مسه بحائل كثوب أو سروال من وراء الذكر ، فإنه ليس بناقض للوضوء ، لما سيأتي في الحديث القادم ( سئل عن مس الذكر في الصلاة ) فلا يمكن أن يمس الذكر في الصلاة إلا وهناك حائل ، وهذا هو الأقرب ، أن من مسه بحائل لا ينقض الوضوء ، وإن مسه بحائل ينقض الوضوء ، ويؤكده ما جاء في رواية الإمام أحمد رحمه الله ( إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره من غير ستر ، فقد وجب الوضوء )

حديث رقم -183-

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا محمد بن جابر عن قيس بن طلق : بإسناده معناه ” وقال في الصلاة  ” )

72- باب الوضوء من لحوم الإبل

حديث رقم -184-

( صحيح ) حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال ” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل ؟ فقال توضؤوا منها وسئل عن لحوم الغنم ؟ فقال لا تتوضؤا منها ، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل ؟ فقال لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين ، وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم ؟ فقال صلوا فيها فإنها بركة ” )

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

أن قول من يقول بأن أكل لحم الإبل ناقض للوضوء ، أنه قول مرجح ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هنا ، قال ( توضئوا منها ) .

ومن الفوائد :

أن قوله عليه الصلاة والسلام في لحوم الغنم ( لا تتوضئوا منها ) ليس نهيا محرما أو مكروها – كلا – وإنما هو نهي مقابل للوضوء إذا أكل لحم الإبل .

ومن الفوائد :

بطلان صلاة من صلى في معاطن الإبل ، فقد علل النبي صلى الله عليه سلم أنها من الشياطين ، وهذا قول لبعض العلماء ، وهناك من يقول بأن الصلاة صحيحة ، لكن الصواب أن الصلاة غير صحيحة ، لأنها مقابل للنهي منه عليه الصلاة والسلام .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يذكر العلة ، والعلة هنا في الإبل ، قوله ( إنها من الشياطين ) وفي الغنم ( إنها بركة ) .

ومن الفوائد :

أن الإبل ، قيل لما غلبت عليها الغلظة والشيطنة والغضب ، وهي أكثر أوصافها ، وصفت بأنها من الشياطين ، فإنها ليست مخلوقة من الشياطين ، كما هو حالنا ، قال تعالى {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ }الأنبياء37 ، فنحن لم نخلق من عجل ، لكن لما كانت صفة العجلة هي أوضح سمة فينا ، قال تعالى { خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ }الأنبياء37 .

وبعض العلماء يقول : إنها شياطين ، لأن الشياطين أنواع ، فهناك شياطين إنس ، وهناك شياطين جن ، وهناك شياطين كلاب ، كما في حديث أبي ذر في صحيح مسلم ، قال ( ما بال الأحمر من الأسود يا رسول الله يقطع الصلاة ؟ قال إنه شيطان ) أي شيطان كلاب ، إذاً الإبل هنا شيطان بهائم .

ومن الفوائد :

فضل تربية الغنم ، وأنها سكينة وبركة ، ولذا ( ما من نبي إلا وقد رعى الغنم )  لأنها تجعل صاحبها محل تواضع واستكانة وصبر .

73 – باب الوضوء من مس اللحم النيء وغسله

حديث رقم -185-

( صحيح ) حدثنا محمد بن العلاء وأيوب بن محمد الرقي وعمرو بن عثمان الحمصي المعنى قالوا ثنا مروان بن معاوية أخبرنا هلال بن ميمون الجهني عن عطاء بن يزيد الليثي قال هلال لا أعلمه إلا عن أبي سعيد وقال أيوب وعمرو أراه عن أبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بغلام وهو يسلخ شاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تنح حتى أريك فادخل يده بين الجلد واللحم فدحس بها حتى توارت إلى الإبط ثم مضى فصلى للناس ولم يتوضأ .

قال أبو داود : زاد عمرو في حديثه يعني لم يمس ماء وقال عن هلال بن ميمون الرملي ورواه عبد الواحد بن زياد وأبو معاوية عن هلال عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا لم يذكر أبا سعيد .

الشرح :

من الفوائد :

أن من كان على وضوء ومس لحما نيئا أن وضوءه باقي ، ولا ينتقض وضوؤه بمس اللحم .

ومن الفوائد :

تواضع النبي صلى الله عليه وسلم إذا صنع مع هذا الغلام صنيعا لا يصنعه كبار أهل الدنيا .

ومن الفوائد :

أن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الغلام لأنه بحاجة إلى تعليم أرسخ ، فهو تعليم عن طريق الفعل ، لم يقل ( افعل كذا أو اصنع كذا ) وإنما فعل ذلك لكي يريه .

ومن الفوائد :

أن من بين أنواع السلخ أن يُدهس اللحم باليد ، بأن توضع اليد ما بين الجلد واللحم ثم تدهس دهسا قويا حتى تتوارى اليد فيكون أسهل في سلخها .

74 – باب ترك الوضوء من مس الميتة

حديث رقم -186-

( صحيح ) حدثنا عبد الله بن مسلمة ثنا سليمان يعني بن بلال عن جعفر عن أبيه عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلا من بعض العالية والناس كنفتيه فمر بجدي أسَكَّ ميت فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال أيكم يحب أن هذا له وساق الحديث .

الشرح :

من الفوائد :

أن مس الميتة غير ناقض للوضوء .

ومن الفوائد :

أن الجدي هو ولد المعز .

( الأسك ) قيل مقطوع الأذنين ، وقيل هو ما التقى أذناه ، وقيل هو قصير الأذنين ، المهم أن ( الأسك ) هو عيب في الأذنين إما بالقطع أو بالقصر وإما بالتلاقي ، وهذا من أردأ أنواع البهائم .

ومن الفوائد :

أن ( العوالي ) هي مناطق في أعلى المدينة .

وهذا الحديث تتمته عند مسلم .

75 – باب في ترك الوضوء مما مسَّت النار

حديث رقم -187-

( صحيح )  حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ )

من الفوائد :

أن جمهور العلماء يرون أن أكل لحم الإبل غير ناقض للوضوء باعتبار أن العلة عندهم في الإبل أن النار مسَّته ، وما مسَّته النار فقد جاء تسامح الشرع فيه من حيث الوضوء ، ولكن الصواب أن أكل لحم الإبل ناقض للوضوء باعتباره لحم إبل ، لا لكونه تمسه النار ، ولذا لو أكل لحم إبل وكان هذا اللحم نيئا فإن وضوءه ينتقض

حديث رقم -188-

( صحيح ) حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن سليمان الأنباري المعنى قالا ثنا وكيع عن مسعر عن أبي صخرة جامع بن شداد عن المغيرة بن عبد الله عن المغيرة بن شعبة قال : ضفت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأمر بجنب فشوي وأخذ الشفرة فجعل يحز لي بها منه قال فجاء بلال فآذنه بالصلاة قال فألقى الشفرة وقال ماله تربت يداه وقام يصلي – زاد الأنباري وكان شاربي وفي فقصه لي على سواك أو قال أقصه لك على سواك ؟ )

من الفوائد :

أن ما ورد من حديث في النهي عن ( تقطيع اللحم بالسكين ) حديث ضعيف

لأن النبي صلى الله عليه وسلم خالف فعله هذا الحديث ، ولو قيل بصحة الحديث فإنه محمول على من قطع اللحم بالسكين تشبها بالأعاجم ، لأن هذه صفة أهل الدنيا ، إذاً لو قيل بصحة هذا الحديث لكان من أكل بالشوكة إضافة إلى السكين لكن واقعا في محظور أعظم وأشد ، ولكن الحديث ضعيف .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على بلال ( تربت يداه ) وهذه الكلمة معناها الأصلي ” أنه لصق بالتراب حتى أصبح فقيرا لا يملك إلا التراب ” لكنها من الكلمات الجارية التي لا يقصد معناها ، كما في حديث ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) إلى غير ذلك من هذه الألفاظ .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من على الطعام ، فهو يتناقض في ظاهره مع حديث ( لا صلاة بحضرة طعام ) فلماذا قام عليه الصلاة والسلام ؟

قال بعض العلماء : إن هذا في حق الإمام ، فالإمام حتى لو كان جائعا وحضرت الصلاة فعليه أن يأتي .

وقال بعض العلماء – وهو الصواب – أن النبي صلى الله عليه وسلم قام لأنه لم يكن راغبا فيه رغبة كبرى ، فيكون ( لا صلاة بحضرة طعام ) إذا وجدت الرغبة والشهوة في هذا الطعام بحيث تشغله هذه الرغبة عن صلاته ، أما إذا لم يكن فإن الإنسان يقوم .

حديث رقم -189-

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا أبو الأحوص ثنا سماك عن عكرمة عن بن عباس قال : ( أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم كتفا ثم مسح يده بمِسح كان تحته ثم قام فصلى )

من الفوائد :

أن غسل اليدين بعد الطعام ليس أمرا مؤكدا ، بل لو مسح ما علق بيده من دسومة في كساء أو في خرقة كما صنع عليه الصلاة والسلام فإن الأمر يسير ، وهذا يدل على أن ترك الطعام في اليد والدخول إلى الصلاة فور ذلك أنه  ليس مخالفا وليس مخلا بالصلاة ولا منقصا لها .
حديث رقم -190-

( صحيح ) حدثنا حفص بن عمر النمري ثنا همام عن قتادة عن يحيى بن يعمر عن بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهش من كتف ثم صلى ولم يتوضأ )

من الفوائد :

هذا الحديث والذي قبله يدل على أن ما مسته النار لا يلزم منه الوضوء إذا أُكِل .

حديث رقم -191-

( صحيح ) حدثنا إبراهيم بن الحسن الخثعمي ثنا حجاج قال بن جريج أخبرني محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول : قربت للنبي صلى الله عليه وسلم خبزا ولحما فأكل ثم دعا بوضوء فتوضأ به ثم صلى الظهر ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ )

من الفوائد :

” محمد بن المنكدر ” تابعي ، ومع علمه بالحديث فإنه صاحب ديانة ، حتى أثر عن بعض السلف من قوله ” إذا وجدت في قلبي قسوة أتيت إلى محمد بن المنكدر لأراه فأتعظ برؤيته أياما ” وهذا مصداق حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( أولياء الله الذين إذا رؤوا ذكر الله )

ومن الفوائد :

أن الجمع بين الطعامين غير مذموم  ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين اللحم والخبر .

ومن الفوائد :

أن ما جرت عليه عادة بعض الناس من أكل اللحم بالخبر ، أن هذا معهود في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومن الفوائد :

أن لحم الإبل ليس بناقض للوضوء ، باعتبار أنه مما مسته النار ، وقد رُدَّ على هذا القول .

حديث رقم -192-

( صحيح ) حدثنا موسى بن سهل أبو عمران الرملي ثنا علي بن عياش ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار )

قال أبو داود هذا اختصار من الحديث الأول.

من الفوائد :

أن آخر الآمرين من الرسول صلى الله عليه وسلم هو ترك الوضوء مما مسته النار ، وقد أجبنا عن هذا الحديث في السنن الأخرى .

ومن الفوائد:

أن الأمرين المذكورين هنا هو واحد الأمور لا واحد الأوامر ، فهذا فهم جابر رضي الله عنه ، فإذا قلنا إن الأمرين هو واحد الأمور يعني الشأن ، كان آخر شأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار .

وإذا قلنا أن الأمرين هنا واحد الأوامر ، أنه أمر من النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو طلب حصول الفعل .

حديث رقم -193-

( ضعيف ) حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ثنا عبد الملك بن أبي كريمة قال بن السرح بن أبي كريمة من خيار المسلمين قال حدثني عبيد بن ثمامة المرادي قال: (  قدم علينا مصر عبد الله بن الحرث بن جزء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يحدث في مسجد مصر قال لقد رأيتني سابع سبعة أو سادس ستة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار رجل فمر بلال فناداه بالصلاة فخرجنا فمررنا برجل وبرمته على النار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أطابت برمتك قال نعم بأبي أنت وأمي فتناول منها بضعة فلم يزل يعلكها حتى أحرم بالصلاة وأنا أنظر إليه )

هذا الحديث ضعيف ولو صح فإنه يستفاد منه ما يلي :

أن البرمة : يعني القِدر الذي يطبخ فيه اللحم .

ومن الفوائد :

أن الإنسان لو أكل أكلا دسما ثم دخل بعد ذلك إلى الصلاة فإن صلاته لا خلل فيها ولا نقص ، وسيأتي ما يؤكد معنى هذا الحديث .

باب التشديد في ذلك

حديث رقم -194-

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا يحيى عن شعبة حدثني أبو بكر بن حفص عن الأغر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الوضوء مما أنضجت النار )

من الفوائد :

أن من أكل شيئا مسَّته النار لزمه الوضوء ، فكأنه يتناقض مع حديث جابر ويتناقض مع الأحاديث الأخرى التي ذكرت ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم خرج فصلى ولم يتوضأ ) فكيف يكون الجمع بين الأحاديث ؟

الجمع ما يلي :

أولا :

أن الصواب من قولي العلماء أن أكل لحم الإبل ناقض للوضوء ، سواء كان مطبوخا أو نيئا باعتباره لحم إبل .

ثانيا :

أن الأحاديث الآمرة بالوضوء مما مسته النار باقية على حالها لكنه أمر على وجه الاستحباب وليس على سبيل الوجوب ،فيستحب لمن أكل شيئا مسته النار أن يتوضأ سواء كان لحما أو قهوة أو ما شابه ذلك، فكل شيء مسته النار فيستحب لك أن تتوضأ منه .

ومن الفوائد :

أن هذا الحديث جاء في سياق الخبر ويراد منه الأمر ، يعني توضئوا ، وقد وردت رواية بالأمر بالوضوء ( توضئوا مما مسَّت النار )

وهذا أسلوب بلاغي أن يورد النص مورد الخبر ويراد منه الطلب لفائدة ، وهي أن هذا الأمر مؤكد كأنه واقع وليس لك خيار في إيقاعه .

حديث رقم -195-

( صحيح ) حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا أبان عن يحيى يعني بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أبا سفيان بن سعيد بن المغيرة حدثه : أنه دخل على أم حبيبة فسقته قدحا من سويق فدعا بماء فتمضمض فقالت يا بن أختي ألا توضأ ؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال توضؤوا مما غيرت النار أو قال مما مست النار )

قال أبو داود في حديث الزهري ( يا بن أخي )

من الفوائد :

أن هذا الحديث يتوافق مع الحديث الذي قبله .

باب الوضوء من اللبن

حديث رقم -196-

( صحيح ) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فدعا بماء فتمضمض ثم قال إن له دسما )

من الفوائد :

أن المضمضة عقيب شرب اللبن مستحبة وليس بواجب ، والذي أخرجه عن الوجوب دليل آخر سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى .

ومن الفوائد :

أن كل مأكول أو مشروب به دسم يستحب أن يتمضمض منه ، ولا يقتصر على اللبن ، لأنه علل بعلة ، بل جنح بعض العلماء إلى أن كل مأكول أكله الإنسان يتمضمض منه حتى لا تشغله بقايا الطعام في الصلاة .

باب الرخصة في ذلك

حديث رقم -197-

( حسن ) حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن زيد بن الحباب عن مطيع بن راشد عن توبة العنبري أنه سمع أنس بن مالك يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فلم يمضمض ولم يتوضأ وصلى  )

قال زيد دلني شعبة على هذا الشيخ  .

من الفوائد :

أن الحديث السابق ليس على سبيل الوجوب،  وإنما هو على سبيل الاستحباب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتمضمض لما شرب اللبن كما جاء في هذا الحديث .

باب الوضوء من الدم

حديث رقم -198-

( حسن ) حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ثنا بن المبارك عن محمد بن إسحاق حدثني صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة ذات الرقاع فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فحلف أن لا انتهي حتى أهريق دما في أصحاب محمد ، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا فقال من رجل يكلؤنا؟  فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار ، فقال كونا بفم الشعب ، قال فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري وقام الأنصاري يصلي ، وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم فرماه بسهم فوضعه فيه ، فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم ثم ركع وسجد ثم انتبه صاحبه فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب ، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم قال سبحان الله ألا أنبهتني أول ما رمى قال كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها )

من الفوائد :

أن غزوة ذات الرقاع سميت بهذا الاسم لأقوال متعددة ، لكن أرجحها أنهم كانوا يضعون الخرق على أقدامهم من شدة الحر وفقدان النعل ، لحديث أبي موسى رضي الله عنه إذ قال ( كنت مع ستة نتعاقب على بعير حتى نقبت أقدامنا فكنا نلف عليها الخرق )

ومن الفوائد :

أن قوله ( فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين ) يعني صارت سبيا ، والمرأة الكافرة متى ما أخذت من الكفار فإنها تعد سبيا في الحال .

ومن الفوائد :

( يكلؤنا ) يعني يحفظنا ، قال تعالى {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ }الأنبياء42.

( فانتدب ) يعني نادى رجلا من الأنصار ورجلا من المهاجرين فأجابا .

( فم الشِّعب ) يعني الطرف ، فقد يطلق الفم على طرف الجبل .

( الشِّعب ) الطريق الذي بين الجبلين .

ومن الفوائد :

حرص الصحابة رضي الله عنهم على اغتنام ساعات الليل ، حتى ولو كان في سفر وفي جهاد وفي مشقة ، وما نام هذا المهاجري وهو عمار بن ياسر رضي الله عنه إلا من أجل أن يأخذ قسطا من الراحة ثم ينوب محل صاحبه .

ومن الفوائد :

( الشخص ) هو السواد .

( ربيئة ) يعني طليعة

ومن الفوائد :

( فوضعه فيه ) يعني أصابه إصابة دقيقة كأنه وضع السهم بيده ، ولذلك عبَّر قال ( فوضعه فيه )

( نذروا به ) يعني علموا به .

ومن الفوائد :

هذه السورة هي سورة ( الكهف ) كما جاء في بعض الروايات .

ومن الفوائد :

أن الدم الخارج من الإنسان من غير السبيلين أنه غير ناقض للوضوء ولو كثر ، خلافا لمن قال إنه ناقض ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حصلت هذه الحادثة معه ولم ينكر على هذا الأنصاري ، ولم يبين حرمة هذا الفعل ، فهو أتم الصلاة مع أن الدماء تسيل منه ، وهناك آثار كثيرة تدل على ذلك .

باب في الوضوء من النوم

حديث رقم -199-

( صحيح ) حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ثنا عبد الرزاق ثنا بن جريج أخبرني نافع حدثني عبد الله بن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شغل عنها ليلة فأخرها حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ثم رقدنا ثم استيقظنا ثم رقدنا ثم خرج علينا فقال ليس أحد ينتظر الصلاة غيرُكم )

من الفوائد :

أن هذه الصلاة المؤخَّرة هي صلاة العشاء .

ومن الفوائد :

أنهم ناموا قبل العشاء ، ولذا قال بعض العلماء إن النوم قبل صلاة العشاء غير مكروه إذا علم بأن هناك أحدا سينبهه ، لكن هذا الحديث لا يسعفهم لأن هذا النوم ليس نوما ناقضا للوضوء ، ومقصود حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يكره النوم قبلها ) هو النوم المستغرق الذي يفوت به وقت الصلاة أو الصلاة مع الجماعة .

ومن الفوائد :

أن الصبيان والنساء كانوا يحضرون صلاة الجماعة .

ومن الفوائد :

ما ذهب إليه بعض العلماء من أن النوم بجميع أحواله ليس ناقضا للوضوء ، لأنه كانوا ينامون ثم يصلون .

وستأتي أحاديث تبين هذا الحكم .

حديث رقم -200-

( صحيح ) حدثنا شاذ بن فياض ثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون )

قال أبو داود زاد فيه شعبة عن قتادة قال كنا نخفق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ آخر.

من الفوائد :

أن النوم الحاصل من الصحابة رضي الله عنهم ليس نوما مستغرقا أي ليس نوما كثيرا ، لأنه قال ( حتى تخفق رؤوسهم ) فدل على أنه نعاس .

إذاً النوم الكثير ناقض للوضوء ،وأما النوم اليسير فغير ناقض للوضوء .

حديث رقم -201-

( صحيح ) حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب قالا ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني أن أنس بن مالك قال : أقيمت صلاة العشاء فقام رجل فقال يا رسول الله إن لي حاجة فقام يناجيه حتى نعس القوم أو بعض القوم ثم صلى بهم ولم يذكر وضوءا )

من الفوائد :

أن النوم الذي حصل لبعض الصحابة هو نعاس ، فدلَّ على أنه قليل ، فلا يستدل به على أن النوم ليس ناقضا للوضوء بجميع أحواله .

ومن الفوائد :

أن مناجاة الشخص مع حضور الجماعة لا بأس به .

ومن الفوائد :

أن الفاصل بين الإقامة وتكبيرة الإحرام ليس مخلا بالصلاة ، خلافا لمن قال بالتحريم ، كما قال بعض الحنيفة  ، فهذا الحديث يرد عليهم ، فإن الإنسان إذا أقيمت الصلاة ثم انشغل بشيء فإنه لا يخل بصلاته إذا وجدت حاجة .

حديث رقم -202-

( ضعيف ) حدثنا يحيى بن معين وهنَّاد بن السري وعثمان بن أبي شيبة عن عبد السلام بن حرب وهذا لفظ حديث يحيى عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ قال فقلت له صليت ولم تتوضأ وقد نمت فقال إنما الوضوء على من نام مضطجعا زاد عثمان وهنَّاد فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله )

من الفوائد :

هذا الحديث ضعيف، لكن صححه بعض العلماء وأخذوا منه حكما وهو أن النوم القليل هو النوم الحاصل من الشخص غير المتمكن ، من هو غير المتمكن ؟ هو الذي تسترخي مفاصله ، كأن يكون مضطجعا ، كأن يكون راكعا ، فمن كان في حالة تسترخي فيه مفاصله فإنه إن نام جزءا يسيرا انتقض وضوؤه .

وقال بعض العلماء : إذا سجد السجود الشرعي ونام فيه لا ينتقض وضوؤه ، لأن من سجد السجود الشرعي كفعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يمكن أن يكون عقله قد غاب .

وعلى افتراض صحة هذا الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو نام في سجوده ونفخ فإن قلبه لا ينام .

قال أبو داود : قوله ( الوضوء على من نام مضطجعا ) هو حديث منكر لم يروه الا يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة وروى أوله جماعة عن بن عباس ، ولم يذكروا شيئا من هذا ، وقال(  كان النبي صلى الله عليه وسلم محفوظا ) أي من أن يحدث منه أثناء النوم

( وقالت عائشة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناي ولا ينام قلبي )

فهذه علة من أن النبي صلى الله عليه وسلم لو نام فإن نومه ليس نوما مستغرقا ، لم ؟ لأن النوم الذي يصيبه إنما يصيب عينيه ولا يصيب قلبه .

لو قال قائل :

إن النبي صلى الله عليه وسلم نام عن صلاة الفجر ؟

يقال :

لا يتنافى مع هذا الحديث ، لم ؟ لأن طلوع الفجر وظهور النور يتعلق بالعين ولا يتعلق بالقلب ، فعينيه تنام أما قلبه فليس بنائم .

وقال شعبة إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث حديث يونس بن متى وحديث بن عمر في الصلاة وحديث القضاة ثلاثة وحديث بن عباس ( حدثني رجال مرضيون منهم عمر ، وأرضاهم عندي عمر )

قال أبو داود وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاما له وقال ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة ولم يعبأ بالحديث .

حديث رقم -203-

( حسن ) حدثنا حيوة بن شريح الحمصي في آخرين قالوا ثنا بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  ( وكاء السَّه العينان فمن نام فليتوضأ )

من الفوائد :

استدل بهذا الحديث بعض العلماء على أن النوم ناقض للوضوء بجميع أحواله قلَّ أم كثر .

قال ( وكاء السَّه ) و ( السَّه ) اسم من أسماء الدبر ، ما وكاء السَّه ؟ العينان ، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء ( فمن نام فليتوضأ )

والصواب / أن النوم الكثير ناقض للوضوء ، وأن النوم اليسير ليس بناقض للوضوء .

ما هو النوم اليسير وما ضابطه ؟

الصحيح ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله من أنه النوم الذي لا يذهب معه شعور النائم ، هو يسمع كلاما لكنه لا يفهم ما يقال حوله، فهذا لم يذهب شعوره ، أما من ذهب شعوره فإن وضوءه قد انتقض ، ودليله رحمه الله قول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم وعند البخاري بنحوه ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده ) فدل على أنه لو كان يدري أنه ليس بصاحب النوم العميق .

أسئلة :

سؤال : هل ينقض الوضوء بأكل لحم الإبل فقط ؟

الجواب : الصحيح أن جميع أجزاء الإبل تنقض الوضوء ، أما الألبان فمستحب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر العرنيين بشرب أبوال وألبان الإبل ما أمرهم بالوضوء مع حاجتهم إلى ذلك ، لكنه أمر بالوضوء من ألبانها شخصا آخر ، فدل على أن الأمر للاستحباب وليس للوجوب .

سؤال : ما معنى قوله ( حتى أريك )

الجواب : الرؤية هنا معناها العلم  فالرؤية قد تكون بصرية وقد تكون علمية وقد تكون حلمية يعني مناما ، فقول النبي صلى الله عليه وسلم للغلام ( حتى أريك ) يعني حتى أعلمك ، فالرؤية هنا رؤية علمية يعني أعلمك .

سؤال : ما حكم الدم المسفوح ؟

الجواب : الدم المسفوح نجس ، فلو أصاحب الثوب يغسل قلَّ أم كثر ، والجمهور يرون أن القليل منه يعفى عنه ، لكن متى ما كان الإنسان في سعة من أمره فليغسله .

سؤال : ما حكم الصلاة في مبارك الغنم ؟

الجواب : جائزة إن لم يقل بالاستحباب .

سؤال : حكم مرق الإبل ؟

الجواب : إن ظهر طعم اللحم فيه فيجب الوضوء، لأن اللحم له أثر ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر ( إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) فدل على أن السائل قد يأخذ من طعم محتواه ، مع أن بعض العلماء يقول لا ينقض إلا اللحم فقط ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر اللحم فيقتصر على النص ولا يتعدى إلى غيره ، هذا قول .

القول الآخر يقول : إن كل الأجزاء داخلة ، لم ؟ لأن اللحم جاء في سياق الغالب ، لأن غالب ما يؤكل اللحم ، كما قال تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ }المائدة3 ، لأن المأكول الأعظم هو اللحم ، ولذا لو أكل مصران أو كرش الخنزير لا يجوز له .

سؤال : ما الحكمة من الوضوء من أكل لحم الإبل ؟

الجواب : لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنها خلقت من الشياطين ) ولا يطفئ النار إلا الماء .

وهناك علل أخرى ذكرها العلماء ، لكن هذه أوضح علة .

قال بعض العلماء : لأن لحمها غليظ .

وقال بعض العلماء : لأنها تكسب البدن شدة فيحتاج إلى أن يتلطف بالماء .

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .