تعليقات على سنن ابن ماجه ( 67 ) من حديث ( 568 ـ 569 ) الجزء الأول

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 67 ) من حديث ( 568 ـ 569 ) الجزء الأول

مشاهدات: 498

تعليقات على سنن ابن ماجه

الحديث( 568 ـ 569 ) الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أَبْوَاب التَّيَمُّمِ

 

 ( 90 ) بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّبَبِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

568 – ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً، فَهَلَكَتْ «فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَاسًا فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ» فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً  )

 

صحيح

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 من فوائد هذا الحديث :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن هذا الحديث وضح من هو مالك لتلك القلادة في الحديث السابق وأن المالك لها أسماء وإنما كانت القلادة عند عائشة إنما كانت على وجه الاستعارة لا على وجه التملك

 

ومن الفوائد:

ــــــــــــــــــــ

 

أن ما لا ضرر على المسلم في إعارته للغير ومما تجري به العادة فإنه لا يجوز أن يمنع إعارته ولذلك ذم الله من يمنع الماعون

 

ومن الفوائد:

ــــــــــــــــــ

 

أنها قال عن القلادة ” هلكت ” فضياع الشيء يعد هلاكا له

 ومعنى الهلاك له : فقدانه وليس ذهابه كله لأن الهلاك هو زوال الشيء فيكون من هذا اللفظ نقول إن الهلاك له معنيان :

ــ زواله كلية وهذا هو الأصل

ــ أو زواله عن يد صاحبه مع وجود عينه

ولذلك قال تعالى مبينا أن الكفار يظنون أن أعضاءهم تضيع بعد الممات وتذهب : ((وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10)))

ضللنا يعني ذهبنا وتلاشت عظامنا هم يستبعدون أن يعيدهم الله عز وجل

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 

بيان أنه عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب ولذلك من يتعلق به أو يدعوه فقد أخطأ   لم ؟

لأنه لو كان يعلم الغيب ما احتاج إلى أن يرسل هؤلاء

ثم كما في الروايات الأخرى من باب التأكيدعلى هذا الأمر أنهم بعثوا البعير فوجدوا القلادة تحته يعني قريبة من عندهم

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

إن إرساله عليه الصلاة والسلام لهؤلاء النفر إنما هو عن إخبار من عائشة له حتى لا تقع فيما وقعت فيه فيما سبق في قصة الإفك لم تخبره لما ذهبت تقضي حاجتها ، وأرادت أن ترجع ففقدت القلادة فما أخبرت النبي عليه الصلاة والسلام رجعت بنفسها ؛ ولذلك هذا كما أسلفنا يصدق عليها قول النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : ” لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ”

وأيضا يستفاد من هذا كما قال ابن حجر :

 

أن المجرب ليس كغيره فمن جرب استفاد أكثر من أي شخص لم يجرب ولذلك يقولون التجربة أكبر برهان ويقولون اسأل مجربا ولا تسأل طبيبا

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 

بيان قمة الأخلاق وروعتها عنده عليه الصلاة والسلام ونسأل الله  أن يعطينا من فضله فإنه كان في سفر وليس معه ماء ، وعانوا معاناة شديدة وأحس بذلك أبو بكر حتى أتاها في الرواية الأخرى وطعنها في  خاصرتها ومع ذلك هو عليه الصلاة والسلام لم تصدر منه كلمة تجريح أو تعنيف أو تأنيب لها

 

وهذا يدل على حسن المعاشرة منه عليه الصلاة والسلام

بل إنه نام على فخذها  ، وقول ما كان يمنعني لما أتى أبو بكر وطعنني في خاصرتي  ما كان يمنعني من التحرك إلا أن رسول الله عليه الصلاة والسلام  نائم على فخذي يعني عظمة في الأخلاق .

 

ولذلك من المزايا التي تذكر في حجته عليه الصلاة والسلام  :

أنه حج بجميع نسائه ، وحج بالصغار من بني هاشم  وبالمرضى من بني هاشم ، ومع ذلك ومع هذا الجمع وهذا العنت والشدة لم تصدر منه عليه الصلاة والسلام كلمة لا تليق بل إن الإنسان عليه أن يتربى على هذه الأخلاق

 

صحيح أن الإنسان والناس يختلفون بهذا ، بعض الناس عنده صفات مكتسبة وبعض  الناس عنده صفات جبلية  ؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لأشج عبد القيس قال : ((  إن فيك خصلتين يحبهما الله  الحلم والهناء ))  لكن ليس معنى هذا إذا لم يكن لدي صبر لأن معظم الناس لا يصبرون ولا يحلمون أن يدع الإنسان نفسه دون علاج

ولذلك في الحديث الصحيح : ((  إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ))  لابد أن تعود نفسك على أن تكون حليما

ثم ماذا قال عليه الصلاة والسلام بعدها قال : (( ومن يتوخى الخير يعطه ومن يتوقى الشر يوق ))

لا تقل أنا لست بحليم وهذه طبيعتي وسجيتي  نقول  ، لا ، ابدأ (ومن يتوخى الخير يعطه ) توخ الخير (ومن يتوقى الشر يوق)

 

ولذلك إذا أراد الإنسان أن يقنع نفسه من أن التعامل الحسن وأن الوقوف العظيم عند إثارة الغضب من أن يوطن نفسه على أن يملك نفسه عند اثارة أحد له لغضبه هناك الأحاديث الواردة لا إشكال لكن مع شدة الموقف لا  يتذكر

 

إذاً ما الحل  ؟

نقول :  ليعد بك عقلك فيما مضى ما من موقف مر بك فغضبت فيه وأزعجت نفسك وغيرك من أجلك ما من موطن في الغالب إن لم يكن في جميع الأحوال ما من موطن من تلك المواطن التي غضبت فيها إلا وندمت عليها بعد حين “

تقول : ياليتني لم أفعلها بعد ساعة أو ساعتين

لم تهدأ أعصابه يندم ذلك التصرف لا يليق تجد أنك تندم إذاً حرك عقلك كم موطن من المواطن التي غضبت فيها وسعدت لماغضبت بعدها ؟

أتوقع ما فيه

فهذا هو العلاج يعني اغتنمها من الآن قف وطن نفسك  (( ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ))  ولا يعني أن الإنسان أنه يكون على هذه الحال باستمرار ، لا ، يعني لما أعالج نفسي أصيب  مرة وأخطئ مرة أخرى لا إشكال ، وهكذا أدرب نفسي لكن أن أدع نفسي هكذا أي شيء يثيرني وبالتالي مضعفاتها في علاقاتك مع الآخرين من أب من أم من زوجة من ابن من أخ من مدير من جار من عامل من أي شخص العلاقة يكون فيها ما يكون

 

الأمر الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــ

 

المضاعفات الصحية البدنية التي تعود عليك

كم من الأمراض التي تصادفك في تلك اللحظة ربما أنك خال من مرض  السكر والضغط وإذا بهذه الأمراض تأتيك في لحظة ربما تكون مصابا بها ويتضاعف معك هذا المرض فتصاب بجلطة  ثم ماذا قد تشل بعض  أعضاؤك ثم بعدها ما ينفع الندم

ولذلك على المسلم أن يحرص على هذا الجانب

فهذا هو خلقه عليه الصلاة والسلام

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن هذه الرواية تدل على أن من صلى بغير وضوء هم نفر من الصحابة فلما رجعوا أخبروا النبي عليه الصلاة والسلام فأنزل الله آية التيمم

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

 

أن أفضل  ما يثنى على الإنسان أو من قدم إليك معروفا فالسنة أن تقدم إليه نظير معروفه هذا لقوله عليه الصلاة والسلام كما في السنن : ((  من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافئتموه ))

إذا لم تستطع فاصنع كما صنع أسيد ، ماذا عساه أن يكافأ عائشة ؟

ليس هناك إلا الدعاء ، وأفضل ما تدعو به من لفظ للشخص أن تقول جزاك الله خيرا

ولذلك عند الترمذي قوله عليه الصلاة والسلام : (( من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء ))

أبلغ ألفاظ الثناء أن تقول : جزاك الله خيرا

لم ؟

لأن أعظم ما يسعد الإنسان حقيقة هو ما يكون عائدا عليه في آخرته لأنها هي الحياة السرمدية الأبدية

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــ

 

جواز مخاطبة الرجل للمرأة إذا لم تكن هناك فتنة ولذلك خاطب أسيد عائشة ولكن خطاب خالي من الفتنة عند وجود المحارم فلا إشكال في ذلك

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه قال  ” جزاك الله خيرا ” وهذا أبلغ ما يكون في الثناء أفيجوز أن يمدح الإنسان وهو حاضر ؟

 

هنا مدح أسيد بن حضير ، لكن أين تلك الأحاديث في الصحاح ” قطعت عنق صاحبك ”

ما عند مسلم حديث المقداد قال عليه الصلاة والسلام : ” إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب “

 

نقول : الأصل أنك لا تمدح شخصا بحضرته ممنوع أن تمدح شخصا بحضرته إلا إذا علمت أن هذا المدح لا يزيده غرورا وإنما يزيده تواضعا لله

ولذلك أسيد يعرف أن عائشة لن تغتر بهذا الثناء وإنما يزيد هذا تواضعا لله وإقبالا عليه كما مدح النبي عليه الصلاة والسلام بعض الصحابة مدح أبا بكر مدح أبي بن كعب

والنصوص في هذا كثيرة

فيجوز أن يمدح الإنسان في حالة واحدة فيما إذا علم أنه لن يغتر وإنما يزيده هذا تواضعا لله عز وجل

 

لكن لو قال قائل : أيجوز للإنسان أن يمدح نفسه ؟

 

بما أننا جوزنا أن الإنسان يمدح غيره في وجهه بشرط ألا يغتر وإنما يزيده هذا المديح تواضعا لله

 

لكن أيجوز للإنسان أن يمدح نفسه ؟

 

الجواب  :

 

ممنوع أن الإنسان يمدح نفسه ولا يجوز له ذلك إلا في حالة واحدة فيما لو كان هناك مصلحة شرعية فيما لو أن الإنسان تقدم على عمل يعرف أنه إذا لم يتحصل عليه يتحصل عليه غيره مما يسيء إلى المسلمين وهو يعرف من نفسه أنه لو تولاه أنه سيكون على ما يكون لنفع إخوانه المسلمين لا لنفع نفسه ولذلك قال يوسف : ((قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)))

ومن المصلحة الشرعية أن يكون الإنسان عند قوم لا يعرفون قدره ومكانته ويريدون أن ينزلوا من قدره ولذلك لما أحاطوا بعثمان رضي الله عنه لما أحاط الخوراج بعثمان ونقموا عليه وأراد أن يحطوا من قدره قال : أشهدكم  بالله ألست من حفر بئر رومة ؟ ألست من جهز جيش العسرة ؟ وجعل يعدد مناقبه   لم  ؟

من باب أن يذكرهم أن له فضلا وهم لا يريدون أن يظهر له فضل

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــ

 

أن قول أسيد  ” جعل الله لك مخرجا ”  يدل على أن هذه القصة أتت بعد قصة حادثة الإفك ويزيدها وضوحا ما جاء عند الطبراني وذكر ذلك ابن حجر في الفتح  ” من أنه أتى إليها وقال لها في كل مرة تكونين لنا عناء ؟ !

 

فلو قال قائل :

 ما الذي أدراكم أن هذه بعد قصة حادثة الإفك  ؟

نقول  : كلمة المخرج وأيضا الحديث الذي عند الطبراني

 

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

 

أن هناك بركة موجودة في بعض البشر ليست بركة أبدان ولا ذوات ولذلك لا يجوز لأحد أن يتبرك بذات إنسان ولا ببدنه وإنما البركة هنا حاصلة من النفع الذي يكون من صفة اشتمل عليها هذا الشخص

ولذلك في الرواية الأخرى : ”  قال ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر “

دل على أن هناك بركات سابقة لآل أبي بكر

 

ثم أيضا  ” ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر”  البركة هنا ماذا قيل فيها ؟ وجعل المسلمين فيه بركة لكن نسب البركة في بيت أبي بكر وليست مصورة في عائشة فدل على أن بيت أبي بكر بيت بركة نفع الله به المسلمين

يكفي من بركة أبي بكر ومن فاضائه ليس من ذاته ولكن من أفعاله أن ستة  من المبشرين بالجنة أسلموا على يديه

 

ولذلك هناك منقبة يقول عنها ابن حجر لأبي بكر يقول : “ليست لأحد من الصحابة بتاتا ليست هناك منقبة لأحد من الصحابة إلا لأبي بكر قال : ” إن أبويه وجميع أولاده كلهم قد أسلموا :” ليس هناك أحد كافر

فروعه وأصوله أسلموا

 

بل من مزايا أبي بكر :

 

والله لو أن الناس حتى الحكام أخذوا بسيرته أفلحوا وسعدوا

عمر بن الخطاب الشديد القوي لما قال إن النبي عليه الصلاة والسلام ما مات حتى يهلك الله به النفاق وأهله ورفع سيفه وقال من يقول إن النبي عليه الصلاة والسلام قد مات فسأقطع عنقه  ، أتى أبو بكر وصدع بها قال  :

” من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت “

 

أبو بكر في مقامه وعلاقاته مع النبي عليه الصلاة والسلام أعظم من عمر

 

أين حكام المسلمين من سيرة أبي بكر  ؟!

 

يعني الآن في بعض البلدان الإسلامية التي  خرج على حكامها ما ينفع هذا الفعل كل من شاء أراد أن يتظاهر ويسقط هذا الرئيس والرئيس الآخر

ما ينفع هذا

ولذلك هذه قصة هذه إشراقة من أبي بكر لحكام المسمين ما ينفع إلا الحزم النبي عليه الصلاة والسلام يقول ” أرفق أمتي بأمتي أبو بكر ” كان رفيقا

كونه رفقيا لا يعني أن يتساهل ، ولذلك لما ارتد من ارتد ومنعوا  الزكاة  صار له موقف شديد ليس كموقف عمر

 

في مثل هذه الأشياء التي تحدث الآن سواء في مصر كلما مر يوم مظاهرة

لابد من الحزم

أبو بكر كان رفيقا لكن إذا أتى موقف الشدة والحزم يأتي

يعني من يتوقع أن أبا بكر الرحيم الشفيق أنه يقدم على قتال مانعي الزكاة ويصر على ذلك ، ويناقشه عمر يعني كان من المعارضين من هو أقرب الناس إليه مع ذلك أصرهنا تأتي الحنكة السياسية والتدبير في أمور الدولة

ولذلك لو أخذ بها هؤلاء سعدوا وارتاحوا وأراحوا وإلاعلى هذه الحال ستبقى أحوالهم إلى سنين وهم على هذه الحال فوضى وقتل

 

فانظروا إلى أبي بكر رضي الله عنه ولو تحدثنا عن مناقب أبي بكر ما وسع هذا المقام

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

( 91 ) بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً

569 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا تُصَلِّ، فَقَالَ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ، فَأَجْنَبْنَا، فَلَمْ نَجِدِ الْمَاءَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ، فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ» وَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا، وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ

صحيح

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 من فوائد هذا الحديث :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ـ أن عمر بن الخطاب  لا يرى التيمم للجنب فمن أجنب على رأيه  فإنه لا يتيمم حتى  يجد الماء فإذا وجد الماء صلى ولو بعد خروج الوقت لكن لا  يجوز له أن يتيمم إذا كان جنبا

لكن عمر وخولف من جانب الصحابة منهم عمار بن ياسر

 

والصواب :

 

أن التيمم يكون للجنب كما يكون لغير الجنب إذا فقد الماء

ولذلك في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام لما صلى وجد رجلا لم يصل قال : ما منعك ؟ قال : أجنبت يا رسول الله  قال عليك بالصعيد

هذا دليل ساطع وكذلك الآية التي في سورة النساء وفي سورة المائدة يشيران إلى التيمم للجنب ((أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا))

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن الإنسان لا يسلم من السهو والتفويت ولو كان ملهما كعمر كان محدثا يوافق القرآن في كثير من الأحيان آراؤه رضي الله عنه

ومع ذلك نسي وهذا إن دل يدل على أن ابن آدم عرضة للنسيان ولا يغتر أحد بما يقال فيه من مديح من أنه حافظة العصر أو إمام الدهر أو أنه قوي الاستيعاب والاستحضار ، لا ، وما شابه ذلك فهذه الألفاظ تقتله ولا تفيده لأنه لو تعلق بها اغتر وظن أنه هوالكامل فلربما في موقف يكذب على الله أو على رسول الله حتى تبقى هذه الصفة التي مدح بها فالناس لا يفيدون ابن آدم شيئا

 

ولذلك قال الفضيل  : ” من عرف  الناس استراح ”  من عرف أن الناس لا ينفعون  ولا يضرون استراح وعلق قلبه بالله

ولذلك يقول ابن القيم إن العبد كلما لحظ نفسه عين الاحتقار والاستصغار لكما علا  مراتبه لكن إن نظر لنفسه بنظرة العلو فإنه سيهلك

فعمر نسي

 

ومن الفوائد:

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه لما  تنازع عمار بن ياسر كما في الروايات الأخرى لما تنازع مع عمر وأنكر عليه عمر فقال عمار إن شئت أأحدث به ما حدثت يعني انظر لو أن الحاكم منع عالما من أن يفتي فليتسجب  لم ؟

لأن غيره سيقوم بواجب التبليغ

ولذلك قال عمار  : ” إن شئت ألا أحدث به أحدا ما حدثت به أحدا

لكن عمر له آفاق واسعة قال نولك ما توليت يعني هذا يخصك

 

ومن االفوائد:

ــــــــــــــــــــــــــ

 

أن العبادات ما تؤخذ بالتوق أو الاستحسان أو العقلانية ، لا  ، فعمار ظن أن من أصابته جنابة وليس معه ماء ظن أنه لابد أن يعمم بدنه بالتراب فتمرغ في التراب كما تتمرغ الدابة من أجل أن يشمل التراب بدنه كله

هذا اجتهاد منه لكنه اجتهاد خاطئ

فالشرع ليس بالأهواء ولا الاستحسان

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن صفة التييمم للجنب كصفة التييم لغيره ما يختل فشيء عن شيء ضربة واحدة فيمسح الوجه ويمسج الكفين سواء كان جنبا أو لم يكن

والدليل هنا

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

جواز الاجتهاد في عصر النبي عليه الصلاة والسلام إذا كان الإنسان بعيدا عنه عليه الصلاة والسلام

والدليل هنا فاجتهد عمار

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن فيه دليلا لمن قال من علماء الأصول ليس كل مجتهد مصيبا فإن عمارا اجتهد فلم يصب في اجتهاده

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

لو أن الإنسان كان جاهلا  فترك بعض الواجبات في الصلاة ثم علم هل نلزمه بإعادة الصلوات السابقة لجهله السابق ؟

نقول  لا ، وإنما عليك أن تستقبل صلاتك الحاضرة التي لم يخرج وقتها وفيما تستقبله من أيام

 

لو أتانا شخص من البادية وقال لي عشر سنوات وأنا لا أقول التحيات لله في التشهد الأخير   ما الحل ؟ هل نلزمه بإعادة الصلوات السابقة ؟

الجواب :

 

لا إنما نلزمه في الصلاة الحاضرة أن يأتي بها على أكمل ما يكون

وهذا الحديث يتوافق مع حديث المسيء في صلاته

فعمار صلى بذلك التيمم صلوات ومع ذلك ما أمره عليه الصلاة والسلام أن يعيد تلك الصلوات السابقة

والعجيب مما يدل على ضعف ابن آدم وأنه ليس بشيء ولم يصدر حديث منه عليه الصلاة والسلام  بفضله ما صدر فضل منه عليه الصلاة والسلام لمن جاء بعده على وجه التعين إلا أويس القرني أو ما شابه هذا

لكن في مثل زمننا هذا ما له فضيلة في الشرع وردت له على وجه التخصيص

 

ومع ذلك في هذه القصة تقويم لاعوجاج بعض الناس الذي يرى أنه في المقام الأعلى وأن له فضيلة وأنه حافظة وأنه وأنه   لم  ؟

عندنا هنا عمار وعمر  ، عمر نسي ، عمر الذي يجري الحق على لسانه وقلبه ما صادف الحق في صفة التيمم هذا مثنى عليه ، وهذا مثنى عليه ممن ؟

 

من النبي عليه الصلاة والسلام وفيما يخص ماذا ؟

 

يخص إصابة الحق هذا محدث ملهم وهذا يجري الحق على لسانه  ومع ذلك ما أصابا فكيف بمن جاء بعدهم فكيف  بزماننا هذا الذي عظم فيه الجهل وأعظم ما يعظم فيه الجهل الجهل بالنفس لا تجهل نفسك نفسك تريد أن تمدح تعظم تقرب تشتهر تصل إلى المنصب إلى الجاه ثم ماذا لو بلغ ؟

مصيرك إلى حفرة

ذهب أناس مدحوا بآلاف الأبيات من القصائد من الملوك والأمراء ومعهم المال والجاه والأولاد والزوجات و…   و….   و….. ،  قل ما تشاء ثم أين هم الآن ؟

في حفرة مثل حفرة أبيك أو قريبك أو ممن تعرف فيمن مضى

هذه سنة الله فلا تفخر ، أنت من تراب وستعود إلى التراب

والتراب أين هو ؟

تحت

ولذلك الأفضل لك أن تكون تحت ولذلك التحت هو الثقيل بينما لو رفعت لنفسك هو الهواء أو الغبار أو نقول مثلا كالدخان يطير فلا تكن مثل الدخان يعلو في الهواء وهو وضيع

كن تراب  رزين كلما كنت رزينا كلما كنت متواضعا