تعليقات على سنن ابن ماجه ( 49 ) من حديث ( 508-512 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 49 ) من حديث ( 508-512 )

مشاهدات: 496

تعليقات على سنن (  ابن ماجه )

الدرس التاسع الأربعون

508-512

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب وضوء النوم

حديث رقم – 508-

( صحيح ) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل فدخل الخلاء فقضى حاجته ثم غسل وجهه وكفيه ثم نام )

من الفوائد :

استحباب الوضوء عند النوم ، ولكن في هذا الحديث إشكال وهو أن الوضوء المذكور هنا هو غسل الكفين والوجه ، وهذا لا يعد وضوءا ؟

فقال بعض العلماء : يمكن أن يُحمل هذا وهو غسل الكفين والوجه عند إرادة النوم لمن كان جنبا ، فإن له أن يقتصر على غسل كفيه ووجهه  ، ولكن يمنع هذا أن الأحاديث الأخرى أتت بأن الوضوء المستحب عند النوم هو الوضوء الكامل بغسل الأعضاء الأربعة .

وهذا الحديث فيه اختصار .

باب الوضوء لكل صلاة ، والصلوات كلها بوضوء واحد

حديث رقم – 509-

( صحيح ) عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة وكنا نحن نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد )

من الفوائد :

استحباب الوضوء لكل صلاة ، حتى لو كان على وضوء سابق قد صلى به الصلاة التي قبلها ، وذلك لفعله عليه الصلاة والسلام ، هذا هو الأفضل ولا يمنع أن يصلي بالوضوء الواحد أكثر من صلاة لفعل الصحابة رضي الله عنهم ، فإن فعلهم هذا يدل على الجواز ، ومما يؤكد الجواز ما جاء عند مسلم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح صلى الصلوات كلها بوضوء واحد ، فأخبر عليه الصلاة والسلام ، فقال عمدا صنعته يا عمر ) وكان المستفهم هو عمر رضي الله عنه  .

ولكن قول أنس رضي الله عنه هنا لا يدل على الاستمرار ، لأن قوله ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة ) ظاهره يدل على الاستمرار ، لكن ما ذكرناه آنفا من صنيعه في عام الفتح يدل على أنه ليس على وجه الاستمرار وإنما هو على وجه الغالب ، أو يكون هذا مما وصل إليه علم أنس رضي الله عنه وخفي عليه صنيع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح ، وكذلك الشأن في فعل الصحابة رضي الله عنهم فلا يدل على أنهم كانوا يستمرون على هذا ، فمعلوم أن بعضهم كان يتوضأ لكل صلاة ولا يقتصر بالوضوء الواحد على صلوات أكثر ، ولذا عند أبي داود كما مر معنا ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسواك تخفيفا له عن الوضوء لكل صلاة )  لكن كان ابن عمر رضي الله عنهما وهو الراوي لهذا الحديث ( كان يتوضأ لكل صلاة ) .

وهذا الحديث الذي عند أبي داود إذا عجز الإنسان عن أن يصلي كل صلاة بوضوء فلا يعدم نفسه ثواب الوضوء كل صلاة ، كيف ؟ بالسواك ، فالسواك يكون بمثابة الفضل الذي يحصل لمن توضأ لكل صلاة ، وإن كان الأجر يختلف ، لكن هذا ينوب عن هذا من باب التخفيف .

حديث رقم – 510-

( صحيح ) عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان يوم فتح مكة صلى الصلوات كلها بوضوء واحد )

من الفوائد :

هذا الحديث ينفي أن ما ذكره أنس رضي الله عنه ينفي أنه على وجه الاستمرار ، وإنما هو على وجه الغالب ، وإلا فقد صنع عليه الصلاة والسلام ما خالف ما ذكره أنس رضي الله عنه .

حديث رقم – 511-

( صحيح بما قبله ) عن الفضل بن مبشر قال رأيت جابر بن عبد الله يصلي الصلوات بوضوء واحد فقلت ما هذا فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا فأنا أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم )

من الفوائد :

أنه يقرر ما ذكر ، وهذا الحديث يتقوى بالحديث الذي ذكره ابن ماجه وأصله عند مسلم ، من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في جميع أحواله يتوضأ لكل صلاة ، بل أحيانا يجمع الصلوات كلها بوضوء واحد .

ومن الفوائد :

أن في هذه الأحاديث والذي قبله جوابا على سؤال بعض الناس ، يقول ” توضأت لصلاة معينة ، فأتى علي وقت الصلاة الأخرى فهل أصلى بالوضوء السابق مع أن النية كانت لتلك الصلاة السابقة ؟

نقول الجواب نعم تصلي، لو قال أين الدليل ؟ فهذه الأدلة الثلاثة المذكورة هي أدلة هذا الجواب .

باب الوضوء على طهارة أ

حديث رقم – 512-

( ضعيف ) حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا عبد الرحمن بن زياد عن أبي غطيف الهذلي قال سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب في مجلسه في المسجد فلما حضرت الصلاة قام فتوضأ وصلى ثم عاد إلى مجلسه فلما حضرت العصر قام فتوضأ وصلى ثم عاد إلى مجلسه فلما حضرت المغرب قام فتوضأ وصلى ثم عاد إلى مجلسه فقلت أصلحك الله أفريضة أم سنة الوضوء عند كل صلاة قال أو فطنت إلي وإلى هذا مني فقلت نعم فقال لا لو توضأت لصلاة الصبح لصليت به الصلوات كلها ما لم أحدث ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ على كل طهر فله عشر حسنات وإنما رغبت في الحسنات )

هذا الحديث ضعيف ، ولو صح لكان الوضوء على الوضوء يظفر به الإنسان عشر حسنات إضافة إلى تكفير السيئات التي تنجم من غسل الأعضاء التي مر معنا شيء منها .

والوضوء على الوضوء مستحب كما مر معنا من فعل النبي عليه الصلاة والسلام ، ولهذا الحديث لو صح ، لكان يشترط أن يكون الوضوء الثاني الذي أتى بعد الوضوء الأول أن يكون الأول قد فعلت به عبادة تستوجب الوضوء ، أما وضوء على وضوء وليس بينهما عبادة فقد عدَّه بعض العلماء من البدع ، لأنه ليس بوارد ، لأنه لو توضأ الآن ثم توضأ بعد دقائق ولم يكن هناك عبادة لكان هذا نوعا من العبث والإسراف .