تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الحادي والسبعون ـ حديث ( 493 ) الجزء الأول

تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الحادي والسبعون ـ حديث ( 493 ) الجزء الأول

مشاهدات: 532

تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الحادي والسبعون

25 – باب النَّهْىِ عَنِ الصَّلاَةِ فِى مَبَارِكِ الإِبِلِ

حديث ( 493 ) الجزء الأول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

493 – حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِىِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الصَّلاَةِ فِى مَبَارِكِ الإِبِلِ فَقَالَ « لاَ تُصَلُّوا فِى مَبَارِكِ الإِبِلِ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ ». وَسُئِلَ عَنِ الصَّلاَةِ فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَقَالَ « صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ ».

صحيح

ــــــــــــــــــــــــــ

 

 

من فوائد هذا الحديث :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن الصلاة في مبارك الإبل

وهل هذا النهى للكراهة أم أنه للتحريم مع صحة الصلاة أم أنه للتحريم مع بطلان الصلاة ؟

أقوال :

والصواب : كما سيأتي بيانه من أن الصلاة في مبارك الإبل باطلة لأن النهي هنا صريح أما من قال بأن الصلاة في مبارك الإبل تصح معها الصلاة قالوا : لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في الصحيحين :

(( جعلت لي الأرض مسجدلا وطهورا ))

 

 فيجاب عن هذا الخديث :

بأنه عام واستثني منه مبارك الإبل كما استثني منه الصلاة في المقبرة والحمام

ويستدلون أيضا ولاسيما من يقول بالكراهة يستدل بأن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على راحلته في السفر فكيف يوتر على ناقته في السفر

 

فالجواب عن هذا :

أن النهي الوارد ههنا عن الصلاة في مبارك الإبل وليس على الإبل ففرق بين الأمرين

ولذلك لو أن البعير في مسيره في الصحراء ناخ في مكان على سبيل العارض والطارئ ثم قال فإنه يجوز أن يصلى في هذا المكان   لم ؟

لأن لبثه هنا لأمر طارئ  عارض

وليس دائما

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

أيصلى في السوق الذي تكون فيه الإبل أو المكان الذي تعرض فيه الإبل وتحبس مثل ما هو مشتهر في هذا الزمن بإبل المزاين أيصلى في المواطن التي يجتمع فيها الإبل أم لا ؟

 

الجواب عن هذا   :

نعرفه من خلال فائدة معرفة الروايات كما أوضحنا ذلك فائدة ذكر الفوائد والصور فكما أن التمثيل الكثير المتنوع على المسائل يمرن الذهب ويعطيه فائدة كذلك معرفة الروايات تفيد

جاء في رواية  : (( النهي عن الصلاة في معاطن الإبل ))

وجاءت رواية  : (( في النهي عن الصلاة في مرابد الإبل  ))

وجاء : (( النهي عن الصلاة في مناخ الإبل ))

وجاء : (( النهي عن الصلاة في موبآت الإبل  ))

وجاء : (( النهي عن الصلاة في مبارك الإبل  )) كما هنا

كم رواية ؟ خمس روايات

 

مبارك الإبل هي ما تبرك فيه عادة ليس طارئا فيشمل أي مكان اعتادت أن تبرك فيه ولو تعدد هذا المكان

رواية معاطن الإبل :

هو مكان مناخ الإبل عند ورودها الماء إذاً كل مبرك معطن وليس كل معطن مبرك لأن المعطن هو خاص بماذا ؟ بإناخة الإبل أو بنوخ الإبل عند ورودها الماء

 

رواية مناخ الإبل : نفس مبارك الإبل

 

رواية موبآت الإبل :

مأخوذ من البوء وهو الرجوع وهو رجوعها إلى مكانها الذي تاوي إليه بعد أن تسرح

 

مرابد الإبل :

جمع مربد وهو المكان الذي تحبس فيه الإبل للبيع ولذلك تقرءون في الكتب مربد البصرة يعني سوق  البصرة الذي تعرض فيه الإبل

 

فخلاصة القول :

ــــــــــــــــــــــ

 

أنه ينهى عن الصلاة في مبارك الإبل والصلاة على الصحيح لا تصح

لكن تصور :

لو أن تلك المنطقة التي تسمى بأم رجيبة لو أنهم أحاطوها بسياج كبير فأصبحت الإبل تسرح وتمرح فيها للبيع فما رأيكم ؟ لا يصح لأنه أصبح مربدا كبيرا لجميع الإبل لكن بما أنها في أحواش فالنهي عن الأحواش التي حبست فيها

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

لو قال قائل :

لماذا النهي عن الصلاة في مبارك الإبل ؟

قال بعض العلماء : لأنه يخشى على المصلي منها فلربما هاجت ونفرت وشوشت على المصلي  فذهب عنه خشوعه

ولذلك :

فيها من النفرة ما  ليس في غيرها بل إن أصحابها إن لم يعتنوا بقلوبهم فإنهم يكتسبون منها صفة الغلظة ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :

( الخيلاء والفخر عند أهل الإبل ) لأنهم يرونها أنها فخرة وبالفعل في هذا العصر لما جاءت ما يسمى بهذه  المزايتن فإنها أصبحت مفخرة ولاشك أن الإبل فيها جمال : (( أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) )) والعرب لهم أسماء في اوصاف الإبل وعندهم مزاين لكن لم يصنعوا بها كصنيع أهل هذا العصر الذي تضيع فيه أشياء كثيرة من واجبات الله وما يحصل فيها من المخالفات الشرعية

 

ولذلك فيها من الصفات ما ليس في غيرها : هي  حلوبة ركوبة حمولة أكولة أربع صفات لا توجد في أي حيوان

ولذلك قال المفسرون لماذا ذكرت الإبل (( أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) )) لأن هذه الإبل توجد فيها أربع صفات لا توجد في أي بهيمة من ذوات الأربع:

أكولة تؤكل

حلوبة تحلب

حمولة يحمل عليها

ركوبة يركب عليها

ثم هي مع هذه الصفات الأربع ليس هناك دابة من ذوات الأربع يمكن أن  يحمل عليها وهي باركة إلا الإبل لا يمكن أن تبرك حمارا ولا بقرة ولا أي حيوان حتى تحمل عليها ما يحمل على دابة من ذوات الأربع وهي باركة إلا الإبل

فإذاً الإبل لها قيمتها في الشرع ولها قيمتها عند العرب ولكن سوء تصرف الناس تصرفاتنا نحن البشر يعقد علينا الأمور

الله عز وجل ماذا قال ؟  قال : (( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا )) ما في أسهل من المعاملات ،  المعاملات أسهل من العبادات لأن المعاملات مبنية على القواعد الأصل فيها الحل إلا عقدا فيه ربا إلا عقدا فيه غرر جهالة إلا عقدا يؤدي إلى الشحناء والبغضاء ولكن تصرفات الناس وحبهم للمال أصبحوا يأتون بشروط يعقدون فيها المعاملات فأصبح البيع من أصعب ما يفهمه طالب العلم مع أنه يسير

 

ولذلك  :

قد يحتار أكبر العلماء في بعض المسائل البنكية نتيجة ماذا ؟ نتيجة التصرفات الموجودة عند البنوك وعند من يقسط ومن يبيع ويشتري

 

فلماذا نهي عن الصلاة في مبارك الإبل ؟

أنها تشوش  على المصلي

لو قال قائل الغنم تشوش ؟

نقول نعم تشوش ولكن تشويها ليس كتشويش الإبل لو أن الغنم هاجت  أو تحركت ما تخشى منها ضر لكن لو أن الإبل هاجت تخشى على نفسك قبل أن تخشى على خشوع صلاتك

وقال بعض العلماء لأنها خلقت من الشياطين والشيطان يكون حريصا على أن يكون قريبا منها

ولذلك في السنن سنن أبي داود وابن ماجه  :

(( خلقت من الشياطين ))

وعند أحمد  : (( ” على ذورة كل بعير شيطان ” ))

هي لم تخلق من الشياطين ولكن لماذا قال خلقت من الشياطين ؟

لأن الصفة العظمى والغالب فيها الشيطنة

كما هو حالنا نحن البشر أعظم صفة فينا العجلة ( خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ) نحن خلقنا من عجل ؟  لا ، ما خلقنا من عجل ، لكن لماذا قال تعالى  ( خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ )  ؟ أن أعظم صفة بارزة فينا العجلة

ولذلك من لا يعجل ينل خيرا عظيما حتى في أمور العبادة نهينا عن العجلة

حتى لو أن الإمام يكاد أن يسلم لا تعجل بالسير والسرعة لإدراك الصلاة

ولذلك لماذا يتباطئ كثيير من الناس عن طلب العلم الشرعي ؟

لأنه يريد أن يأخذ العلم في سنة أو في نصف سنة

الإمام أحمد لما رئي في آخر حياته ومعه المحبرة التي يكتب بها قالوا : إلى متى  يا إمام ؟  قال : من المحبرة إلى المقبرة   لم  ؟

لأن الله قال : (( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) )) يعني عليك أن تعبد الله حتى يأتيك الموت ، ولا عبادة صحيحة إلا بالعلم الشرعي

فإذاً لو قال قائل : هل العلم ينقطع  ؟

نقول : لا ينقطع حتى الموت

لو قال ائتني بدليل نقول : ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) )) لكن من يدخل في العلم الشرعي يجد أنه في غضون أيام يجد أن معلومته تغيرت يجد أنه استفاد

يكفي في حضور دروس العلماء أنه يظفر بتنزل السكينة وغشيان الرحمة وحضور الملائكة ، الملائكة فيهم طلاب علم يبحثون عن حلق الذكر

يكفي ما ذكر في الحديث الصحيح : (( انصرفوا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات))

هذه فيها الغنية والكفاية إضافة إلى ما يظفر به طالب العلم

ولذلك قال تعالى  : (( كُونُوا رَبَّانِيِّينَ )) على أحد وجهي التفسير يعني ربوا الناس بصغار العلم  قبل كباره يأخذ صغار العلم شيئا فشيئا ثم إذا به بعد سنوات إذا به شخص آخر لكن يحتاج إلى الاستمرار والصبر وعدم العجلة