تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الخامس والسبعون ـ شرح حديث ( 495 ) الجزء الثاني

تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الخامس والسبعون ـ شرح حديث ( 495 ) الجزء الثاني

مشاهدات: 456

تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الخامس والسبعون

26 – باب مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلاَمُ بِالصَّلاَةِ

شرح حديث ( 495 ) الجزء الثاني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

495 – حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ – يَعْنِى الْيَشْكُرِىَّ – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ سَوَّارٍ أَبِى حَمْزَةَ – قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُزَنِىُّ الصَّيْرَفِىُّ – عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ ».

حسن صحيح

ــــــــــــــــــــــــــ

 

هذا الحديث أخذنا الفوائد المتعلقة به لكن بقيت بعض الفوائد :

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أنه قال عليه الصلاة والسلام : (( وفرقوا بينهما في المضاجع  ))

وهذا يدل على أن الأبناء من ذكور وإناث ولو كانوا أخوة أنهم يجب أن يفرق بينهم في المضاجع فلا يناموا في مضجع واحد ، وذلك خيفة من غوائل الشهوة لأن بلوغ عشرة سنين مظنة محبة هذا الولد إلى الشهوة

وبالتالي فإنه لا يجوز لولي هؤلاء الأولاد من أب أو أخ أو عم أن يبقيهم في مضجع واحد

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أن الفقهاء علقوا أحكام الغسل وعلقوا أيضا ما يتعلق بالعدد في الفقه على عشر سنين بالنسبة إلى الذكر استدلالا بهذا الحديث

ولذلك إذا تحدثوا تحدثوا عن ابن عشر سنين بناء على هذا الحديث

 

وإذا تحدثوا عن البنت تحدثوا عن بنت تسع سنين  لم ؟

لأن عائشة خطبها النبي عليه الصلاة والسلام ونحكها وهي بنت ست سنين وبنى بها أي دخل بها وهي بنت تسع سنين

ولذا قالت رضي الله عنها : (( إذا بلغت البنت تسع سنين فهي امرأة ))

ولذلك إذا رأيتم في كتب الفقه أنهم يعلقون بعض الأحكام بعشر سنين بالنسبة إلى الذكر وبتسع سنين بالنسبة إلى الأنثى  فاعلم أن حجتهم  ما ذكر هنا

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أن الأب أو الولي كما هو واجب عليه أن يصون هؤلاء الأبناء من الشهوة يجب عليه ألا يهيأ لهم ما يدعو إلى هذه الشهوة من قنوات فضائية خليعة تعبث بغرائزهم

فهو يكون من الغاشين لرعيته إضافة إلى أنه كما هو مأمور بتفريق الأخوة مع أن وقوع الأخ الذكر ابن عشر سنين على أخته بعيد ، هو ربما يقع لكنه بعيد

بعيد أن يقع الأخ على أخته ولو كانا بالغين فكيف بمثل هذا السن الذي لم تصل أفكارهم لمثل هذا الأمر ؟

لكن يقع ؟ ربما يقع

فهذا إن دل يدل على أن الإسلام صان الأعراض

فهذا الحديث وهذه الجملة تدل على أن الإسلام حرص على صيانة الأعراض

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

أن هذه  الجملة ( وفرقوا بينهم في المضاجع ) تدل على تلك القاعدة التي يطعن فيها بعض الناس ممن لديه انحراف أخلاقي ن أو حتى خلقي يقول : ليس عندكم إلا قاعدة  “سد الذرائع ” نقول هذا الدليل ألم يقل به النبي عليه الصلاة والسلام ؟

 

لأنهم يقولون ليس هناك دليل على هذه القاعدة

نقول : الأدلة كثيرة من بينها هذا الدليل ألا يدل هذا الحديث بما فيه هذه الجملة على سد أبواب الشر والفتنة والفاحشة ؟ بلى

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أنه كما يجب على الوالي الأصغر الذي يرعى أبناءه في البيت لحفظ ما يجب عليه أن يحفظ أخلاقه كذلك كما يجب عليه يجب على الراعي الأكبر أن يحفظ رعيته مما يعبث بأخلاقهم ويدنس أعراضهم

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أنه قال في سند هذا الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده

الأب مجهول

الجد مجهول

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده

أصله عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص

هذا السند إذا صح إليه أيكون مقبولا أم لا ؟

اختلف المحدثون رحمهم الله في ذلك :

بعضهم يقول : لا يقبل وهذا السند لا يصح  لم؟

قالوا : لأن شعيبا يحدث عن جده عبد الله من صحيفته وليس من مسموعه فدل هذا على أن شعيبا لم يدرك جده عبد الله

وبالتالي فإن الحديث إذا ذكر فيه هذا لا يصح

 

وبعض العلماء يرى أنه متى ما صح السند إليه فإنه يكون مقبولا ولا يرفعونه إلى درجة عالية كما هي بعض الأسانيد

مثلا :

عن مالك عن نافع عن ابن عمر هذا سند قوي معروف عند المحدثين

وإنما هو يكون مقبولا

قال البخاري : أخذ بهذا الإمام أحمد وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه

قال البخاري فمن الناس بعد هؤلاء ؟

من باب التأكيد على أن هؤلاء يكفي ما ذكروه من قبوله

ومن هنا فإن عمرو له ثلاثة أجداد بناء على هذا السياق

عمر و بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص

له ثلاثة أجداد إن كان المقصود الجد محمد فهو حديث مرسل لأنه تابعي والتابعي إذا قال النبي عليه الصلاة والسلام فهو مرسل لا يقبل

وإن كان المقصود بالجد هو عمرو بن العاص  فإن الحديث يكون منقطعا   لم ؟

لأن شعيبا لم يدرك جده عمرا فيكون الحديث منقطعا

 

إذاً : بقينا في عبد الله

فشعيب أدرك جده عبد الله كما نص على ذلك الإمام الحمد والبخاري وغيرهما ويؤكد هذا أن شعيبا سمع من جده عبد الله وليس من عمرو

مما يدل على هذا ما جاء عند البيهقي والدارقطني   أن رجلا أتى في أيام الحج إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فقال محرم وقع عل امرأته فماذا يصنع ؟

قال عبد الله بن عمرو بن العاص : اذهب إلى هذا

يشير إلى عبد الله بن عمر

سبحان الله ! كل منهم يقول : الخلاص الخلاص يقول اذهب إلى ذلك الرجل

فما ظنكم من كثر علمه أحب أن يتولى غيره الإفتاء عنه لكن إن احتاج الناس إليه فالواجب عليه كما قال تعالى : (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ))

( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار )

لكن إن كان هناك من يكفيك فهي النعمة المسداة من الله إليك

فقال : اذهب إلى ذلك الرجل ( وأشار إلى عبد الله بن عمر ) فلم يعرفه

قال شعيب : فأخذت الرجل وذهبت به إلى عبد الله بن عمر وسأله

يدل هذا على أن شعيبا أدرك جده عبد الله

فهذا هو القول الفصل في هذا السند

 

ـــــــــــــــــــ

 

لا يتلفت إلى نوعية المضجع سواء  كان سريرا أو بطانية أو إسفنجا فيجب أن يفرق بينهما حتى لا تتحرك الشهوة بينهم المقصود من ذلك ليس الغرفة الواحدة المقصود أن يكونوا في فرش واحد

لكن إن خشي كما في هذا الزمن أرى أن المتعين في هذا الزمن أن يكون الذكور وحدهم وبالنسبة إلى الإناث يتعين أن يكونوا وحدهم

 

وهذا الحديث يشمل حتى الذكور يعني لا يجوز أن يجتمع في فراش واحد في لحاف واحد أن يجتمع ذكر مع ذكر ولا بنت مع بنت

 

درجات المعلم هي موضوعة لرفع المستوى فإذا رأى المعلم أن من المصلحة التي تعود على هذا الطالب والمجتمع أنه يعطى درجة أو درجتين لأمر ما يرى أن فيه مصلحة له أو للمجتمع حتى يبقى على حاله فليعطه

فهو بمثابة الأمين على هذه  الدرجات كما هو الشأن في الأمين على المال الذي اؤتمن عليه في صرفه فليصرفه حسب ما تقتضيه المصلحة

 

النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( واضربوهم عليها وهم أبناء ) الجملة هنا حالية وهم أبناء

ويدل لذلك ما جاء عند الترمذي : ( إذا بلغ عشر سنين )

وورد هناك  : (( علموا ))

وهنا  : (( مروا  ))

وهنا يضرب للتأديب على العبادة وعلى الأمور الدنيوية

 

لكن لو قال قائل :

 أيجوز أن يضرب من هو دون عشر سنين  ؟

في  الحديث هنا يضرب وهو ابن عشر سنين

نقول : إذا دعت الحاجة إلى ضربه للتأديب فيجوز

ولذلك قال إبراهيم كانوا يضربوننا على اليمين والشهادة ونحن صغار

فدل هذا على أن السلف كانوا يربون أبناءهم وهم صغار ولو دون عشر سنين على الخير وعلى عدم الإقدام على الشر

 

ولكن كما قلنا التأديب بالضرب كما هو الحال  بتأديب المرأة إذا نشزت في المرحلة الأخيرة أن له أن يضربها لكن ضربا غير مبرح لأن المقصود ليس الانتقام أو التشفي ، لا ، الشرع ما أمر بها من أجل أنه يرهق البشرويرهق الناس  ، لا ، المقصود من ذلك التأديب

وذلك فيما يخص المعلم أو المربي أو الأب لو أيقن هذا المضروب أنه ما ضربه إلا ليؤدبه بحيث يكون مرتاح النفس مطمئن ما يأتي وهو محمر العين محمر الوجنتين يكاد أن يتقطع في ذاته يريد أن يقطع هذا الابن أوهذا الطالب

إذاً من هذه الآثار تدل على أنه ما أراد التأديب

التأديب ياتي على أنني راحم له أريد أن أصوبه هنا يسقبل مني

 

ولذلك  :

قال شيخ الإسلام على القضاة والولاة إذا أرادوا أن ينفذوا حدود الله أن ينفذوها على أنها قربة يتقربون بها إلى الله حتى يؤجروا عليها

لأن المقصود ليس المقصود أن تقطع يد السارق ، لا ، المقصود أن يتأدب وأن يتأدب غيره وأن تبقى الراحة والسلامة للمجتمع