تعليقات على سنن ابن ماجه ( 69 ) من حديث ( 570 – 571 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 69 ) من حديث ( 570 – 571 )

مشاهدات: 481

تعليقات على سنن ابن ماجه

الحديث ( (  570 – 571 ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

( 91 ) بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً

 

570 – ( حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، أَنَّهُمَا سَأَلَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، عَنِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ: «أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّارًا أَنْ يَفْعَلَ هَكَذَا، وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهُمَا، وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِهِ» قَالَ الْحَكَمُ: وَيَدَيْهِ، وَقَالَ سَلَمَةُ: وَمِرْفَقَيْهِ )

 

صحيح دون رواية مرفقيه فإنها منكرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن صفة التيمم المحقق ثبوتها أن يضرب الأرض بيديه ضربة واحدة فيمسح وجهه ويمسح كفيه ، وما جاء من روايات تقول أنه يمسح إلى نصف اليدين أو إلى المرفقين أو إلى المناكب أو إلى الآباط فإن غالب ما ورد فيها يكون شاذا

لأن الثقة خالف من هو أوثق منه ومنها ما يكون منكرا ، ومنها ما يكون مضطربا ، وذلك كضرب الأرض مرتين

ولذلك حكم ابن حجر في التلخيص بهذا الحكم على هذه الروايات وأشار إلى ذلك في كتابه فتح الباري

 

والعجيب :

 

أن ابن حجر وسائر الشراح في الجملة ، العجيب من هؤلاء أنهم يضعون لنا منهجا تربويا فيما يخص ما يرد من روايات متعارضة من حيث الظاهر خلافا لما قد يحدث في هذا الزمن من نسف آراء من سبق والاعتداد بالرأي فإن هؤلاء الأئمة لا تؤخذ منهم المعلومة البحتة فقط ، لا ، المعلومة علم وتربية ، فإعطاء العلماء السابقين قدرهم من الضرورة بمكان

 

فتأتي مثلا إلى بعض الناس ويأتي إلى حديث مثلا في رياض الصالحين

النووي التزم في كتابه رياض الصالحين أن لا يذكر إلا حديثا مقبولا إما صحيحا وإما حسنا فيأتي بعضهم ويكتب بالخط العريض ضعيف

طيب من ضعفه من الأئمة السابقين ؟

ولماذا لا تعطي مقدمة لما انتهجه النووي في كتابه وبيان فضله وأنه ليس بذلك القدر المنحط الذي يوصف بهذا الوصف من أنه أخطأ أو زل كما  يقال في شان ابن حجر في بعض الآراء التي يراها

 

هذا مزلق وأعتبره سوء أدب مع الكبار

 

فإذا كان طالب العلم في هذا العصر إذا كان عليه أن يحترم كبار العلماء في عصره فما ظنك بالسابقين ولا نعتد بآرائنا يعني قد يأتي شخص ويقول : لا يصح في هذا الباب شيء

 

أنت من ؟

 

الإمام أحمد ، البخاري ، ولو كنت ممن أخذت في هذا العلم علم الحديث فإذا أوردت هذا الشيء قل قال الإمام أحمد لا يصح في هذا الباب شيء أو لا يصح في هذا الباب شيء كما ذكر الإمام أحمد ، البخاري وهكذا

لأن شخصا ربما يطلع على رأي من آراء الأئمة السابقين بخلاف ما ذكرته أنت فكيف يكون حاله ؟

 

ثم مقولة  “هم رجال ونحن رجال “ هم رجال ونحن رجال لكن العقول تختلف الأفهام تختلف  النوايا  تختلف ، ولذلك تحقيق النية في طلب العلم وفي تعليمه للناس من الصعوبة بمكان لأنه سلم إلى الشهرة والثناء وتصدر المجالس وسلم إلى تحصيل المال وسلم إلى أمور كثيرة

ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( لا تعلموا العلم لتماروا به السفهاء ولا لتتصدروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنارُ فالنارُ أو فالنارَ فالنارَ   )) يصح الوجهان

 

ولذلك من يرى حال السلف يرى أنهم يقدرون مشايخهم وعلماءهم حتى ولو كانوا صغارا

 

يعني :  ابن مسعود بخلاف ونوايا بعض الناس في هذا العصر ممن يشترك في فن من الفنون فتجد أنه لا يرى أن هذا الشخص لا يراه شيئا يعني نقل إلي عن بعض من الناس ممن حضر درسا لبعض المحدثين

يقول : إن الألباني ضعيف في ذاته    لم ؟

هذا كلام لا يقوله عاقل فضلا عن طالب علم حتى لو كانت عند الألباني رحمه الله من الأخطاء ولو كانت

 

ولذلك :

يقول الذهبي لما اختلف بعض السلف في إثبات الصورة لله مثل ابن خزيمة قال ” ولو أسقطنا كل عالم بزلة ما أبقينا أحدا ” فكيف يقدم إنسان على مثل هذا الأمر ومثل هذا القول

 

ولذلك :

ابن مسعود يحلف لو أن أحدا أعلم منه بكتاب الله تبلغه الإبل بلغه

ومع ذلك ماذا كان يقول في حق ” ابن عباس “ وهو صغير؟

يقول : نعم ترجمان القرآن ابن عباس مع أنه صغير فما ظنك بعد عشرين سنة من وفاة ابن مسعود كيف كان حال ابن عباس ؟

هم يقدرون للعلماء قدرهم

 

ولذلك :

ابن عباس لما أتاه رجل فسأله في مجلس ما كانوا يحبون أن يظهروا ولا أن يشتهروا ما كانوا يرغبون يتمنون أن  يكفيهم أحد المؤنة ،

ولذلك يقول أبو هريرة : ” لولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم ” لأن الأمر جد خطير فما كانوا يحبون الشهرة ولا البروز

بخلاف هذا العصر

 

سبحان الله !

حتى إن بعضهم ربما يتكلم بأمرلا يقره العرف فضلا عن الشرع يتكلم بأمر من أمور الشريعة حتى يخرج له صيت في وسائل التواصل ويشتهر

بئست شهرة على حساب دين الله

فيعرف قدر علماؤهم

 

ابن عباس لما أتاه رجل يسأله فقال اذهب إلى هذا ” وأشار إلى أبي هريرة “

فلما ذهب الرجل نادى ابن عباس  أبا هريرة فقال : يا أبا هريرة لقد أتتك معضلة

يعني مصيبة

لأنك توقع عن رب العالمين

 

أما فرح بعض الناس بأن يتصدر ويفتي وهو في العلم ليس بذاك فهذا يعرض دينه للخطر

 

بعض الناس ينجي غيره بهلاك نفسه  ، ولذلك ابن عمر كان يسأل فيقول لا أدري فيلتفت إلى أحد أصحابه ويقول أتدري ماذا يريد هؤلاء ؟ أن يجعلوا ظهورنا جسورا لهم على متن جهنم

فاحترام العلماء من الضرورة بمكان

 

لأني كنت في  جلسة هذا اليوم فنقل لي عن بعض الأشخاص أنه نسف في بعض الأحاديث فجرى التوجيه في مثل هذا الباب من أن العلماء يقدرون ولو كنت مخالفا لهم

ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه )

فلهم حقوق

أما المجاذفة العظيمة هذه مشكلة

 

ولذلك :

قد يقع بعض الناس لأنه يتلقي أي كلمة يسمعها فيبني عليها

في مسألة ما جلست مع شخص فدرسنا مسألة قال لا يصح في هذه المسألة حديث

قال كيف ؟ حديث عبد الله بن عمر حديث عبد الله بن الزبير في صحيح مسلم

قال : لا يصح وليس في مسلم

أخذنا  كتاب من المكتبة وقلت انظر

لا تعجلن يعني ليس أي معلومة تتلقاها وخصوصا المعلومة التي تنسف بآراء الآخرين السابقين والمعاصرين

هنا يجب عليك أن تقف

 

ولذلك :

إذا أراد الإنسان أن ينال خيرا عظيما فليعرف قدر العلماء الكبار

 

ابن القيم :

يعتبر الدليل العلمي لشيخ الإسلام ولما عرف قدر شيخه ونقل عنه وبين  للناس فضله ونشر علمه برز ابن القيم

 

فتربية النفوس ولاسيما طلاب العلم على الاحترام والتبجيل للعلماء السابقين من الضرورة بمكان وإلا فان لهؤلاء العلماء فضلا

 

مثلا نأتي إلى الألباني رحمه الله :

 

هذا الرجل قرَّب السنة ، من زمن قريب وكنا ندرس في الكلية ( عام 1410 هـ ) مع أن كتبهم موجودة من كان يجرؤ على أن يقرأ في السنن ؟ بل ما كان العلماء آنذاك في هذه البلاد يتعرضون للأحاديث وأهل السنن إلا الشيخ ابن باز ، وإلا فجل العلماء في هذا البلد كانوا يقرءون في كتب الفقهاء لكن تقريب السنة لا شك أن للألباني فضلا عظيما على الأمة بعد الله

والتقريب صحيح ابن حبان في متناول أيدي الناس هذا شيء عظيم

اختصار صحيح البخاري والإتيان بجميع روايات البخاري هذا لا يقدر عليه أي شخص

 

تقريب هذه السنن لأنه طعن في هذه السنن قالوا كيف للألباني أن يفرد السنن ويقول هذه صحيح السنن وهذه ضعيف السنن

سواء أفرد أو لم يفرد فالقضية قضية علم

 

يعني ( إرواء الغليل ) حقق الألباني هذا الكتاب بما فيه من الأحاديث آثار كثيرة منها من مخطوطات

ما كان في متناول يده فهارس

 

يعني هذه الثورة المعلوماتية الآن لو كانت في عصره كيف يكن الحال ؟

ومع ذلك كان رجاعا إلى الحق ، تراجع في كثير من أقواله من صحة الحديث إلى تحسينه أو من تحسينه إلى تصحيحه أو من تضعيفه إلى تصحيحه أو العكس

 

فالشاهد من هذا :

 

أنه ليس المقصود النووي أو الألباني رحمهما الله ، وإنما المقصود أن يكون طالب العلم محترما للعلماء الكبار المعاصرين والسابقين ولا خير في الأمة إذا لم تعرف للسابقين فضلهم وقدرهم وإلا فمثل بعض الفوائد التي نطرحها أقرؤها مثلا في فتح الباري أو في أي مكان من كتب شراح الحديث تعجب يعني كيف أتوا بهذه الفائدة

 

لو ظللت شهرا في حديث يمكن ما أسترجع لي إلا فائدتين أو ثلاث أوأربع  ليس من باب التواضع ، لا ، وانما هذا هو الواقع ، الصوارف عديدة والموانع عظيمة والهمم ضعيفة والنوايا فيها ما فيها لما ترى مثلا هذه  الثروة المعلومايتة  التي ذكروها في هذه الأحاديث تعجب

 

ومع ذلك مع هذا كله لما تقرأ في كتب هؤلاء العلماء ويعطونك هذه  المعلومات تجد أنه في هذه المعلومات في ثناياها التربية للقارئ

بينما بعض الناس في دروسه ليس فيه تربية ولا فيكتبه تربية وإنما هي  معلومات تنقل لا ليس المقصود هو العلم فقط :

 

العلم إن لم تكتنفه شمائل      تعليه كان مطية الإخفاق

 

والموفق من وفقه الله

 

 

( 92 ) بَابٌ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَتَيْنِ

 

571 – (حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، حِينَ تَيَمَّمُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ، فَضَرَبُوا بِأَكُفِّهِمُ التُّرَابَ، وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا، فَمَسَحُوا بِوُجُوهِهِمْ مَسْحَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ عَادُوا، فَضَرَبُوا بِأَكُفِّهِمُ الصَّعِيدَ مَرَّةً أُخْرَى، فَمَسَحُوا بِأَيْدِيهِمْ» )

صحيح

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

من فوائد هذا الحديث :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن الثابت كما أسلفنا ضربة واحدة على الأرض في التيمم وما ورد من ضربتين هنا نقول هي شاذة إما أن تكون شاذة وإما كما قال بعض العلماء وهي محل توجيهي قبل قليل قالوا : ولا نستغني عما قالوا ، قالوا إنه عليه الصلاة والسلام أمر بالتيمم وجاء في الآية : (( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ  )) ولم يبين حينها الصفة ففعلوا ما فعلوا فبعضهم ضرب ضربتين وبعضهم مسح إلى أنصاف يديه وبعضهم إلى مرفقيه وبعضهم إلى الآباط ، وبعضهم إلى المناكب

 

فكان هذا اجتهادا منهم باعتبار أن الأحاديث  الواردة  صحيحة لكن إن اعتبرناها شاذة فالمعول عليه هو ما جاء  في حديث عمار رضي الله عنه

انظروا إلى هذا الفقه

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن الصعيد هو ما تصعد على وجه الأرض إذاً كل ما تصعد على وجه الأرض يصح التيمم به مما هو من جنس الأرض

وسبق الحديث عن ذلك

الأرض السبخة ما رأيكم بالتيمم عليها ؟

يصح التيمم عليها

الدليل : الصعيد

ولأن أرض الحجاز هي ذات صخور وأحجار والتراب فيها قليل

لكن لو قال قائل لما أجزتم السبخة

فالجواب : أنها داخلة ضمن الصعيد

 

حتى أبين لكم قدر العلماء السابقين وما أعطوا من الفهم قرأت هذا اليوم قراءة عابرة وقعت عيني على فائدة وهي :

أن بعض العلماء السابقين استدل على جواز التيمم بالسبخة :

( أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبرهم بأنه سيهاجر إلى أرض سبخة )

وفي الحديث  الآخر قال : ” هي طيبة ”  قال إنها أرض ذات سبخة  وأخبرفي الحديث الآخر بأنها طيبة

إذاً كونها توصف بالطيب دل على أن أرضها طيبة وإذا كانت طيبة (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)

يعني ممكن لو جلسنا سنة أو سنتين نتأمل ما استحضرنا هذه الفائدة

فالعلماء السابقون لهم فضلهم ومكانتهم وقدرهم

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

التيمم هل تشترط له نية كسائر العبادات أم لا ؟

 

الجمهور :

على أنه لابد من النية لأنها عبادة والنبي عليه الصلاة والسلام قال كما في الصحيحين : ” إنما الأعمال بالنيات “

بعض العلماء يقول : ليست عبادة وإنما هي ضرورة وبالتالي فلا تشترط فيها النية لكن يجاب عن ذلك بما ذكرناه ولأنه قال تعالى : (( فَتَيَمَّمُوا )) ما معنى التيمم ؟

تيممت نجدا يعني قصدتها ( فَتَيَمَّمُوا ) يعني اقصدوا فدل على أن التيمم في معناه هو القصد والقصد هو النية