الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
باب الرجل والمرأة يتوضآن من إناء واحد
حديث رقم – 381-
( صحيح ) عن ابن عمر قال: (كان الرجال والنساء يتوضئون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد )
من الفوائد :
أن اشتراك الرجل والمرأة في الوضوء من إناء واحد لا بأس به ولا يدخل ضمن النهي الوارد عن نهي الرجل من أن يتوضأ بفضل طهور المرأة، لأن ذلك الحديث فيما خلت به المرأة ، أما هذا الحديث فإنه لا خلوة فيه .
حديث رقم – 382-
( حسن صحيح ) عن أم صبية الجهنية قالت ربما اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد ”
قال أبو عبد الله بن ماجة سمعت محمدا يقول أم صبية هي خولة بنت قيس فذكرت لأبي زرعة فقال صدق )
من الفوائد :
بيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد توضأ من إناء واحد مع هذه المرأة، وقد اختلفت يدها مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإناء .
ما الجواب عن هذا الحديث ؟
الجواب : قال بعض العلماء إن هذا الحديث يمكن أن يكون هناك ساتر بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين هذه المرأة فوقعت يدها على يده اتفاقا لا قصدا .
وقال بعض العلماء – وهو رأي لابن حجر رحمه الله وينصره كما في الفتح – يرى رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم له خصوصية ، ما هي ؟ أن له أن يخالط نساء الأمة ، وقد ذكر رحمه الله أدلة على ذلك ، فهذا رأي ينصره ابن حجر رحمه الله في الفتح ، ومن ثم فإن هناك أحاديث أخرى من بينها ( أن الجارية كانت تأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلو به حتى يقضي لها حاجتها )
فهو يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم ينفرد عن الأمة بمثل هذا الأمر ، كما انفرد بخصائص كثيرة .
حديث رقم – 383-
( صحيح ) عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما كانا يتوضآن جميعا للصلاة )
من الفوائد :
أن اشتراك المرأة مع الرجل في الإناء للوضوء لا يدخل ضمن النهي الذي سبق معنا ، وهو ( نهي الرجل أن يتوضأ بفضل طهور المرأة ) وذلك لأنهما يشتركان جميعا ، ولذا في إحدى الروايات ( وليغترفا جميعا ) فرواية ( وليغترفا جميعا ) طُبِّقت في الأحاديث ، فقد اجتمعوا في إناء واحد ولم ينفرد أحدهما عن الآخر .
باب الوضوء بالنبيذ
حديث رقم – 384-
( ضعيف ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا حدثنا وكيع عن أبيه ح و حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق عن سفيان عن أبي فزارة العبسي عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن عندك طهور قال لا إلا شيء من نبيذ في إداوة قال تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ )
هذا الحديث حديث ضعيف من حيث السند ، وهو ضعيف أيضا من حيث المتن، كيف ؟
هذا الحديث ذكر فيه ابن مسعود رضي الله عنه في صحبته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سئل ابن مسعود رضي الله عنه ( هل كان أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ قال لم يصحبه أحد )
فنفى ابن مسعود رضي الله عنه أن يكون هناك من هو مصاحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ، فيكون هذا الحديث ضعيفا من حيث السند ومن حيث المتن ، مع أن بعض العلماء رأى الوضوء بالنبيذ لهذا الحديث ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( تمرة طيبة وماء طهور ) على افتراض صحته .
إذاً ماذا عساهم أن يقولوا عما نفاه ابن مسعود رضي الله عنه من ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصحبه أحد ) ؟
قالوا : نفي ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو نفي لحالة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم الجن ، فوقت اجتماعه بهم ودعوته صلى الله عليه وسلم لهم لم يكن معه أحد ، لكن قبل ذلك كان معه ابن مسعود، ولكن كما قلنا الحديث ضعيف من حيث السند ، إذ لو سلمنا بأن الحديث ليس ضعيفا من حيث المتن لنفي ابن مسعود فربما يكون هذا النفي لما قابل النبي صلى الله عليه وسلم الجن، فنقول هو ضعيف من حيث السند.
حديث رقم – 385-
( ضعيف ) عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود ليلة الجن ” معك ماء ؟ ” قال لا ، إلا نبيذ في سطيحة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تمرة طيبة وماء طهور ، صب علي ” قال : فصببت عليه فتوضأ به ” )
هذا الحديث أيضا مثل الحديث السابق من حيث الضعف ، و ( السطيحة ) المذكورة هي الإداوة المصنوعة من جلدين أحدهما أعلى من الآخر ، ولذلك سميت بسطيحة لأن أحدهما أعلى من الآخر ، وقد تكون هذه السطيحة صغيرة أو كبيرة ، فليست قربة وإنما هي مصنوعة من جلدين أحدهما على الآخر ، ومن ثم فإن هذا الحديث والذي قبله مما يراه جمهور العلماء أن الوضوء بالنبيذ لا يصح ، ومن ثم فإن الإنسان إذا افتقد الماء ولم يجد إلا نبيذا أو شرابا من الأشربة فإنه لا يتوضأ به وإنما يعدل إلى التيمم ، لكن متى ما وجد ماء ووصف الماء باقٍ له فيتوضأ به ، مثلا ماء سقط فيه تمر ، هذا التمر غير طعم الماء أو غير لونه ولكنه لم يخرجه عن كونه ماء ، نقول هو ماء لكنه تغير فيصح الوضوء به ، أما لو انتقل فقلنا هو نبيذ أو وقع مسحوقالقهوة في الماء فتحول إلى اسم آخر فكحكم النبيذ في عدم جواز الوضوء ، إذاً متى ما كان اسم الماء باقيا فيتوضأ به ولو تغير لونه ، هذا إذا وقع فيه شيء طاهر ، إما إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت أحد أوصافه [ الطعم أو الريح أو اللون ] فإنه كما سبق يكون نجسا، فالمقصود من ذلك لو وقع في الماء شيء طاهر من تمر أو أوراق شجر فيتوضأ به ما دام اسم الماء باقيا .