تعليقات على سنن ابن ماجه
الحديث( 565 ــ 566 ــ 567)
ــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَبْوَاب التَّيَمُّمِ
( 90 ) بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّبَبِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
565 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَقَطَ عِقْدُ عَائِشَةَ، فَتَخَلَّفَتْ لِالْتِمَاسِهِ، فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهَا فِي حَبْسِهَا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرُّخْصَةَ فِي التَّيَمُّمِ، قَالَ: فَمَسَحْنَا يَوْمَئِذٍ إِلَى الْمَنَاكِبِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: «مَا عَلِمْتُ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ»
صحيح
الشرح :
ـــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذا الحديث موجود في الصحيح لكن بدون المسح إلى المناكب
ومن الفوائد:
ــــــــــــــــــــــ
أن العقد أضيف إلى عائشة إضافة انتفاع وليس إضافة ملك لأن هذا العقد استعارته رضي الله عنها من أختها أسماء فأضيف العقد إليها باعتبار النفع من حيث إنها تنتفع به
ومن الفوائد:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان جواز تجمل النساء بالخرص وبالأساور وبنحوها
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن المستعار يجوز أن يسافر به إذا أذن صاحبه
ومن الفوائد:
ـــــــــــــــــــــــ
بيان أنه عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب ولو كان يعلم الغيب ما أقام الناس لالتماسه والبحث عنه فدل على أنه لا يملك لا ضرا ولا نفعا بل من باب التأكيد كما جاء في الصحيح أن هذا العقد لما أقاموا البعير وجدوه تحته
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــ
جواز سفر الرجل ببعض نسائه دون البعض ولكن إذا أقرع بينهن فمن وقعت القرعة عليها فتخرج ولا يلزم أن يخرج بجميعهن بل إن القرعة تميز من أراد الله لها الخروج وإن شاء أن ينسق بينهن من غير قرعة في السفريات التي يقوم بها أو أن يسقط حق الأخرى رضاها أوبعوض بحسب الاتفاق فيجوز
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في الصححين : (( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ))
يعني أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، نعم بعض الناس يكون مؤمنا ويلدغ من أمر معين ويسوؤه ذلك الشيء ثم يعود مرة أخرى مع أنه مؤمن
فالحديث يراد منه :
أن على المسلم أن يكون فطنا بحيث لا يلدغ من ذلك الجحر الذي لدغ منه في المرة الأولى ، وليس معنى ذلك أنه لا يلدغ
ولذا مرت معنا في أحوال هذا المجتمع ما يسمى بالأسهم لدغ أناس فيها فدخلوا مرة أخرى ثم لدغوا فدخلوا مرة ثالثة
فعائشة تمثلت هذا الحديث لأنها في قصة حادثة الإفك ذهبت تلتمس العقد أما هنا أخبرت النبي عليه الصلاة والسلام حتى لا يقع لها مثل ما وقع في المرة الأولى
ومما يدل على ذلك ما جاء في بعض الروايات :
أن أبا بكر رضي الله عنه لما أتى إليها وتغيظ عليها قال : (( في كل مرة تكونين لنا عناء ))
قال ابن حجر : ” هذا يدل على أن هذه القصة وهي ضياع عقد عائشة والذي بسببه نزلت آية التيمم هذا يدل على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حادثة الإفك “
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــ
جواز تأديب الأب لولده البالغ بل جواز تأديب الأب لابنته المتزوجة فإنه رضي الله عنه أتى وطعنها في خاصرتها تقول :” ولم يمنعني إلا أن النبي عيه الصلاة والسلام نائم على فخذي “
فهنا أدَّبها مع أنها متزوجة
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــ
أن الدارج في مجتمعنا وفي بيئتنا نحن السعوديين ولا أدري في البيئات الأخرى لكن أظن أنه في المجتمعات الإسلامية في هذه العصور المتأخرة أظن أنها صفة غالبة :
[ وهي أن الوالدين يريان أنهما أحسن علما وفهما وإدراكا من الولد سواء كان ذكرا أو أونثى ]
هذا ما يكون في الغالب
لكن هذه النظرة أزالها أبو بكر فإنه لما تغيظ عليها أتى إليها معتذرا ليس مبينا فضلها فقظ ، لا ، بل معتذرا من باب أن عائشة صار لها فضل
وبالفعل لها فضائل
ولذلك قال أسيد بن حضير : ” لقد علمت إنك لمباركة “
وفي رواية أخرى قال : ” جزاك الله خيرا “
وفي رواية أخرى قال : ” ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر “
ولذا لما نزلت آيات الإفك قصة الإفك عظيمة الألم على النفس كيف يوشى بعرض شخص وأي شخص ؟ النبي عليه الصلاة والسلام
وفي حق من ؟
في حق أحب النساء إليه عائشة
و ابنة من ؟
ابنة أبي بكر رضي الله عنه الذي كما قال ابن حجر : ” ما أثر عنه في قصة الإفك أي كلام ” صامت ، وهذا يدل على أنه وقت الفتن عليك بالصمت
يقول : لم يؤثر عنه إلا كلمة واحدة تنبئ عن عظيم الألم العظيم في نفسه قال : ” والله ما رمينا بهذا في الجاهلية أفنرمى به في الإسلام “
لكن جعل الله لهم فرجا آيات تتلى إلى قيام الساعة في حق آل أبي بكر :
(( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ))
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الصحابة صلوا تلك الصلاة من غير ماء ولا تيمم
وهذا كما قال العلماء إذا انعدم الماء والتراب فتجوز الصلاة ولا يلزم بالقضاء
لأنهم أول ما فعلوا في أول القصة أول ما فعلوا صلوا من غير وضوء ولم يشرع التيمم بعد ثم شرع التيمم ولم يؤمروا بإعادة الصلاة
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن التيمم في الصفة الصحيحة :
أن يضرب الأرض بيديه ضربة واحدة لا ضربتين وأن يكون المسح على الوجه وعلى الكفين فقط
أما ما ذكر هنا إلى المناكب فإنه يحمل على أن هذه الزيادة شاذة لمخالفتها لما جاء في الأحاديث الصحيحية الأخرى كحديث عمار بن ياسر
وإما أن الصحابة اجتهدوا من تلقاء أنفسهم لكن هنا أمروا فكيف يجتهدون ؟
فيكون الأمر أمر بالتيمم لا أمر بالكيفية فالنبي عليه الصلاة والسلام أمرهم بالتيمم لا بصفة التيمم فاجتهدوا فمسحوا إلى المناكب
وعلى كل حال :
الرواية الصحيحية الثابتة في صفة التيمم أن يضرب الأرض ضربة واحدة لا ضربتين
وما ورد من أحاديث في الضربتين فهي أحاديث ضعيفة
وأن يمسح وجهه وأن يمسح كفيه فقط
أما ما جاء من المسح إلى المرافق أو المناكب أو إلى الآباط فهي أحاديث معلولة إما بالشذوذ وإما بالضعف وإما بتأويلها على أنها اجتهاد من الصحابة وليس من أمره عليه الصلاة والسلام
لم ؟
لأنه لما ـ كما سيأتي من حديث عمارلما تمرغ عمار كما تتمرغ الدابة وصف له النبي عليه الصلاة والسلام التيمم هكذا ضربة واحدة على الأرض فيمسح الوجه والكفين فقط اليمنى ثم اليسرى
ـــــــــــــــــ
566 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: «تَيَمَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ»
صحيح
ـــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث كما أسلفا هو صحيح من حيث السند لكن به علة : “علة الشذوذ ” لأنه يخالف الأحاديث الثابتة في الصحيحين التي جاءت بالمسح إلى الرسغ يعني مسح الكفين فقط
وهذه إما أن نقول إنها شاذة أوإنها صحيحة باعتبار أمرين :
ــ إما لأن الصحابة اجتهدوا من تلقاء أنفسهم
ــ وإما أن هذا كان في أول الإسلام ثم نسخ إلى الاقتصار على الكفين فقط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
567 – حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَرَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ جَمِيعًا، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»
صحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أنه عليه الصلاة والسلام أعطي مزايا لم يعطها أحد من الأنبياء قبله ، من هذه المزايا التيمم ، فإن التيمم لم يكن موجودا في الأمم السالفة بل لم يكن موجودا في أول الإسلام
فمنَّ الله على هذا النبي عليه الصلاة والسلام وعلى أمته بالتيمم
ولذلك قال : (( جعلتلي الأرض مسجدا وطهورا ))
بمعنى : كما جاء في الحديث الآخر فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره
وهذا من رحمة الله بهذه الأمة لأنه في الأمم السابقة ما كانوا يصلون الصلاة إلا في مواطن معينة في الكنائس في البيع ، ولا يصلون إذا أدركتهم الصلاة ، لأنهم يصلون ، الأمم السابقة لها صلاة
والأدلة كثيرة :
((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ))
وعيسى يقول : ((وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) ))
((يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ))
هم يصلون لكن صلاتهم لا تشبه صلاتنا من حيث الصورة لكن إن حانت الصلاة ولكم يجدوا ماء فإن التيمم لا يجوز لهم وإن حضرت الصلاة وهم على وضوء فإنهم لا يصلون إلا في بيعهم لا يصلون في أي مكان
إذاً من باب التيسير على هذه الأمة أن جعل الأرض كلها مسجدا وطهورا
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذه الجملة موجودة في الصحيحين وقال هنا ” جعلت الأرض “ يعني كل الأرض
أكل الأرض يجوز أن يتيمم عليها ؟
جبال صخور رمال بطحاء متغيرة اللون أو باقية اللون على أرض بها نبات حشيش أيجوز التيمم على أي جزء من أجزاء الأرض ؟
بعض العلماء يقول نعم وهذا هو الدليل : (( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ))
وقوله تعالى : ((فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)) الصعيد ما تصعد على وجه الأرض ولأن هذا التيسير في حينه لما نزل ، نزل على من ؟
على الصحابة كانوا يسكنون في بلاد الحجاز ما أكثر ما فيها ؟ الجبال والصخور فدل هذا على أن أي جزء من أجزاء الأرض يجوز التيمم عليه
تأتي طائفة أخرى من العلماء يقولون : لا ، لابد من تراب له غبار لما تضرب التراب يخرج له غبار ما عداه فلا
لم ؟
قالوا : لأن الله قال لما ذكر آية التيمم : ((فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ))
ليس من الكل ” منه “
ما هو هذا الذي أشير إليه ؟ التراب
فيجاب عن هذا فيقال :
لاشك أن التيمم على التراب أفضل لكن ليس مانعا من أن يتيمم بغيره
ولذلك في الآية التي في النساء : ((فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ)) ولم يذكر منه
قالوا : قوله عليه الصلاة والسلام عند مسلم : (( وجعلت تربتها لنا طهورا )) خصص التربة فيقال : لا تخصيص هنا
كما أسلفنا : التراب أولى من غيره وإنما ذكر التراب هنا من باب أنه هو الأولى كما وهي قاعدة في الأصول تقول : إن ذكر بعض أفراد العموم لا يدل على التخصيص وإنما يدل على فضل هذا الفرد أو هذه الأفراد
مثال :
هناك طلاب من بين هؤلاء الطلاب طالب اسمه زيد لو قال شخص مدير مدرسة قال : أكرمْ الطلابَ ثم قال أكرم زيدا
أليس زيدا من الطلاب ؟ بلى
كونه يقول أكرم زيدا هل ينفي أن يكرم الطلاب الآخرين ؟ لا
وإنما أفرد زيدا بالذكر من باب الاهتمام به أكثر
كذلك : (( وجعلت تربتها لنا طهورا )) التنصيص عليها من باب التحريص والتحريض على التيمم بالتراب لكن لا يلزم
ولهذا الصواب :
أن الإنسان متى ما حضرت الصلاة فليتيمم على أي جزء من أجزاء الأرض مما هو من جنسها
لو قال قائل :
أتي إلى شجرة أضرب عليه
نقول : لا ، لأن الشجر ليس من جنس الأرض ، ما كان من جزء الأرض من صخور من تراب من جبال من رمال سوداء بيضاء محرتقة باقية على أصلها كل هذا لا يهم أهم شيء ما كان متصعد على وجه الأرض من جنس هذه الأرض
ولذلك :
لو أن الإنسان ضرب حائطا يجوز يجوز التيمم ولا إشكال في ذلك
لو أنه أراد أن يتيمم على هذا السجاد إن كان به تراب فلا إشكال فإن لم يكن فلا
نقول من جنس الأرض
تصور أنه لم يجد شيئا إلا هذا الشيء مثلا هو في السيارة وليس فيها غبار ولا يستطيع أن ينزل وحانت الصلاة فماذا يفعل أيضرب على الحديد أو يضرب على المراتب أو أنه يصلي هكذا ؟
نقول يضرب على المراتب
لم ؟
لأن بعض العلماء يقول كل شيء يتيمم به حتى الشجر
فبدل أن نقول صل من غير وضوء ولا تيمم الأفضل أن يفعل هذا على قول العلماء الآخرين