بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
باب تخليل الأصابع
حديث رقم – 446-
( صحيح ) عن المستورد بن شداد قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره )
من الفوائد :
أن السنة في الوضوء أن تخلل أصابع اليدين والقدمين ، وقال العلماء هي سنة ، لمَ لم يكن ذلك واجبا ؟
قالوا لأن الماء سيال بطبعه يصل إلى دقائق هذه الأصابع ، فلما كان سيالا بطبعه لم يرتق هذا الحكم من الاستحباب إلى الوجوب ، وإنما هو للاستحباب من باب المبالغة في الإسباغ.
ومن الفوائد :
أن فيه بيان طريقة تخليل الأصابع ، فالنبي صلى الله عليه وسلم خلل أصابعه بخنصره ، والخنصر هو الأصبع الصغير الذي يكون في أول الكف ، وهو مقابل الإبهام الذي في المؤخرة ، فهذا هو الخنصر ويليه البنصر والوسطى والسبابة ثم الإبهام .
ومن الفوائد :
أن الصحابة رضي الله عنهم نقلوا لنا النقل الدقيق لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا من فضائلهم ، ويدل على حبهم لنشر العلم رضي الله عنهم ، وإذا كان كذلك فإن فيه ردا على الروافض الذين أتوا ببعض البدع في الوضوء ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في الأحاديث الآتية .
ومن الفوائد :
أن تخليل الأصابع لم يرد في كلام الله عز وجل في آية الوضوء ، وهذا مما يؤيد أنه مستحب وليس بواجب ، بينما أتت به السنة من باب الاستحباب .
حديث رقم -447-
( حسن صحيح ) عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء واجعل الماء بين أصابع يديك ورجليك )
من الفوائد :
أن الوضوء لا يكون واجبا إلا إذا أراد الإنسان أن يقوم للصلاة ، كما قال عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ }المائدة6 ، يعني إذا أردتم القيام إلى الصلاة ، وليس معنى هذا أنه متى ما أحدث يجب عليه الوضوء – كلا – إنما الوضوء يجب إذا أراد أن يصلي .
ومن الفوائد :
أن الإسباغ للوضوء على ثلاثة أنواع :
النوع الأول : أن يأتي بالوضوء كما أمر الله عز وجل ، والذي أمر الله عز وجل به في آية الوضوء هو الواجب ، فمتى ما أتى بالواجب فإنه قد حقق صنفا من أصناف الإسباغ ، وهذا واجب .
النوع الثاني : أن يأتي بما أمر الله عز وجل به ويزيد على ذلك بما أتي في الشرع من المستحبات في الوضوء، ولعل هذا النوع يدل عليه ما ورد هنا ( واجعل الماء بين أصابع يديك ورجليك ) وهذا مستحب .
النوع الثالث : أن يشتمل الوضوء على الواجب والمستحب والدلك ، وهو أكملها .
ومن الفوائد :
أن التخليل يمكن أن يكون بغير الأصبع وإنما قد يصدق بوضع الماء بين الأصابع ، لكن لو كان بالخنصر كما جاء في الحديث كان أفضل وأحسن ،ولكن ليس معنى هذا أن التخليل ينحصر في وضع الخنصر بين الأصابع مع الماء ، بينما لو وضع الماء فإنه يكفي .
حديث رقم – 448-
( صحيح ) عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع )
من الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم فرَّق بين الإسباغ وبين تخليل الأصابع ، فدل على أن الإسباغ للوضوء متنوع .
وكما أسلفنا هذه أوامر ، والأمر كما في القاعدة في الأًصول [ يقتضي الوجوب ] فما الذي صرف هذا الوجوب ؟
صرفه كما أسلفنا ما ذكره العلماء من أن الماء سيال بطبعه فيصل إلى هذه المواطن فكان الأمر بالتخليل استحبابا ومبالغة في التطهر .
وإذا قلنا إن هذا للوجوب وهذا للاستحباب لا يعني أن الإنسان يدع هذا المستحب – كلا – هذا من باب بيان الحكم ، وإلا فعلى المسلم أن يحرص على أن يعود وأن يربي نفسه على أن يأتي بالسنن ما استطاع إلى ذلك سبيلا لأن في هذا أجرا وثوابا له وامتثالا واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك بعض السلف يحرص على ألا تكون هناك سنة إلا وقد عمل بها ولو مرة واحدة حتى يظفر بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم .
حديث رقم – 449-
( ضعيف ) حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي حدثنا معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع حدثني أبي عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ حرك خاتمه )
هذا الحديث بنى عليه الفقهاء أحكاما ، ولكنه حديث ضعيف ، فهم يرون أن الخاتم يحرك في ثنايا الوضوء ، ويوجبون ذلك إذا كان ضيقا ، فإذا كان ضيقا فإنهم يوجبونه من أجل أن يتحقق وصول الماء إلى هذا الموطن ، أما إذا كان واسعا فلا يكون واجبا ، ولكنهم يستحبون من باب الاحتياط أن يحرك خاتمه إذا كان واسعا ، وهذا الحديث ضعيف ، والناظر إلى فعله عليه الصلاة والسلام أنه ما كان يحرك خاتمه إذا أراد أن يتوضأ ، وما كان عليه الصلاة والسلام ينزع خاتمه إذا دخل الخلاء .
وأما لبس الخاتم سنة أو غير سنة ؟
كلام طويل ، والحديث عن الخاتم يطول ، لكن خلاصة هذا الحكم أن الخاتم من الأمور الجائزة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذه إلا لما قيل إن الملوك لا يقبلون كتابا إلا بختم ، فلبسه ليس من السنة ، وإنما هو جائز شريطة أن يكون أهل البلد غلبت عادتهم على لبسه ، أما أن يكون متفردا أو شاذا فلا ، ومنهم من استحبه لولي أمر المسلمين ، المهم فيما يخصنا نحن آحاد الناس ليس من السنة وليس هناك دليل على سنية لبس الخاتم ، وسيأتي مزيد حديث بإذن الله تعالى عن لبس الخاتم .