تعليقات على ( سنن أبي داود ) ـ الدرس الثالث والأربعون حديث 422

تعليقات على ( سنن أبي داود ) ـ الدرس الثالث والأربعون حديث 422

مشاهدات: 408

تعليقات على ( سنن أبي داود ) ـ  الدرس الثالث والأربعون

حديث  422

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب في وقت العشاء

حديث رقم -422-

( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا بشر بن المفضل ثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل فقال خذوا مقاعدكم فأخذنا مقاعدنا
، فقال إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم ، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة ، ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل )

من الفوائد :

فيه بيان أفضلية تأخير صلاة العشاء إلى قريب من شطر الليل ، وهذا هو رأي الجمهور ، وإن كان هناك طائفة من أهل العلم يرون أن صلاة العشاء إذا فعلت في أول وقتها فهو الأفضل ، لأنه هو الأمر الذي داوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وما داوم عليه صلى الله عليه وسلم كان أفضل وأحسن ، ولكن الصواب هو رأي الجمهور وأن النبي صلى الله عليه وسلم ما منعه أن يصلي إذا مضى شطر من الليل ما منعه إلا (  ضعف الضعيف وسقم السقيم ) فلولا المشقة لأخرها صلوات ربي وسلامه عليه .

ومن الفوائد :

أن هذا الحديث يخالف ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام ( لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنهم يعتمون بالإبل وإنها في كتاب الله العشاء )

فهذا الحديث يدل على الجواز ، وما ذكره يدل على النهي ، فكيف التوفيق بينهما ؟

الجواب / أن الاسم الشرعي الغالب هو صلاة العشاء ، لكن الممنوع أن يهجر الاسم الشرعي وهو صلاة العشاء ويستبدل بهذا الاسم الذي هو العتمة ، نظير ذلك ما يقال في العقيقة والنسيكة ، فاللفظ الشرعي ” النسيكة ” فلا يعدل عن هذا كما هو حال كثير من الناس يقولون ” عقيقة ” ولذا قال عليه الصلاة والسلام ( لا أحب العقوق من أحب أن ينسك فعن الغلام شاتان ) فعبر بالنسك ، كما قال تعالى { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً }الحج34 ، لكن لو قيلت عقيقة في بعض الأحيان فلا بأس ، إذاً من باب أولى ما يطلق عليها بأنها تمائم ، من باب أولى أنه منهي عنه ، لاسيما أنها تختلط بالتمائم الشركية ، ولذا ينبه عوام الناس على هذا الأمر .

ومن الفوائد :

أن قوله ( حتى مضى نحو من شطر الليل ) قد يفهم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل ، وهذا يخالف ما قررناه من أن القول الراجح أن صلاة العشاء إلى نصف الليل ، فيكون النصف الآخر ليس داخلا في وقت صلاة العشاء .

والجواب عن هذا /

أن آخر الحديث يبين معنى هذه الكلمة إذ قال ( ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل )

فيكون ( شطر الليل ) أي جزء من الليل ، لأن الشطر قد يطلق في اللغة العربية ويراد منه النصف ، وقد يراد منه الجزء من الشيء وليس محددا .

ومن الفوائد :

أن الحديث بعد صلاة العشاء إذا لكان لبيان علم شرعي فلا بأس به ، فيكون هذا مستثنى من حديث أنس رضي الله عنه ( كان النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ) فإنه هنا تحدث عليه الصلاة والسلام بعدما صلى العشاء ، فما كان من شيء نافع سواء كان يتعلق بالدين أو الدنيا فلا بأس بالحديث عنه فيما بعد صلاة العشاء ، شريطة ألا يفوت على الإنسان فرضا أو ما هو أفضل من هذا الحديث من صلاة ليل ونحوه .

ومن الفوائد :

أن قوله عليه الصلاة والسلام ( إن الناس قد صَلوّا ) فعل ماضي ، بخلاف ( صَلُّوا ) فهو فعل أمر ، فيكون المقصود من هؤلاء الناس ما عدا من كان في مسجده في تلك الليلة ، ولذا في رواية أخرى ( ما انتظرها غيركم )

وهذا يدل على أن كلمة “الناس  ” قد تطلق ويراد منها البعض أو الأغلب .

ومن الفوائد :

أن قوله عليه الصلاة والسلام ( فلولا ضعف الضعيف ) أي ضعيف البدن أو ضعيف اليقين ، فمن كان ضعيفا من حيث الإيمان أو من حيث البدن قد يمتنع من الإتيان إلى الصلاة إذا جعلت في ذلك الوقت ( وسُقم السقيم ) ويصح ( سَقم السقيم ) يعني مرض المريض .

ومن الفوائد :

كما مر معنا في بلوغ المرام أن ” لولا ” أداة شرط ، وهي  “أداة امتناع لوجود ” فامتنع تأخير الصلاة لوجود المشقة من ( ضعف الضعيف وسقم السقيم )

وقلنا إن جوابها يقترن باللام ، وأن الأصل فيها ” لو ” فدخلت عليها ” لا ” النافية .

ومن الفوائد :

أن من انتظر صلاة فهو في صلاة ، بل في حكم من يصلي أجرا وثوابا ، ومن ثم فإن على المسلم أن يحتسب الزمن الذي يمكثه ما بين الأذان والإقامة .

ومن الفوائد :

أن قوله عليه الصلاة والسلام ( وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة ) يدل على أحكام من بينها :

أن تشبيك الأصابع منهي عنه لمن انتظر الصلاة .

جاءت رواية عند الإمام أحمد ( أن هذا من الشيطان ) لكن فيها ما فيها من المقال .

وقال بعض العلماء : إن العلة تعبدية .

وإن لم تصح رواية الإمام أحمد ، فالذي يظهر لي أن التشبيك بين الأصابع لا يناسب هذه الصلاة التي دعي فيها إلى الجماعة، لأن حالة الأصابع في التشبيك تكون متفرقة يمنة ويسرة ، وسيأتي معنا إن شاء اله عز وجل مزيد بيان لهذه المسألة .

ولكن ليس هذا الحديث على إطلاقه ، لأن من المعلوم إنه في حكم المصلي ثوابا وأجرا وإلا فهناك أحكام لا تصدق عليه فيما لو كان مصليا ، لأن له أن يتكلم بكلام الآدميين .

ومن الفوائد :

بيان تشجيعه عليه الصلاة والسلام للأمة بذكر الثواب العظيم ، فإن الإنسان ولو شق عليه العمل الصالح فإن له الثواب عند الله عز وجل ، لا شك أن التأخر فيه مشقة ولكن يبلغ الإنسان بهذه المشقة ثوابا عظيما ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري ( أجرك على قدر نصبك )

سؤال : حكم تشبيك الأصابع عند الزواج ؟

الجواب / ليس هناك دليل يمنع ، لكن هذا مما توارثه الناس أنه غير سائع ، وليس عليه دليل .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد .