بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
باب ما جاء في المسح على الخفين
حديث رقم – 545-
( صحيح ) عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج لحاجته فاتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء حتى فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين )
هذا الحديث مر معنا ما يشابهه ، لكن من باب المراجعة لطالب العلم ، لأن مدارسة ما في الصدر أولى من مدارسة ما في الكتب ، ولذا يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي يقول ( كن على مدارسة ما في صدرك أحرص منك على مدارسة ما في كتبك ) لأن شيئا تدونه وتحفظه ثم تشتغل بغيره خليق بأن يذهب الأول والثاني ، لكن إذا حفظت ما حفظته بالمراجعة أصبح هذا المحفوظ المعنى به من قِبلك أصبح قاعدة لك فيما يأتي من معلومات أخرى ، ولذلك عبارة السلف ” مذاكرة العلم إحياء له ” إذا ذاكرت العلم الذي أخذته مع أقرانك فهذا إحياء له ، لكن إذا لم تذاكر ذلك فإنه يموت ، فعليك بهذين الطريقين العناية بما حفظته وهذا شيء يخصك وحدك ، الطريق الثاني أن تحرص على أن تناقشه مع أقرانك .
فمن فوائد هذا الحديث :
بيان أن المغيرة رضي الله عنه كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، وخدامه كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد بلغوا ثمانية ، وهذه الخدمة تعد شرفا لهم ، وهذا لا يتناقض مع أخذ النبي صلى الله عليه وسلم العهد على بعض الصحابة ألا يسألوا الناس شيئا ، فالأصل أن الإنسان يقوم بحوائجه بنفسه ، لكن إذا كان هناك من يرغب في خدمته كهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم ، كانوا يرغبون في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ويعدون ذلك شرفا فإنه لا تعارض
ومن الفوائد :
أنه قال ( بإداوة فيها ماء ) قد يكون هذا الماء مستوعبا لهذه الإداوة وقد يكون غير مستوعب ، وهذه تختلف عن عبارة ” بإداوة ماء ” فهذه فيها إضافة وهذه ليست فيها إضافة .
ومن الفوائد :
أن الإداوة مصنوعة من الجلد ، وغالبا ما يغير الجلد الماء طعما ولونا ، فدل هذا على أن الماء متى ما تغير بشيء طاهر ولم يخرج الماء عن مسماه فإنه يصح الوضوء به .
ومن الفوائد :
أن الأبناء يتلقون من الآباء، وهذا مر معنا كثيرا ، وذلك لأن الجميع حريص ، الابن حريص على أن يتلقى من أبيه ، والأب حريص على أن يعلم ابنه، وكما أسلفنا البيئة لها دورها في هذا الأمر .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه ، لكن أين ؟ في السفر كما أوضحت الروايات الأخرى ، ولذلك سيأتي معنا أن رجلا لما سأل عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفين ؟ قالت ” اسأل عليا ” لأن المسح في السفر يكثر عن المسح في الإقامة لحاجة الناس للمسح في السفر أكثر من الحضر .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .