بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المؤلف رحمه الله :
باب ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة
حديث رقم -288-
( صحيح ) حدثنا بن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المرادي قالا ثنا بن وهب عن عمرو بن الحرث عن بن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أن أم حبيبة بنت جحش ختنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحت عبد الرحمن بن عوف استحيضت سبع سنين فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه ليست بالحيضة ولكن هذا عرق فاغتسلي وصلي قالت عائشة فكانت تغتسل في مركن في حجرة أختها زينب بنت جحش حتى تعلو حمرة الدم الماء )
من فوائد :
أن المستحاضة يسن لها أن تغتسل لكل صلاة ، وهذا غير الغسل الذي يكون عقيب الطهر ، فإن الغسل الذي بعد الطهر حكمه الوجوب ، بينما الاغتسال لكل صلاة من السنن ، وإن كان بعض العلماء يقول إن هذا الاغتسال ليس من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من اجتهاد الصحابية ، ولكن الصواب أنه أمر منه عليه الصلاة والسلام ، ولكنه أمر على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب .
ومن الفوائد :
أن معنى ( خَتَن ) هو قريب الزوجة .
وأقارب الزوج أحمام ، وأقارب الزوجين كليهما أصهار ، وقد مر هذا معنا .
ومن الفوائد :
أن ( المِرْكن ) إناء تنظف فيه الثياب ، فكونها تغتسل في المركن حتى يتبين لها صفة هذه الدم أهو دم حيض أم دم استحاضة ، ولا يعني أنها لا تنظف قدميها من هذا الماء المشوب بالنجاسة – كلا – إنما المقصود أن يظهر لون هذا الدم حتى يُحكم عليه ، ثم بعد ذلك واجب عليه بدليل آخر أن تنظف ما أصاب بدنها من هذا الماء النجس ، لأن ما خرج من السبيلين فهو نجس .
ومن الفوائد :
أن الاستحاضة دمها دم عرق ، ومعلوم أن دم العرق دم أحمر رقيق وليست به رائحة منتنة ، بينما دم الحيض على خلاف ذلك فهو دم أسود منتن غليظ .
حديث رقم -289-
( صحيح من ” مسند عائشة ” كما في الرواية التي قبلها والتي بعدها )
حدثنا أحمد بن صالح ثنا عنبسة ثنا يونس عن بن شهاب أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن عن أم حبيبة : بهذا الحديث قالت عائشة رضي الله عنها ” فكانت تغتسل لكل صلاة ” )
من الفوائد :
أن هذه الرواية من خلالها ذهب بعض العلماء إلى أن هذا الغسل من تلقاء نفسها ، اجتهادا منها ، فطلبت الأكمل ، وإنما الذي أُمرت به عند كل صلاة أن تتوضأ ، فقالوا إن الوضوء مأمور به من النبي صلى الله عليه وسلم لكل صلاة ، بينما الغسل لا ، إنما هو اجتهاد منها .
ولكن الصواب / أن الأحاديث جاءت بالأمر بالغسل لكل صلاة ولكنه على سبيل الاستحباب ، بينما الأمر بالوضوء لكل صلاة أمر وجوب .
حديث رقم -290-
( صحيح ) حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني حدثني الليث بن سعد عن بن شهاب عن عروة عن عائشة : بهذا الحديث قال فيه فكانت تغتسل لكل صلاة )
قال أبو داود : رواه القاسم بن مبرور عن يونس عن بن شهاب عن عمرة عن عائشة عن أم حبيبة بنت جحش وكذلك رواه معمر عن الزهري عن عمرة عن عائشة وربما قال معمر عن عمرة عن أم حبيبة بمعناه وكذلك رواه إبراهيم بن سعد وبن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة وقال بن عيينة في حديثه ولم يقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل )
وكذلك رواه الأوزاعي أيضا قال فيه قالت عائشة ( فكانت تغتسل لكل صلاة )
حديث رقم -291-
( صحيح ) حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي ثني أبي عن بن أبي ذئب عن بن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة : أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل فكانت تغتسل لكل صلاة )
من الفوائد :
أن ما ذهب إليه بعض العلماء من القول بأن الغسل المأمورة به هو غسل واحد يعتمد على هذا الحديث ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أنما أمرها بالغسل عند إدبار الحيضة ، ولكن الأغسال التي تفعلها عند كل صلاة ليس أمرا منه عليه الصلا ة والسلام .
حديث رقم -292-
( حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة : أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها بالغسل لكل صلاة ) وساق الحديث .
من الفوائد :
هذا الحديث دليل لمن قال إن غسلها لكل صلاة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وليس اجتهادا منها ، ولكنه أمر على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الوجوب .
( صحيح دون قوله ” زينب بن جحش ، والصواب : أم حبيبية بنت جحس .
قال أبو داود : ورواه أبو الوليد الطيالسي ولم أسمعه منه عن سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت استحيضت زينب بنت جحش فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلي لكل صلاة ) وساق الحديث .
قال أبو داود : ورواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير ، قال توضئي لكل صلاة قال أبو داود وهذا وهم من عبد الصمد والقول فيه قول أبي الوليد .
من الفوائد :
هذا الحديث يدل على ما ذكرنا سابقا ، ولكن ذكر زينب هنا على أنها مستحاضة مختلف فيه بين العلماء ، هل كانت زينب رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه هل كانت تستحيض كأختها أم لا ؟
خلاف بين العلماء : منهم من يرى ثبوت ذلك ، ومنهم من يرى عدم ذلك ، ومن يرى ثبوت ذلك فإن فيه دلالة على أن بنات جحش كن مستحاضات وأن الحيض مستمر معهن .
حديث رقم -293-
( صحيح ) حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر ثنا عبد الوارث عن الحسين عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال أخبرتني زينب بنت أبي سلمة : أن امرأة كانت تهراق الدم وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي )
من الفوائد :
قال هنا ( أن امرأة تهراق الدم وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف ) من هي هذه المرأة ؟
مبينة في الأحاديث السابقة أنها أم حبيبة رضي الله عنها .
( صحيح ) وأخبرني أن أم بكر أخبرته أن عائشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر إنما هي أو قال إنما هو عرق أو قال عروق )
من الفوائد :
أن المرأة إذا رأت الطهر الذي يأتي بعد الحيض وأتى بعد ذلك دم ليس هو على ما جرت به عادة المرأة في الحيض فإنه دم عرق لا يلتفت إليه ولا يترتب عليه حكم وتكون المرأة في حكم الطاهرات لها أن تصلي ولها أن تصوم .
( صحيح ) قال أبو داود وفي حديث بن عقيل الأمران جميعا وقال إن قويت فاغتسلي لكل صلاة وإلا فاجمعي )
( صحيح ) كما قال القاسم في حديثه وقد روي هذا القول عن سعيد بن جبير عن علي وبن عباس رضي الله عنهما
باب من قال : تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا
حديث رقم -294-
( صحيح ) حدثنا عبيد الله بن معاذ ثنا أبي ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : استحيضت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت أن تعجل العصر وتؤخر الظهر وتغتسل لهما غسلا وأن تؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلا وتغتسل لصلاة الصبح غسلا ، فقلت لعبد الرحمن أعن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لا أحدثك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيء )
من الفوائد :
أن هذا الحديث مر معنا ولكن من فوائده :
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فيه المستحاضة أن تغتسل ثلاث مرات في اليوم ، بينما الأحاديث السابقة أمرت أن تغتسل لكل صلاة ، فتغتسل خمس مرات في اليوم ، أما هنا فإنها مأمورة بأن تغتسل ثلاثة أغسال ، وذلك بأن تجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء وتصلي الفجر مفردة ، فعند جمعها بين الظهرين تغتسل غسلا، وعند جمعها بين العشاءين تغتسل غسلا ، وعند صلاة الفجر تغتسل غسلا ، هذه ثلاثة أغسال .
ومن الفوائد :
أن هذا الجمع جمع حقيقي وليس جمعا صوريا ، أي إن صلاة الظهر أخرت عن وقتها فصليت مع العصر في وقت صلاة العصر ، وصلاة المغرب أخرت حتى صليت مع العشاء في وقت صلاة العشاء ، وليس جمعا صوريا كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء .
ما هو الجمع الصوري ؟
هو أن تؤخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها فتصلي صلاة الظهر في آخر الوقت فإذا فرغت من صلاة الظهر إذا بوقت العصر قد دخل فتصلي صلاة العصر في أول وقتها ، وكذلك الشأن في صلاتي المغرب والعشاء .
لو قال قائل : ما الذي يترتب على هذا الخلاف ؟
إذا قلنا إنه جمع صوري نقول لمن به عذر كهذه المستحاضة – لأن الاستحاضة مرض – نقول للمريض يمكن أن تجمع بين الصلاتين ، لكنه جمع صوري فتصلي صلاة الظهر في آخر وقتها فإذا فرغت من صلاة الظهر إذا بصلاة العصر قد دخل وقتها فتصلي صلاة العصر في أول وقتها ، وكذلك تؤخر صلاة المغرب إلى آخر وقتها فما تفرغ من صلاة المغرب حتى ينتهي وقت صلاة المغرب ويأتي وقت صلاة العشاء فتصلي صلاة العشاء في أول وقتها .
لكن إن قلنا بأنه جمع حقيقي نقول له أخر الصلاة فيمكن أن يؤخر صلاة الظهر بعد أن يدخل وقت صلاة العصر بوقت مديد ، ويمكن أن يؤخر صلاة المغرب إلى أن يدخل وقت صلاة العشاء بوقت مديد ، ربما أنه يجعل صلاة المغرب مع العشاء قبل نصف الليل ، بينما على الجمع الصوري لا
حديث رقم -295-
( ضعيف ) حدثنا عبد العزيز بن يحيى حدثني محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة : أن سهلة بنت سهيل استحيضت فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل وتغتسل للصبح )
من الفوائد :
لو صح هذا الحديث لكن الأفضل في حق المستحاضة أن تغتسل لكل صلاة ، فإن شق عليها فإنها تغتسل ثلاثة أغسال فقط .
( مرسل صحيح الإسناد ) قال أبو داود ورواه بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن امرأة استحيضت فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها بمعناه .
من الفوائد :
أن المرسل إذا كان لم يمكن مرسل صحابي فإنه يكون ضعيفا ، فإذا أرسل الصحابي حديثا فإنه يكون صحيحا إذا صح سنده ، بينما مراسل التابعين ينظر إن كانوا من كبار التابعين كسعيد بن المسيب فقد اختلف العلماء في أحاديثهم المرسلة هل هي ثابتة أو غير ثابتة ، فلو ذكر سعيد بن المسيب حديثا ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر الصحابي ، بعض العلماء يقول إن كبار التابعين ما أرسل الحديث إلا لأنه أخذه من الصحابي ، فدينه وورعه وقربه من الصحابة يمنعه من أن يقول شيئا لم يسمعه من الصحابي الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون : جميع مراسيل التابعين كبارهم وصغارهم ضعيفة .
بينما مراسيل الصحابة صحيحة إذا صح سندها ، فيمكن أن يروي أبو هريرة رضي الله عنه حادثة وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل أن يهاجر ، مثل ما قال أبو هريرة رضي الله عنه ( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في قريش فنادى فيهم ) إلى آخر ما ذكر ، إلى أن ( أتى أبو لهب وقال تبا لك ألهذا جمعتنا )
معلوم أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يدرك هذه الحادثة ، لأنه أسلم في السنة السابعة من الهجرة عام خيبر ، وهذه الحادثة وقعت قبل الهجرة ، ومع ذلك قُبِل هذا الحديث .
إذاً هو مرسل صحابي لأن أبا هريرة رضي الله عنه سمعه من غيره من الصحابة رضي الله عنه ، ومعلوم أن الصحابة كلهم عدول ، فمراسيلهم ثابتة .
حديث رقم -296-
( صحيح ) حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن سهيل يعني بن أبي صالح عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت عميس قالت قلت : يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله هذا من الشيطان لتجلس في مركن ، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا ، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا ، وتغتسل للفجر غسلا واحدا وتتوضأ فيما بين ذلك )
( صحيح ) قال أبو داود : رواه مجاهد عن بن عباس لما اشتد عليها الغسل أمرها أن تجمع بين الصلاتين قال أبو داود ورواه إبراهيم عن بن عباس وهو قول إبراهيم النخعي وعبد الله بن شداد
من الفوائد :
بيان فائدة اغتسالها في المركن ، لأن علو الصفرة يدل على أن هذا ليس بدم حيض .
ومن الفوائد :
أن المرأة إذا أمرت بالغسل ثلاث مرات عند جمعها بين الظهرين وعند جمعها بين العشاءين وعند صلاة الفجر تكون بذلك قد فعلت الأفضل والأكمل والأحسن .
ومن الفوائد :
أن تركها للصلاة سببه الشيطان ، لأن الشيطان لبَّس عليها ، فظنت أن هذا الدم دم حيض يمنعها من العبادة ، وهذا محبوب إلى الشيطان ، ولذلك نسب هذا الفعل إلى الشيطان .
ومن الفوائد :
أن الإنسان يمكن أن يتعجب لما هو يستغرب وقوعه ، ولذلك تعجب النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( سبحان الله )
باب من قال : تغتسل من طهر إلى طهر
حديث رقم -297-
( صحيح ) حدثنا محمد بن جعفر بن زياد وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم : في المستحاضة تدع الصلاة أيام إقرائها ثم تغتسل وتصلي والوضوء عند كل صلاة ) قال أبو داود زاد عثمان ( وتصوم وتصلي )
من الفوائد :
أن الغسل المأمور به غسل واحد من الطهر إلى الطهر ، فيكون عند إدبار حيضتها تغتسل ، لأنه إذا أدبرت حيضتها طهرت .
وقال بعض العلماء : إنها مضبطة بالمعجمة ( من ظهر إلى ظهر ) فتكون مأمورة بالغسل في كل يوم مرة واحدة .
وجملة القول :
أن الوضوء هو الواجب لكل صلاة ، فإن استطاعت المرأة أن تغتسل لكل صلاة فهذا أفضل ، فإن لم تستطع فلتغتسل ثلاث مرات ، فإن لم تستطع تغتسل في اليوم مرة واحدة ، فإن لم تستطع فيجب عليها أن تغتسل مرة واحدة عند إدبار حيضتها .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر أمر الحائض ذكر الصيام والصلاة دل على أن الحائض لا تصح منها صلاة ولا صوم ، وأن المستحاضة في حكم الطاهرات ، فيلزمها أن تصلي وأن تصوم .
حديث رقم -298-
( صحيح ) حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر خبرها وقال ثم اغتسلي ثم توضئي لكل صلاة وصلي )
من الفوائد :
أن الاغتسال واجب عند إدبار الحيضة ، وأما الوضوء فواجب لكل صلاة .
حديث رقم -299-
( صحيح ) حدثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي ثنا يزيد عن أيوب بن أبي مسكين عن الحجاج عن أم كلثوم عن عائشة : في المستحاضة تغتسل تعني مرة واحدة ثم توضأ إلى أيام إقرائها )
حديث رقم -300-
( ضعيف ) حدثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي ثنا يزيد عن أيوب أبي العلاء عن بن شبرمة عن امرأة مسروق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : مثله .
قال أبو داود : وحديث عدي بن ثابت والأعمش عن حبيب وأيوب أبي العلاء كلها ضعيفة لا تصح ودل على ضعف حديث الأعمش عن حبيب هذا الحديث أوقفه حفص بن غياث عن الأعمش وأنكر حفص بن غياث أن يكون حديث حبيب مرفوعا وأوقفه أيضا أسباط عن الأعمش موقوف عن عائشة قال أبو داود ورواه بن داود عن الأعمش مرفوعا أوله وأنكر أن يكون فيه الوضوء عند كل صلاة ودل على ضعف حديث حبيب هذا أن رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت فكانت تغتسل لكل صلاة في حديث المستحاضة وروى أبو اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن علي رضي الله عنه وعمار مولى بني هاشم عن بن عباس .
( صحيح ) وروى عبد الملك بن ميسرة وبيان والمغيرة وفراس ومجالد عن الشعبي عن حديث قمير عن عائشة ( توضئي لكل صلاة ) .
( صحيح ) ورواية داود وعاصم عن الشعبي عن قمير عن عائشة ( تغتسل كل يوم مرة ) .
من الفوائد :
هذه الرواية تؤيد قول من قال إن هذا مضبوط بالمعجمة ( من ظهر إلى ظهر ) فهذا يدل على أن المرأة يستحب في حقها أن تغتسل في اليوم مرة واحدة .
( صحيح ) وروى هشام بن عروة عن أبيه المستحاضة تتوضأ لكل صلاة .
وهذه الأحاديث كلها ضعيفة إلا حديث قمير وحديث عمار مولى بني هاشم وحديث هشام بن عروة عن أبيه والمعروف عن بن عباس الغسل
باب من قال : المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر
حديث رقم -301-
( صحيح ) حدثنا القعنبي عن مالك عن سمي مولى أبي بكر أن القعقاع وزيد بن اسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب يسأله كيف تغتسل المستحاضة ؟ فقال : تغتسل من ظهر إلى ظهر ، وتتوضأ لكل صلاة فإن غلبها الدم استثفرت بثوب )
من الفوائد :
أن هذا الحديث كما أسلفنا يدل على أن الغسل مسنون لها في اليوم مرة واحدة ، وأنه يجب عليها أن تتحفظ للدم حتى لا يتلوث بدنها ولا لباسها .
( حسن عن ابن عمر ) قال أبو داود وروي عن بن عمر وأنس بن مالك تغتسل من ظهر إلى ظهر )
( صحيح وزيادة عن امرأته شاذة ) وكذلك روى داود وعاصم عن الشعبي عن امرأته عن قمير عن عائشة إلا أن داود قال ( كل يوم ) .
( صحيح عن الحسن ) وفي حديث عاصم عند الظهر وهو قول سالم بن عبد الله والحسن وعطاء قال أبو داود قال مالك إني لأظن حديث بن المسيب ( من طهر إلى طهر ) فقلبها الناس ( من ظهر إلى ظهر ) ولكن الوهم دخل فيه .
( ضعيف ) ورواه المسور بن عبد الملك بن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع قال فيه من طهر إلى طهر فقلبها الناس من ظهر إلى ظهر .
باب من قال : تغتسل كل يوم مرة ، ولم يقل عند الظهر مرة
حديث رقم -302-
( ضعيف ) حدثنا أحمد بن حنبل ثنا عبد الله بن نمير عن محمد بن أبي إسماعيل وهو محمد بن راشد عن معقل الخثعمي عن علي رضي الله عنه قال : المستحاضة إذا انقضى حيضها اغتسلت كل يوم واتخذت صوفة فيها سمن أو زيت )
من الفوائد :
لو صح هذا الحديث لدل على أن الاغتسال المسنون مرة واحدة من غير أن يقيد بوقت الظهر .
ومن الفوائد :
أن المطعوم يمكن أن يعالج به المريض في أماكن يمكن أن يتورع الإنسان عنها ، مع أن تورعه في هذا ليس له نص شرعي ، لأن وضع الصوفة مع السمن أو الزيت وهو مطعوم في الفرج يدل على أن الشرع أباح هذا الأمر ، وقد استدل بهذا الحديث بعض العلماء ، وهناك بعض الأحاديث تأتي معنا إن شاء الله تدل على هذا .
فخلاصة القول : أن المطعوم متى ما احتاج الإنسان إليه ليضعه مثلا في مكان ليعالج به هذا المكان القذر فلا بأس بذلك ، ولذلك لو احتاجت المرأة مثلا كما يفعله بعض النساء من وضع بعض الأطعمة على وجهها أو أن تغتسل ببعض الشامبوهات التي فيها خليط بالبيض أو بعض المطعومات فلا بأس بذلك ، لم ؟
لما ذكر هنا ولأحاديث أخر وإن كان فيها ضعف ، لكن يؤيدها قوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً }البقرة29، فما خلقت لنا إلا لنستفيد منها ، فإذا استفدنا منها على الوجه الشرعي من غير ما نمتهن هذه الأشياء وليس هناك موجب فلا بأس بذلك ، أما أن توضع هذه الأشياء من غير أن تكون هناك حاجة فإنه لا يجوز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما صح عنه قال ( أكرموا الخبز ) والخبز مطعوم فلا يجوز أن يمتهن المطعوم ، لأنها نعمة من الله سبحانه وتعالى ، فلو احتاج الإنسان مثلا إلى أن يضع عسلا مثلا في أنفه لعلاج فلا بأس بذلك ، قد يكون لدى الإنسان مرض ( البواسير ) في مقعدته فنصح بأن يضع مطعوما من المطعومات فلا بأس بذلك .
باب من قال : تغتسل بين الأيام
حديث رقم -303-
( صحيح ) حدثنا القعنبي ثنا عبد العزيز يعني بن محمد عن محمد بن عثمان : أنه سأل القاسم بن محمد عن المستحاضة ؟ فقال تدع الصلاة أيام إقرائها ثم تغتسل فتصلي ثم تغتسل في الأيام )
من الفوائد :
أن الغسل أمر مندوب في هذا الأثر من غير أن يقيد بعدد ، لكن الأفضل كما سلف .
باب من قال : توضأ لكل صلاة
حديث رقم -304-
( حسن ) حدثنا محمد بن المثنى ثنا بن أبي عدي عن محمد يعني بن عمرو حدثني بن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حبيش : أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلكَ فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي )
قال أبو داود : قال بن المثنى وحدثنا به بن أبي عدي حفظا فقال عن عروة عن عائشة أن فاطمة قال أبو داود وروي عن العلاء بن المسيب وشعبة عن الحكم عن أبي جعفر قال العلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأوقفه شعبة على أبي جعفر توضأ لكل صلاة )
هذا الحديث مر معنا لكن نريد أن نستذكر بعض الفوائد :
أن لدم الحيض له صفات يعرف بها بأنه دم أسود .
ومن الفوائد :
أن كلمة ( يُعرف ) أي تعرفه النساء فلا حاجة إلى أن تذكر صفاته ، ومن ثم فإن طالب العلم إذا سألته امرأة عمَّا نزل بها من دم يقول هل هو دم الحيض المعروف لديك ، حتى يمكن أن يصدر حكما مناسبا لها .
وقال بعض العلماء : أن كلمة ( يعرف ) مأخوذة من ( العرف ) يعني الرائحة ، بمعنى أنه دم من صفاته أنه أسود وأنه ذو رائحة كريهة .
ومن الفوائد :
تحريم الصلاة والصوم على الحائض ، وتكون آثمة لو صلت ، أما المستحاضة فتصلي وتصوم .
ومن الفوائد :
أن اسم الإشارة إذا أشير إلى أنثى لك خياران إما أن تذكره على هيئته ( ذلكَ ) أو باعتبار المؤنث فتقول ( ذلكِ ) .
باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث
حديث رقم -305-
( صحيح ) حدثنا زياد بن أيوب ثنا هشيم أخبرنا أبو بشر عن عكرمة : أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتظر أيام إقرائها ثم تغتسل وتصلي فإن رأت شيئا من ذلك توضأت وصلت )
من الفوائد :
أن المرأة إذا كانت لها عادة فاستمر معها الدم عليها أن تعود إلى عادتها السابقة ولا تلتفت إلى التمييز ، فالتمييز يكون في الحكم عقيب العادة ، فالعادة أصل ، فأول ما نبحث نبحث عن العادة ، لكن إن لم تكن لها عادة تعود إلى التمييز ، هذا هو الصحيح من قولي العلماء .
ومن الفوائد :
أن الغسل واجب عليها بعد طهرها .
ومن الفوائد :
أن المرأة المستحاضة لو توضأت للصلاة باعتبار أن حدثها مستمر لما دخل وقت الصلاة ولم ينزل معها شيء فاستمر بها الحال ولم ينزل معها شيء من دمها حتى دخل وقت الصلاة الأخرى فهل يلزمها الوضوء ؟
الجواب / لا ، متى يلزمها الوضوء لكل صلاة ؟
إذا كان دمها مستمرا ، لكن لو أنها توضأت وليس معها دم وبقيت على طهرها حتى أتت الصلاة التي تليها وهي على طهارة ولم يأت ناقض آخر غير الدم ، فهل نلزمها بالوضوء ؟
لا نلزمها بالوضوء ، لم ؟
لأنها لم تر الحدث .
ومن الفوائد :
قال بعض العلماء لا تأخذ المستحاضة هذا الحكم إلا إذا كان دمها مستمرا معها استمرارا لا ينقطع ، أما إذا كان ينقطع في وقت معتاد في وقت الصلاة فإنها لا تتوضأ و لا
تصلي وقت نزول الدم ، بل تنتظر هذا الوقت ثم تتوضأ وتصلي من غير أن يكون هناك دم ينزل معها ، هذا هو المشهور عن فقهاء الحنابلة .
فمن كان لها وقت يمر بها في الصلاة يقف فيه الدم فلا يحق لها أن تصلي أول الوقت فعليها أن تنتظر إلى أن ينقطع دمها في وقتها المعتاد ثم تتوضأ وتصلي وهي خالية من الدم ، وكذلك لو كان دمها غير معتاد ، فهذه لا تأخذ حكم المستحاضة ، هذا ما ذهبوا إليه .
لكن الصواب – وقد رجحه ابن قدامة رحمه الله كما في المغني – الصواب أنه لو كان الدم متقطعا معها مرة ومرة فإنها في حكم المستحاضة ، لم ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرِّق ، لم يقل لها ” هل ينزل معك الدم في وقت وينقطع في وقت آخر ؟ ” وإنما أطلق عليه الصلاة والسلام ، بل إن هذا الحديث يدل على ذلك ، قال ( فإن رأت شيئا من ذلك توضأت وصلت ) دل على أنها ربما لا ترى شيئا فربما ينقطع معها ، وهذا أيسر بالنسبة إلى المرأة ، وكذلك يجري الحكم على من به سلس بول أو سلس ريح .
حديث رقم -306-
( صحيح ) حدثنا عبد الملك بن شعيب ثنى عبد الله بن وهب أخبرنا الليث عن ربيعة : أنه كان لا يرى على المستحاضة وضوءا عند كل صلاة إلا أن يصيبها حدث غير الدم فتوضأ )
هذا رأي له رحمه الله
قال أبو داود : هذا قول مالك يعني بن أنس .
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .