تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الخامس والتسعون
28 – باب كَيْفَ الأَذَانُ .
شرح حديث
( 508 ــ 509 ) الجزء الثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
29 – باب فِى الإِقَامَةِ.
508 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ. زَادَ حَمَّادٌ فِى حَدِيثِهِ إِلاَّ الإِقَامَةَ.
صحيح
509 – حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ حَدِيثِ وُهَيْبٍ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَحَدَّثْتُ بِهِ أَيُّوبَ فَقَالَ إِلاَّ الإِقَامَةَ.
إسناده صحيح
ــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث مر معنا في بلوغ المرام وفصلنا فيه تفصيلا دقيقا يمكن أن نذكر ما ذكر هنا ونضيف ما يمكن إضافته هنا مما فات هناك
من فوائد هذا الحديث :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمر بلال : هنا فعل لما لم يسم فاعله ويسميه بعض النحاة فعل مبني للمجهول والأحسن في هذا التعبير أن يقال فعل لما لم يسم فاعله ( أمر بلال )
من الآمر ؟
مبهم هنا فبلال نائب فاعل أين الفاعل مبهم من هو الآمر ؟
قال بعض العلماء : إن الآمر هم أمراء بني أمية فإنهم أمروه بهذا من باب التخفيف عليهم لأنهم هم فعلوا في الصلاة ما يخالف سنة النبي عليه الصلاة والسلام من تأخيرها عن وقتها إلى ما كانوا يفعلونه
ولكن هذا القول باطل وبطلانه من وجوه :
الوجه الأول : أن بلالا رضي الله عنه لم يدرك زمن بني أمية فقد مات قبل ذلك
الوجه الثاني : أن بلالا على افتراض أنه أدركهم لا يمكن ولو أجبروه أن يوافقهم على بدعة لأنهم كانوا يقولون من يفسر هذا يقول من باب تأييد ونصرة رأيه على أن الأذان والإقامة شفع يرون أنها شفع فقالوا من باب التخفيف فخفف في الإقامة ولكن ما كان لبلال الذي كان جبلا في الصبر لما أرادت به صناديد قريش أن يتلفظ بكلمة الكفر وكان يسحب على وجهه وبدنه في رمضاء مكة مع أن له فسحة من أن يقول بلسانه ما لم يطمئن إليه قلبه من كلمة الكفر ما كان ليقرهم رضي الله عنه .
الوجه الثالث : أنه ورد في الصحيحين أن هوهو يفصل في الموضوع مع أن ما سبق أيضا قوي أنهم لما ذكروا يعني ذكر الصحابة الناقوس وذكروا النار قال أنس فأمر بلال
فدل على أن الآمر من ؟ هو النبي عليه الصلاة والسلام لأن الأمر هنا أتى بعد ماذا ؟ بعدما أرادوا كما مر معنا في الأحاديث السابقة بعدما أرادوا أن يضربوا ناقوسا او بوقا أو أن يرسلوا رجلا أو أن يشعلوا نار
فدل على أن الآمر هو النبي عليه الصلاة والسلام
والذي يفصل في الموضوع أكثر وأكثر : ما جاء عند النسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بلالا أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة
في سنن النسائي : أن الآمر من ؟ هو النبي عليه الصلاة والسلام
القول الثاني : أن الآمر هو أبو بكر أو عمر على قول
والصواب :
أن الآمر من ؟ هو النبي عليه الصلاة والسلام لأن بلالا ما بقي بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة بعدما توفي بل استأذن أبا بكر أن يخرج إلى الشام فخرج
وما أذَّن بلال بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وإنما خرج إلى الشام
ولذلك :
ذكرنا هناك في بلوغ المرام أن ما يذكر ويشاع من أن بلالا رأى رؤيا في المنام وقال رأى النبي عليه الصلاة والسلام وقال هجرتنا يابلال ألم تأتنا
فأتى وشد الرحل وذهب إلى المدينة فصادف الفجر فأذن فسمع الناس أذانه فبكى وأبكى من حوله لما وصل إلى قول ” أشهد أن محمدا رسول الله “ فكل هذا ليس بصحيح ولا يمكن لبلال أن يشد الرحل من أجل رؤيا ، الرحال لا تشد كم اجاء في الصحيحين إلا لثلاثة المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد النبي عليه الصلاة والسلام فكيف شد الرحل من أجل قبره ؟ ! لا يمكن هذا فالقصة ضعيفة سندا ومعلولة متنا
إذاً :
القول الثالث هو الصواب ما هو ؟
أن الآمر هو النبي عليه الصلاة والسلام لثلاثة أمور:
الأمر الأول :
أنه لما ذكروا النار والناقوس كما جاء في الصحيحين جاء الحديث فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة فدل على أن هذه مرتبطة في أول الإسلام لما شرع الأذان
الأمر الثاني :
أن صيغة أمر أو أمر أو نهى أو نهي يرجع إلى من هو له الأمر الشرعي
هذه الصيغة إذا أتت أُمِر الصحابة أو أمر الصحابي فالمقصود من هو الآمر ؟ من له الأمر
من له الأمر ؟ هو النبي عليه الصلاة والسلام لأنه هو المشرع
الأمر الثالث :
ما جاء عند النسائي من التصريح من أن الآمر هو من ؟ النبي عليه الصلاة والسلام
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــ
وهي فائدة نحتاج إليها : أنه مر معنا في سنن أبي داود فيما مضى : أن النبي عليه الصلاة والسلام همّ أن يبعث رجالا ينادون في الطرقات إذا حضرت الصلاة لكنه لم يفعل
ولكن ليعلم أنه جاء حديث عند الطبراني تفرد به روح بن عطاء عن خالد الحذاء عند الطبراني : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا حضرت الصلاة أمر رجلا أن ينادي الناس في الطرقات
فبعد ذلك شرع الأذان
ولكن قال الطبراني قال تفرد به روح عن خالد الحذاء وروح ضعيف
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــ
قال هنا : (( أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ))
يشفع الأذان : أي أن الأذان يكون شفعا مرتين مرتين
والإقامة وترا يعني مرة مرة
ولكن لماذا هذا التفريق بين الأذان والإقامة لم ؟
لأن الأذان إعلام للغائبين بالحضور إلى الصلاة فيحتاج الناس إلى جمل أكثر ، ولذلك شرع في الأذان الترسل والترتيل
بينما الإقامة للموجودين إعلام لهم بأن الصلاة قد قامت وهنا اكتفي بالوترية في الإقامة
ولكن لو قال أين الشفع في الأذان وأين الإيتار في الإقامة مع أن هناك أربع جمل في الأذان وأن هناك جملتين في الإقامة ؟
فالجواب عن هذا :
هذا من باب التغليب يعني معظم ما في الأذان شفع ومعظم ما في الإقامة الوتر
ولا ينفي ماذا ؟ أن يكون هناك أكثر من جملتين أو من جملة تقال في الإقامة أكثر من مرة
وأيضا الإقامة إذا وضعت أمام الأذان فإنها تعد الإقامة وترا لأن في الأذان أربع تكبيرات فكأن التكبيرتين في الإقامة كأنها واحدة
ولذلك قال النووي كما في شرحه على مسلم قال يستحب وهو الصواب يستحب للمؤذن أن يقول التكبيرتين بنفس واحد ( الله أكبر الله أكبر ) ثم يقف ( الله أكبر الله أكبر) ولا يفرد كل تكبيرة على حدة بل يجمعهما وهذا هو الصواب